لم نتصور احداً من بني الآدميين لم يمر في لحظة صعبة ولم يواجه المتاعب .. كل منا نحن البني آدميين قد ذقنا مرارة هكذا مصاعب ، ولكن مع اختلافها من واحد إلى آخر وبحسب قدرات وتحمل كل إنسان ومدى حجمها هي الفيصل الحقيقي التي تضع وزرها على كاهل الإنسان .. لذا كان من الضروري المعاناة التي تولد القدرة على الصبر والتجلد وتضع الإنسان في خانة المجرب والقادر على حسم الأمور كونه قد خاض تجارب كثيرة صقلته وخبرته لذا سيظل مدى حياته يتعلم ويتعلم مادامت الحياة مستمرة ، وهذا يتضح كثيراً ، على أن اختياراتنا لم تكن في مستوى عال من الدقة وهذه حتمية مسلم بها ، كما أنها لم تكن محبطة بالشكل الذي يقلقنا ويجعلنا نتردد في تكرار الاختيار خصوصاً عندما نجد كفاءات يحتم علينا الدفع بها لتشق طريقها ونمد لها يد المساعدة حتى تثبت قدماها . من السهل أن نختار المسكن والملبس والمأكل ... الخ ، ولكن من الصعب بمكان التدقيق في اختيار الصديق او الصديقة والزوج أو الزوجة بمعنى أخر اختيار الإنسان للإنسان .. فأحياناً نعتقد أو بالأصح نكتشف مؤخراً أن اختيارنا طلع ( فشنج ) أي إن ما كنا نتوقعه لم يكن في الحسبان . إذن لم يأت من فراغ المثل القائل ( البحر يقايس لكن الإنسان ماله قياس ) .. هنا هل نستطيع أن ندقق في الاختيار ؟ .. المسألة نسبية ، قد ننجح في ذلك وممكن لا .. فكلا الاحتمالين وارد الحدوث .. لكن في مسألة أخرى تدخل في نفس الإطار الا وهي ترابط المصالح التي وان عملت على التوفيق بين الاثنين فالمسألة هنا تكون مرتبطة بعامل الزمن أي انها مسألة وقت لا غير وعند انتهاء هذه المصلحة يفترقان لأتفه الأسباب ، وكأن شيئاً لم يكن ، فالحياة مليئة بالمتناقضات ، وعلينا الا تستسلم لها . كل شيء محتمل حدوثه ، المهم ، أننا لم نتوقف في البحث والتنقيب عن إنسان آخر يكون أكثر قرباً من العقل والفؤاد ، واعتقد أن هذه تجربة إنسانية خاضها الكثيرون وترتبط أساساً بالعواطف ، كثيرون يرددون أن هذا التوافق مرتبط بالله سبحانه وتعالى – وهذا لا ريب فيه ولا جدل - لكن آخرون يقولون المسألة علمياً مرتبطة بالكروموزومات التي هي السبب في هذا التوافق . إذن هذه الأحاسيس والعواطف تصدر إشارة تحديد ما نختاره وهما تحددان هذا الارتباط بذاك الرجل أولئك المرأة بإشارة إلى المخ ، وتبدأ العملية تشتغل في كل الاتجاهات لتفحص الشخص الأخر وكل عضو في الجسم يقوم بمهامه على أكمل وجه ، وهذه عملية كلنا على دراية بها .. فالعلماء إلى هذه اللحظة لم يستطيعوا زرع أحاسيس في الإنسان الآلي .. رغم إنهم قاموا بمحاولات استنساخ الإنسان إلا إنهم واجهوا مشكلة في طبيعة تبدل الأحاسيس .. ووجدوا من الصعب توجيه الأحاسيس أو تجزئتها أو تملكها .. فإحساس المسؤول بالمسؤولية تجاه موظفيه ، والأب وألام تجاه أبنائهما هي بحد ذاتها إحساس بالمسؤولية .. إذن الأحاسيس لا يمكن زرعها او غرسها في النفس البشرية ، وهذا متفق عليه .ومن هذا المنطلق يتضح لنا جلياً أن عملية الاختيار لا تأتي إلا بعد أن نرى بأم أعيننا ونحس بأحقية واستحقاق هذا الإنسان في أن ينال ثقتنا ويكون قريباً جداً منا من خلال ما يترجمه من أعمال وأفعال تجعله ينال هذا الارتباط والتوافق مما يؤكد إن اختيارنا صحيح .. لكن في الأخير الاستمرار في هذا الارتباط قد يكون دائماً ، وقد ينقطع ، قد تقولون الثقة المفرطة بالنفس يولد كبرياء عند الإنسان في عدم اعترافه بصواب الاختيار ، صحيح إن المسؤولية تقع في المقام الأول عليه ، لكن اعتقد يجب أن نحمل الشخص المختار المسؤولية أيضاً كونه لم يتحمل الأمانة بصدقية وإخلاص ، وعمل على الفكاك بدلاً من الارتباط ، وهنا نتحدث حول جميع العلاقات والارتباطات أكانت اجتماعية أو مهنية .. الخ .إذن نستخلص من أن الحياة مستمرة رغم هذه المنغصات والمطبات أو كما سميناها مسبقاً المتناقضات والتي يقع فيها الكثيرون والتي يجب تجاوزها على أن تضع كل الاحتمالات في الحسبان .
|
تقرير
الإختيار الصعب
أخبار متعلقة