إن من مناقب هذه الامة ومزايا ما جاء من الفضل الكبير والخير الكثير لمن يحب أخاه المسلم لله لا غرض ولا هوى سوى ذلك فإذا تحقق بذلك زاد إيمانه وقوى يقينه حتى كأنه يشاهد بعينه حقائق الايمان ويشعر بأنوارها الفياضة في قلبه ويدرك إداركا خاصا لا يجده إلا من تحقق بذلك المعنى ، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم : ( ثلاثة من كن فيه وجد بهن حلاوة الايمان : من كان الله ورسوله أحب إليه من سواهما ، ومن أحب عبدا لا يحبه إلا الله ، ومن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار . والمحبة ينال بها صاحبها في الاخرة ، أن ينادي عليه المولى جل شأنه على رؤوس الاشهاد فيقول :( أين المتحابون بجلالي يوم لا ظل إلا ظلي ) ، فالمحبة في الله يكون بها صاحبها في الاخرة تحت ظل عرش الله يوم لا ظل الا ظله ،كما جاء في الحديث .والمحب الصادق المخلص ينال منزلة عالية في الجنة تزيد على منزلة محبوبه إذا لم يبادله نفس الشعور ، فقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من أحب رجلا لله فقال : إني أحبك لله فدخلا جميعا الجنة فكان الذي أحب أرفع من الاخر وأحق بالذي أحب لله ) ، والمحب الصادق يستحق أن يبشر بمحبة الله له على لسان رسول خاص له ، فقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :( أن رجلا زار أخا له في قرية أخرى ، فأرصد الله له على مدرجته ملكا ، فلما أتى عليه قال : أين تريد ؟ قال : أريد أخا لي في هذه القرية ، قال : هل لك عليه من نعمة تربها ؟ قال لا . غي أن أحبه في الله ،[c1]قال فإني رسول الله إليك أن الله قد أحبك كما أحببته فيه ) . [/c]والمتحابون هم جلساء الله يوم القيامة عن يمين العرش وعلى منابر من نور ليسوا بأنبياء ولكن يغبطهم الانبياء والشهداء ، فقد قال صلى الله عليه وسلم : يا أيها الناس اسمعوا واعقلوا أن لله عز وجل عبادا ليسوا ب؟أنبياء ولا شهداء يغبطهم النبيون والشهداء على منازلهم وقربهم من الله فجثى رجل من الاعراب من قاسية الناس وألوى بيده إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يارسول الله إنعتهم لنا جلهم لنا ، يعني صفهم لنا شكلهم لنا ، فسر وجه النبي صلى الله عليه وسلم بسؤال الإعرابي فقال رسول الله : هم ناس من أفناء الناس ونوازع القبائل لم تصل بينهم أرحام متقاربة تحابوا في الله وتضافوا ، يضع الله لهم يوم القيامة ولا يفزعون ، وهم أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون .فالمحبة الصادقة تجبر الكسر ، وتأخذ بيد الضعيف فتلحقه بالاقوياء وتقدم المتأخر الى الصف الاول ، فيلبس ثوبا يتأهل به لنقلب من حال إلى حال إلى حال أحسن .. وفي رواية أن رجلا من أهل البادية أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يارسول الله متى الساعة قائمة ؟ قال ويلك وما أعددت لها ؟ قال : ما أعددت لها إلا أني أحب الله ورسوله ، قال : إنك مع من أحببت ، قال : ونحن كذلك ؟ قال : نعم ففرحنا يومئذ فرحا شديدا . وقد اوجب الله سبحانه محبة المؤمنين وموالاتهم وبغض الكفار والبراء منهم قال الله تعالى: (قد كانت لكم اسوة حسنة في ابراهيم والذين معه اذ قالوا لقومهم إنا برءاوا منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العدواة والبغضاء ابداً حتى تؤمنوا بالله وحده) (الممتحنة:4).
فضل الحب في الله والبغض في الله
أخبار متعلقة