الفرفوشة
يقال أن دمي خفيف ولا تفارقني قوة الأمل والإرادة لهذا ينادونني الفرفوشة ، بالرغم من انني لا أرى جمال الكون من حولي بسبب فقداني نعمة البصر ..أنا فاطمة بدأت رحلتي مع الإعاقة منذ سن صغيرة وتقبلتها لإن هذا قدري وانا مؤمنة بالقدر فحاولت التكييف على قوة العتمة التي جعلت كل الألوان في حياتي بلون أسود شكليا لكن جوهريا ارى زرقة السماء ولون الزهر والسهل والجبل ..ولعل أكثر شئ أثر في نفسي وجود الناس من حولي أصدقاء أقارب زملاء غرسوا في نفسي حب البقاء والكفاح والعطاء.انا الآن ادرس في المستوى الخامس في معهد النور للمكفوفين ، أحب جدا دراستي واحب هذا الوقت الذي أمضيه هنا في المعهد ، فمنذ إلتحاقي به تعلمت الكثير واستفدت من وقتي في الحياكة وصنع بعض الأشياء من الخزف والصوف والقش كبقية زملائي بالإضافة إلى مواد الدراسة الأخرى التي نستقيها في هذا المعهد لنكون أكثر قدرة على مواجهة الحياة وكسر الإعاقة وقيودها .بالطبع هناك بعض المشاكل التي تواجهني بحكم عدم قدرتي على الرؤيا ، مثلا سأحكي لكم قصة قد تكون مضحكة نوعا ما ولكنها تمثل عقبة حقيقية أمامي وأمام كل من فقد نعمة البصر ،أنا أسكن في منطقة الشيخ عثمان وبحكم حبي للحياة أحب كثيرا الخروج والذهاب عند صديقاتي وجاراتي بالرغم من خوف أسرتي علي ونصحهم لي بالبقاء في البيت بحكم إعاقتي ولكنهم إعتادوا على ذلك لإنني حفظت الطريق جيدا في حارتنا ولم أعد اتعثر بأي عائق قد يصادفني ، ولكن في إحدى المرات وبينما خرجنا وصديقاتي وبالطبع إبتعدنا عن المنطقة التي اسكن فيها وبينما أعتمد الجميع على قدرتي في المشي وحدي دون مساعدتهم لإنهم إعتادوا مني ذلك في نطاق حيينا ، كنت أمشي وفجأة إصطدمت قدماي بأحدى ممرات المشاة التي ترتفع عن مستوى الأرض بحيث لم اشعر بها فتعثرت ووقعت على الأرض مما أضحك الجميع علي وادركوا انهم هم المخطئون لإنهم نسوا اننا خرجنا من نطاق حارتنا ولهذا ليس لي القدرة على متابعة الطريق وحدي خاصة وانني لا امسك العصا التي تساعد كثيرا على إكتشاف مثل هذه المطبات عند فاقد البصر ، وهذه إحدى المشاكل التي نعاني منها نحن المكفوفين . بالنسبة لحلمي لا اريد الكثير قيل لي انه بالإمكان إعادة النور إلى عيناي إذا أجريت لي عملية في الخارج لكنها تكلف الكثير من المال ، ولإنني متعلقة بفن الحياكة اتمنى ان يكون لدي ماكنة خياطة هذا كل ما لدي .وفي الأخير اتمنى من المسؤولين عند رصف وتأهيل الطرقات أن يضعوا في إعتبارهم شريحة المكفوفين فيجعلوا حيزا من الرصيف بتصميم طرقات ذات منحدرات تساعد المكفوف على السير تحول دون تعثرهم ووقوعهم .