واشنطن/14 أكتوبر/ تيف هولاند: تشكل فرق القرصنة الحديثة بملابسها الرثة مشكلة مزعجة تشتت انتباه الرئيس الأمريكي باراك أوباما وتجبره على وضع مشكلة الصومال في قائمة طويلة بالفعل من تحديات السياسة الخارجية التي تواجهها إدارته.وينصح عادة الرؤساء الأمريكيون بأن يتوقعوا ما هو غير متوقع وقد لمس أوباما ذلك بنفسه هذا الأسبوع. فأولا جاءت يوم الأحد الماضي تجربة كوريا الشمالية لإطلاق صاروخ بعيد المدى عابر للقارات مصمم لحمل رأس حربي والوصول إلى ولاية ألاسكا الأمريكية . والآن حدثت تلك المواجهة مع فرق خارجة على القانون في أعالي البحار، فقد اختطف مسلحون سفينة الشحن مايرسك الاباما التي تبلغ حمولتها 17 ألف طن يوم الأربعاء لكن طاقمها الأمريكي المؤلف من 20 فردا استعاد السيطرة عليها بعد مواجهة وقعت على مسافة بعيدة في منطقة اختطف فيها القراصنة خمس سفن أخرى في أسبوع.لكن القراصنة الصوماليين تمكنوا من احتجاز قبطان السفينة ريتشارد فيليبس رهينة في زورق إنقاذ بالمحيط الهندي في أول حادث من نوعه لاحتجاز مواطن أمريكي.وأرسل أوباما سفن البحرية الأمريكية لحماية سفينة الشحن الدنمركية التي ترفع علم الولايات المتحدة.لم تكن التجربة الأمريكية حديثة العهد في الصومال تجربة جيدة مما يجعل الحذر واجبا في السياسة الأمريكية تجاه هذه الدولة الواقعة في القرن الإفريقي التي غاب عنها القانون.وحرصت إدارة أوباما على ألا تعطي هذه الأزمة حجما كبيرا بينما تجري مفاوضات حساسة لضمان الإفراج عن القبطان الأمريكي.وكان الرئيس الأمريكي قد عاد لتوه من رحلة خارجية استمرت أسبوعا لأوروبا وزيارة للقوات الأمريكية في العراق لرفع الروح المعنوية وأمامه بالفعل قائمة طويلة من تحديات السياسة الخارجية تتفاوت ما بين كوريا الشمالية وإيران وأفغانستان وما وراءها.ورفض أوباما يوم الخميس ولليوم الثاني على التوالي التعليق على قضية القرصنة.وصرح روبرت جيبز المتحدث باسم البيت الأبيض بأن أوباما « يخطر أولا بأول بالموقف» بينما تعمل مجموعة من عدة وكالات مختصة بالسلامة الملاحية على حل المسألة كما تقوم البحرية الأمريكية ومكتب التحقيقات الاتحادي بدور بارز.وقال «موارد حكومتنا مستخدمة لضمان سلامة وامن القبطان والطاقم.»أما جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي الذي عادة لا يكف عن الإدلاء بالتصريحات فقد اكتفى بالقول «هذه المسألة يجري التعامل معها على مدار الساعة منذ حدوثها. لست في موقف يسمح لي (بالتعليق) الآن.»ودخل الصومال دائرة الاهتمام الأمريكي عام 1992 حين أحدثت الفصائل المتناحرة أزمة إنسانية في البلاد بعد الإطاحة بالدكتاتور محمد سياد بري عام 1991 .وأرسل الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الأب في مهمة وصفها بأنها تنفيذ «لإرادة الرب» قوات أمريكية قتالية إلى دولة الصومال الواقعة في شرق أفريقيا أواخر عام 1992 لقيادة قوة دولية تابعة للأمم المتحدة لتوفير مناخ امن لعمليات الإغاثة.وقال بوش حينها «لن نبقى يوما واحدا أكثر من اللازم.»وورث خليفته الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون المشكلة. وسحب معظم القوات الأمريكية أوائل عام 1993 .لكن من بقي من جنود أمريكيين أرسلوا في مهمة لملاحقة زعيم الميليشيا الصومالي محمد فارح عيديد ما أدى في نهاية الأمر إلى تفجر معركة استمرت 17 ساعة في العاصمة الصومالية مقديشو قتل خلالها 18 جنديا أمريكيا في معركة كارثية سحل خلالها جنود أمريكيون في واقعة جسدتها السينما الأمريكية في فيلم (إسقاط طائرة بلاك هوك).وجاء حادث القرصنة الأخير كتذكرة للولايات المتحدة على أن الصومال تغيب عنه مقومات الدولة الناجحة أو كما وصفته مجلة ( فورن بوليسي) بأنه «أخطر مكان في العالم على الإطلاق» وانه يشكل محنة للسياسة الخارجية لن تختفي ببساطة.وقال توماس الآن شوارتز مستشار الشؤون التاريخية للرئاسة والأستاذ بجامعة فاندربيلت «لا نريد أن نعود إلى هناك. قد تكون هذه من النقاط التي يتعين فيها على أوباما أن يستغل ما يملك من أوراق دولية ليقنع الأمم المتحدة بالذهاب إلى هناك.«يجب أن يذهب أحد إلى الصومال ليحكم البلد.»أما الخبير الاستراتيجي الديمقراطي دوج شوان الذي عمل في البيت الأبيض مع إدارة كلينتون فيصف الأزمة بأنها «اختبار حقيقي للإرادة الوطنية» ويرى انه على البيت الأبيض برئاسة أوباما والمعارضة الجمهورية أن يتعاملا معها معا.وقال «أنها مزعجة ومشتتة للانتباه. وفي الوقت نفسه إذا لم نتعامل معها بجدية ونقضي عليها سنواجه ما تواجهه دول أخرى من أعمال قرصنة متكررة.»
القرصنة مشكلة مزعجة تشتت انتباه أوباما
أخبار متعلقة