أميرة محمدغزو جديد نتعرض له ولكن هذه المرة من داخل بيوتنا إنه غزو "النكد" الذي إذا استسلمنا له فإننا بلا أدنى شك سنفقد دورنا الإنساني .. هذا ما يؤكد عليه العديد من الباحثين والدارسين في القضايا المتعلقة بالتواصل الأسرى في ظل الضغوط الحالية التي يواجهه المجتمع. تجمع الدراسات والابحاث المتصلة على إن الأسرة الذكية لا تستسلم لهذا الخطر خاصة وأنه يلاحق الأجيال الجديدة بالاضافة الى الانعكاسات الخطيرة على الأبناء وتمحور الفرد حول ذاته بحيث يصبح الفرد لا يفكر إلا بنفسه .ومن هنا ينقطع التواصل الخارجي بين الفرد و المحيطين به : (الجيران، الزملاء، الجد والجدة..) بحجة أن ذلك أفضل ، كما تتقطع الصلات بين أجزاء الأسرة ذاتها فكل فرد يخلو بنفسه في حجرته ولا تجتمع الأسرة اللهم إلا عند مشاهدة التلفاز وتتفككك العلاقات في حين أن الغرب بدأ يتزايد عنده الاهتمام بالأسرة في حين بدأت الصلات عند الشرق تضعف ولم تعد بنفس القوة وهنا ندق جرس الخطر ونتفق أن هناك شيئاً مفتقداً وهو التواصل الأسرى من الداخل ومن الخارج مع المجتمع. [c1]التلاحم الأسري ضرورة لا غنى عنها[/c] ما من شك في ان السعادة لا تأتى صدفة بل يجب أن نخطط لها فيجب أن يخطط الزوج والزوجة لذلك قبل زواجهما ويبحثا عن الفهم المتبادل حتى لا يكونا كـ"القطة التي قتلت صاحبها" . والثابت أن الإنسان له احتياجات ثلاثة هي الاحتياج النفسي والاجتماعي والجسدي ، الاحتياج النفسي يحتاج إلى إشباع معنوي فمثلا المرأة التي تعود من عملها أو من السوق مجهدة وتخبر زوجها أن الجو حار أو أنها تعبت وما إلى ذلك .. فيقول لها الزوج بتلقائية وما الذي جعلك تخرجين الآن وهو ربما لا يقصد مضايقتها ولكنه لا يدرك احتياجاتها المعنوية وأنها تحتاج لكلمة تريحها مثلا "ربنا يعينك" ... والعكس أيضا مع الزوج الذي قد يشتكى للزوجة من شئ في عمله ، فتقول له "أنت عصبي" .. أو"ألم أقل لك ألا تفعل كذا" .. وهنا لا يتم إشباع الجانب النفسي وهو جانب هام جدًا إذا لم يتم إشباعه تكون الحياة صعبة جدًا . فالمطلوب إشباع نفسي من الطرفين وأن يكون هناك فن الطلب بالأسلوب المناسب وبالوقت المناسب وقدرة على الحوار وهذا علم التنمية البشرية والتي عبر عنها رسول الله في حديثه "إنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم" صدق رسول الله .. [c1]العتاب يقتل الحب [/c] نحن نحتاج إلى عطف إنساني وعلى كل طرف أن يقدر مجهود الطرف الآخر ، ويجب أن نعلم أن لا أحد ينجح بالعتاب فالعتاب قاتل للحب والسعادة بل يجب ذكر الإيجابيات ثم السلبيات ، ولنعلم أن استمرار العتاب يعنى افتقاد التواصل وفقدان فن التعامل مع الأزمة مما يعطى سيناريو خاطئ للأبناء عن التعامل مع الأزمة. والاحتياج الثاني هو الاحتياج الاجتماعي والفكري بأن ننظر إلى الجزء الممتلئ من الكوب وأن يحافظ الزوجان على الحب والاحترام بينهما والاحترام قد يولد حباً أما الحب بدون احترام فلا قيمة له ، وإذا فشلنا في تجربة نكتفي بخسارة موقف ولا نخسر الشخص بل نفتح باب التصافح والتغافر بحوار صريح وهادئ يقر فيه كل طرف بما اقترفه من أخطاء فنصنع التواصل ، ولا بد أن يضع كل طرف نفسه مكان الطرف الآخر ليعلم ما احتياجات هذا الطرف وما هي مشاعره وفقًا للمثل المصري "لاقيني ولا تغديني" فالإنسان قادر على التحمل لكن إذا كان متحمساً نفسيًا. [c1]ضغوط الحياة القاسية تلتهم أي فرحة [/c] اثبتت الكثير