دور أبناء ردفان في الدفاع عن ثورة 26 سبتمبر واضطلاعهم بالدور الريادي في تفجير ثورة 14 أكتوبر
إنه لشرف عظيم في هذه المناسبة العظيمة والعزيزة على قلوبنا ان أكون من المساهمين، في تسجيل هذه الذكريات ،كواحد من أبناء المناضلين الذين كان لهم الدور الريادي في صنع ثورة 26 سبتمبر و14 أكتوبر المجيدتين، من الآباء المناضلين الذين لايزالون على قيد الحياة، وكذا تجاوب أبناء وأقارب أولئك المناضلين الذين عايشوا آباءهم وأقاربهم ويمتلكون وثائق هامة تحكي سفر تاريخ الثورة اليمنية سواء فيما يتعلق بإسهامات الذين استشهدوا أو الذين توفاهم الأجل ولم تتح لهم الفرصة لتسجيل ما لديهم.نود أن نشير هنا إلى أنه سبق وأن جرت عدة محاولات لتوثيق وكتابة تاريخ الثورة اليمنية إلاَّ أن تلك المحاولات، لم تستطع توثيق وكتابة التاريخ بصورته المكتملة والصحيحة وذلك بسبب ما لحق بتاريخ الثورة من تشويه للحقائق والوقائع خلال الحقبة الماضية، ونسب البعض أدواراً لأناس لم يكونوا هم أصحابها، أو صانعيها والتي كانت تتغير وتتبدل بتبدل الوجوه والأشخاص الذين يشغلون مراكز السلطة ومواقع القرار .. لذا فإننا نكبر الطموح الوطني المشرف والمشروع لتوثيق مساهمات المناضلين على طريق كتابة تاريخ الثورة اليمنية، بصورة جادة وصادقة، والذي إذا ما تحقق على أيديهم فإنه سوف يسجل كعمل جليل لن ينساه جيل الثورة، الذي تربى في كنفها والذي يقف اليوم حائراً تجاه هذا الكم الهائل من الروايات المتناقضة والمتباينة التي طغت عليها الذاتية والأهواء الحزبية وغيرها، وغيبت الكثير من الحقائق وأحاول هنا جاهداً عرض بعض من هذه الحقائق والوقائع المغيبة، معززة بالوثائق التي لايرقى إليها الشك، والتي آمل أن تصب في إطار المساهمات الجادة في توثيق وكتابة تاريخ ثورة 26 سبتمبر و14 أكتوبر.وفي هذا السياق سوف أحصر ذكرياتي في نطاق ما نمتلك من وثائق تتعلق بمشاركة أبناء ردفان في الدفاع عن ثورة 26 سبتمبر، واضطلاعهم بالدور الريادي في تفجير ثورة الرابع عشر من أكتوبر، تاركين مسألة التحقيق والتحليل والتقييم للمختصين والباحثين، من الكتاب والمؤرخين الذين نتمنى عليهم تحري الأمانة والصدق عند كتابة تاريخ الثورة، وعدم القفز على الحقائق والوقائع الموثقة، أو تجاهل بعضها أو تسليط الضوء على البعض، أو انتقاء بعض منها دون غيرها لتوظيفها في غرض ليس له صلة بقول الحقيقة التاريخية كما تقتضيها آداب مهنة كتابة التاريخ والمسؤولية الوطنية والتي تتحدد على أساسها تنشئة الأجيال القادمة سلباً أو ايجابياً، وفي هذا السياق يحضرني هذا القول: (إن الأكاذيب التي تقول نصف الحقيقة هي أشد أنواع الكذب سوءاً).وقبل الدخول في صلب الموضوع، أرجو أن لا أثقل عليكم في عرض بعض المعطيات التي أرى أنه لابد من الإشارة إليها والتي كانت سائدة قبل قيام ثورة 26 سبتمبر و14 أكتوبر.لاشك أن المد الثوري التحرري الذي ساد العالم بعد الحرب العالمية الثانية، امتد إلى العديد من بلدان العالم، وعلى وجه الخصوص تلك الدول التي كانت تحت تأثير الاستعمار والأنظمة المتخلفة وهذا ليس بغائب على أحد من المتتبعين اليوم .. كما أنه لايخفى على من عاش فترة ما بعد قيام ثورة 22 يوليو وما أحدثته من حراك تحرري ومد قومي وبالذات بعد فشل العدوان الثلاثي على مصر العروبة وبروز عبدالناصر كزعيم جعل أنظار كل الشعوب العربية تتوجه إليه وتلتف حوله باعتباره الرمز الذي أعاد للأمة العربية اعتبارها والتي كانت ترى في زعامة عبدالناصر وتوجهاته القومية سنداً قوياً للتحرر والخلاص من الاستعمار، فكانت خطبه تلهب المشاعر وتوقظ الوعي القومي التحرري للشعوب العربية من الخليج إلى المحيط، وكانت إذاعة صوت العرب هي الصوت الذي كان يشد الناس إليها لسماع برامجها ولسماع خطابات الزعيم/ جمال عبدالناصر التي كانت تلامس المشاعر وتعبر عن الأحاسيس العربية كأمة واحدة والتي ايقظها ولأول مرة جمال عبدالناصر بعد زمن طويل من التشتت والتمزق والتخلف الرهيب في الوعي العربي بالمصير الواحد والانتماء المشترك والذي حاول الاستعمار التركي وبعده الاستعمار الغربي غرسه في نفوس هذه الأمة لدرجة كاد الإنسان العربي أن يفقد هيبته وثقافته في أنحاء كثيرة من بقاع الوطن العربي الكبير.