صنعاء / سبأ :كشفت دراسة حكومية حديثة أن معظم فئات النوع الاجتماعي تتعرض للعنف وأن الاختلاف يكمن في نسب العنف وأماكن انتشاره وأشكاله.وأشارت الدراسة التي أعدها مركز أبحاث ودراسات النوع الاجتماعي بجامعة صنعاء ومركز المرأة للبحوث والتدريب بجامعة عدن بالتعاون مع اللجنة الوطنية للمرأة إلى أن الأطفال الذكور هم الفئة الأكثر تعرضا للعنف الجنسي والعنف الجسدي بنسبة 7ر82 بالمائة، 1 ر 90 بالمائة .وأظهرت الدراسة أن 2 ر 72 بالمائة من الفتيات تعرضن للعنف الجنسي و 8 ر 64 بالمائة تعرضن للعنف الجسدي وأن فئة النساء جاءت في المرتبة الأولى من حيث التعرض للعنف النفسي بنسبة 66 بالمائة.وفسرت الدراسة من وجهة نظر العينة المبحوثة من أمانة العاصمة ومديريتين من ست محافظات، الأسباب التي تؤدي إلى العنف الجنسي وإلى غياب التوعية لتلك الفئات حول كيفية حماية نفسها من الاعتداء الجنسي والجسدي من قبل الكبار.وأظهرت الدراسة أن الأكثر ممارسة للعنف القائم على أساس النوع الاجتماعي هم الذكور بنسبة 3 ر 81 بالمائة للعنف النفسي، و 5 ر 64 بالمائة للعنف الجسدي كالعض والضرب، 7 ر 86 بالمائة للعنف كمحاولة القتل والحرق و9 ر 83 بالمائة للتحرش والملامسة و 4 ر 87 بالمائة للاختطاف والاغتصاب.في حين رأت العينة المبحوثة أن نسبة ممارسة الإناث للعنف النفسي 3 ر 12 بالمائة، والعنف الجسدي بنسبة 9 ر 11 بالمائة، والعنف الخاص بمحاولة القتل والحرق بنسبة3 ر 13 بالمائة، والعنف الجنسي كالتحرش والملامسة 1 ر16 بالمائة، والاختطاف والاغتصاب بنسبة 6 ر 12 بالمائة.وذكرت الدراسة أن البيت أكثر الأماكن التي يمارس فيها العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي بمعظم أشكاله، فالعنف الجسدي كالضرب والعض احتل المرتبة الأولى بنسبة 3 ر 64 بالمائة، والعنف النفسي في المرتبة الثانية بنسبة 9 ر 62 بالمائة، والعنف الجسدي كالحرق ومحاولة القتل والطعن بنسبة 9 ر 54 بالمائة.وفيما يتعلق بالتحرش والمعاكسات أشارت الدراسة إلى أنه يحدث في الأماكن العامة كالشوارع والأسواق ووسائل المواصلات بنسبة 3 ر 77 بالمائة، مقارنة بالبيت والذي تصل النسبة فيه إلى 3 ر 18 بالمائة، فيما جاء العنف الجسدي كالاختطاف والاغتصاب في الأماكن العامة أكثر من أي مكان بنسبة بلغت 2 ر 54 بالمائة مقارنة بنسبة ممارسته في البيت 1 ر 37 بالمائة.ولفتت الدراسة إلى أن الإناث يتعرضن في البيت لمعظم أشكال العنف النفسي والجسدي كالضرب والعض والحرق والقتل القائم على أساس النوع الاجتماعي بنسب بلغت “ 33 بالمائة، و35 بالمائة و7 ر 26 بالمائة على التوالي “ وهي نسب أعلى من النسب الخاصة بالذكور والتي بلغت “ 8 ر29بالمئة، 3 ر 29 بالمائة، 1 ر8 بالمائة على التوالي “.ودلت الدراسة على إن الإناث يتعرضن للعنف الجسدي كالتحرش والمعاكسات والاختطافات والاغتصاب في الأماكن العامة بنسب “ 2 ر 41 بالمئة، 27 بالمائة “ مقارنة بنسب تعرض الذكور للعنف نفسه والتي بلغت “ 9 ر 35 بالمائة، 2 ر 18 بالمائة “.واستعرضت عينة الدراسة التي شملت “ نساء ورجالاً وبنات وأولاداً جميع أشكال العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي كالعنف الجسدي والنفسي والجنسي غير أن هناك تفاوتا بين نسب استجابات العينة عن أكثر أشكال العنف انتشارا .. مبينة أن العنف النفسي كالشتم والاحتقار يعد أكثر الأشكال انتشارا بنسبة “ 3 ر 85 بالمائة، يليه العنف الجسدي الضرب والعض بنسبة “ 79 بالمائة”.