إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. أما بعد.فإن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله كان له دور دعوي؛ امتد أثره إلى كثير من المسلمين في العالم؛ فضلاً عن المسلمين داخل الجزيرة العربية. محمد بن عبد الوهاب رحمه الله داعية ؛ لا خلاف في هذا بين المنصفين من أهل العلم.إنما الخلاف مع فئتين من الناس؛ مع من يكفره أو يفسقه أو يشكك في أهدافه، ومع من ينزله منزلة الأنبياء المعصومين.فقولنا: (داعية) رد على من يكفره أو يفسقه، وقولنا: (ليس نبياً ) رد على من يغلو فيه. ومحمد بن عبد الوهاب رحمه الله كسائر الناس فيه بين قالٍ وغالٍ، ونحن نحاول أن نعرف ما له من حق وأثر؛ فنعترف به، ونرجو له عليه الأجر العظيم، ونعرف ما له من أخطاء؛ فنستغفر له، مع بيان هذه الأخطاء للناس؛ حتى لا يتأثروا بها؛ سواء أكانت في الإيمانيات ( العقائد) أو الأحكام.وقديما قيل (زلة العالِم زلة عالَم)، فلهذا يجب على أهل العلم؛ أن يبينوا أخطاء العظماء؛ مع الاعتراف بفضلهم؛ فيدفعون الناس للتوسط في هذه الأمور بلا إفراط ولا تفريط. وكتاب التوحيد أو كتاب كشف الشبهات أو غيرهما من كتب الشيخ، إنما ألفها بشر يخطئ ويصيب، ولم يؤلفها ملك ولا رسول، فلذلك من الطبيعي جداً أن يخطئ، ولا مانع شرعاً ولا عقلاً ومن وقوع الأخطاء من الشيخ، سواءً كانت كبيرة أو صغيرة، كثيرة أو قليلة؛ فقهية أو عقدية (إيمانية).فإذا جوزنا هذه المقدمة البسيطة، سهل الحوار والنقاش، أما إن لم نجوز هذه المقدمة؛ فهذا من الغلو الذي لا يرتضيه الشيخ نفسه، ولا المخلصون من أهل العلم، بل لعل جُل دعوة الشيخ ترتكز على نقض (الغلو في الصالحين[2]، وعلى هذا فعدم الإقرار بالمقدمة السابقة يعد انتكاسة سلفية خطيرة، تذهب بجهود الشيخ أدراج الرياح، بين محبيه وأتباعه قبل خصومه وأعدائه.لن أطيل هذه المقدمة وأختصر هنا قائلاً : نعم كان لي قراءة نقدية لكشف الشبهات، وقراءة نقدية أخرى لخمسة مجلدات من الدرر السنية تخص العقائد[3]، وقد استخرجت ما في كتاب كشف الشبهات، من محاسن ونبهت على ما فيهما من ملحوظات، ثم جمعت الملحوظات على كشف الشبهات في مسودة، وأعطيتها ثلاثة من الإخوة للاستشارة وإبداء الرأي، فقام أحدهم ونشرها ربما بحسن نية[4]؛ وقد عاتبته على هذا عتاباً شديداً وأنكر أن يكون نشرها مع أن الاتهام بقي موجهاً إليه وقد افترقنا بعد هذه المعاتبة، ولكن رب ضارة نافعة، فلعل نشر المسودة هو ما شجعني لنشر العمل كاملاً نشراً عاماً بعد أن كنت أنوي تقديمه لبعض من يعز عليّ من أسرة الشيخ من باب النصيحة. وبما أن النسخة عبارة عن (مسودة) لا تعبر عن وجهة نظري، لعدم تضمنها مقدمة عن الشيخ ورأيي فيه جملة؛ فإنني رأيت الآن أن من المناسب نشر النسخة الصحيحة (المبيضة) التي تعبر عن وجهة نظري متكاملة وعنوانها (قراءة في كشف الشبهات)، وليس (نقض كشف الشبهات) [5]! كما أشاع بعض الناس، كما أنها لم تطبع أيضاً كما ظن بعضهم. وستكون القراءة النقدية لكشف الشبهات تحت هذا العنوان الأخير (محمد بن عبد الوهاب داعية وليس نبياً)، وعلى هذا سيتضمن الكتاب عملين رئيسين :الأول : قراءة في كشف الشبهات.الثاني : الشيخ محمد بن عبد الوهاب في كتبه ورسائله الأخرى (وهي عبارة عن نماذج من أقواله وآرائه في التكفير[6] تستدعي المراجعة من طلبة العلم ولا يضير الشيخ إن أخطأ فكل بني آدم خطاء). سيجد القارئ في ثنايا هذا البحث أنني قد استخدم لفظة (الوهابية)، ليس من باب الذم الذي يفعله خصومها أو أنها مذهب جديد؛ وإنما من باب كونها تياراً فكرياً له تاريخه وخصائصه ومصنفاته وشيوخه.. مع أن كلمة (الوهابية) ليست صفة ذم حتى لو كانت مذهباً، فالمذهب الذي يعتمد على أدلة صحيحة لن يضره الاسم الجديد ولا تسمية الناس له، كما أن التيار أو المذهب الذي يبني فكره وعمله على أدلة ضعيفة؛ لن ينفعه التسمي بأحسن الأسماء فالعبرة بالإيمان وصحة العلم والعمل وليس بالتسمي ولا بالتمني.