وقد كانت الأمة العربية تعيش حالة من التفكك والتجزئة لدرجة أن أبناء القطر الواحد يكادون لايحسون بنمائهم وانتمائهم الواحد في هذا القطر أو ذاك.وفي مجتمعنا اليمني كادت الكيانات القبلية والمناطقية أن تنسي أبناء الشعب اليمني الواحد مصيرهم المشترك وانتماءهم إلى الوطن اليمني الأم وإلى الوطن الأكبر «الوطن العربي» .. واصبحت بعض هذه الكيانات وعلى وجه الخصوص في الشطر الجنوبي من الوطن تتصرف كما لو أنها دول وكيانات مستقلة بعضها عن بعض، وكان ذلك بتشجيع من السلطات الاستعمارية في ظل انتشار الجهل والأمية والتخلف وتدني الوعي وانعدام وسائل الاتصال والمواصلات، ولهذا ورغم وجود الانتفاضات القبلية هنا وهناك ومع أنها في كثير من الأحيان كانت تظهر مقاومة كبيرة وإرادة شجاعة، لا نظير لها إلا أنها، بفعل عزلتها وانعزاليتها لم تحدث أثرها السياسي على السلطات الاستعمارية في كامل الجزء المحتل من الوطن، على الرغم من إدراك كل تلك الكيانات القبلية والعشائرية، ومنذ أمد طويل لوجود هذا المحتل الأجنبي البريطاني الذي ينبغي مقاومته وطرده، إلا أنها ظلت عاجزة وغير قادرة على إيجاد الأداة المعبرة عن الإرادة المشتركة لكل هذه الكيانات في كيان واحد بفعل التخلف الاقتصادي والثقافي والعزلة التي كانت تعيشها تلك الكيانات الهشة.أما في الشطر الشمالي من الوطن، حيث يوجد النظام الإمامي الممعن في التخلف والعزلة والظلم، فإنه كان، هو الآخر، غير مؤهل للاضطلاع بمسؤولياته الوطنية في النهوض والتطور في الجزء الذي كان يحكمه، ونظام كهذا بالتأكيد لم يكن مؤهلاً للقيام بمسؤولياته ومهامه تجاه الجزء المحتل من الوطن، بدليل أن هذه الانتفاضات التي كانت تحدث بين الحين والآخر في الجزء المحتل من الوطن لم يستطع أن يبلورها إلى مقاومة وطنية تشمل كامل الجزء المحتل من الوطن بل كان يستغل مثل هذه الانتفاضات لتحقيق بعض المكاسب الذاتية والمحدودة من أجل الإبقاء على نظامه الأكثر ظلامية وتخلفاً من الجزء المحتل نفسه.ولهذا فقد كانت ثورة 26 سبتمبر 1962م التي قام بها تنظيم الضباط الأحرار وإعلان الجمهورية بمثابة الميلاد الجديد للشعب اليمني، وأحدثت هزة عنيفة أيقظت المشاعر والأحاسيس بالمصير المشترك وعززت روح الانتماء الواحد التي كانت كامنة في أعماق ذاكرته التاريخية لدى الصغار والكبار والنساء والرجال، وهب الشعب من أقصاه إلى أقصاه لنجدة هذه الثورة الوليدة والنظام الجمهوري والدفاع عنهما .. وقد لايستطيع أحد ممن لم يعش الحدث نفسه أن يتصور تلك المشاعر وما كانت تحدثه إذاعة الجمهورية العربية اليمنية من صنعاء، حينها من أحاسيس لايمكن لأي وصف أن يصورها، ولكي اقترب أكثر، لقد كنا حينها في مدرسة الضالع وفي القسم الداخلي نتفاعل مع أناشيد الثورة الحماسية، لمحمد مرشد ناجي والسنيدار والحارثي ومحمد سعد عبدالله وغيرهم، وكم كانت تهزنا نداءات المذيع عبدالله حمران وناصر السعيد التي تنادي إلى (السلاح ياعرب حضركم والبادية، تربصوا بهم قبل ان يتربصوا بكم)، نعم لقد كدنا أن نتوجه جميعاً نحن أبناء القسم الداخلي لمدرسة الضالع إلى شمال الوطن لتلبية النداء، حينها كنت في الصف الثالث ابتدائي وكان أخي الأكبر مني في الصف الأول متوسط عندما اكتشفناه هو وبعض زملائه، ممن هم في سنه وفي صفه في أحد تلك الأيام من شهر مارس عام 1963م وهم يتدارسون كيفية الهروب والتوجه إلى قعطبة