المشكلة التي يعاني منهاالعالم العربي، أنه يقفز علي المشاكل كما يقفز الكنغر الاسترالي، لايمتلك جرأة مواجهة المشكلة.لاأريد ان ألون مشاكلنا العربية بأي مكياج سياسي، وليست وظيفتي أن ألبس ثيابا تنكرية، واناانتقدالترهل العربي في نقدالسمنة الفكرية. كثيرمن خطبائنا الشعبويين، يحاولون في كل جمعة حرق البخورالشعبي ومسح الجوخ الجماهيري، لإبقاء الجماهير العربية نائمة لقرون قادمة على فراش الأحلام واليتوبيا. لعل البعض يسأل ولماذا يحافظ مثقفونا على الشخير العام.بالطبع، لتبقى الاكثرية الصامتة صامتة، بل وميتة؟لهذا الأكثرية الصامت_نحن نعاني ايضا من ميكافيلية دينية، ضاربة في الاعماق، لكننا نخشى الهمس فضلا عن البوح بذلك.مؤمن إيمانا مطلقا، أن قطار الإصلاح في العالم العربي لايأتي من دبابات استعمارية، ولامن قبل هبوب رياح الحداثة من الغرب، ولاعن طريق استخدام قنابل نظرية جاهلية القرن العشرين، التي روج لها سيد قطب، ولابتكفير الأنظمة أوالحكومات أو الجماهير، وانما عن طريق الإصلاح الديني.بلا إصلاح ديني طبعاً لذلك ضريبته، وعملية الإصلاح ليست لعبة في ضوء القمر،بل هي إدخال لوجه الناقد بأكمله في عش الدبابير، وما أكثرالدبابير في العالم العربي، وما أقل الوجوه.إن عسر الولادة العربي هو عينه الذي تكرر في الغرب، الا اننا نخشى ، أن يولد الجنين ميتا هنا.الحجارة التي تلقى هنا على نوافذ التنويريين كانت هي نفسها التي تلقى على نوافذ الفلاسفة التنويريين في الغرب. كانت كتب جان جوك روسو تحرق في باريس وجنيف وبرلين ، وفي أوقات متقاربة كان لديدرو وفولتيروغيرهم ينشرون كتبهم بدون توقيع، خوفا من الناس ورجال الدين، لكنهم استمروا. وهانحن نشهد كيف سطعت شمس الحضارة على الغرب بسبب فلسفة التنوير.إن سر تخلف العرب هو العقل التبريري المتضخم في كل زاوية عربية.المذاهب تبرر اخطاءهاولاتقبل بنقد فقهائهااومفكريها ولو نقداعلميا.الاعلام يبرركل أخطاء الحركات التحررية أو الإسلامية، وهو إعلام منحاز. المثقفون لايمارسون نقدا الا انتقائيا، وذلك لانه قلماتجد مثقفا لاينتمي إلى ايديولوجيا ، وهناك صورة لتكدس ايديولوجيات حكومية رسمية قبال ايديولوجيات حزبية معارضة لاتقل سوءا.نحن نبحث عن حزب الانسان وليس حزب المذهب أو الايديولوجيا او الحكومة. عندنا فلاسفة عرب ومفكرون عرب هم فلاسفة، ولكن تحليلهم للوقائع لايقل ضعفا عن تحليل الخطباء التبسيطيين. عندما أقرأ للفيلسوف حسن حنفي فلسفياً انبهرو عندما أقرأ تحليله السياسي للواقع العربي أصاب بالصدمة والتعجب.فلاسفة الغرب انتقدوا الحرب العالمية الأولى والثانية بعنف، واعتبروا الحربين حروب ردة ضد عصر التنوير والثورات التنويرية التي انطلقت في الغرب، اما فلاسفتنا العرب فقد حولوا الهزائم العربية الى انتصارات.