وقد كان علماء الدعوة يجيزون استخدام (الوهابية) ويرددونها في كتبهم محد دون خوف من اتهام بمذهب، بل ربما ألفوا الكتب والرسائل في عقائد الوهابية ودعوتهم ولا ضير في ذلك[7].[c1]وختاماً:[/c] آمل من الإخوة المهتمين بهذه القضايا أن يقرؤوا هذا العمل بإنصاف وطلباً للحق (ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى)، فالحق أحق أن يتبع وكل يؤخذ من قوله ويرد، كما آمل أن ما نشر في بعض وسائل الإعلام عن (المسودة) يكون مشجعاً لقراءة (المبيضة) ولا أمانع من إبداء الملحوظات، بل إنني أطلبها من أهلها، وأشكر من أسدى إلي ملحوظة؛ لكنني أشترط في قبولها أن تكون صحيحة، أما ما يفعله البعض من محاولة المغالطة والتهويل وبتر النصوص ونحوه؛ فهذا الأسلوب أظن أنه أصبح ممقوتاًَ مهجوراً عند المنصفين من طلبة العلم، فلذلك لن أشغل نفسي بتتبع هذا الصنف من الناس، فلو فعلنا ذلك لما عملنا شيئاً، ورحم الله المتنبي[8].ولا ريب أن المسلم ليفرح عندما يهيئ الله مصلحين ومجددين لهذا الدين، فالله يبعث في كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها -كما جاء في الأثر على ضعف في إسناده- ولا أستبعد أن يكون الشيخ واحداً من هؤلاء، ولو في جانب من الجوانب، خاصة إذا علمنا أن لفظة (من) الواردة في الأثر قد تطلق على المجموع وليس على فرد، فيصبح الشيخ مجدداً مع آخرين في ذلك القرن.وقد كان مع الشيخ في القرنين الأخيرين مجددون نفع الله بهم، كمعاصره العلامة محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني، وهو أعلم من الشيخ وأحسن أثراً، لكن الشيخ أنشط منه في الدعوة، ثم الإمام الشوكاني بعد الشيخ بقليل، ثم في مصر الشيخ حسن البنا والعلامة المودودي في باكستان وشبه القارة الهندية، والشيخ جمال الدين القاسمي في الشام والمهدي السوداني في السودان وغيرهم كثير.فكان لهؤلاء وغيرهم -مع ما صاحب هذه الدعوات من أخطاء- الدور الكبير في عودة المسلمين للإسلام وتصحيح الأخطاء سواءً في الإيمانيات أو الأعمال.وكانت دعوات هؤلاء المصلحين دعوات إسلامية في الجملة، وكونها إسلامية لا يعني أنها خالية من الأخطاء؛ وهذه المسألة لم يدركها كثير من أتباعهم؛ الذين بهرهم شعاع هذه الدعوات الإصلاحية عن إدراك بعض الأخطاء؛ التي صاحبت دعواتهم ثم كان لهذه الأخطاء أثر سلبي على بعض طلبة العلم؛ الذين غلوا فيهم ومنعوا من نقد أخطائهم، وجعلوهم في مرتبة الأنبياء المعصومين وهنا يأتي الواجب على طلبة العلم المعتدلين، في توضيح المسألة ونقد هذا الخلل؛ الذي من أجله حارب هؤلاء وتعبوا ودعوا الناس.والشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ليس بدعاً من هؤلاء، فمثلما غلا أتباع حسن البنا فيه، وغلا أتباع المهدي في المهدي، وكذا فعل مقلدو الشوكاني والمودودي وغيرهم؛ فقد ظهر في زمن الشيخ محمد وبعده من أتباعه من يغالي في الشيخ غلواً كبيراً، ويتعصب لكل ما كتبه في رسائله وفتاواه؛ بل وحكمه على الأحاديث، وآرائه في الأمم والدول والأفراد وغير ذلك.ثم غلا هؤلاء حتى تركوا جزءاً كبيراً من دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، التي كانت في ذم (الغلو في الصالحين)، فالغلو في الصالحين من المحاور الرئيسة التي كان الشيخ رحمه الله ينقدها، فأصبحت هذه المسألة المحورية من أساسيات العقيدة عند الغلاة من أتباع الشيخ محمد رحمه الله[9].