للالتحاق بركب الجمهورية وحينما سمعناهم دخلنا عليهم غرفتهم وطلبنا منهم الانضمام إليهم لكي نهرب جميعاً إلا أنهم تظاهروا بعدم جدية ما كانوا يتحدثون به، وفي غفلة منا وبعد أسبوع تقريباً من ذلك اليوم تمكنوا من تنفيذ أمنيتهم وكان ذلك اليوم يوم جمعة حيث اختفى علينا كل من منصور سيف مقبل وعبداللطيف هادي والمرحوم راجح صالح الصلفوح وكلهم من ردفان، وفضل مطلق، من ذي حران الضالع ولم نعثر عليهم لا في المدينة ولا في القسم الداخلي، حينها فقط تأكد لنا أنهم قد توجهوا إلى قعطبة إلى أرض الجمهورية السبتمبرية ليعانقوا الجمهورية ويستنشقوا نسيم الحرية وقد استقبلوا استقبال الأبطال من قبل القيادة اليمنية في منطقة قعطبة التي كان حينها أحمد بن أحمد الكبسي متواجداً فيها مرحباً بهم وملاطفاً لهم «اهلا شياطين الجنوب».وعندما كان الوالد سيف مقبل، محتمياً في الجبال، مع مشائخ وعقال آل قطيب وبلغه اختفاء ابنه توجه فوراً من ردفان إلى مدينة الضالع ومنها إلى سناح حيث أرسل برسول إلى قائد منطقة قعطبة، بطلب الإذن بالدخول لمقابلته وفي صباح اليوم الثاني قابل المناضل الفقيد عباس الموشكي قائد منطقة قعطبة واخبره بان الطلبة الذين جاؤوا إلى قعطبة هاربين من الضالع هم من أبنائه كما أطلعه على الأوضاع في منطقة ردفان عموماً وبلاد القطيبي خصوصاً وتأييدهم للنظام الجمهوري وثورة 26 سبتمبر وقد وعده بالعودة مع مجاميع من أبناء ردفان وسمح بعودة أخي وزملائه برفقته حتى يطمئن عليهم أهاليهم.[c1]الحالة العامة في ردفان:[/c]نتيجة لقيام ثورة 26 سبتمبر وفي الأشهر الأخيرة من عام 1962م ومطلع عام 1963م باتت السلطات الاستعمارية، تدرك خطر قيام الثورة في شمال الوطن وآثارها على الأوضاع الاستعمارية في جنوب الوطن، كانت تنظر إلى منطقة ردفان بأنها ستكون المرشحة للمواجهة وذلك من واقع الخبرة التاريخية بهذه المنطقة ولما عرفت به من مقاومة مستمرة ومنذ امد طويل للسلطات الاستعمارية، فسارعت إلى دعوة مشائخ وعقال آل قطيب إلى عدن، وعلى اثر حوارات طالت دون طائل بهدف تأمين استقرار المنطقة وتحصينها من التطورات الجارية، فكانت محاولة تأسيس الإدارة المحلية وتثبيتها واحدة من الوسائل التي يؤمل منها تأمين استقرار المنطقة، إلا أن الوالد سيف مقبل وعدداً من الشخصيات كانوا يعارضون مثل قيام هذه الإدارة التي بدأت تتكشف لهم مساوئها من حيث اخضاع المنطقة ووضعها تحت النفوذ المباشر للسلطات الاستعمارية، ولهذا قدم الوالد سيف مقبل استقالته من اللجنة الزراعية وعضوية الاستئناف في شهر مارس 1963م، وعلى إثر هذه التطورات فقد أعدت السلطات الاستعمارية خطة لإثارة العديد من القضايا الهادفة إلى إدخال المنطقة في صراعات أكثر تعقيداً مما هو قائم بالفعل من فتن بين القبائل ولتشغلهم عن تطورات الأوضاع الجديدة بعد قيام ثورة 26 سبتمبر.وحينما لم تفلح السلطات الاستعمارية في تنفيذ هذه الخطة قررت هذه السلطة الاستعمارية ممثلة بالمعتمد البريطاني والمستشار «ميلن» والحكومة الاتحادية أن يتم اعتقال جميع مشائخ وعقال آل قطيب بمن فيهم الشيخ سيف حسن علي الذي كان رئيساً للإدارة المحلية، غير أن الأخ/ المرحوم حسين بن ناصر البعسي، الذي كان حينها مساعد المستشار السياسي البريطاني «ميلن» في الحبيلين والضالع ابلغهم بما تقرر بعد أن تحرك إليهم وهم في الشيخ عثمان وتحديداً في السيلة حيث كانوا ينوون المبيت هناك لحضور الاجتماع المقرر عقده في مدينة الاتحاد في اليوم التالي بناءً على دعوة المعتمد البريطاني، ولهذا وعلى الفور حزموا أمرهم جميعاً وتحركوا في نفس الليلة عائدين إلى ردفان واحتموا بالجبال البعيدة من مركز الحبيلين وبالتحديد في وادي التمري الذي اصبح مقراً للشيخ سيف حسن الأخرم والوالد سيف مقبل ومركز تجمع لمشائخ وعقال وأعيان آل قطيب.