غضون
* الحكومة تؤكد أن الحرب على تنظيم القاعدة هي حرب مفتوحة، والضربات سوف تتواصل حتى يتم تطهير أراضينا من العناصر الإرهابية.. وأعتقد أن الحكومة جادة هذه المرة، خاصة وأن الأولويات العشر التي ألزمت نفسها بتنفيذها خلال العشرين شهراً من عامي 2010 - 2011م تستوجب بالضرورة القضاء على الإرهاب الذي أضر بهذا البلد أكثر من أي مفاسد أخرى.. لكن إذا لم تتعامل الحكومة وخاصة رئيس الدولة مع السلفية الوهابية كما يجب فإن مكافحة الإرهاب سوف تكون مهمة شاقة ومكلفة، لأن هؤلاء يصعبون على الدولة القيام بواجباتها، كونهم يجدون أنفسهم ملزمين بالدفاع عن تنظيم القاعدة من خلال تشويه صورة الدولة بالتحريض ضدها، حيث يقولون إن الحرب على الإرهاب غير جائزة شرعاً، ويقولون إن الحرب على القاعدة تتم لتلبية رغبات أمريكا وأوروبا كما قال محمد المهدي، ويقولون للناس إن الضربات الأخيرة ضد تنظيم القاعدة هي حرب على الإسلام والمسلمين وأبناء القبائل، ويقولون إنها تستهدف أبرياء «قاعدين» في الكهوف وتحت الثرى وداخل الأنفاق.* يتميز السلفيون بحكاية أنهم يوجبون طاعة ولي الأمر ولا يجيزون الخروج عليه إذا كان الخروج سيؤدي إلى مفسدة كبرى، لكن السلفية الوهابية التي طرأت على اليمن لا تبدو كذلك.. فهم منافقون، إذ في الوقت الذي يتحدثون عن طاعة ولي الأمر وعدم الخروج عليه تجدهم ينتجون إرهابيين كل يوم ويحرضون ضد ولي الأمر لأنه يحاول حماية الدولة والمجتمع من أخطر عصابات العنف والإرهاب..كثير من رجال الدين السلفيين في السعودية أسهموا وساعدوا دولتهم على التخلص من تنظيم القاعدة، فعندما وجدوا أن فتاواهم وأساليبهم في التربية والتوجيه هي التي أنتجت الإرهاب الذي ضرب السعودية، ومصالح الشعب السعودي، غير أولئك السلفيون مواقفهم، فمنهم من تراجع عن الفتاوى التي استند إليها الإرهابيون لتبرير القتل والتدمير، ومنهم من راجع منهجه الفكري، ومنهم من أفتى بحرمة الانتماء إلى تنظيم (القاعدة)، وجميعهم في النهاية وقف إلى جانب «ولي» الأمر في الحرب على تنظيم (القاعدة)، بينما السلفيون الوهابيون في اليمن اتخذوا الآن موقفاً مختلفاً.. مع القاعدة ضد «ولي الأمر».*بعد أن قهر السعوديون تنظيم (القاعدة) اضطر لتجميد نشاطه هناك والانتقال إلى اليمن، ومعروف أن تنظيم (القاعدة) الذي أعلن في يناير العام الماضي نقل مركزه إلى اليمن تشكلت قيادته من سعوديين ويمنيين وفي المستويات الأدنى يوجد سعوديون ومصريون وباكستانيون وغيرهم من الشذاذ، والسلفيون الوهابيون في اليمن يعلمون أكثر من ذلك، وازعم أن لديهم إحصاءات عن قتلانا المدنيين والعسكريين على يدي تنظيم (القاعدة) وما ألحقته عملياته من دمار وخراب، وهم يعرفون بيانات تنظيم (القاعدة) التي تتضمن تكفيراً وتهديداً.. ومع ذلك فإن هؤلاء السلفيين الوهابيين عندنا وبعد أن رأوا هذه الغارة وما صنعته مناهجهم ومدارسهم وبياناتهم مصرون على الدفاع عن تنظيم (القاعدة) بذريعة أن أفراد (القاعدة) هم من أهل السنة والجماعة وأن من واجب المسلم السني أن يقف إلى جانب أخيه المسلم السني إذا حاربه الكفار وبالذات أمريكا وأوروبا.. وإصرارهم هذا يخذل الحكومة ويخذل ولي الأمر لأنه يقدمه في موقف «شنيع».إن «ولي الأمر» عندنا يجب أن يدرك أن السلفية الوهابية هي مصيبة عامة، وهي من أخطر الجوائح التي تزحف على هذا البلد، هي سبب الفتن الدينية والإرهاب.. وفي هذا الوقت بالذات يجب التفاهم معها من أجل الوصول إلى اتفاق يقوم بموجبه السلفيون بتبني موقف الحياد من الحرب ضد الإرهاب، فليس مطلوباً منهم أن يسلكوا مسلك أقرانهم في السعودية، بل أقل من ذلك.. أن لا يدافعوا عن الإرهاب.. وأن يكفوا عن تعاطفهم مع إخوانهم الإرهاربيين من أهل السنة والجماعة حتى وإن اختلفوا معهم في أعمالهم التي يصفونها بأنها (غير موفقة) بدلاً من أن يصفوها بأنها جرائم مدمرة.