وساعد في غلوهم غلو الطرف الآخر؛ من الصوفية والشيعة والمقلدة من أصحاب المذاهب الأربعة؛ الذين كذبوا على الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وزعموا أنه جاء بدين جديد، وأنه ادعى النبوة، وأنه يبغض النبي صلى الله عليه وسلم ويستهين به، وغير ذلك من الأكاذيب أو الإلزامات الباطلة.فأدى هذا الغلو من الخصوم إلى غلو مضاد من بعض أتباع الشيخ الذين اعتبروا كل من خَطَّأ الشيخ خصماً للدعوة الإصلاحية، ومن خصوم العقيدة السلفية، وقد يبالغ بعضهم ويجعل هذا من خصوم الإسلام!.وهذا ليس غريباً فكل زعيم ديني يظهر في أتباعه غلاة؛ يعتبرون الرد عليه رداً على الإسلام نفسه، وهذا لب الغلو الذي نذر الشيخ نفسه في ذمه والتحذير منه ومحاربة أهله باللسان والسيف.ثم هناك أمر آخر ينبغي التنبه له لأهميته، وهو أن خصوم الشيخ وغلوهم في تكفيره وتبديعه؛ ساعد التيار المغالي في أتباع الشيخ وتلاميذه بالظهور، والنطق باسم الدعوة، واحتكار الدفاع عن العقيدة السلفية، والغلو في ذم المخالفين، مع الغلو في الدفاع عن أخطاء الشيخ، فأصبح ما دعا إليه الشيخ مهجوراً من الخصوم والأتباع، على حد سواء إلا من رحم ربك[10]، وهذا ظاهر في زمننا هذا، فليس هناك إلا غلو في الشيخ أو غلو ضده، وليس عند المغالين من الطرفين استعداد للحوار الهادئ البعيد عن التعصب، وعلامة المغالي ضد الشيخ أنه لا يقبل إلا وصفه بكل سوء، كما أنه من علامة المغالي فيه - وهو ما يهمنا في هذه الرسالة- أنه لا يقبل نقد الشيخ، ويستعظم تخطئته، وكأن تخطئته من علامات الردة عن الإسلام، فمن وجدتموه يعترف بأن الشيخ قد أخطأ أو عنده استعداد لقبول هذا فهو معتدل، ومن رفض الحديث في الموضوع فهو من الغلاة، وهذا يطرد في جميع أصناف الغلاة، سواء الغلاة في أحد الصحابة، أو العلماء أو الأئمة الأربعة …الخ.وقد تشوهت صورتنا -نحن طلبة العلم في المملكة- بأننا لا نعترف بأخطاء الشيخ، وأننا نعده معصوماً ولا نقبل النقاش في تخطئته والرد على ما أخطأ فيه، وأنه أصبح عندنا كأحد الأنبياء، وغير ذلك من الاتهامات التي -للأسف- يساعد على انتشارها بعض الغلو الموجود عندنا في الشيخ.فمن هنا جاءت هذه المراجعة لكتاب مشهور من كتب الشيخ محمد واسمه (كشف الشبهات) انطلاقاً من عدة أمور:الأمر الأول: أن أي منجز بشري يحتاج من وقت لآخر للمراجعة والنقد، ولا عيب في هذا لا شرعاً ولا عقلاً.الأمر الثاني: أن بعض الأخطاء التي وقع فيها الشيخ وخاصة في التكفير؛ قد أوقعت كثيراً من طلبة العلم فيها تقليداً أو مغالاة، داخل المملكة وخارجها.الأمر الثالث: إحجام كل طلبة العلم في المملكة تقريباً عن بيان تلك الأخطاء؛ فأصبح بيانها (فرض عين) على كل طالب علم قادر، وبعد هذا النقد -إن سمح له بالنشر- يصبح الفرض كفائياً؛ إن فعله البعض سقط عن الباقين ولعلي من ذلك البعض إن شاء الله.الأمر الرابع: من حق كل طالب علم في المملكة أن يذب تهمة الغلو عن نفسه، وعن أبناء بلده فكثير من الناس يعرضون عن الأخوة الدعاة القادمين من المملكة؛ بحجة أنهم يكفرون المسلمين وأنهم يتمحورون حول الشيخ محمد بن عبد الوهاب لا حول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)؛ هذا معنى ما قرأته في بعض الكتب التي تنتقد غلونا في الشيخ، وهذا أيضاً معنى ما سمعته من بعض الأخوة الذين خرجوا للدعوة خارج المملكة نقلاً عن تصورات بعض المسلمين، وقد اشتكى هؤلاء الدعاة من الصدود والإعراض من الناس، وهذا الصدود والإعراض نتحمل جزءاً كبيراً من مسئوليته، وإن حاولنا أن نتغافل عن هذه المسئولية أو ننكرها.