وفي هذه الأثناء وبينما كان أهل قطيب معتصمين في الجبال، وصل إلى المنطقة شخص يدعى الخضر أحمد صالح البيضاني، يتحدث اللهجة المصرية وأدعى بأنه مرسل من رئيس الجمهورية عبدالله السلال وأنه يعمل مع الجمهورية تابع استخبارات تعز تحت قيادة الأكوع، وأنه يريد معرفة أوضاع المنطقة وموقفهم من ثورة 26 سبتمبر، وهل لديهم استعداد للعمل ضد الاستعمار، وأن الرئيس عبدالله السلال والنظام الجمهوري، سيقف إلى جانبهم ولكن ساور المشائخ والعقال الشك حول حقيقة أمر هذا الرجل وطبيعة مهمته، لهذا حرر رسالة إلى قائد منطقة قعطبة لغرض التعريف بنفسه وموجودة بيدنا نسخة منها كتبت بخط يده بقلم رصاص وعليها توقيعه.وبعد ذلك أعدت رسالة موجهة إلى رئيس الجمهورية عبدالله السلال مضمونها تأييداً لثورة 26 سبتمبر وزعيمها السلال وأكدوا فيها استعدادهم لمناصرة الجمهورية ومقاومة الاستعمار البريطاني، ووقع عليها جميع من كان حاضراً من مشائخ وعقال وأعيان آل قطيب وعلى رأسهم الشيخ سيف حسن علي، وعلى اثر ذلك تحرك هذا الرجل وبرفقته أثنان من أبناء المنطقة لتأمين وصوله إلى مدينة قطعبة، ولكن بعد يومين وردت معلومات تفيد بأن «مصري العجمة» أي الخضر أحمد صالح البيضاني قد شوهد وهو يدخل مقر الضابط السياسي البريطاني في الضالع، وعلى إثر هذه المعلومات تسلم آل قطيب طلباً من وزير الداخلية لحكومة الاتحاد يبدي استعداده للقاء بهم اينما يريدون، وأثناء هذه الفترة وفي العشرة الأيام الأخيرة من إبريل 1963م التقى مشائخ آل قطيب في شعب «المشتر» بوادي المصراح لتدارس الموقف وأثناء هذا اللقاء حدد الوالد سيف مقبل موقفه من الوضع القائم بأنه قرر التحرك إلى شمال الوطن، ووقف الشيخ راجح غالب لبوزة وأعلن انضمامه إلى جانب الوالد وعلى ضوء هذا الموقف تفرق الجمع حيث تحرك راجح لبوزة عائداً إلى مسكنه في دبسان بعد أن اتفق هو والوالد سيف مقبل على التحرك في صباح اليوم التالي، وان يكون التحرك من جبل المعصرة حيث سيبيت الوالد وفي صباح اليوم التالي تم التحرك بالفعل متجهين إلى شمال الوطن وبرفقتهما مجموعة من آل قطيب وأثناء مرورهم بمنطقة ذي ردم مع قرب الظهر، حيث تقطن هذا الوادي قبيلتان متقاتلتان هما الداعري والمحلائي وقد نزل الوالد ومن معه من آل قطيب ضيوفاً على المناضل الفقيه الشيخ عبدالحميد بن ناجي المحلائي، في ذلك اليوم وقد سعى الوالد ومن معه من آل قطيب لعقد صلح بين قبيلة آل محلي وآل داعر وبالفعل تم عقد صلح بين القبيلتين في 22 ذي الحجة 1382هـ كما عقد صلحاً آخر بين آل عبده وآل الشيخ، وعلى إثر ذلك تحرك الوالد سيف مقبل ورفاقه من آل قطيب بعد أن انضم إليهم مجموعة من آل محلي وآل داعر وآل الدهرشي متوجهين إلى قطعبة وحالما وصلوا إلى قطعبة كان في استقبالهم قائد منطقة قعطبة المناضل عباس الموشكي وذلك في الأول من محرم عام 1383هـ .. كما التقى الوالد وصحبه المقدم أحمد بن أحمد الكبسي حيث تم ارسال هذه المجموعة إلى جبهة المحابشة بعد ان تم تسليحهم بضمانة الوالد سيف مقبل وتوجد بذلك ضمانة بين الوالد من الشيخ راجح غالب لبوزة والشيخ عبدالحميد ناجي المحلائي ومحررة بتاريخ 4 محرم 1383هـ ومعمدة من قبل القيادة اليمنية في اللواء ومن ضمنهم المقدم علي محمد السعيدي كما انضم إلى الدفعة هذه ثمانية أشخاص من الازارق على رأسهم الشيخ ناصر حسن وذلك بناء على طلبهم لتصدرهم للالتحاق بالشيخ سيف مقبل وكان ذلك في 10 يونيو 1963م وبهذا يكون عدد هذه الدفعة حوالي 116 مقاتلاً وبينما كان الوالد سيف مقبل القطيبي متوجهاً إلى المحابشة في مهمة بلغه بأن السلطات الاستعمارية قامت بتدمير منزله وتشريد أسرته ذلك عقاباً له على نشاطه ومناصرته لثورة 26 سبتمبر ويعتبر هذا العمل الهمجي، أول رد فعل على هذا النحو تتخذه السلطات الاستعمارية ضد الوالد سيف مقبل من بين كل الذين لبوا نداء الجمهورية سواء من أبناء المنطقة أو الجنوب بشكل عام، ولا نعتقد بأن هذا الفعل الإجرامي يفتقد إلى المغزى والدلالة التي رمت إليها بريطانيا بعملها هذا، والمنزل هذا مازالت آثاره قائمة وشاهدة حتى اليوم.