غضون
* واضح أن العلاقة بين السلطة وحزبها الحاكم وبين أحزاب المعارضة تتجه نحو القطيعة، وهذا توجه له ثمنه الكبير، ولا يستطيع أحد ترميم هذه العلاقة إلا هذه الأطراف نفسها، وهي بالتأكيد تدرك ذلك جيداً.. فما الذي يمنعها من التقارب والحوار إذن؟ الحوار والتقارب من أجل الصالح العام بالدرجة الأولى وليس من أجل الانتخابات.. فبالنسبة لهذه الأخيرة فات الوقت على الحوار حولها إلا إذا اتفقوا على مخرج مناسب لا علاقة له بدستور أو قانون بقدر ماله من علاقة بإرث “الصفقات” التي اعتاد عليها الجميع وينكرها الجميع لأنها في الأصل “عورة”!إذا أصرت أحزاب اللقاء المشترك على التصعيد ضد السلطة وحزبها ستكون قد تسببت في تلك القطيعة التي قلنا إن ثمنها كبير وهذا الثمن ستدفعه أيضاً أحزاب اللقاء المشترك وليس السلطة وحزبها.. صحيح أن الأوضاع في البلد ليست على ما يرام لكن السلطة وحزبها كفيلان بتحسينها في المستقبل والسير قدماً نحو إجراء الانتخابات التشريعية بمشاركة حلفائها المضمونين والمفترضين.* تعتقد أحزاب اللقاء المشترك أن السلطة وحزبها مرهقان جراء الأزمات الحالية، وترى أن الفرصة مواتية لزيادة الضغط عليهما ومن ثم دفعهما للاستسلام والقبول بالإملاءات وهو اعتقاد غير دقيق، وأصحابه يغفلون في حسابهم تجارب الماضي.. إن أساليب وأشكال الضغط التي تمارسها أحزاب اللقاء المشترك مكلفة بالنسبة لها كما هي مكلفة للنظام وحزبه الحاكم.. ولكن ستبقى فضيلة النظام وحزبه أنهما يعملان من أجل درء المخاطر عن المجتمع في مواجهة الساعين حثيثاً لصناعة تلك المخاطر.في البيان الأخير لأحزاب اللقاء المشترك حدث تجاهل لقدرة المواطنين العاديين على فحص العبارات والتدقيق فيها.. فقد حملت على السلطة وحزبها الحاكم بأقسى العبارات وفي الوقت نفسه تضمن البيان إدانة لتلك الأحزاب.. تدعي حرصها على تهيئة الأجواء الملائمة وحرصها على السلم الاجتماعي وترفق مع هذا الادعاء تحريضاً على الفوضى والعنف.. ولدرجة التماهي مع الإرهاب نكاية بالسلطة وحزبها.* عندما كنت أقرأ قبل يومين بيان المجلس الأعلى لأحزاب المشترك شعرت بالضيق من لجوء هذه الأحزاب إلى المكايدة السياسية لمجرد أنها غاضبة من السلطة وحزبها، على سبيل المثال يفترض أنها ترى - مثلنا - أن الإرهاب وجرائم القتل وسائر الجرائم الماسة بأمن المواطنين والأمن القومي أفعالاً تمس كياننا جميعاً.. والموقف من الإرهاب وتلك الجرائم لا يحتمل سوى الإدانة الجماعية من قبل الجميع بغض النظر عن أي خلافات أو اختلاف بينهم.. لكن في ذلك البيان يجد القارئ وبسهولة أن أحزاباً من المتوقع أن تكون حاكمة ذات يوم قريب تدين حكام اليوم لأنهم ينفذون إجراءات لقمع الإرهاب والجريمة.. وتعتقد أنها بذلك تمارس ضغطاً على السلطة.. ضغطاً سياسياً.. بينما ممارسة الضغط بأسلحة تخدم الإرهاب خطأ بل هو خطير على الجميع الآن وفي المستقبل.