فمن حقنا أن نرفع من سمعة ديننا وأنفسنا ووطننا - وطن الحرمين الشريفين - بأننا لا نتبع إلا محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم) وأننا لا نتمحور إلا حول قال الله وقال رسوله، وأننا -وإن كنا ثمرة جهود الشيخ رحمه الله- إلا أننا: لا نجعله نبياً معصوماً بل نخضع أقواله لأحكام الشريعة ولا نجعله فوق الشرع بل هو وكل العلماء بل وكل الصحابة محكومون بالشرع كل يؤخذ من قوله ويردوكل يستدل لقوله لا بقولهوكل لم ينزل من السماءوكل مأمور بالرجوع إلى الأدلة الشرعية لا إلى أقوال الرجال..هذه هي السلفية الحقيقية .فهذه القواعد العظيمة تطبق على الجميع، ويجب أن يحترمها ويلتزم بها الجميع، ويجب أن يعرف العالم أن هذه هي عقيدتنا[11] وهذا هو مذهبنا لا مذهب لنا غيره، وأننا مستعدون لنقد أخطاء علمائنا مع الاحتفاظ لهم بمحبتهم والدعاء لهم وتقدير جهودهم، فلا تناقض بين الأمرين إلا على المغالين من الطرفين.فمن رأى أن حبنا لهم يمنع من نقدنا لهم فهو مغالٍ فيهم ، ومن رأى أن نقدنا لهم يمنع من حبنا لهم فهو مغالٍ ضدهم ، فالحب والنقد، التقدير والمؤاخذة، كل هذا يسير بلا تناقض ولا طغيان طرف على آخر، ومن لم يعقل هذا فلن ينتفع بحوار ولا جدال ولا برهان، لأن هذه من أساسيات العلم والإنصاف.[c1]سؤال:[/c]وهناك سؤال يطرح نفسه وهو أن البعض قد يقول: كلامك هذا صحيح من حيث النظرية؛ ولكن التصحيح لا نسمح به من المالكي ولا فلان أو فلان! وإنما نسمح به من علماء (مؤتمنين)! على الدعوة!.[c1] و للجواب أقول:[/c]أولاً: لا يجوز للمصلح أو الباحث أن ينتظر حتى يقرر الآخرون أنهم يقبلون منه أو لا يقبلون، فالشيخ محمد نفسه لم ينتظر هذا من علماء زمانه، وإنما كان يعرض عليهم الدليل ويطالبهم بالدليل، مع أنهم كانوا يرونه أقل علماً وفضلاً، وكذلك فعل العلماء والدعاة عبر العصور. فالواجب على المصلح أن يعرض الحق مع أدلته، ويرد الباطل دون انتظار أن يرضى الطرف الآخر أو يسخط، فالدين ليس حكراً على فئة من الناس، وإنما هو للجميع ثم يحاسب الشخص على أدلته وبراهينه، ويرد عليه بالدليل والبرهان إذا كان طالب حق.ثانياً: هذه المقولة من قصر التصحيح على بعض الناس باطلة؛ وقد رددها كفار قريش بقولهم (وقالوا: لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم)، فقد كان الذي منع كثيراً من الكفار عن الهداية أنهم لم يرتضوا البيت الهاشمي للنبوة! وكانوا يريدون أن تظهر في بيوتات أخرى (مؤتمنة على مصالح قريش!) لكن الله عز وجل لم يستجب لهم فالله (أعلم حيث يجعل رسالته).وكل المصلحين على مر التاريخ يواجهون هذه الشبهة؛ مع أن الحق وقوله فرض على كل مسلم، وليس مختصاً بفئة من الناس، ولا منطقة من المناطق، ولا أظن عاقلاً متديناً من طلبة العلم يرى هذا الرأي( الجاهلي)؛ الذي بعث بنقضه محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، قبل أن يقوم بنقده الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في كتابه المشهور (مسائل أهل الجاهلية).ثالثاً: النيات علمها بيد الله عز وجل وكم من شخص يؤتمن فيخون، وكم من آخر يظن به الظنون وهو خير للإسلام من ألف من أمثال الرجل المؤتمن، وعلى هذا فلنترك البحث في النيات لله، وننظر في الأدلة وأيها أقرب لكتاب الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم).