تزامناً مع اليوم الأخير في ولاية الرئيس الأمريكي المنصرف جورج بوش تتجه الحكومة الأمنية المصغرة في إسرائيل إلى التصويت على قرار وقف إطلاق النار من جانب واحد، والتزامن ليس صدفة بل يختزل أجندة محددة ومركزة أرادت الإدارة الأمريكية المنصرفة أن تضعها على طاولة الرئيس أو باما وإدارته لجهة الارتباط المباشر بالأجندة الصهيونية وعدم التمكن من مباشرة دور أمريكي جديد بمعزل عن الالتزامات المطلقة التي أظهرتها على الدوام الإدارات الأمريكية السابقة لدعم وتأييد إسرائيل وتبني وجهة النظر الصهيونية .وفي اليوم الأخير لولاية بوش تم توقيع اتفاقية استخباراتية بين خارجيتي إسرائيل وأمريكا تتعهد بموجبها أمريكا بتوفير كامل الحماية والرعاية لإسرائيل تحت بند أوصفة مراقبة الحدود ومنع تهريب الأسلحة والرقابة الصارمة على دول الجوار بالتعاون مع حلف الناتو والدول الرئيسية في الاتحاد الأوروبي. وهذا يعني أن إدارة بوش رسمت خارطة ملزمة وبرنامج عمل ملزماً للإدارة الجديدة وللرئيس أوباما شخصياً فهو ليس حراً في انتهاج سياسة خاصة به أو مسموحاً له بالبحث عن خيارات مرنة ، بل تطبيق جملة من الاتفاقيات والالتزامات .. زائداً على ما تلتزم الإدارة الأمريكية والسياسة الأمريكية من دعم ومساندة مطلقة لإسرائيل ودولتها المارقة. ميدانياً فشلت آلة الحرب والدمار وترسانة الأسلحة في تحقيق الأهداف المعلنة للعدوان على غزة ، وبقيت المقاومة ممسكة بزمام المبادرة وقادرة على إمطار المستوطنات والبلدات الإسرائيلية بالصواريخ والقذائف حتى اليوم الثاني والعشرين للعدوان. وباستثناء أنها أمعنت في استهداف الأبرياء والمدنيين وتدمير المساكن والمؤسسات والمنظمات الدولية واقتراف محرقة نازية جديدة ومجازر بشعة بحق الأطفال والنساء، لم تستطع إسرائيل التحرر من كابوس حرب تموز 2006م في جنوب لبنان ، ولم تحقق تقدماً عسكرياً في الميدان ، وتحاشت الدخول في مواجهات حقيقية مع رجال المقاومة على الأرض ، وهاهي تروج لهدنة مفتوحة علها بذلك تحقق في السياسة مالم تستطع تحقيقه في المعارك الميدانية. عملياً ، فإن المقاومة تسجل نصراً أسطورياً على أكثر من صعيد، وإسرائيل بكل جبروتها وقواتها والدعم الدولي الذي تستند إليه تدخل في فصل جديد من الانهزام وتحطم أسطورة الجيش الذي لايقهر ، وتبخرت الكثير من الخرافات والأساطير في هذا الصدد والشأن. إلى ذلك لن تنعقد قمة الكويت حتى تكون القرارات المتوقع صدورها قد فقدت كل قيمتها وضروراتها على الأرض ، وسوف يسجل التاريخ أن العرب لم يتمكنوا من الاجتماع بخصوص غزة أو الدعوة إلى ( وقف إطلاق النار ) بحسب مشروع القرار المعلن، إلا بعد انتهاء المعركة وإقرار إسرائيل بالهزيمة!! وهكذا فإن دعاوى الحرص على التضامن ووحدة الصف العربي لم ولن تستر عورة الواقع الانهزامي أو الهوان والعجز الذي أفقد التضامن معناه ومبناه !!!
اليوم الأخير لولاية بوش .. وللمحرقة !!
أخبار متعلقة