قصص من الغموض والخيال
تأليف/ س. هـ . بورتن لم اخبر احداً بهذه القصة لشهور عديدة ولم استطع ازالة غموض هذه القصة كما انني لا اعتقد بأن احداً سوف يصدق قصتي هذه ولكن اليوم لم يعد يعنيني ان لا يصدق الناس قصتي ، انني اقول الحقيقة فربما لا تؤمن بالاشباح حتى انا لم اكن متأكداً من ايماني بهم ، كما انني لست متأكداً بأن ما رأيته تلك الليلة كان شبحاً ام لا فإن لم يكن ما رايته تلك الليلة شبحاً فماذا يكون يا ترى ؟! كنت في رحلة عمل الى شمال انكلترا وبعدها عدت الى منزلي لقد عشت بالقرب من مدينة لندن كان الفصل شتاء وبدأت رحلة العودة في الصباح الباكر ولكن رحلتي لم تكن سريعة فقد كان الطريق مغطى بالثلوج وعندما حل الظلام كنت بعيداً عن بيتي وبدأت مصابيح سيارتي بالضعف حتى انطفأت وكان من الخطورة الاستمرار في السير في ذلك الطريق المظلم وكان الشارع مزدحما بالسيارات فقررت بعدها الانعطاف نحو طريق يؤدي الى قرية هادئة وبعد بضعة اميال شاهدت اشارة على الطريق مكتوباً عليها " ميلهام " بعدها بخمس دقائق كنت اقود سيارتي نحو طريق ضيق تحده المنازل من الجهتين وبدت المنطقة التي دخلتها هادئة كما كانت فيها بعض المحلات المضيئة ورأيت مرايا في نهاية الشارع اوقفت سيارتي هناك وشرحت مشكلتي للرجل القائم على المرآب فنظر لاضواء السيارة ومن ثم الى المحرك بعدها ادار رأسه قائلاً " لقد تعطل المولد الخاص بسيارتك سأصلحه في الصباح ولكن لا انصحك بقيادة سيارتك الان ان هذا خطر عليك " فسألته " هل هناك فندق في ميلهام ؟ " فأجاب " نعم هناك فندق الجوت في طرف الشارع لقد مررت عليه للتو اعتقد بأنك ستجد غرفة لان عدد الزوار في ميلهام قليل خصوصاً في الشتاء واخبر السيد رتشارد بأنني اصلح مولد سيارتك وسيقوم بكل ما في وسعه لخدمتك " شكرت الرجل واخذت حقيبتي من السيارة ومشيت باتجاه فندق الجوت كان الفندق قديما وكان مكتب الفندق داخل الباب الامامي فقرعت الجرس القائم على الطاولة ظهر رجل كبير من خلف الباب وكان يحمل معطفاً في احدى يديه ونصف كأس من البيرة ابتسم نحوي بطريقة ودودة فسألته " السيد ريتشارد اليس كذلك ؟ " فوضع كأس البيرة على الطاولة قائلاً " نعم هل من خدمة يمكنني ان اؤديها ؟" فشرحت له بأن سيارتي في المرآب واخبرته بأني بحاجة لوجبة من الطعام ولغرفة اقضي بها هذه الليلة قال لي " لا توجد مشكلة بالنسبة للطعام سيكون العشاء جاهزاً بعد حوالي الساعة المشكلة تكمن في الغرفة فكما ترى ان هذا الفندق صغير فلدينا فقط ست غرف وكلها محجوزة ونحن من النادر جداً ان تكون الغرف لدينا مشغولة خصوصاً في الشتاء انا آسف " وبينما هممت بأن اسأله سؤالا اخر انفتح الباب مرة ثانية وخرجت منه امرأة صغيرة مشت مسرعة نحو الغرفة قال السيد ريتشارد " هذه زوجتي " ثم التفت اليها قائلاً " كنت اقول لهذا السيد بأن كل غرف الفندق مشغولة اليوم ياليز وسيارته موجودة في المرآب وبحاجة للاصلاح وهو يريد عشاء وغرفة لقضاء هذه الليلة فأجابته قائلة " هناك الغرفة رقم 7 يا توم " ، " ولكننا ... لم يكمل عبارته فأخذ كأس البيرة من الطاولة وبدأ يحتسي قليلاً منه وهو يصغي لزوجته التي بادرت بالقول " ولكننا لا نستطيع ان نترك السيد في ليلة كهذه سأعد السرير في غرفة رقم 7 فأجبت على الفور " انني آسف لتسببي بازعاجكم فأجابت لا ازعاج مطلقاً ياسيد .. فأجبتها " اسمي سوندرز ، جون سوندرز " فأجابت مبتسمة " لا مشلكة ياسيد سوندرز فنحن لا نستخدم الغرفة رقم 7 كثيراً ستشعر بالراحة هناك ولا يوجد بها شيء غير طبيعي " عند قولها عبارتها الاخيرة نظرت لزوجها نظرة ذات مغزى لم افهمها قال لي السيد ريتشارد " تعال معي ياسيد سوندرز تستطيع ان تحتسي كأساً من البيرة فلن تجد افضل منها في انكلترا كلها ضع عنك الحقيبة الان حتى تصبح غرفتك جاهزة " بعدها قادني الى بار الفندق وكانت غرفة دافئة وجذابة بها أناس يشربون ويتحدثون مع