إن عظمة الأمم تقاس بمدى ما حققته من إنجازات ملموسة على أرض الواقع و ليس بالشعارات و أدبيات التنظير المختلفة ، و تعد المملكة العربية السعودية بحق متفردة في هذا الشأن بين نظيراتها من الدول الحديثة . فقد قيض الله سبحانه و تعالى لها قادة مخلصين من أبنائها منذ عهدالمؤسس الملك عبد العزيز الذين تم على أيـديهم ما نلمسه و نعيشه و ننعم به من استقرار و رخاء و أمان و نهضة تنموية شاملة في مناحي حياتنا الاقتصادية و الاجتماعية و الفكرية .و هنا بعض الجوانب التنموية الملموسة و التي تمثل النهضة الحديث للمملكة العربية السعودية : ـ[c1]الصناعة :[/c]أولت الدولة القطاع الصناعي أهمية كبيرة أسهمت إسهاما أساسيا بشكل واضح خلال خطط التنمية الخمس الماضية ، حيث ازدهر القطاع الصناعي ، و أكبر دليل على ذلك التطور تضاعف نسبة إسهام القطاع الصناعي في الناتج المحلى حيث كان ذلك الإسهام قبيل بداية خطة التنمية الأولى 1389هـ / 1969م لا يتجاوز 2.5% فقط بينما قفزت تلك النسبة لتصل في العام 1415هـ / إلى حوالي 50.4% ، و تعزى هذه القفزة في حصة النشاط الصناعي في الناتج الوطني إلى دعم الدولة لهذا القطاع ، و يتضح مدى ذلك الدعم فيما صرفته الدولة ولا تزال من قروض داعمة للنشاط الصناعي حيث أنشأت الدولة لهذا الغرض صندوق التنمية الصناعي السعودي الذي أسهم إسهاما أساسيا في دعم المشاريع الصناعية في القطاع الخاص ، و قد ارتفع الدعم الحكومي لتلك المشاريع الصناعية من 35 مليون ريال مع نهاية فترة خطة التنمية الأولى 1395هـ / 1974م إلى 19.49 بليـون ريال في العام 1415هـ / 1416هـ ، و قد استثمر هذا الدعم في إقامة مشاريع نهضة صناعية مذهلة إذ تضاعف رأس المال المستثمر في الصناعة إلى حوالي 55 ضعفا خلال الفترة من 1390هـ إلى 1415 ـ 1416هـ .[c1]التجارة :[/c]من البديهي أن هذا التطور و النمو الصناعي للمملكة العربية السعودية سينعكس إيجابا على التجارة سواء تجارة الصادرات أو الواردات ، فالمقارنةغير واردة أصلا بين الحركة التجارية في المملكة عند تأسيسها و ما وصلت له اليوم ، فقد تحولت التجارة في هذه البلاد من تجارة محدودة موسمية ( تعتمد بشكل كبير على موسم الحج مثلا ) إلى تجارة تقوم على أسس اقتصادية ثابتة هي بالأصح ثمرة لما وصلت إليه المملكة من تنمية شاملة في شتى المجالات الصناعية و الزراعية و البشرية ، و يلاحظ نمو الصادرات بشكل مضطرد في الخمس و العشرين سنة الماضية أي منذ بداية خطة التنمية الأولى ، فبينما كانت قيمتها في عام 1390ـ1391هـ 1970م حوالي (10.9) بليون ريال قفزت قيمتها في العام 1415هـ 1994م حوالي ( 159.6) بليون ريال ـ و هذا يؤكد حقيقة تحول المملكة من دولة مستوردة لمعظم احتياجاتها إلى دولة مكتفية ذاتيا ، بل و مصدرة للفائض عن ذلك الاحتياج في بعض السلع و المنتجات .[c1]الزراعة و الأمن الغذائي :[/c]حظيت الزراعة بنصيب وافر من رعاية و اهتمام الدولة بهذا القطاع الحيوي والإستراتيجي وإن ما تحقق في هذا المجال يعد إحدى العلامات البارزة التي تميزت بها التجربة التنموية السعودية بل بالأحرى أحد الإنجازات الخارقة التي أذهلت المراقبين و الدارسين و المتتبعين لماضيو حاضر هذه البلاد ، فقد استطاعت الدولة بتخطيطها السليم و استقرائها الناضج لمتطلبات العصر الحديث و بدعمها السخي لهذا القطاع و بما يشبه المعجزة تحويل الصحارى القاحلة المقفرة في قلب جزيرة العرب إلى جنة وارفة الظلال وفيرة الغلال و في زمن قياسي لا يتجاوز ربع القرن .