منبر التراث
[c1]مع الراحل محمد قائد سيف[/c]من فترة ليست قصيرة أتاحت لي الفرصة الثمينة أنّ أجري حديثاً صحفياً في مع اللواء الراحل محمد قائد سيف في صحيفة " 14 أكتوبر " وذلك بعد إلحاح منى ويعتبر ــ رحمه الله ــ من رواد الثورة اليمنية ، وكان اللواء المناضل محمد قائد سيف من الشخصيات المتواضعة التي ترفض الكلام عن دورها الحافل في الثورة اليمنية . وعلى أية حال نشر الحديث الصحفي على حلقتين . فتحدث فيهما عن بدايات نشاطه السياسي في القاهرة ، وكيف دخل الكلية الحربية بمساعدة أحد الأصدقاء في صنعاء دون علم الإمام أحمد . وعندما عاد إلى صنعاء ، أهملته السلطات الإمامية متعمدة ، ولم تسند له أية منصب في الجيش اليمني كل تلك الأمور حركة في نفسه مشاعر الغضب والسخط والثورة تجاه النظام الإمامي المستبد الذي عزل اليمن سياسياً . [c1]حركة الثلايا [/c]وتطرق اللواء المناضل محمد قائد سيف في حديثه الصحفي إلى أهم محطة من محطاته السياسية وهي حركة الثلايا التي ترأسها المقدم أحمد الثلايا الشاب والشجاع والمخلص لوطنه الذي كان يشعر بالمرارة والألم الكبيرين وهما يمزقان قلبه . ويصفه محمد قائد سيف المقدم أحمد الثلايا عندما التقى معه في الثكنة العسكرية في تعز ، قائلاً بما معناه : " بأنه كان من الشخصيات القيادية التي تجذبك صفاتها الحميدة ، فقد كان يمتلئ حماسة ، وشجاعة منقطعة النظير ، وكان يحمل في ثنايا قلبه حب كبير و عاطفة جياشة متدفقة لوطنه ولأمته " ويمضي في حديثه ، قائلاً : " وكان أحمد الثلايا من التلاميذ المخلصين للشهيد البطل العراقي جمال جميل القائد في المدرسة الحربية ، وقائد سلاح المدفعية ، والمشرف على الجيش المظفر في اليمن والذي ضحى بحياته من أجل أنّ ترتفع راية الحرية على جبال ، وسهول ، ووديان اليمن " . ومن الأسرار الجديدة والمثيرة الذي أماط عنها الراحل محمد قائد سيف ـــ رحمه الله ـــ وهي أنه عندما بدأت بوادر فشل حركة الثلايا بإقصاء الإمام أحمد عن كرسي الحكم تلوح في الأفق . فقد طلب الكثير من أصدقاء المقدم الشهيد أحمد الثلايا وعلى رأسهم محمد قائد سيف بضرورة الهروب من تعز إلى عدن لأن الفرصة سانحة . ولكن المقدم الشجاع أحمد الثلايا رفض ذلك بإباء عجيب ، وفضل مصافحة الموت على مصافحة الحياة ، فقضي نحبه في ميدان الشرف والكرامة والعزة , وكانت ترتسم على محياه ابتسامة عذبة ، وفي عينيه إرادة صلبه وهو يتلقى ضربة سيف سياف الإمام أحمد الطاغية لتنزع رأسه من عنقه . ويروي اللواء محمد قائد سيف قصة أخرى تدل على شجاعة ورباطة جأش الشهيد أحمد الثلايا ، فقد أمر الثلايا الملازم الشاب محمد قائد السيف الفرار إلى عدن وترك عدن في الحال . وشعر الشاب محمد قائد سيف ، كيف كان المقدم أحمد الثلايا شجاعاً يخشى على حياة الآخرين في أصعب الظروف واحلكها ، وكيف غطت الدموع وجهه, وما كان من الشهيد البطل الثلايا أنّ ضمه إلى صدره ، وقال له ـــ والابتسامة العريضة لا تفارق وجهه ـــ : " هذا أمر عسكري يجب أنّ تنفذه في الحال " . وعندما كان يروي اللواء محمد قائد سيف الوداع الأخير بالمقدم الشهيد أحمد الثلايا ، لفت نظري ، سحابة حزن مرت على وجهه , وتلألأت في عينيه دموع كأنها ترثي ذلك الشهيد المقدم أحمد الثلايا . [c1]مع عبد الناصر[/c]وتحدث أيضاً اللواء محمد قائد سيف عن دوره هو ورفاق دربه في الأعداد للثورة الخالدة التي زلزلت عرش الإمامة في اليمن إلى الأبد . وكيف جرى لقاءاً مع مدير المخابرات صلاح النصر قبل الثورة بفترة ليست طويلة ، ونصحهم بعد القيام بحركة انقلابية ضد الإمام البدر الذي تولى جلس على كرسي الحكم بدلاً من أبيه الإمام أحمد . وكيف التقى بالرئيس جمال عبد الناصر الذي استمع جيداً له ولرفاقه، بأنهم يعدون العدة للقيام بانقلاب ضد الإمام البدر الحالي ، وكان الرئيس مستمعاً جيداً ــــ على حد تعبير قائد محمد سيف ـــ ولقد خرج هو رفاقه من منزل الرئيس عبد الناصر الكائن في منشية البكري في وقت متأخر من الليل ، وكيف كان هواء عليل مصر ينعشهم ، ويرسخ في نفوسهم بأنهم هم الغالبون أنّ مصر ــ عبد الناصر ستقف معهم بكل قوة عندما تدق ساعة الثورة . [c1]كتاب تاريخي قيم[/c]وخلاصة القول ، ونرجو من أسرة محمد قائد سيف الكريمة , وأشقاءه أنّ يسجلوا تاريخ حياة اللواء المناضل الراحل محمد قائد سيف في الثورة اليمنية المجيدة في كتاب تاريخي بكل معنى لهذه الكلمة , فتاريخ المناضل اللواء محمد قائد سيف هو ملك تاريخ اليمن جمعاء وبذلك يطلع ويتعرف الجيل الجديد على تاريخ رواد الثورة اليمنية ومن بينهم الراحل محمد قائد سيف . وأنني أكاد أجزم أنّ ذلك الكتاب القيم سيخرج إلى حيز الوجود في المستقبل القريب . رحم الله اللواء المناضل محمد قائد سيف رحمة واسعة وأسكنه جناته الفسيحة ، وألهم أهله الصبر والسلوان ، إنّ لله وإن إليه راجعون .