انتهاك حرمة المقابر بدأ عام 1948م
فلسطين المحتلة / متابعات :تخوض العديد من الهيئات والمؤسسات الفلسطينية في الداخل معركة قضائية ساخنة ضد شركات ومؤسسات إسرائيلية تحاول الاستيلاء على مقبرة إسلامية في مدينة القدس يعود تاريخها إلى عصر صدر الإسلام وإقامة متحف على أرضها.وحسب مصادر فلسطينية فإن سياسة الاحتلال في اضطهاد الفلسطينيين على أرضهم لم تقتصر على الأحياء، بل تجاوزتهم إلى اضطهاد الأموات بنبش قبورهم كما يجري في مقبرة (مأمن الله) غربي القدس المحتلة، ونقل رفاتهم وعظامهم إلى أماكن مجهولة.ويعود تاريخ مقبرة (مأمن الله) إلى بداية الفتح الإسلامي حينما عسكر فيها عمر بن الخطاب بجيشه ودفن فيها الشهداء من الصحابة أثناء فتح مدينة القدس، وهكذا فعل صلاح الدين من بعده.ويقول الشيخ مصطفى أبو زهرة، متولي وقف (مأمن الله) ورئيس لجنة إعمار شؤون المقابر الإسلامية في بيت المقدس، إن مساحة المقبرة كانت تقدر بـ200 دونم، ثم تقلصت إلى 137 دونما عام 1937، واستمر الدفن فيها حتى العام 8491م.وذكر أن الاحتلال الإسرائيلي اقتطع في أوائل الستينيات نحو 60 من مساحتها وأقام عليها ما تسمى بـ"حديقة الاستقلال" التي أصبحت ملاذا للشاذين، ثم واصل انتهاكها بتمديد خطوط للمجاري والمياه والصرف الصحي والكهرباء والشوارع والفنادق ومواقف السيارات على أرضها ولم يتبق منها الآن سوى 19 دونما.ومن أبرز الانتهاكات الإسرائيلية للمقبرة -يقول أبو زهرة- إعطاء 15 دونما من أرضها لمؤسسة تدعى "سيمون فيزنتال" لإقامة ما يسمى بـ"مركز الكرامة" و"متحف التسامح" عليها، حيث تم بالفعل نبش نحو 400 قبر، حسب المصادر الإسرائيلية، ونقل عظام ورفات العلماء والشهداء إلى جهات مجهولة في انتهاك صارخ وواضح لحرمتها وقدسيتها وكرامة الإنسان الفلسطيني.من جهته أكد مفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين أن أبرز تهديد لمقبرة مأمن الله يتمثل في محاولات إقامة فنادق ومواقف للسيارات ومتحف باسم "التسامح" على أرضها، معربا عن استغرابه لإقامة متحف باسم التسامح على رفات الشهداء والأموات ومقابر المسلمين.وتحدث حسين عن جهود كثيرة تبذل على المستويين المحلي والخارجي للمحافظة على المقبرة وإنقاذها من خطر النبش والضياع والانتهاك، مشيرا إلى العديد من المراسلات مع جهات عربية وإسلامية ودولية وبينها اليونيسكو للتدخل من أجل المحافظة على المقبرة.بدوره كشف عبد المجيد غبارية سكرتير مؤسسة الأقصى لرعاية وإعمار المقدسات الإسلامية داخل الخط الأخضر التي تتابع ملف المقبرة عن وجود اقتراح إسرائيلي ببناء المتحف على جزء من أرض المقبرة، ونقل عظام الموتى إلى القسم المتبقي منها.وأوضح أن المؤسسة رفضت ذلك الاقتراح بشكل قاطع، "لأن المقبرة جميعها أرض وقفية وأي اعتداء على أي جزء منها يعتبر اعتداء عليها كلها".وتحدث غبارية عن مساع حثيثة لتعزيز ملف المقبرة بفتاوى تحريم نبش القبور من العالم الإسلامي، وتوزيع فيلم وثائقي على الفضائيات العربية يكشف طبيعة مؤامرة بناء متحف التسامح على أرض المقبرة، والتفكير في الاعتصام أمام السفارة الأميركية، والسعي لدى مؤسسات أميركية مثل مؤسسة "كير" لملاحقة الشركات الأميركية الداعمة لما يسمى بمتحف التسامح.ووصف غبارية الاعتداء على مقبرة مأمن الله بأنه جزء من مسلسل الانتهاكات اليومية للمقابر والمساجد منذ العام 1948م، ويندرج ضمن مخطط إسرائيلي يهدف إلى محو وطمس المعالم الإسلامية في هذه البلاد. مشددا على أن "الإصرار الإسرائيلي على بناء ما يسمى بمتحف التسامح يكشف حقيقة العقلية الإسرائيلية التي أدمنت على سياسة الاضطهاد الديني".