و من مظاهر اهتمام الدولة و رعايتها لهذا القطاع إنشائها لوزارة الزراعة و المياه منذ بداية تأسيس المملكة العربية السعودية لتتولى مهمة التخطيط و التنفيذ للمشاريع الزراعية و المائية و قد قامت الدولة بإنشاء السدود و حفر الآبار الارتوازية و توزيع الأراضي على المزارعين و استصلاح الأراضي ثم جاءت وثبة الزراعة وقمة تطورها في عهد خادم الحرمين الشريفين ـيحفظه الله ـ عندما بدأت المملكة تطبق نظرية الاكتفاء الذاتي الغذائي خاصة من القمح و بعض المحاصيل الغذائية الأخرى و أقيمت المشروعات الزراعية الكبرى لذلك وأنشئت الشركات الزراعية ، وزاد الإنتاج و عم الازدهار الزراعي و الغذائي الكثير من مناطق المملكة .و قد أسست الدولة في عام 1392هـ /1972م المؤسسة العامة لصوامع الغلال و مطاحن الدقيق بهدف توفير جو من الاستقرار لأسعار الغلال .[c1]الرعاية الصحية :[/c]تسعى الدولة جاهدة إلى توفير الرعاية الصحية مجانا للمواطنين من خلال مستشفيات الـدولة التي تتولى إدارتها و تشغيلها وزارة الصحة و بعض الهيئات العلمية كالجامعات و مراكز الأبحاث ، و قد تطورت الخدمات و التجهيزات الصحية بالمملكة ، و ظهرت بشكل متميز في منطقةالشرق الأوسط كما أن هذه الخدمات أصبحت تضاهى مثيلاتها في الدول المتقدمة ، و قد حظي القطاع الصحي برعاية الدولة و اهتمامها فنالت الخدمات الصحية ما ناله غيرها من المرافق في المملكة من تطور و ازدهار ، فقد زاد عدد المستشفيات في المملكة من (47) مستشفى عام 1390هـ / 1970م إلى (175) مستشفى عام 1415ـ1416هـ / 1995م ، كما قفز عدد المراكز الصحية من ( 519) إلى (1725) مركزا في الفترة نفسها ، فيما زاد عدد الأطباء أيضا في الفترة المشار إليها من ( 789) إلى ( 15476)وتهتم الدولة حاليا بربط مستشفيات المملكة بالمستشفيات و المراكز الصحية العلمية بشبكة خاصة مـن الاتصالات التي يستطيع بواسطتها الأطباء السعوديون و الباحثون متابعة أعقـد وأدق العمليات و التعرف على أحدث التقنيات الطبية ، وقد حققت مستشفيات المملكة خاصة مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض و المستشفى العسكري ومستشفى الملك فهد تطوراً مذهلا في هذا المجال ، حيث أجريت بها وعلى أيدي أطباء سعوديين العديد من العمليات التي تكللت بالنجاح مثل عمليات القلب المفتوح و زراعة الكبد و غيرها من العمليات المعقدة .وفى مجال الرعاية الاجتماعية تولي الدولة جل اهتمامها للفئات الاجتماعية من المجتمع السعودي المحتاجة إلى ذلك ، و تقوم وزارة العمل و الشؤون الاجتماعية ممثلة في وكالة الوزارة للشؤون الاجتماعية بالدور الرئيسي في ذلك ، و يشمل نشاطها رعاية ذوى الظروف الخاصة من أبناء المجتمع السعودي كالعجزة و المسنين و الأيتام و المعاقين و الأحداث .
المملكة العربية السعودية بين الأمس واليوم 1-2
أخبار متعلقة