العنف عند الأطفال والمراهقين
د . زينب حزام كنت ذات يوم أسير في أحد شوارع منطقة الشيخ عثمان ،لفت نظري منظر (الشوارمة) المصحوبة برائحة الفلافل ،ذهبت مع ابني لشرائها حتى تكون وجبة عشاء لنا ومع الأسف لم أتمكن من شراء هذه الوجبة الشهية ،هذه الوجبة المفضلة لي ،أما عن هذا المنظر غيرالإنساني ،فقد كان صراعاً لشابين لم يتجاوز عمرالأول عن الخامسة عشرة سنة ،والآخر السابعة عشرة سنة حيث أخذ كل منهما يطعن الآخر بهذا السلاح الأبيض بعد معركة كلامية تحتوي على الشتم الجارح لم يستطيع المارة في الشارع إيقاف الشابين المراهقين ،فاستدعى صاحب المحل الشرطة التي ألقت القبض على الشابين الصغيرين بصعوبة ،بعد أن أصيب الأول ببطنه التي سال منها الدم بصورة مرعبة ،وأصيب الآخر بيده .فعلا فقد كان مشهدا دمويا ،يحمل عنف صغار في السن ،وقد جاء هذا العنف بسبب سوء تربية أولياء الأمور لأبنائهم .[c1]عنف الصغار ..وإهمال الكبار[/c]تتكاثر أسئلة الأهل حول تأثير مشاهد العنف التي يشاهدها أطفالهم على شاشة التلفزيون أو التي ينخرطون فيها عبر ألعاب الفيديو ،ويجيب علماء النفس عن كثير من أسئلتهم ،ولكن المفاجأة في حدود الإجابات التي توصل إليها العلماء عبر دراساتهم المختلفة لموضوع العنف عند الصغار والبالغين في مختلف الأعمار نجد المشاهد العنيفة التي يراها الطفل في أفلام الكرتون بالتلفزيون تصبح أكثر أهمية له ، وهذا يبدو بوضوح عند الأطفال العدوانيين يظهرون عدوانا أكثر من غيرهم بعد مشاهدتهم للعنف التلفزيوني ،وخاصة عندما يتعرضون لمواقف مثيرة مسببة للعدوان ،أي عند استفزازهم أو أهانتهم مثلا،وهم يختلفون في هذا عن الأطفال غير العدوانيين الذين يميلون إلى قمع سلوكهم العدواني حيث يتسمون بانخفاض في مستوى عدوانيتهم .وفي دراسات ميدانية حول العاب العنف التي يراها الأطفال من سن (4الى 6سنوات ) تؤدي إلى زيادة العنف .وتشبه هذه النتائج السلوك الذي يعقب كثرة مشاهدة الأطفال للعنف في أفلام الكرتون بالتلفزيون ،ويتنوع مستوى الاتارة مع طبيعة نوع الألعاب .[c1]دراسات ودلائل علمية[/c]وأكدت الأبحاث العلمية أن الأفلام التي تؤيد العنف وتشكل خطورة كبيرة على الأطفال والمراهقين والكبار أيضا،خاصة أصحاب الميول العدوانية ،فهم يتحولون إلى أشخاص يحبون العنف والقتال ،وفي حادثة حدثت في منطقة دار سعد قبل حوالي خمس سنوات لفتى مراهق كان يدمن في مشاهدة أفلام العنف ،قام بطعن صديقة حتى الموت بالسلاح الأبيض ،بعد مشاجرة كلامية ،تم تحولت إلى جريمة قتل ،وهذا ما يؤكد على ضرورة مراقبةالأبناء عند مشاهدة أفلام العنف وشرح لهم الهدف من هذا الفيلم ،والتأكيد على عدم استخدام السلاح العادي أو السلاح الأبيض أو المصارعة الخطيرة التي تؤدي إلى حوادث جنائية.