الشيخ على ناصر القردعي ، من الشخصيات اليمنية الهامة التي كان لها دور خطير وفعال في أحداث ثور 1948م أو الحركة الدستورية الذي يحب البعض أنّ يطلق عليها والتي أطاحت بالإمام يحيى الذي حكم اليمن 44عامًا ( 1904ــ 1948م ) حيث عزل اليمن سياسيًا ، ونشر الخوف والرعب في مملكته . وكان دور علي ناصر القردعي في الثورة الرئيس هو اغتيال الإمام يحيى. وعلى أية حال ، تمكن على ناصر القردعي من اغتيال الإمام يحيى وهو عائد من الروضة يتفقد أملاكه. وكان من الضروري أنّ ينجح القردعي في مهمته الخطيرة لكون ابن الإمام يحيى أحمد ولي العهد حينذاك في تعز ، قد أعلن إعلاناً كاذباً أنّ والده اغتيل ، مما ساعد الإمام يحيى على كشف الكثير من رموز الثورة الدستورية ، وكاد يتم القضاء عليهم كلية ، وكان هناك سباق محموم بين أحرار الثورة الدستورية ( ثورة 48م ) و الإمام يحيى . وعلى أية حال ، تمكن الشيخ القردعي من اغتيال الإمام يحيى في السابع عشر من فبراير سنة 1948م . بعد أنّ وضع له كميناً في الطريق المؤدي إلى قصره في دار السعادة في صنعاء قادمًا من الروضة خارج صنعاء ـــ كما قلنا سابقاً ـــ وكان اغتيال الإمام يحيى يعني ساعة الصفر لانطلاق الثورة ضد نظام أركانه والقضاء عليهم . وتوالت بعد ذلك الأحداث الدراماتيكية وتمكن الإمام أحمد أنّ يطفأ نار الثورة الدستورية وذلك بسبب الظروف السياسية والموضوعية التي لم تختمر بعد في تلك الفترة من تاريخ اليمن ، ولكن جمرات النار كانت تتأجج تحت الرماد ، مثل حركة المقدم أحمد الثلايا سنة 1955م ، و كادت تقضي على الإمام أحمد في تعز ولكنها لم يكتب لها النجاح . ومحاولة اغتيال الإمام أحمد في الحديدة على يد الشهيد العلفي . وأخيرًا بزوغ أنوار فجر الحرية على اليمن في السادس والعشرين من سبتمبر سنة 1962م .[c1]القردعي ومقارعة الإمام يحيى[/c]ولسنا نبالغ ، إذا قلنا إنّ الكثير والكثير جدًا من جيلنا اليمني ، جيل الوحدة لا يعرف عن تاريخ الشيخ على ناصر القردعي وذلك بسبب أنّ التاريخ كثيرًا ما يغفل دور شخصيات كان لها اليد الطولى في صناعة أحداث التاريخ اليمني الحديث والمعاصر أمثال القردعي أحيانًا سهوًا غير متعمد ، وأحيانًا أخرى سهوًا متعمدًا . وكيفما كان الأمر ، لقد ذكرت الروايات التاريخية أنّ الشيخ على ناصر القردعي كان شيخ منطقة حريب ، وكان شجاعًا ، مهابًا ، عادلاً ، يكره الظلم ، والظالمين ، لا يخشى في الحق لومة لائم ، وكان غير راضىٍ عن سياسة الإمام يحيى القمعية إزاء الشعب . وهذا ما أكده علي بن علي صبرة أحد رواد الأحرار اليمنيين ، فيقول : “ كان رحمه الله ( أي القردعي ) من رجال مراد ( أحدى القبائل اليمنية المعروفة ببأسها ) المعدودين شجاعة ، وفصاحة وصراحة ، ورجاحة عقل ، وقوة حجة ، انتقد الوضع بعدة قصائد ، كان فيها يستثير الهمم ، ويذكي المشاعر ، وينبه القبائل إلى خدعة الإمامة وأسلوب الأئمة في إغراء بعضها ببعض ، وشغلها بالخلافات والحروب الأهلية ، وكان يقصد لحل كل الخلافات “. وكان من الطبيعي أنّ تثير شخصية قوية مثل علي ناصر القردعي الخوف والفزع الكبيرين في نفس الإمام يحيى ، فعمل الأخير على التخلص من الشيخ القردعي بنسج المؤامرات والمكائد ولكن كل محاولته تلك باءت بالفشل لالتفاف الناس حوله ، ولم يجد الإمام يحيى سوى الحل العسكري للقضاء على