تولي جميع البلدان في العالم النامي والمتقدم موضوع الدخل القومي وزيادة نصيب الفرد منه أهمية قصوى باعتبار نصيب الفرد من الدخل مقياساً لمستوى معيشة المجتمع ولتطور حياة السكان مقارنة بسكان المجتمعات الأخرى، فما من شك أن ارتفاع نصيب الفرد من الدخل في أي مجتمع إنما هو انعكاس أو تعبير عن زيادة وقدرة أفراده في الحصول على المواد والمنتجات الغذائية ذات القيمة العالية والمحتوية على معدلات مرتفعة من الفيتامينات والبروتينات وغيرها، ومن ثم تحسين مستوى تغذية أفراد هذا المجتمع، كما يمكنه التمتع بمستوى أعلى من الخدمات الصحية والحفاظ بالتالي على قدرات الفرد الصحية والجسمانية والعقلية.ويسمح الدخل المرتفع للفرد كذلك من الحصول على الأفضل من الخدمات مثل السكن الملائم المزود بخدمات الإنارة والاتصالات والمياه والصرف الصحي وغير ذلك، بعبارة أخرى يسمح ارتفاع نصيب الفرد من الدخل بزيادة خيارات الفرد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتوسع هذه الخيارات بما يحقق مستوى معيشة أفضل والاستمتاع بصحة وعمر أطول وحياة أرغد للسكان.وعلى النقيض من ذلك تماماً حيث يؤدي الدخل المنخفض للسكان في أي مجتمع إلى انخفاض وتدني مستوى الاستهلاك وتعريض السكان لمشاكل سوء التغذية والافتقار إلى السكن الملائم الذي تغيب عنه الخدمات الأساسية من إنارة وصرف صحي وغيرها، ويتكدس فيه عدد أكبر من الأفراد خصوصاً في البلدان الفقيرة ومرتفعة النمو السكاني.أضف إلى ذلك أن المقدرة على الادخار ومن ثم الاستثمار تتراجع في المجتمع الذي ينمو فيه السكان بسرعة كبيرة وذلك نتيجة زيادة أعباء الإعالة لقوة العمل المنتجة المترتبة على تزايد أعداد السكان في السن ما دون 15 سنة وهي الظاهرة التي تصاحب عادة النمو السكاني السريع وما يعنيه من توزيع الدخل على عدد أكبر من أفراد الأسرة.وكما هو معلوم فإن الادخار ما هو إلا الجزء الذي يمتنع عن استهلاكه من الدخل، والقاعدة الاقتصادية هي أن الادخار ينخفض مع انخفاض مستوى الدخل، وذلك نتيجة ارتفاع ما يسمى بالميل الحدي للاستهلاك الذي يعبر عن العلاقة بين الدخل الإضافي والاستهلاك الإضافي وما يترتب عليه من توجيه الأفراد عادة للجزء الأعظم من الدخل الإضافي إلى الاستهلاك الإضافي عندما تكون الدخول منخفضة.
النمو السكاني والدخل
أخبار متعلقة