حتي وقتنا الحالي نجد مثقفين عربا يعزفون سمفونيات تمجيد لهزائمنا التاريخية والمؤلم هو تربية جيلنا الحالي على ذات الاخطاء، وبنفس العقليات القديمة، بثقافة (العنتريات التي ماقتلت ذبابة) علي حد تعبير قصيدة نزار قباني، التي تكرس المثالية الثورية.يجب إخراج شبابنا من شرنقة المثالية الثورية، المطعمة بالعقائد الحزبية الأرثوذكسية، المرسخة علىاليقينيات المطلقة_.في وطننا العربي تعقد أكثر من خيمة جديدة بسبب سياساتنا العنترية (كلفنا ارتجالنا خمسين الف خيمة جديدة). وامجاد ياعرب امجاد.لقد حصدت هذه الثقافة المركبة من الثورية والتراثية عقول أجيال بأكملها ومازالت.ان انتصاراتنا تكبر بقدر مانقدم من ضحايا وخسائر للاوطان، وبقدر مانسوق شبابا لنا للمذابح والقتل والدمار.إننا أمة تنتشي بالنعوش، وترى في الموت طريق حياة. تجد خطيبا يردد حديثا ملفقا ((اطلبواالموت تدركو الحياة)).الصحيح هو ((اطلبواالحياة تدركوالحياة)).يجب ان نتصالح مع الذات، ونرضي بالنقد.كماطرح مفكر عربي: ((إننا بحاجة إلى التخلص من عقدة الدفاع عن الخصوصية الاسلامية والنقاء التاريخي وتمجيد الذات)).ماقام به اركون من استخدام ادوات انثوربولوجية للتراث، هو مانحن بحاجة إليه في تطوير التراث، وتنقيته باركيولوجيا متمكنة.هذا لايعني قبولي بكل مايطرحه اركون، ولكني اجد إننا لن نتطور حتى نتجاوز اعباء الذاكرة التراثية. هناك تعصيب طائفي للأفكار، يفتقد النقد.كل طائفة تنظر لخطاب مفكريها ومفسريها هو نهاية الأفكار، وبقطعية فاقعة.إننا اذن بحاجة إلى أن (نرسب شفافية تجرح) على حد تعبيرالشاعرالكبير محمود درويش في كتابه (حيرة العائد).وان يكون الكاتب صداميا كي يمهد للانقلاب الفكري على حد تعبير نزار قباني.فالمفكر يعيش الهم المنهجي على طول الخط ولايقبل بالسكون ولواطلق عليه رصاص السباب.أصعب شيء على الغربي ان تفرض عليه القناعات من فوق أو عن طريق سلطة الهيبة، هيبة الكنيسة أو رجل الدين أو الحكومة. انه يرى في حرية تفكيره خطا أحمر فهل يكون العربي كذلك؟ ختاما أقول نحن بحاجة إلى اعادة قراءتنا لافكارنا وتراثنا وادائنا على الارض.ذلك لايكون الا بالمصالحة مع الذات اولا. والمصالحة لاتكون بالبكاء على الاطلال اوالفوبيا من التجديد او محاربة الآخرين.هل نعلم مقدار الحقد الذي يكنه لنا بعض الشعوب بسبب سلوكياتنا؟ حاربنا العالم حتي الشرق الاقصى البوذي والهندوسي الكنفوشيوسي، فقد اصبحوا يحقدون علينا بسبب تدمير تماثيل بوذا في باميان من قبل حكومة طالبان.سؤال اقدمه لمجتمعنا: ماذا لو تبادلنا الادوار في عملية التدمير فقاموا هم بتدمير مسجد لنا مثلا اومسوا عقيدة لنا؟ هل نقبل بذلك؟. اجمل مافي منظومة الشعوب الأخرى الأخلاقية، أن الايمان تابع للضمير الشخصي بلا وصاية من أحد أو حارس عقيدة من شخص.لذلك هم خرجوا من البيجامة ونحن مازلنا.[c1]* كاتب ورجل دين بحريني[/c]
|
فكر
الخروج من البيجامة
أخبار متعلقة