وشخصت الدراسة أسباب العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي، إلى ثلاثة أسباب أولها الثقافة المجتمعية وبيئته المتمثلة في المعتقدات الخاطئة بمفهوم القوامة وانتشار الشائعات التي تمس الأخلاق وخصوصا عن النساء والتقاليد المتجذرة عند الكثير لتمييز الذكر على الأنثى والبطالة والفقر واعتبار العنف كنوع من التأديب والتربية والضغوط التي يمارسها المجتمع على الأفراد وخصوصا الرجال .وثانيها علاقته بالمعنف من حيث إصابة الجاني بمرض نفسي نتيجة معاناة في الصغر أو بسبب اضطراب في شخصية الفرد ، وضعف الوازع الديني ، وتدني المستوى التعليمي ، وتعاطي المخدرات وعدم وجود قوانين تعاقب ممارس العنف.وثالثها التي لها علاقة بالضحية وخصوصا المرأة أو البنت من حيث خروج المرأة من البيت وضعف شخصيتها وقيام بعض النساء أو البنات بتصرفات خاطئة أو سلوك يثير غضب ولي الأمر وعدم قدرتها على التمييز بين الصح والخطأ.وفيما يتعلق بخبرات العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي، أشارت الدراسة إلى أن الإناث المعنفات من إجمالي الإناث المستجيبات اعتبرن العنف كالسب والصراخ والتهديد إساءة بنسبة 5 ر 93 بالمائة ، في حين يرى الذكور هذا العنف إساءة بنسبة 2 ر 86 بالمائة من إجمالي الذكور المعنفين.النساء المعنفات اعتبرن العنف الجسدي كالضرب الخفيف إساءة في حد ذاته بنسبة 7 ر 94 بالمائة، في الوقت الذي اعتبره الذكور إساءة بنسبة 5 ر 86 بالمائة، في حين تقاربت نسب الإناث والذكور المعنفين حول العنف المؤدي إلى جروح وطعن واعتباره إساءة بنسب 4 ر96 بالمائة بين الإناث 9 ر91 بالمائة بين الذكور.فيما بلغت نسبة الإناث اللائي اعتبرن التحرش والملامسة “احد أشكال العنف الجنسي “ إساءة 95 بالمائة، من إجمالي الإناث المعنفات” المستجيبات” بينما بلغت نسبة من يعتقد أنه إساءة من الذكور 3 ر85 بالمائة.وعن إدراك الإناث ووعيهن بأشكال العنف الموجه نحوهن في مواقع العمل أوضحت الدراسة أن نسبة 4 ر27 بالمائة من النساء العاملات المتزوجات يدركن أن العنف النفسي من شتم وصراخ وتهديد يعتبر إساءة، فيما اعتبر الذكور العنف النفسي بأشكاله المختلفة إساءة بنسبة 2 ر84بالمئة.كما أن الإناث العاملات اللائي يعتقدن أن العنف الجسدي من ضرب خفيف أو ضرب مؤدي إلى جروح “ محاولة الطعن “ إساءة تراوحت نسبتهن بين 5ر13 بالمائة، و 7 ر87 بالمائة من إجمالي النساء العاملات .كما بلغت نسبة الإناث العاملات اللاتي اعتبرن العنف الجنسي من معاكسة وتحرش إساءة 3 ر 11 بالمائة من إجمالي العاملات من أفراد العينة، فيما تجاوزت نسبة الإناث اللاتي يدركن بأن الاختطاف والاغتصاب إساءة 4ر4 بالمائة من إجمالي النساء العاملات.وتتساوى إلى حد ما نسبة الذكور الذين يدركون أن العنف الجنسي من معاكسة وتحرش واختطاف واغتصاب يمثل إساءة بنسب “ 3 ر12 بالمائة، 5ر12بالمئة من إجمالي الذكور العاملين من أفراد العينة .أما نسبة الطالبات اللاتي اعتبرن العنف النفسي من شتم وصراخ وتهديد في المدرسة إساءة 7 ر80 بالمائة من إجمالي الفتيات المعنفات اللاتي اعتبرن ذلك إساءة بنسبة 3 ر29 بالمائة من إجمالي فتيات عينة الدراسة.