رابعاً: المؤتمنون ما زالوا ساكتين! وإلى الآن لم يبينوا الأخطاء التي وقع فيها بعض علماء الدعوة؛ حتى اغتر بتلك الأخطاء بعض الشباب والحركات التي تتسرع في التكفير وترمي به الأبرياء، ولا أريد ضرب الأمثلة، فهي واضحة للجميع، ولا أظن (المؤتمنين) سيتركوننا لبيان الحق، فضلاً عن المشاركة في ذلك، لأن مصلحتهم - لا مصلحة الإسلام- تقتضي المعارضة لكل ناصح، والتشكيك في نيته ومنهجه، وما زالوا بحاجة لجهاد نفس ووقت أطول حتى يصلوا هذه المرحلة التي نراها ضرورية في هذا الزمن أكثر من أي وقت مضى. على أية حال : لابد أن يكون عندنا الشجاعة للمبادأة بنقد أخطائنا، وتصحيح بيتنا الداخلي، وعدم الخجل من ذلك، لأن الأمر دين وليس مناورة سياسية. والخلاصة أقول:كل العلماء عبر العصور يجب علينا محبتهم وتقديرهم ومعرفة فضلهم؛ لكن دون تقديس ولا مجاملة لهم على حساب الحق، فالحق يجب أن نعمل على إظهاره، وتبرئة الكتاب والسنة من أخطاء البشر.ومن هذا المنطلق فإنني وجدت الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله - على فضله وأثره الدعوي الذي لا ينكره منصف- قد وقع في أخطاء أصبحت سنة متبعة عند بعض طلبة العلم؛ الذين أصبحوا يطلقون التكفير في حق علماء ودول وطلاب علم؛ بناءً على ما قرره الشيخ محمد في بعض كتبه ورسائله، وأصبح الواحد من هؤلاء يحتج بأن الشيخ كان يرى كفر هؤلاء العلماء، وكفر هؤلاء الحكام ؛ وكفر من هذه صفته…الخ.والتمسك بكلام الشيخ رحمه الله في هذه الأمور تمسك بالخطأ، والخطأ لا يجوز التقليد فيه.لكن بعض طلبة العلم لم يتنبه إلى مواضع هذا الخطأ، ويتهم العلماء الموجودين الآن بمجاملة غيرهم من العلماء والحكام في العالم الإسلامي، لأنهم لا يكفرونهم! بل وصل ببعضهم الحد إلى تكفير العلماء والحكام في هذه البلاد، فضلاً عن غيرهم من علماء وحكام المسلمين بناءً على ما كتبه الشيخ محمد، وهؤلاء المكفرون قد رددت عليهم في مقالات هادئة نشرت في بعض الصحف السعودية .وكان لي كتاب -لم يسمح له بالنشر- في الرد على هذا التيار بأسلوب هادئ وبراهين، أزعم أنها كانت مقنعة ونابعة من النصوص الشرعية.وردي هذا ليس على ذلك التيار فقط، وإنما يستهدف الرد -بالدرجة الأولى- على أولئك الذين يحاولون أن يركبوا الجملين جميعاً! فيردون على أهل التكفير ويغلون في الدفاع عن أخطاء أئمة الدعوة!.أو بلغة أخرى نقول: يردون على هؤلاء الشباب الذين كفروا العلماء والحكام بأدلة العلماء الذين كانوا يردون على الشيخ محمد بن عبد الوهاب! فكأنهم يردون على الشيخ محمد بهذه الطريقة التي تجمع بين الذكاء والغباء.ونحن نقول لهم: إن الله حرم التلون وهو الظهور بوجهين وذم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ذا الوجهين، فإن كنتم رادين على هؤلاء الشباب؛ فعليكم أن تردوا على بعض الأخطاء في التكفير التي وقع فيها الشيخ محمد وبعض علماء الدعوة.وإن كنتم تدافعون عن الشيخ محمد وعلماء الدعوة فيجب أن تدافعوا عن هؤلاء، لأنهم مقلدون له ولبعض علماء الدعوة وستأتي النماذج.وأنا بحمد الله -وإن أساء بي البعض الظنون[12]- لكن لي وجهاً واحداً وأرد على شبهات التكفير سواءً قالها خصم أو صديق، طالب علم أو عالم أو عامي.وردي على هذه الشبهات آراه واجباً دينياً مع الاحتفاظ بحق الإسلام للجميع وحق خاص للشيخ محمد بن عبد الوهاب لسبب بسيط وهو أنه بشر يخطئ ويصيب.وعندما يقوم بعض الباحثين بتعقب الشيخ في مسائل أخطأ فيها ليس نهاية الإسلام، ولا يعني القضاء على منجزاتنا العلمية والدعوية بالفشل، وإنما من حيوية دعوة الشيخ وقوتها أنها تنتج من أبنائها من يتعقب بعض أقواله التي اجتهد فيها فأخطأ.وهذه ميزة العلماء الربانيين أنهم يعطون منهجاً، ولا يلزمون أتباعهم باجتهاداتهم، وهذه الدراسة لو يسمح لها بالنشر لكانت من أكبر الأدلة في الرد على مزاعم كثير من المسلمين في العالم الذين يتهموننا بالتعصب للشيخ لا للكتاب والسنة.وأنا على أمل - إن شاء الله- أن يجد هذا البحث القبول وأن يحسن طلبة العلم الظن، ويقرؤوا هذا البحث بإنصاف وينظروا ما فيه من حق فيتبعوه وما فيه من خطأ فيردوه.