- توجد في البلد جائحة تطم عقول وضمائر بعض المثقفين والسياسيين.. يتملكهم الغضب فيضحون بالعقل والمصداقية وينزلون إلى أسفل السافلين ويمارسون في الحياة العامة دوراً أسوأ وأظلم مما يقوم به قاهر اليتيم وظالم المسكين! فلمجرد أنه معارض للسلطة يتحول من أممي إلى قروي.. والذي كان قبل أيام عدواً للانفصال يصبح ـ بمجرد فقده بعض الامتيازات المالية ـ داعية لإعادة النظر في الوحدة. وذلك الذي التزم ذات يوم بالقيام بمهمة تنوير وتحديث وتغيير في المجتمع انحدر إلى بركة آسنة يخوض جمودها بلسان الكاهن ومنطق الخرافة وتمجيد التقاليد القذرة، وهذا القحط الذي يفتك بهؤلاء الرجال يجتاحهم في الأوقات والمواسم التي يكونون فيها تحت تأثير المعاناة الشخصية من تجربتهم ـ الشخصية أيضاً ـ مع الحزب الحاكم والسلطة.- قبل يومين كنت أقرأ كلاماً لأستاذ جامعي صار مشهوراً، ويوصف من باب التحبب والمجاملة والتفاؤل بأنه عالم سياسي ومعارض حقيقي وداعية استنارة وعقلانية.. وهو نفسه يزعم أنه يؤدي في المعارضة دوراً يفوق دور المعارضة في أحزاب المشترك والأحزاب الأخرى لصالح المجتمع ومن أجل الإصلاح يقول الرجل: النظام الحالي غير شرعي والدستور غير شرعي والقضاء غير مستقل.. الديمقراطية أكذوبة.. الوظائف في الدولة ابتداءً من رئاسة الدولة وانتهاءً بوظيفة مدير عام كلها محتكرة لسنحان (!).. وإن التعزي لا تمثيل له في المؤسسات الدستورية، والاشتراكي محظور عليه الترشيح في أي انتخابات عامة.. وبعد ذلك كله يقول هذا الجهبذ العتريس النتريس: إن المشكلة الكبرى التي تعاني منها اليمن هي “غياب الحريات”!!- قلت لأحد زملائي من أعضاء المؤتمر: انظر ماذا لدينا؟ إذا كانت المعارضة في البلاد مثل هؤلاء ـ لا قرب الله ديارهم ولا كثر من أمثالهم ـ فهم كفلاء بأن يبقى المؤتمر في الحكم أو السلطة مدة مائة سنة أخرى.. فهؤلاء بغشهم وكذبهم وافتراءاتهم وتراجع ثقافتهم وطرائق تفكيرهم وتزويرهم للحقائق وإنكارهم للوقائع يتجاهلون قدرة الناس على إصدار الأحكام ويتجاهلون وعي الناس الذين يدركون أن المعارضة هذا هو خطابها، وهذا هو تفكيرها، لا يمكن أن تكون بديلة للمؤتمر ولا بديلة للسلطة الحالية رغم ما يقال عن أخطائها وفسادها.
|
فكر
انظروا ماذا لدينا؟!
أخبار متعلقة