واعتبر الأولاد والفتيات أن العنف الجنسي من معاكسة وتحرش إساءة بنسبة “ 7 ر22 بالمائة، 6 ر 21 بالمائة” من إجمالي الأولاد والفتيات المعنفين جنسيا، فيما اعتبر الأولاد والفتيات الاختطاف والاغتصاب إساءة بنسبة “ 1 ر25 بالمائة، و 8 ر15 بالمائة” من إجمالي الأولاد والفتيات المعنفين.أما عن الأسباب التي تمنع النوع الاجتماعي من التبليغ بحالات العنف فقد ذكر أفراد العينة ذكورا وإناثا أن المحافظة على السمعة من أكثر الأسباب التي تمنع الضحايا من التبليغ بنسب 8 ر 86 بالمائة، 2 ر86 بالمائة “ والمحافظة على تماسك الأسرة في المرتبة الثانية بنسبة 8 ر88 بالمائة للإناث، و7 ر83 للذكور، إضافة إلى قناعتهم بعدم جدية وحزم الأجهزة الأمنية في البلاغات التي تتسلمها بهذا الشأن.وأوضحت العينة أن الخجل سبب رئيسي لعدم التبليغ بأشكال العنف، حيث تقاربت النسب بين الذكور والإناث” 4ر62 بالمائة، 6 ر65 بالمائة على التوالي، ما يدل على أن الفئة المستضعفة تعطي لعامل الخجل اعتبارا في عدم الإبلاغ عن العنف الممارس ضدها.وأظهرت النتائج التي توصلت إليها الدراسة من خلال تحليل إجابات أفراد العينة المبحوثة موقفين يتمثل الأول في أن العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي يعد انتهاكا لحقوق الإنسان، فيما يرى أصحاب الموقف الثاني أن بعض أنواع العنف ليست انتهاكا لحقوق الإنسان كحالات الزواج المبكر والضرب بدافع التربية وحرمان الفتيات من الدراسة بالخارج .وعن الآثار النفسية والجسدية الناتجة عن ممارسة العنف، أفصح أفراد عينة الدراسة أنهم يعانون جراء العنف من الشعور بالحزن والضيق والهم والقهر والتوتر والقلق والعزلة والانطوائية والغضب والاستياء والمهانة والاحتقار، وأكثرها معاناة النساء المتزوجات بنسبة 86 بالمائة، وغير المتزوجات بنسبة 70 بالمائة والفتيات بدرجة كبيرة بنسبة 97 بالمائة .وبلغت نسبة الفتيات اللاتي يعانين من الشعور بالاكتئاب جراء العنف الممارس ضدهن 22 بالمائة، يليها الشعور بالقهر بنسبة 19 بالمائة والشعور بالضيق والغضب 16 بالمائة والانعزال بنسبة 14 بالمائة .وأوصت الدراسة بتشكيل لجنة وطنية تضم اختصاصين اجتماعيين وتربويين ونفسيين وقانونيين وإعلاميين ورجال دين لوضع سياسات إستراتيجية علمية لمعالجة ظاهرة العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي.كما أوصت بتكثيف حملات وبرامج توعوية عن مخاطر العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي وحقوق الإنسان وضمان استمراريتها لاسيما في المحافظات الريفية بأساليب حديثة وسهلة وسريعة التأثير بعيدة عن الأساليب الجامدة.وشددت على ضرورة تنفيذ برامج إرشادية للأفراد الذين يقضون العقوبات القانونية في السجون وتدريب أفراد الشرطة حول التعامل مع قضايا العنف وتدريب القضاة حول التشريعات التي تسهم في إيقاف العنف.وأكدت أهمية توفير فرص عمل للآباء العاطلين ومحاربة ظاهرة أطفال الشوارع والمهمشين والحد من ظاهرة العنف القائم على أساس النوع، وتحريم العنف المنزلي .. داعية الحكومة إلى تبني إجراءات تمكن المرأة من الإبلاغ عن أي عنف ممارس ضدها في أي مكان.