لأسرة الشيخ خاصة:وأنا أخاطب أسرة الشيخ خاصة وأقول لها:الواجب عليكم أن تكملوا المسيرة، وتنتصروا للشرع وللحق؛ الذي أصاب فيه وهو الكثير الطيب إن شاء الله، لا للأخطاء التي وقع فيها الشيخ بحكم الطبع البشري؛ فهذا ما يريده الشيخ من أسرته الكريمة، وأتباعه والمحبين له، وقد قابلت بعض ذرية الشيخ رحمه الله ووجدت عندهم قبولاً لنقد أخطائه وأخطاء علماء الدعوة أكثر من غيرهم، وهذا المأمول فيهم، وهذه تشبه أن أجد بعض أهل البيت ينكرون ما يفعله بعض الناس من الغلو في جدهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فالحمد لله الذي أوجد في ذرية الإمام علي بن أبي طالب من ينكر الغلو الذي يعتقده كثير من الناس فيه وفي أهل بيته رضي الله عنهم جميعاً، والحمد لله الذي جعل في ذرية الشيخ محمد بن عبد الوهاب من ينكر الغلو الذي يعتقده بعض من الناس فيه وفي ذريته رحمهم الله جميعاً، مع الفرق الكبير بين الرجلين؛ (الإمام علي والشيخ محمد)؛ لكن لا بأس من التشبيه من وجه من الوجوه.وأقول أيضاً: هذه والله نصيحة محب للشيخ مقدر لجهوده وعلمه، ولا يجوز أن تسمعوا لمن يشكك في النيات، ويفسر نقدي هذا تفسيراً خلاف ما دونته هنا، ومن كان عنده شك أنني أكتب هذا لغير مصلحة الإسلام والعلم ولأهداف غير مشروعة ونحو هذا؛ فأنا مستعد لمباهلته لنجعل لعنة الله على الكاذبين.فمن شكك أو فسر الموضوع تفسيراً سيئاً وذهب به مذهباً بعيداً فليستعد للمباهلة.لأن بعضهم -للأسف- لا يجدي فيه أن تشرح أهدافك وتخبر عن نيتك وقصدك، فإن كان لا يقتنع بهذا حتى مع البيان والقسم فلا يجدي فيه إلا المباهلة.[c1]- لماذا كشف الشبهات؟![/c]ركزت على كتاب كشف الشبهات -نموذجاً- مما كتبه الشيخ؛ لأن هذا الكتاب على صغره يتميز بالوضوح، وتلقين الحجج والبراهين، ولوضوح الأفكار فيه، ولانتشاره الواسع بين كثير من طلبة العلم وأثره الواضح فيهم.وأنا لن أعرج على محاسن الكتاب، لأنه سبق أن ذكرت فضل الشيخ وجهوده ودعوته، فما ذكره من محاسن في الكتاب يدخل ضمناً في هذا الكلام العام هذا أمر.الأمر الآخر: أن هذه القراءة هدفها بيان الملحوظات والأخطاء، فهي تراعي أبرز الملحوظات المحورية التي تفسر انتشار التكفير في بعض كتبه وكتب من بعده من علماء الدعوة.فكانت وظيفة هذا العمل أن أكشف سر وجود هذا التكفير وهذا السر كان عبارة عن (شبه من أدلة) وليست هوىً من الشيخ أو حباً لتكفير المسلمين -وإن كنت لا أغفل تأثير الظروف السياسية والخصومة المذهبية - وإنما كانت نتيجة استدلال بضعيف أو القطع في أمور ظنية أو استدلال غير صحيح من دليل ثابت أو نحو هذا مما لا يسلم منه بشر، وسيأتي مبيناً بشكل موسع.وسأذكر لاحقا أبرز الأخطاء والملحوظات أيضاً لأن الخلاف فيها وليس الخلاف في الاعتراف فيما أصاب فيه والثناء عليه.[c1](يتبع يوم الأربعاء القادم)[/c][c1]هوامش:[/c][1] بل نرى بعض المتعصبين للشيخ يقبل بكل سهولة تخطئة كبار الصحابة كعمر وعلي وأبي ذر وأمثالهم ولا يقبل تخطئة الشيخ، وهذا من الغلو في الصالحين الذي ننكره بحق، وإن وجدنا في هذا الإنكار الأذى من هؤلاء. [2] وكان الشيخ يرى أن تقليد العلماء وإنكار تخطئتهم من باب اتخاذهم أرباباً من دون الله (الدرر السنية 2/9).[3] قلت هنا: (العقائد) حسب التسمية السائدة، مع أن الأفضل استخدام لفظ (الإيمان) أو (الإيمانيات)، وغالباً ما أحاول الجمع بينهما.[4] وربما تمت سرقتها من الحاسب، خصوصاً وأنه لم يكن عندي برنامج حماية ضد (سراق الانترنت= الهكرز) ولم أتخذ هذا البرنامج إلا بعد هذه السرقة، ولم أكن أنوي نشر هذا وإنما كنت أنوي إعطاءها بعض أسرة الشيخ رحمه الله، من باب النصيحة. [5] وهذه النسخة لم تطبع كما يظن البعض ولم تزل مبيضة، وهي في الحقيقة (قراءة نقدية) وستأتي أدلتي على كلامي هذا، تلك الأدلة التي إن قرأها المختلفون معي بإنصاف وعدل وحب للحق ونبذ للتعصب بالباطل فإنني أجزم أننا سنتفق إن شاء الله.