وعلى أثر تلقي هذا النبأ عاد الوالد سيف مقبل من عبس في يوم 1963/6/26م، حيث طلب من قائد لواء الحديدة علي عبدالله السلال الإذن له بالعودة إلى تعز للاطمئنان على مصير الأسرة وأثناء تحركه إلى تعز ومن ثم إلى صنعاء كلف من قبل وزير الداخلية محمد الرعيني بإحضار المزيد من المقاتلين وعلى ضوء ذلك بعث بالوالد الأخ علي سيف مقبل إلى ردفان للاطمئنان على مصير الأسرة وفي نفس الوقت حمله رسائل إلى أبناء ردفان يدعوهم للدفاع عن ثورة 26 سبتمبر والنظام الجمهوري وقد لبى النداء عدد كبير من قبائل ردفان وحالمين والحوشبي، زاد عددهم عن 800 مقاتل وكان الوالد سيف مقبل هو المنسق والمسؤول الأول عن ترتيب هذه المجاميع وتنظيمها وتوجيهها إلى جبهات القتال بالاتفاق مع القيادة اليمنية وتوجد وثائق تؤكد هذا ومعمدة بتوقيعات وزير الحربية ووزير الداخلية، وقد كانت وجهة الدفعة الثانية حجة ومن بعدها دفعة ثالثة تم توجيهها إلى المحويت .. وبينما كان الوالد سيف مقبل في وداع الدفعة الأولى في تعز التي انتهت فترتها المحددة وهي في طريقها إلى ردفان كان حينها «الوالد سيف مقبل» يجهز الدفعة الثانية للتوجه إلى حجة، وأثناء توديع هذه الدفعة وتوديع المناضل الشيح راجح غالب لبوزة والشيخ عبدالحميد ناجي المحلائي اللذين هما على رأس هذه الدفعة تحدث إليهم الوالد سيف مقبل عن احتمالات ردود الفعل للسلطات الاستعمارية وكان رد الشيخ راجح حينها «اطمئن يا شيخ سيف والله بايصلك الخبر صافي» هذا القول جاء على لسان أحد المناضلين والذي كان حاضراً عندهم أثناء هذا الحديث وهذا المناضل هو الشيخ محمد فضل محمد العطفي من دفعة حجة وأحد الذين جرحوا فيها.[c1]انطلاقة ثورة 14 أكتوبر[/c]بينما كان ابناء ردفان في جبهات القتال في الشطر الشمالي من الوطن، لم يكن غائباً عن أذهانهم الدور الذي ينتظرهم في إطار عملية تحرير الجزء الآخر من الوطن، ولا نعتقد أن هناك أي مدع يدعي أنه كان يوجههم أو يوضح لهم قضيتهم الوطنية وبالذات في هذه الفترة الزمنية من النضال الوطني، ولا أدل على تحديد موقفهم ووضوح رؤيتهم من ذلك الخطاب الذي وجهه مناضلو ردفان الذين كانوا يؤدون واجبهم في حجة إلى نائب رئيس الجمهورية اللواء حسن العمري أثناء زيارته لحجة حيث ناشده أبناء ردفان وناشدوا رئيس الجمهورية عبدالله السلال بضرورة التعجيل في فتح مكتب للجبهة من أجل تحرير جنوب اليمن المحتل هذا الخطاب محرر بتاريخ 11 أكتوبر 1963م، وقد رد نائب رئيس الجمهورية حسن العمري بتوجيه في ظهر هذا الخطاب إلى وزير الداخلية محمد الرعيني ولم يمض على تقديم هذا الخطاب سوى بضعة أيام إلا وقد وصل إلى مسامع هؤلاء المناضلين نبأ استشهاد راجح غالب لبوزة وذلك في يوم 14 أكتوبر من عام 1963م وقد نفذ البطل ما وعد به حيث سقط شهيداً معلناً انطلاق الثورة على الاستعمار البريطاني وأعوانه.لقد كان وقع نبأ استشهاد راجح غالب لبوزة على الوالد سيف مقبل مؤثراً ومؤلماً، لاسيما وأنه كان يعرف هذا الرجل وممن كان يثق بهم وتربطه به علاقة حميمة منذ زمن طويل، وكانت لهما مواقف مشتركة ومشهودة قبل هذا وقد عز عليه فقدان أحد رفاقه وأحد الرجال ممن كان يمكن الاعتماد عليهم عند المهمات الصعبة. وفي ضوء هذه التطورات تداول الوالد سيف مقبل الوضع مع كل من الأخ محمد الرعيني وزير الداخلية والأخ/ أحمد بن أحمد الكبسي قائد لواء إب في أهمية وضرورة عودته إلى ردفان حيث تم صرف خمسة صناديق ذخيرة وعدد من القنابل اليدوية من مستودعات إب بهدف مواصلة الثورة في ردفان، ووعد الوالد بمزيد