صنعاء / موقع « نبأنيوز» :(70) مرشدة إسلامية يمنية، جميعهن في ريعان الشباب، احتشدن صباح يوم الأربعاء الماضي داخل إحدى قاعات الاتحاد العام لنساء اليمن، ليس لتجنيدهن لحملات انتخابية، ولا لقيادة حملات إيمانية أو دعوية جديدة، بل لإعادة برمجة أفكارهن بعد تعرضهن لعمليات غسل دماغي دامت (12) يوماً، وبقرار وزاري يحمل ختم وتوقيع قيادة وزارة الأوقاف.“نبأ نيوز” تابعت المشهد منذ يومه الأول، لتقف على حقيقة أن المرشدات الشابات اللواتي أنفقت الدولة على تأهيلهن لأربع سنوات متتالية في معهد الإرشاد العالي التابع لوزارة الأوقاف، تم توظيفهن مؤخراً في نفس الوزارة كمرشدات يغرسن الفضيلة في المجتمع، غير أن وزارة الأوقاف أبت تمكينهن من العمل إلاّ بعد خوض التجربة المريرة في أحضان “هودج” التطرف.ففي ذلك المكان أُجريت عمليات غسل دماغي مكثفة، في جلسات صباحية ومسائية، لسبعين مرشدة، لمحو كل ما كتبته مناهج المعهد العالي في رؤوسهن طوال أربع سنوات، وإعادة تعبئتهن بثقافة (هودج الأخوات المسلمات) الكائن قرب حديقة السبعين بحدة، والتابع لجامعة الإيمان- طبقاً لإفادة المرشدات اللواتي التقت بهن “نبأ نيوز” ، والتي أكدها المكتب التنفيذي لاتحاد نساء اليمن.وبحسب المرشدات: فإن يوم الخميس كان مخصصاً لتلقي المحاضرات في جامعة الإيمان، أما بقية أيام الأسبوع فقد أمضينها داخل “الهودج”، وتلقين المحاضرات على أيدي السيدة عائشة الزنداني، والسيدة تقية الأحمر وأخريات.أما نوع المحاضرات التي تلقينها، فقد حصلت “نبأ نيوز” على نسخ من جميع المطبوعات التي تم تدريسهن وفقها، والتي منها:- الصحة الإنجابية وما ترمي إليه. - الرد على شبهة منع الزواج المبكر.- المرأة والولاية.- منهج الدورة (نحو توعية فكرية علمية في قضايا المرأة)، إعداد (عبد الملك حسين التاج).جميع هذه المطبوعات حملت اسم “مركز دراسات وأبحاث المرأة المسلمة”، وتمت طباعتها على نفقة (مؤسسة الرشد الخيرية- مشروع التوعية والإرشاد).. فيما جميع الأفكار التي حملتها تناهض تماماً كل المناهج التي يدرسها معهد الإرشاد العالي، وتسير بالخط المعاكس تماماً للبرنامج الانتخابي لفخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية، وتتعارض مع كل ما تتطلع الدولة اليمنية إلى التعبئة به وترويجه في أوساط المجتمع. مناهج “هودج الأخوات المسلمات” تحرم مفاهيم الصحة الإنجابية التي تحملها الدولة شعاراً استراتيجيا لمواجهة الانفجار السكاني، إذ تقول مطبوعات “الهودج”: أن “الهدف الحقيقي من وراء الصحة الإنجابية هو استهداف الشباب والمراهقين عن طريق نشر الثقافة الجنسية الإباحية في أوساطهم ومدهم بموانع الحمل المختلفة”، وأنها ترمي إلى “إقرار زواج الأفراد الأخلاء بعيداً عن الزواج الشرعي، وتحسين الحياة الجنسية، وإباحة العلاقات الجنسية بين الرجل والمرأة في المجتمع دون قيد، بما يجعله من الحقوق الطبيعية.... وغير ذلك).كما تذهب المناهج إلى تشجيع الزواج المبكر- خلافاً لتوجهات الدولة التي تعتبره سبباً للزيادة السكانية وانتشار الفقر وكثير من المشاكل الصحية- وتذكر المناهج: (إن جواز العقد على الصغيرة لا يستلزم منه جواز وطئها إذا لم تكن صالحة للوطء، فلا توطأ إلاّ إذا كانت تتحمل ذلك، وهذا هو ما قررته الشريعة المباركة).كما تحرم المناهج “ولاية المرأة”، وخروجها للعمل في أي وظيفة لأنها “تحتاج فيها المرأة إلى الاختلاط بالرجال والبروز لهم والاجتماع بهم”، في الوقت الذي تروج الدولة لمفاهيم “تمكين المرأة”.. علاوة على أن عمليات الغسل الدماغي- كما وصفها اتحاد نساء اليمن- حرّمت مشاركة المرأة في الانتخابات، سواء كمرشحة أو كناخبة..!