تلك الشخصية صعبة المراس التي كانت تؤرق جانبه وتهدد أركان نظامه . و في سنة 1929م دارت معارك عنيفة بين الشيخ على ناصر القردعي وأخيه أحمد والجيش الدفاعي ألإمامي بقيادة الشريف عبد الله الضمين الحمزي . وتمكن الشيخ القردعي أنّ يهزم قوات الإمام يحيى ، ويطردهم ، وأنّ يسيطر على كل المنطقة من بلاد الجوبة في الشمال إلى حريب بيحان في الجنوب . وكان ميزان المعركة يميل لصالح القردعي ولكن الخيانة والغدر لعبتا دورًا كبيرًا في إخماد ثور الشيخ القردعي . ومن جراء ذلك تم أسر الشيخ على ناصر القردعي ، وأخيه أحمد ، فالأول زج به في سجن صنعاء ، والأخير حكم عليه بالإعدام . [c1]القردعي و البريطانيون[/c]وفي أواخر صيف 1938م ، استدعى الإمام يحيى الشيخ القردعي من سجنه إلى قصره في دار السعادة بصنعاء . وطلب الإمام من القردعي أنّ يتوجه بحملة عسكرية إلى شبوة للسيطرة عليها قبل أنّ تطأ قدما بريطانيا عليها ، مقابل الإفراج عنه ، وتوقيف حكم الإعدام في أخيه “ وقد استطاع القردعي أنّ يجمع قوة مكونة من خمسمائة مقاتل . . . ورشاشنين تركيين قديمين لهذا الغرض . . وقد جاء معظم المقاتلين من قبيلة عبيدة في حريب، وتم لهم ذلك وسيطروا على شبوة بالفعل “ . وكان رد السلطات البريطانية في عدن قويًا وحازمًا إزاء سيطرة القردعي على شبوة والتي كانت تعتقد أنها غنية بالنفط . وتشير بعض الوثائق البريطانية أن قوات القردعي اشتبكت مع القوات البريطانية ببسالة نادرة بالرغم من تفوق الأخيرة في العدد والعدة ، واشتركت أيضاً الطائرات البريطانية في المعركة . ويشيد هاملتون الضابط السياسي قائد الحملة العسكرية البريطانية ببطولة وشجاعة ، وحنكة ، ومهارة علي ناصر القردعي في القتال . ولكن في الأخير ، انسحب القردعي من شبوة .[c1]القردعي يصافح الموت[/c] وألقى الإمام يحيى اللوم على القردعي بأنه هو السبب الرئيس في فقدان شبوة مما زجه مرة أخرى في غياهب سجونه الموحشة في صنعاء مما أوغر صدر علي ناصر القردعي من الإمام يحيى وصمم على تخليص الناس من ظلمه وبطشه ، وجوره . وبعد أنّ فشلت الثورة سيقت مواكب الأحرار إلى ساحة الموت الواحد تلو الأخر ، وكان من بينهم الشيخ علي ناصر القردعي الذي كان مثل زملائه الأحرار رابط الجأش ، قوي البأس ، يصافح الموت بابتسامة عريضة ومشرقة. ولقد رثى أخاه أحمد الذي قتله الإمام أحمد في سجن حجة الرهيب الذي لا ينام على ضيم ـــ على حد قول علي بن علي صبرة ــــ ، فيرثي ناصر القردعي أخاه أحمد . نقتطف منها بعض تلك الأبيات ، قائلاً : “ على ذي شل حمل الجبرا [c1] *** [/c]ما ظن غيره بحمله با يقوميا ذي قتلتوه ورا صلح البرا[c1] *** [/c]لا تأمنوه العمل عند الختومعلى ذي للجمالة يذكرا[c1] *** [/c]من تسعة أقسام له سبعة قسوم “ .ويذكر علي بن علي صبرة أنه عندما بلغت هذه القصيدة مسامع الإمام أحمد أمر بقتله على الفور ، ولكن أحد من زبانية الإمام أحمد لم يستطع زحزحته و إخراجه من السجن إلى ساحة الإعدام لقوة بأسه ، فقتلوه رميًا بالرصاص في زنزانته رحمه الله ، ورحم الله شهداء ثورة 48م الذين فجروا ثورة في أوضاع سياسية غاية في الصعوبة بغرض شروق شمس الحرية والكرامة والعزة, وأنّ يرتفع لواء إنسانية الإنسان اليمني على سهول ، ووديان ، وربى ، وجبال اليمن الخضراء .
|
تاريخ
علي ناصر القردعي
أخبار متعلقة