من الدعم فيما بعد، وعند عودته اصطحب معه 25 مقاتلاً من دفعة حجة، منهم المناضل الشيخ عثمان بن محسن حسين الجبراني وصالح محسن الوحدي وثابت حسن الحقبي وحسين قائد وآخرون لايتسع المجال لذكرهم ولم يكد شهر أكتوبر يشارف على الانتهاء إلا والوالد سيف مقبل قد وصل إلى ردفان وسط جو مشحون بالتوتر والترقب، وبينما كان في طريقه إلى منطقة القطيبي ماراً بوادي ذي ردم استقبله المناضل الشيخ محمود ناصر الداعري وأصر على أن ينزل ضيفاً عليه ولكن الوالد كان يقدر مخاطر هذه الاستضافة وما يمكن أن يصدر بسببها من ردود فعل من قبل السلطات الاستعمارية ضد الشيخ محمود ناصر وقبيلته وقد اوضحها للشيخ محمود ناصر ومع ذلك اصر على الوالد معبراً عن استعداده لتقبل أي نتائج تترتب على نزول الوالد ضيفاً واقامته عنده قائلاً: «عسى لايبقى من الدار حجر» وبعد ذلك قام باستضافته المناضل قاسم الزومحي وكذا الشيخ عبدالحميد بن ناجي المحلائي ولكنه ظل وأسرته مقيماً في بيت الشيخ المناضل محمود ناصر. وفي يوم 6 نوفمبر 1963م تسلمت قبيلة آل داعر إنذارا من مساعد المستشار الثاني في الحبيلين تنذرهم حكومته بأن يرفعوا الشيخ سيف مقبل من حدودهم مالم فإنها سوف تتخذ الإجراءات وفي ضوء هذا الإنذار تشاور أهل داعر وأهل محلي واتفقوا على أن يكون موقفهم موحداً وأن يكون الرد مشتركاً وبالتنسيق مع الوالد سيف مقبل بمضمون الرد حيث ابلغوا السلطات البريطانية بأنهم مسؤولون ضامنون عن أية عمال يقوم بها الشيخ سيف مقبل ضد الحكومة أثناء تواجده في حدودهم، وأنهم سوف يبلغونهم عند مغادرته لمنطقتهم وحينها لايتحملون المسؤولية، واستطاع الوالد سيف مقبل بالتعاون مع آل داعر وآل محلي تمرير هذه الخطة على السلطات الاستعمارية والتي مكنت الوالد سيف مقبل أثناء إقامته في قرية وادي ذي ردم التي جعل منها مقراً له خلال فترة تحركه من طلب الإصلاح بين قبائل ردفان التي كانت تطحنها الحروب القبلية والثأرات، علماً بأن السلطات الاستعمارية والاستخبارات السرية البريطانية كانت ترصد تحركات الوالد ونشاطاته أولاً بأول، منذ تحركه من حجة «كتاب التاريخ العسكري لمؤلفه سلطان ناجي صفحة «274 إلى 277» وبخصوص الإصلاح توجد نماذج من هذا الإصلاح بأيدينا وكذلك كتاب ثورة 26 سبتمبر دراسات وشهادات للتاريخ الكتاب الثالث بمناسبة الذكرى الثلاثين لثورة «سبتمبر» إعداد مركز الدراسات والبحوث اليمني نسخة ضمن التقارير السرية باللغة الانجليزية من «ص 91 إلى ص 93 « هذا وكان الوالد قد أبلغ المقدم أحمد أبن أحمد الكبسي في برقية بمسعاه هذا بين قبائل ردفان وأنه بدأ العمل ضد مركز السلطات الاستعمارية، وبعد أن أكمل الوالد سيف مقبل مهمته في طلب الإصلاح وخلق الظروف المناسبة لتوحيد الصف بين أبناء قبائل ردفان لكي تتوجه البندقية نحو العدو الحقيقي رحل الوالد سيف مقبل أسرته إلى قطعبة يرافقهم محمد سالم الفضل أحد الأقارب وفضل عبدالكريم الداعري وذلك بتاريخ 12 ديسمبر 63م وقبلهم بيوم رحل الأخ صالح سيف مقبل وبرفقته الشيخ مقبل صالح الداعري وصالح الحداد عائلاتهم إلى قعطبة لإجراء الترتيبات اللازمة لتسكينهم هناك، ولكي يبقى الأخ صالح هناك، همزة وصل بين القيادة اليمنية بينما انتقل الوالد سيف مقبل من ذي ردم إلى وحدة في تاريخ 11 ديسمبر بعد أن طلب من آل داعر وآل محلي إبلاغ السلطات الاستعمارية بتحركه إلى خارج حدودهم وإخلاء طرفهم من أية مسؤولية من بعد ذلك التاريخ بحسب الخطة المتفق عليها رتب لقاء بالمقاتلين في ديسمبر 1963م ووزع عليهم الذخيرة وقسمت مجاميع المقاتلين إلى دفعتين منها دفعة تقوم بمهاجمة مراكز ومرابض السلطات الاستعمارية في الحبيلين والثمير، والأخرى بمهاجمة القوات البريطانية في الطريق التي تربط بين عدن والضالع واستمرت عمليات المواجهة ليل نهار من تاريخ 