القاهرة / متابعات : صدر عن دار «أكتب» للنشر كتاب «هذه هى أمريكا.. يوميات طالب فى بلاد العم سام» لعلاء مصباح.الكتاب مكون من ثمانية فصول يسرد خلالها مصباح تفاصيل رحلته إلى الولايات المتحدة الأمريكية والتى استمرت لمدة أربعة شهور للدراسة، ويعرض من خلال سرده لتفاصيل الرحلة خلاصة تجربته التى يقدمها كما عاشها متحدثا عن أمريكا كما رآها، أقوى وأعظم وأحقر قوى فى العالم اليوم.وفق صحيفة «اليوم السابع» المصرية التناقض هو ما ركز عليه «مصباح» حيث تحدث عن أمريكا التى قد تحبها وقد تكرهها، التى قد لا تتمنى زيارتها وقد تطمح بالهجرة إليها، التى اخترعت الطائرة وصعدت إلى القمر وأبهرتنا بأفلام هوليوود وابتكرت الإنترنت هى نفسها التى ضربت هيروشيما وناجازاكى، وأطاحت بحركة طالبان واحتلت العراق.البلاد التى تعلمك الديمقراطية والحرية وقوانين الفيزياء وتبتكر العقاقير من أجل تقدم البشرية وهى ذاتها الحليف الأول لإسرائيل الذى يمولها بالسلاح والمال كى تقصف مدن فلسطين وتشرد وتقتل أهلها، رآها الكاتب بكل تناقضاتها وما فيها من تقدم ورقي وحضارة وحرية وكل ما فيها من ظلم وتعسف وأنانية بلا حدود.ومن كتاب مصباح نقرأ:كنا نتضور جوعا بينما الساعة تقترب من السابعة مساء موعدنا مع الحافلة.. ركضت مع صديقي من مخرج محطة المترو محاولين الوصول إلى المكان الذي وقفت فيه الحافلة صباحا..هنا رأيت تلك العربة الصغيرة متوقفة على جانب الطريق في قلب الشارع الرئيسي القريب جدا من ميدان التايمز في قلب مانهاتن.. خلف العربة وقفت امرأة محجبة يبدو أنها طبعا مسلمة..اتجهت أنا وصديقي نحو العربة نرى ماذا تبيع..ويبدو أنني تبادلت مع صديقي عبارة أو اثنتين بالعربية فإذا بالمرأة تنظر لنا بإمعان ثم تصيح مبتسمة: ازيكم؟..هكذا بلهجة مصرية خالصة..تهللت أساريري على الفور وسألتها: أنتِ مصرية؟..أجابت:من شبرا.. بقالي هنا خمس سنين!كانت تبيع دجاجا وكبدة على العربة..كنت مبهورا لأنها المرة الأولى التي أرى فيها عربة لحم حلال تجوب شوارع أكبر مدينة في العالم هكذا بكل بساطة..كنا في الشارع الثاني والأربعين، وكان المارة يقبلون على العربة ويطلبون شطيرة دجاج أو سندوتش هوت دوج.. لا تنس أن المطاعم في نيويورك باهظة الثمن.. عربات الطعام هي الأرخص ويلجأ لها معظم قاطني المدينة..راحت المرأة تتحدث إلينا بشغف وسط تلبيتها لطلبات المارة الأمريكان..كانت تبدو متحمسة جدا، وهي تسأل من يتوقفون أمام عربتها: أي خدمة يا سيدي؟..ثم تلتفت لزبون آخر وتطلب منه تسعة دولارات ثمنا لسندوتش الكباب..ثم التفتت تجاهي أنا وصديقي وقالت: أنتم وش السعد عليٌ..من الصبح بلف وأول ما شفتكم الزباين كتروا كده!ويظهر أننا كنا وش السعد فعلا..فجأة أقبلت سيارة شرطة ضخمة وتوقفت إلى جوار الرصيف مباشرة..من نافذة السيارة طل وجه شرطية أمريكية تبتستم في شراسة وهي ترمق العربة الصغيرة..هنا أصيبت المرأة بالذعر، وراحت تصيح وهي تلملم أشياءها وتبدأ في دفع العربة: استر يا رب..استر يا رب..والحمد لله مر الموقف بسلام بعد أن استطاعت المرأة الهرب بعربتها إلى شارع جانبي، وواصلت سيارة الشرطة طريقها بسلام..تنهدت المرأة حامدة لله، والتفتت إلينا من جديد.. هنا فوجئنا بأمريكي أشقر يحمل كاميرا من طراز المحترفين، وينقض بلا حياء على العربة بادئا التصوير.. نظرت له المرأة وقالت: وده جه منين ده.. هو أنا ناقصاه كمان.. هنا سألها الفتى بحماس وهو يواصل التقاط الصور بكل قلة الذوق اللي في الدنيا: ما هذا الذي تبيعينه؟.وأخيرا تركتها أنا وصديقي وانطلقنا نركض أمام السيارات كالعادة خارقين إشارة المرور للحاق بالحافلة..إنها السابعة مساء!