من تجارب الحياة إننا نفتقد الحماسة الزوجية وأصبح العمر يمر على الزوجين وقد تنازلا عن أحلامهما في الشباب عن الزواج والحياة الزوجية بسبب عدم وجود الزواج وحكمنا على الزواج بأنه نظام فاشل لكن الحقيقة أن الفشل يكمن في عدم معرفتنا كيف ينجح الزواج فالزواج مودة ورحمة .. يقول الله تعالى (ومن آياتهِ أن خلقِ ََلكم ِمن أنفُسِكم أزواجًا لتسكُنوا إليها وجعل بيَنكم مودةً ورَحمة إن في ذلك لآياتٍ لقومٍ يتفكرُون ( .. فالسكن في الآية هو سكن الجوارح والعواطف والأبدان فبذرة المودة والرحمة يتم روايتها من الطرفين . ما من مشكلة أسرية إلا وكان أساسها افتقاد الحوار، ولا نطلب في عصر السرعة أن يكون الحوار بالساعات بل تكفى دقائق وثوان لإحداث جو لطيف ، وهناك دور لـ"اللغة غير اللفظية" وهى لغة النظرات واللمسات و"الطبطبة" وهذه الأخيرة قد ثبت علميًا أنها تقلل الضغط العصبي وتمتص الانفعال ولدينا نماذج حوار سيدنا إبراهيم وإسماعيل وكان لديهما ضغوط كبيرة ، فلا نتعلل بحجة الضغط فقد كان على سيدنا إبراهيم ضغط كبير عندما أمِر بذبح ابنه . والمرأة أيضًا عليها ضغوط لكن كلمة طيبة من زوجها وأجواء دافئة وأسلوب رقيق في الطلب يجعل الأمور سهلة، وكثير من معاناة النساء تتمحور في أن أزواجهن لا يحاوروهن ، وهناك لفتات بسيطة يستطيع أن يفعلها الزوج مهما كان مشغولا ، ويمكنها أن يتفاعل مع زوجته وينبئها بأخباره ويمنحها نظرات شكر وتقدير والابتسامة التي توصل رسالة أن الشخص سعيد بوجود الطرف الآخر. وكذلك يجب أن نتفاعل مع الأبناء في جو هادئ. [c1]حب بلا تحفظات [/c]الاحتياج الجسدي هو الاحتياج الثالث ويتم عبر الثقافة الجنسية الصحيحة وهى معلومات هامة جدًا لأنها تحمل جانباً كبيراً من جوانب الإشباع نحتاج لمعرفتها وتدريسها بأسلوب صحيح للشباب وقد ذكر القرآن كل هذه الأمور. وتنصح حنان زين الطرفين "الزوج والزوجة" بأن يراعى كل منهما الخطوط الحمراء للطرف الآخر كاحترام الأهل وعدم الإهانة فيفقد الطرفان الاحترام المتبادل وبالتالي لا يحترمهما أبناؤهما ، ويجب إعطاء الحب بلا تحفظات فالحب دائم لكن الكره يكون للسلوك وهذا الخطأ تقع فيه الأمهات تجاه أطفالها بان تقول له "إذا فعلت كذا أحبك" فيتكون عند الطفل حصيلة أنها لا تحبه وتحصل قناعة للشباب بذلك لكن يجب أن نعطى الحب بلا تحفظ وننتقد السلوك الخاطئ . هناك نمطان شائعان من العلاقات الزوجية في مجتمعنا ، يتمثل الاول في ان يعيش الزوج وزوجته داخل بيت اهله الى جانب والديه واخوانه ، فيما يتمثل النمط الثاني في فتح بيت مستقل للحياة الزوجية يعيش فيه الزوجان واطفالهما .اثبتت الدراسات والابحاث المتاحة ان نسب الطلاق وغضب الأبناء في "بيوت الأهل" تكون أقل من البيوت الزوجية المستقلة عن الأهل لأن الأولى يكون فيها مراجعة من الأهل إذا غضبت الزوجة أو حدث اختلافات بين الابن وأبيه .. لكن هذا لا يمنع وجود خصوصية الزوج والزوجة داخل "بيت الأهل" ، ولذلك ينصح الكثير من الباحثين بتخصيص أوقات لتجديد التواصل مع الأقارب وتحديد الواجبات اليومية والأسبوعية والشهرية من اتصالات هاتفية وزيارات وعزومات ، بالاضافة الى نصح الأزواج والزوجات بالعمل على التخلص من ضغوطهم بما يعرفونه لذلك مثلا بالتحدث مع صديق أو قريب "دون إفشاء الأسرار"، أو بالتمشية والعمل على تجديد النفس واستعادة جمالها حتى يستطيعوا التواصل بحب ودفء.
|
الناس
احذروا النكد
أخبار متعلقة