لقد ارتبطت مشاهد العنف سواء في العاب الفيديو أو التلفزيون ومن كلى الجنسين سلبيا بالسلوك المقبول اجتماعيا ،كما ارتبط هذا التعرض إيجابا على التهيؤ المعرفي العدواني الذي هو العامل الرئيسي الخاص بالآثار طويلة الأمد لمشاهد العنف ،وارتبط التعرض لمشاهد العنف كذلك ايجابيا بالإثارة الفسيولوجية التي تصحب الرغبة في العدوان كما أكد الباحث (اندرسون ودل) أن العاب الفيديو الخاصة بالعنف ترتبط ايجابيا بالسلوك العدواني والجنوح وبخاصة عند الأفراد ذوي الشخصيات العدوانية من الرجال .[c1]الأسباب والحلول للمشكلة[/c]كما ارتبط الوقت المستغرق في ممارسة العاب الفيديو سلبا بالتحصيل الدراسي ،أي انه كلما ازدادة ساعات ممارسة العاب الفيديو انخفض مستوى التحصيل الدراسي عند الأطفال من مشاهد العنف في السينما والتلفزيون ،وبخاصة كلما كان العنف في العاب الفيديو مجسما ومشابها للواقع ،ويرى الباحثون أن أفلام الكرتون التي تظهر العنف والعاب الفيديو وكذلك الأفلام السينمائية التي تحتوي على مشاهد العنف الدموي تؤدي إلى حوادث جنائية بين الشباب المراهق والأطفال وأيضا العدوانيين من الكبار فهذه المشاهد تعلم النشء أن الحلول المتسمة بالعنف هي أفضل الحلول لحل المشاكل وتفجر الأفكار العدوانية لدى الفرد .وقد لاحظ الباحثون أن استمرار التعرض لمضمون وسائل الإعلام ذات الطابع العدواني يؤدي إلى ما يعرف بالتكوينات العقلية العدوانية ،ما يزيد من عداء الفرد وكراهيتة للآخرين وقد نبه الباحث (جريفسر)إلى أن الأولاد الذين يفضلون العاب الفيديو الخاصة بالعنف وبما يكونون ذوي طابع عدواني ،خاصة انه قد انضح هذا في بعض الدراسات حيث قدرهم زملاؤهم بأنهم أكثر عدوانية من غيرهم ،وعموما فان التعرض المتكرر لهذه الألعاب يؤدي إلى أثار سلبية خبيثة طويلة الأمد ،وإطلاق الشخص لردود الفعل العدوانية ،وعدم إمكانية منعها أو كفها ،كما تشير بعض الأبحاث الدراسية والميدانية إلى ازدياد السن ،فليس هناك انخفاض في هذا الأثر مع ازدياد السن كما يتوقع البعض ،لهذا ينبغي أن ننظر لهذه الألعاب ،ليس مجرد العاب ،بل مدارس يدخلها الصغار وبعض الكبار برغبتهم ،وموافقة ذويهم أو على الأقل عدم مما نعتهم لكنهم يتخرجون منها على نحو مغاير لما بدؤوا به .وهذا مجرد عرض لبعض مشاكل العنف الذي يتعرض لها أبناؤنا الصغار والمراهقين .ولا يسعنا هنا إلا أن نشير إلى إمكان توجيه الطاقة الموجودة عند الأطفال والمراهقين والحاجة إلى الحركة والانطلاق للاتجاه الصحيح المفيد ،كأن يقوم بالمساعدة في أعمال البيت أو بانجاز أشياء مفيدة له أو للأسرة ،وهذا يكسب الشعور بالأهمية وبالدور الذي يقوم به الطفل أو المراهق في المجتمع الصغير مما يمنحه احترام الذات وتقديرها والثقة بالنفس ،خصوصا إذا لقى التشجيع المناسب والإرشاد الجيد،في حين يعاني معظم الأطفال والمراهقين الذين يقضون ساعات طويلة أمام شاشة أفلام الكرتون أو أفلام العنف يعانوا من البدانة ،وإهمال واجباتهم المدرسية علينا كأولياء أمور من أن نرشد أبناءنا حتى يكونوا رجالا صالحين لذويهم ولأسرهم ولمجتمعاتهم .