[6] أخذت تلك الأقوال من كتاب (الدرر السنية) الذي جمعه عبد الرحمن بن محمد بن قاسم رحمه الله.[7] ومن علماء الدعوة الذين استخدموا مصطلح (الوهابية) سليمان بن سحمان، وقبله محمد بن عبد اللطيف (الدرر السنية 8/433) وقد حاول الشيخ حامد الفقي أن يشكك في نيات كل من استخدم هذا المصطلح واقترح أن يطلق عليها (الدعوة المحمدية) لأنها تنسب إلى الشيخ محمد بن عبد الوهاب! وليس إلى والده (عبد الوهاب) وقد قلده من المتأخرين الشيخ صالح الفوزان، وقولهما هذا عجيب، فأغلب المذاهب تسمى بأسماء آباء أو أجداد أصحاب المذاهب، فالمذهب الحنبلي نسبة لحنبل جد أحمد بن محمد بن حنبل وهم لا يعترضون على هذه التسمية ولا يقولون بها، وكذلك المذهب الشافعي نسبة لشافع (جد الشافعي محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع) والحنفية نسبة لأبي حنيفة واسمه النعمان، والأشاعرة نسبة للأشعر بن أدد بن زيد جد قبيلة الأشاعرة،.. وهكذا ولم يسم من المذاهب بأسماء مؤسسها إلا القلة كالمالكي (مالك بن أنس) والزيدية (زيد بن علي) والجعفرية (جعفر الصادق).ثم الشيخ صالح الفوزان يطلق على أتباع محمد بن سرور بن نايف زين العابدين كلمة (السرورية) فلماذا لا يسميها (المحمدية) أيضاً!![8] هو القائل: [c1]« لو كل كلب عوى ألقمته حجراً لأصبح الصخر مثقالاً بدينار! »[/c]هذه المبيضة تلافيت فيها بعض الأخطاء الطباعية وهي الأكثر، والعلمية وهي الأقل، وأضفت فيها بعض الأبحاث المهمة وخاصة المقدمة، التي لم تكن في المسودة، وعلى هذا فمن كانت عنده المبيضة فلن يجد جديداً في هذه المذكرة، أما من وصلته المسودة فلابد أن يتخلى عنها ويعرف رأيي في الموضوع من هذه المذكرة ولا أحل لأحد أن ينسب إلي بعض الآراء في المسودة المنشورة بلا أذن مني ولا إقرار لكل ما فيها، خصوصاً وأن فيها أخطاء حاسوبية جعلت بعض الإجابات عند غير الأسئلة الخاصة بها فبد بعض الكلام فيها كم قال بعض الأخوة (ليس له زمام ولا خطام).[9] بل معظم (المسائل الجاهلية) التي كتب فيها الشيخ كتاباً يجب أن يراجع الغلاة من أتباعه أنفسهم فيها ومن أبرزها على سبيل الاختصار:. إن دينهم مبني على أصول أعظمها التقليد!! فهو القاعدة الكبرى لجميع الكفار أولهم وآخرهم... ومن أكبر قواعدهم الاغترار بالأكثر!! ويحتجون به على صحة الشيء ويستدلون على بطلان الشيء بغربته وقلة أهله!!!... الاحتجاج بالمتقدمين كقوله تعالى (فما بال القرون الأولى)؟! فهذا مثل قول بعض غلاة السلفية (من سبقك إلى هذا؟!). الاستدلال بقوم أعطوا قوى في الأفهام والأعمال.. الاستدلال على بطلان الشيء بأنه لم يتبعه إلا الضعفاء!!. الغلو في العلماء والصالحين.. اتباع الهوى والظن والأرض عما أتاهم الله.. اعتذارهم عن اتباع ما أتاهم الله بعدم الفهم (وقالوا قلوبنا غلف)؟. نسبة باطلهم إلى الأنبياء.. تناقضهم في الانتساب فيدعون الانتساب إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ويتركون اتباعه؟!. قدحهم في بعض الصالحين بفعل بعض المنتسبين.. إن الحياة الدنيا غرتهم فظنوا أن عطاء الله منها يدل على رضاه!! (نحن أكثر أموالاً أولاداً وما نحن بمسبوقين)؟!. ترك الدخول في الحق إذا سبقهم إليه الضعفاء تكبراً وأنفه!. الاستدلال على بطلان الحق بسبق الضعفاء (لو كان خيراً ما سبقونا إليه).. أنهم لا يعقلون من الحق إلا الذي مع طائفتهم!!. أنهم مع ذلك لا يعملون بما تقوله طائفتهم!!. كفرهم بالحق إذا كان مع من لا يهوونه!. إنكارهم ما أقروا