1963/12/12م وتصاعدت هذه المواجهة مما دفع السلطات الاستعمارية إلى الاستعانة بمزيد من قواتها بهدف السيطرة على الوضع ولكنها فشلت في كافة محاولاتها، راجع التقارير السرية الاستخباراتية التي تناولت سير عمليات المواجهة خلال هذه الفترة وكذلك «كتاب التاريخ العسكري» لسلطان ناجي وكذلك المنشورات والانذارات التي كانت ترميها بريطانيا على منطقة ردفان، وكذلك البرقيات التي كانت ترفع إلى القيادة اليمنية عن سير العمليات وطلب الإغاثة بذخيرة وقنابل والغام، وكذلك أولى البرقيات التي أذيعت من صنعاء التي تستنكر الاعتداءات البريطانية على قبائل ردفان وتحيي نضالهم وصمودهم والتي كان قد ورد فيها التأكيد بالنص على مواصلة النضال حتى النصر. لقد كان الأخ صالح سيف همزة الوصل بالقيادة اليمنية وكانت كل هذه البرقيات والتقارير التي كانت تأتي من أرض المعركة في ردفان تبلغ أولاً بأول إلى وجهتها وتحت إلحاح طلب الاستغاثة من الثوار في ردفان تحرك الأخ صالح سيف من قطعبة إلى إب حيث التقى بقائد اللواء أحمد بن أحمد الكبسي وأطلعه على خطورة الوضع هناك والحاجة الماسة للدعم وبالذات في هذه المرحلة الصعبة التي يواجه فيها أبناء ردفان لوحدهم قصف الطائرات والمدافع والدبابات وبإمكانياتهم المحدودة وسلاحهم التقليدي البندقية وقليل من القنابل اليدوية وحينها أفاد المقدم أحمد بن أحمد الكبسي بأنه متوجه إلى صنعاء ووجه الأخ صالح سيف بأن يتحرك إلى تعز للقاء بالمقدم «صفوت» في القيادة العربية المصرية ووضعه في الصورة عن الوضع في ردفان وحاجتهم هناك للدعم على أن يعود الأخ صالح إليه بعد عودته من صنعاء وإبلاغه بما يتوصل إليه مع القيادة المصرية في تعز.وبالفعل تحرك الأخ صالح سيف من إب إلى تعز والتقى بالمقدم صفوت واثناء لقائه هذا حدد له موعداً للحضور في اليوم التالي في مبنى دار الضيافة في تعز الساعة الثامنة مساءً وحينما حضر الأخ صالح سيف مقبل بحسب الموعد إلى دار الضيافة وجد هناك عدداً من الأخوة من أبناء الجنوب وهم قحطان الشعبي، عبدالله المجعلي، ناصر علوي السقاف، محمد علي الصماتي، بخيت مليط، بالليل بن راجح غالب لبوزة، عبدالقوي بن ناجي المحلائي، محمد صالح الضنبري وآخرون لاتسعف الذاكرة، بأسمائهم واجتمع بالحاضرين الرائد فخري عامر من القيادة العربية المصرية بتعز، وقد ابلغهم في هذا الاجتماع بقوله: إننا نهنئكم يا أبناء ردفان خاصة والجنوب عامة بأن الزعيم جمال عبدالناصر قد اتخذ قراراً بدعم الثورة في ردفان وقدم قضية الجنوب قبل القضية الفلسطينية، وان لدى القيادة العربية المصرية كمية من الذخائر وهي مائة ألف طلقة وأربعون بندقية خشبية وقنابل يدوية والغام ورشاشا «برن» كدفعة أولى لدعم الثورة في ردفان، وسوف يتواصل الدعم، وعلى أن تعقد دورة تدريبية على كيفية استخدام الألغام، وهذا ما تم بالفعل بالتدرب عليها، وكان ذلك في موقع تابع للقيادة العربية في تعز، ومن ضمن الذين تدربوا كان صالح سيف مقبل، بالليل بن راجح وآخرون من المقاتلين في تعز.وفي عشية أول يوم من رمضان في عام 1383هـ وصل الوالد سيف مقبل إلى تعز عن طريق ماوية قادماً من أرض المعركة وفور وصوله التقى المقدم صفوت في القيادة المصرية الذي وضعه في الصورة حول ما جرى خلال تواجده في ردفان خلال هذا اللقاء طرح صفوت على الوالد سيف مقبل رؤية القيادة العربية المصرية حول مستقبل العمل المسلح اللاحق ضد الانجليز من خلال عملية الإشراف المباشر من قبلهم، كما أبلغ الوالد عن ترتيبات جديدة لقيادة العمل في ردفان وفق التشكيل القبلي، لكل قبيلة شخص منها مسؤول عنها، وأنه بالنسبة لأهل قطيب فإنه سيكون الشيخ سيف مقبل وابن الشهيد/ راجح غالب لبوزة وأنهم يفضلون التحرك فوراً من تعز في اليوم التالي، أي اليوم الثاني من رمضان لغرض نقل العتاد إلى قعطبة