رمزية الإرياني
أفكار ومفاهيم كثيرة تضمنتها مناهج الدورة- وستقوم “نبأ نيوز” باستعراضها تباعاً خلال الأيام القادمة- لتضع صناع القرار اليمني وجهاً لوجه أمام حقيقة المهمة المناطة بوزارة الأوقاف، والدور المرسوم لهؤلاء المرشدات، وسرّ الإصرار الرسمي على التحاقهن بـ”هودج التطرف”!السيدة رمزية الارياني- رئيسة الاتحاد العام لنساء اليمن- كان لها فضل إنقاذ هؤلاء المرشدات من “الهودج”، ووقفت صباح الأربعاء في حالة من الذهول، غير مصدقة ما حدث لهؤلاء الشابات من غسل دماغي مريع لم يستغرق أكثر من (12) يوماً غير أنه خلف دماراً فكرياً لا يماثله شيء سوى “خراب غزة”! وفي كنف الاتحاد دشنت السيدة الارياني ندوتها حول (حقوق المرأة في الإسلام)، مستعينة بعدد من رجال الدين المعتدلين، في محاولة لإزالة آثار الغسيل الدماغي، وردم مخلفات التطرف بثقافة إسلامية معتدلة.. معلنة بصوت عالٍ: أن أبواب الاتحاد مفتوحة لكل الأخوات المرشدات، وأنه سيكون بيتهن، وكل العاملات فيه أخوات لهن وعلى أهبة الاستعداد لتقديم أي مساعدة مطلوبة.وتحدثت السيدة الارياني عن الكثير من المفاهيم الإسلامية، وكيف أن الله أجزل للمرأة كامل حقوقها، فأغناها بما أنزل من قرآن وسنة نبوية طاهرة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، عن استيراد أي ثقافة خارجية مما لدى بعض البلدان غير الإسلامية. وفي تصريحها لـ”نبأ نيوز” كشفت أن الاتحاد ومن خلال عدة ورشات لأقامها في مختلف محافظات الجمهورية حول الخلط بين الموروث الثقافي والديني، ومن خلال النزول الميداني وجد الكثير من المفاهيم المغلوطة حول المرأة، وحقوقها الشرعية، ومفاهيم العدالة الاجتماعية، وهو ما تعول على المرشدات بإيصال الحقيقة إلى البيوت.وأعربت عن أسفها من الحملات التي تنامت هذه الأيام، والتعبئة ضد مشاركة المرأة في الانتخابات والترويج لحرمة مشاركتها سواء كناخبة أو مرشحة.. وقالت: “هناك حملة شرسة بأن المرأة لا يحق لها أن تترشح لمجلس النواب، وهذه مفاهيم مغلوطة، ومن واجبنا كاتحاد نساء اليمن تصحيحها”، وأشارت إلى أن هناك أيضاً حملة كبيرة جدا حول النساء العاملات وطالبات الجامعات وتحريم تعليمهن الجامعي، مبدية استغراباً أن تعود مثل هذه الحملات رغم أن الثورة اليمنية قامت ضد الجهل والتخلف.ولفتت إلى أن هناك أيضا بدايات حملة مغلوطة عن ولي الأمر، تحرض على عصيان ولي الأمر، رغم أن النص القرآني “أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم” واضح، وأنه لابد من وجود مرجع للناس يحتكمون إليه! مصادر بوزارة الأوقاف كشفت لـ”نبأ نيوز” أن هناك ما يقارب ستمائة وعشرين مليون ريال قامت الوزارة بتوزيعها خلال سنة ونصف لجمعيات ومؤسسات ومراكز دينية يمنية، أغلبها ذات مناهج متطرفة.. فيما كشفت وثائق تحتفظ بها “نبأ نيوز” أن عدداً من الجمعيات التي تقدم لها الأوقاف دعومات مالية سنوية سخية تعمل تحت مظلات حزبية معارضة، وتروج لثقافة مرتبطة بأجندات خارجية، وتستغل المال المقدم لها في أنشطة سياسية، وتعبئة متطرفة تؤجج ثقافة الكراهية.