أنه من دينهم.. إن كل فرقة تدعي أنها الناجية فأكذبهم الله بقوله: (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين)؟. التعبد بتحريم الحلال!. التقيد باتخاذ الأخبار والرهبان أرباباً من دون الله!. معارضة شرع الله بقدره!!. التعصب للمذهب.. تحريف الكلم عن مواضعه.. تلقيب المخالفين بألقاب باطلة (قلت: كوصفهم من أحل علياً بالتشيع ومن نفى التجسيم بالجهمية ومن رد أخطاء بعض العلماء بالطعن في العلماء).. التكذيب بالحق.. افتراء الكذب على الله.. كونهم إذا غلبوا بالحجة فزعوا إلى الشكوى للملوك كما قال (أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض)؟!. رميهم الصالحين بانتقاص دين الملك... رميهم إياهم بتبديل الدين... تركهم الواجب ورعاً!!. تعبدهم بترك الطيبات من الرزق.. دعاؤهم الناس إلى الضلال بغير علم.. دعواهم محبة الله مع تركهم شرعه.. المكر الكبار.. أن أئمتهم إما عالم فاجر أو عابد جاهل.. تمنيهم الأماني الكاذبة.. دعواهم أنهم أولياء الله من دون الناس.. الفخر في الأحساب.. الطعن في الأنساب.. أن الذي لا بد منه عندهم تعصب الإنسان لطائفته ونصر من هو منها ظالماً أو مظلوماً.. أن دينهم أخذ الرجل بجريمة غيره.. تعيير الرجل بما في غيره.. عظمة الدنيا في قلوبهم.. رميهم أتباع الرسل بعدم الإخلاص وطلب الدنيا.. لبس الحق بالباطل.. كتمان الحق مع العلم به.. القول على الله بلا علم.. التناقض الواضح.. الإيمان ببعض المنزل دون بعض.. مخالفتهم فيما ليس لهم به علم!!. دعواهم اتباع السلف!! مع التصريح بمخالفتهم.[10] وهكذا احتكر غلاة الوهابية الدفاع عن الوهابية، مثلما احتكر النواصب ( وغلاة السنة فيهم نصب) الرد على الشيعة والنطق باسم السنة، ومن ثمّ أخذوا يلمزون علي بن أبي طالب وأهل بيته باسم السنة! ويثنون على معاوية ويزيد وشيعتهم باسم السنة! - كما نفعل في كثير من رسائلنا الجامعية!-، ثم أصبح من ينقدهم معرضاً للاتهام بالتشيع والرفض! مثلما أصبح من ينقد غلاة الوهابية معرضاً للاتهام بمخاصمة الدعوة السلفية، وربما مخاصمة الإسلام! فهذا كله يحدث لسبب بسيط؛ وهو أن الغلاة هم المتصدرون في الدفاع والبيان، فدافع عن السلفية من ليس سلفياً، ودافع عن السنة خليط من السنة والنواصب، والمدافعون أو المبينون غالباً يكون لهم الصدارة في التحدث باسم المذهب أو الحركة أو التيار، ويكتسبون الاعتراف مع الزمن، ويرتضون الجوار! ثم تأتي مرحلتهم الثانية بإخراج أهل المنزل الأصلي، وهذه السنة الحياتية موجودة في المذاهب والقبائل. [11] مع التحفظ على لفظة (العقيدة) لكنني أخاطب بالمفهوم الشائع، أما اللفظ الشرعي فهو (الإيمان) وقد هجرنا هذا اللفظ الشرعي وجعلنا مكانه هذا المصطلح (المستحدث)، لأن المصطلح المستحدث (العقيدة) وهو مصطلح فضفاض غير محدد إلا من أقوال الغلاة، ولذلك يحرص الغلاة على التحاكم هذا المصطلح (المستحدث) لأنه يتيح لهم ظلم الآخرين من استحلال دمائهم والحكم عليهم بالنار، كما فعل غلاتنا مع الأشاعرة والصوفية وأبي حنيفة وأصحابه والمعتزلة والشيعة والإباضية وغيرهم من المسلمين، ولا يمنع غلاتنا من ظلم هؤلاء إلا العجز، وهذا الظلم منبعه (كتب العقائد) لاعتمادها على أقوال الرجال وتأثرها بالخصومات وهجرها النصوص الشرعية، بخلاف (الإيمان) فهو مقيد بالنصوص الشرعية، وقد توسعت في هذا الموضوع في كتاب (قراءة في كتب العقائد - مطبوع). [12] وهذا أمر طبيعي لا ننزعج منه، فكل من أراد الإصلاح لا بد أن يجد المصاعب، فمن سنة الله في خلقه أنه ما من نبي ولا مصلح ولا آمر بالمعروف إلا ويسيء به البعض الظنون.
|
دراسات
محمد بن عبدالوهــاب داعية ولـيس نبياً ( 1 ــ 3 )
أخبار متعلقة