وإيصاله إلى أرض المعركة في ردفان، على أن يكون التحرك سراً دون معرفة القيادة اليمنية وكان الوالد سيف مقبل قد تحفظ على هذه النقطة بالذات، ونتيجة لذلك فقد ابلغ الوالد بأنه بحاجة للراحة حالياً على أن يكلف أحد أبنائه للعودة إلى ردفان بحسب الترتيبات الجديدة وقد كلف عبدالله المجعلي بأن يكون المشرف على جبهة ردفان، وأن يكون اتصاله المباشر بالقيادة المصرية، وعلى ضوء ذلك تحرك بعض من الحاضرين من أبناء ردفان لإحضار مجاميع تتكفل بنقل العتاد والدعم المشار إليه سابقاً، وتوجه الوالد إلى قعطبة حيث كان في استقبالهم هناك، وتكليف مجموعة لترتيب وسائل النقل «الجمال» على أن يكون تجمع كل المجاميع المكلفة خلف قرية شخب ناحية قعطبة، وتكليف قحطان الشعبي وصالح سيف مقبل وعبدالله المجعلي وفخري عامر بنقل العتاد من تعز إلى شخب الموقع المحدد للتجمع فيه، وفي نفس المكان وبالوقت المحدد تقريباً من اليوم الثالث من رمضان حضر المكلفون جميعاً، وأثناء تواجدهم تم تبادل الرأي حول تحديد مواقع القيادة لكل مجموعة بحسب الترتيبات الجديدة وحصلت تباينات وفي الأخير تم الاتفاق على أن تكون القيادة في «دبسان» وعلى أن يكون الانطلاق من هناك، ولكن تعذر نقل المعدات على الجمال وتم نقل البعض منها بواسطة الأفراد وتوجهت المجاميع إلى ردفان، وكان من ضمنهم الأخوة المناضلون قاسم الزومحي وسعيد صالح ومحمود ناصر الداعري وصالح محسن الواحدي ومحمد صالح الضنبري وعبدالحميد بن ناجي المحلائي وعبدالقوي بن ناجي المحلائي ومحمود عبدالكريم البكري وحنش ثابت ومحمد ثابت الخبجي وبالليل بن راجح لبوزة وعلي سيف مقبل ومحمد عبدالله المجعلي وأحمد عوض مشقفه من أبناء دثينة وقاسم حسين وصالح حسين وقائد علي وغيرهم، بينما بقي الاخوة قحطان الشعبي وعبدالله المجعلي والاخ صالح سيف والوالد سيف مقبل وفخري عامر الذين توجهوا برفقة الوالد إلى منزله في دار النشر «حُمر» ناحية قعطبة .. وفي ساعة متأخرة من الليل أتى الأخ قائد منطقة قعطبة المقدم/ عباس الموشكي والتقى بالوالد وبالأخير قحطان الشعبي وفخري عامر والمجعلي ووجه إليهم عتاباً لعدم علمه بهذه التحركات التي كان يفترض أن يكون في الصورة من أجل اتخاذ التدابير الاحترازية مع استعدادهم لتقديم التسهيلات والدعم للثورة، ومن ثم اصطحب معه فخري عامر وقحطان الشعبي والمجعلي إلى دار الضيافة في قعطبة، وبعد عيد الفطر أتى عبدالله المجعلي ليبلغ الوالد بأنه استلم رسالة من أخيه محمد عبدالله المجعلي، يفيد فيها بأنهم يواجهون صعوبة هو ورفاقه من اجل مواصلة العمل في ردفان وطلب من الوالد أن يتحرك إلى ردفان وقد أبدى الوالد استعداده للتحرك المطلوب، واتفقا على أن يلتقيا في قعطبة في اليوم التالي لإبلاغ القيادة اليمنية في لواء إب والقيادة المصرية في لواء تعز بذلك ولكن الأخ المجعلي طلب من القيادة المصرية الأذن وتحرك مباشرة إلى تعز دون أن يتم ما اتفقا عليه ولكن وعلى الرغم من الصعوبات والمعوقات إلا ان الثورة التي انطلقت من جبال ردفان الشماء هي في الحقيقة قد اصبحت أمراً واقعاً وأهم ما يميزها أنها قامت بجهود وإرادة يمنية صرفة، وتحمل أبناء ردفان من أجلها عبئاً كبيراً وتضحيات جساماً وتحولت كامل منطقة ردفان إلى ساحة حرب وأعلنت كمنطقة عسكرية يمنع الدخول إليها إلا بإذن.ونتيجة لذلك تشرد الشيوخ والنساء والأطفال ودمرت القرى وأحرقت المزارع وأتلفت الممتلكات وصاروا مشردين في يافع وأبين وحالمين وغيرها من المناطق المجاورة.والوالد سيف مقبل ظل هو الآخر تتابعه السلطات الاستعمارية للانتقام منه وقد أحبطت عدة مؤامرات كانت تستهدفه هو وأسرته ولم تتوقف هذه المحاولات حتى قبيل الاستقلال ومنها محاولة تفجير منزله الكائن في قعطبة، وقد أحبطت واحدة منها في ظل قيادة الأخ علي محمد السعيدي لمنطقة قعطبة.