بعضهم البعض تعرفت على بعضهم وشعرت بالسعادة والراحة خصوصاً بعد ما وضع السيد ريتشارد كأس من بيرة الفندق وكان محقاً في جودتها واضطررت للانصراف عندما قيل لي بأن غرفتي جاهزة في تلك الليلة اتصلت بزوجتي من مكتب الفندق واخبرتها بما حدث لي وبمكان اقامتي فقلت لها بأني سأعود الى البيت في اليوم التالي وقت الغداء بعد ذلك اخذت حقيبتي وتوجهت نحو غرفتي رقم 7 التي كانت في الطابق العلوي فشعرت بالبرد لكن السيدة ريتشارد قامت بتشغيل السخان الكهربائي فقلت لنفسي بعد دخولي الغرفة " ستدفأ الغرفة حالاً انها غرفة هادئة وسأنام بصورة جيدة الليلة " لم تكن غرفة كبيرة وكانت بها مساحة للسرير وملاءة للوجه و كانت نظيفة وكنت راضيا بها تمام الرضا فتحت حقيبتي واخرجت بعض حاجياتي منها واغتسلت وبعدها نزلت لتناول العشاء كانت السيدة ريتشارد طباخة ماهرة واستمتعت بالعشاء كما احتسيت قنينة من النبيذ الاحمر وعندما انتهيت من تناول عشائي توجهت للبار وتسامرت مع السيد ريتشارد وآخرين من اصدقائه حتى بدأت اشعر بالنوم قلت لهم معتذراً اعتقد انه يجب علي ان اصعد الى غرفتي لانني اشعر بالنعاس هل يمكن ان اتناول فطوري في الصباح في الفندق لاني اريد ان اغادر بمجرد ان تصبح سيارتي جاهزة " فأجاب السيد ريتشارد " هل يناسبك الفطور في الساعة الثامنة ؟ " فأجبته على الفور نعم شكراً لك لم اكن اتوقع ان يتم لاصلاح مولد سيارتي قبل الساعة التاسعة " فأجاب السيد ريتشارد باسما بود " طابت ليلتك يا سيد سوندرز واتمنى لك نوماً هانئاً فأجبته " تصبح على خير ياسيد ريتشارد وشكراً لكم على حسن الضيافة في فندقكم " كانت الغرفة دافئة بما فيه الكفاية بحيث اني أطفأت السخان استلقيت على السرير وبدأت اقرأ قليلاً قبل النوم وبدأت أشعر بالنعاس وسرعان ما اطفأت المصباح ونمت مباشرة. لم ادر - في الواقع - كم من المدة التي استغرقتها في النوم ولكن شيئاً ما ايقظني وكنت اعرف بأن ذلك لم يكن صوتاً البتة فقد كانت الغرفة هادئة تماماً ولكن شيئاً غريباً كان يحدث فبالرغم من انني كنت قد أطفأت مصباح الغرفة كانت الغرفة تبدو لي وكأنها مضاءة او قل جزءاً من الغرفة كان مضاءً كان سريري معتما كما انني لم استطع رؤية خزانة الملابس او حوض الغسل ولكنني استطعت رؤية السرير الكبير بينهما وقد كان مشعاً نحوي فأغمضت عيني بقوة ولم اشعر بالخوف في البداية اردت ان اطرد الضوء الغريب عن عيني واحاول ان اجد تفسيراً لهذه الظاهرة الغريبة ولم اكن متأكداً من أنني قد رأيت الكرسي فقد كان كل شيء في الغرفة مظلماً فقلت لنفسي ربما كنت احلم لذا قررت ان اعد الى الخمسين ببطء وعندما وصلت للرقم خمسين كنت سأفتح عيناي وستكون الغرفة مظلمة هكذا اعتقدت ولكن فجأة سمعت صوتاً كان صوت شخص ما يتنفس في الغرفة فتمددت بهدوء شديد وبدأت أصغي وتأكدت عندها انني اسمع صوت شخص ما معي داخل الغرفة يتنفس وتأكدت بأنه ليس حلماً وعندها فقط بدأت أشعر فعلاً بالخوف وللوهلة اعتقدت بأنه لص فتحت عيناي للمرة الثانية ورأيت الكرسي ولكن هذه المرة كان يجلس عليه رجل عجوز ذي شعر ابيض وكان مقابلاً لي تماماً وكانت عيناه الزرقاوان تحدقان نحوي حاولت ان اتكلم ولكن تحجرت الكلمات في حلقي وكنت اريد ان أسأله " من أنت ؟ وماذا تفعل هنا ؟ اخرج من غرفتي وقد حاولت للمرة الثانية ولكن دون جدوى فتمددت هناك وانتظرت فقلت لنفسي " لا تخف لن يستطع ان يؤذيك فهو رجل كبير " ولكن كانت نظراته الثابتة نحوي هي التي اخافتني قلت لنفسي " ربما سيفعل شيئاً ما او يقول شيئاً ما بدأ و كأنه قد قرأ افكاري فرفع يده اليمنى واشار باصبعه نحوي بعدها شاهدت عينيه وكانت حزينة جداً وفجأة زال الخوف مني تماماً كان يحاول ان يخبرني بشيء ما وعندما بدا بالكلام كان صوته متعباً جداً قال لم استطع ان اجده ولكنك انت استطعت ذلك بعدها انزل يده وفجأة استطعت الكلام فقلت له متسائلاً " ماذا وجدت ؟ ماذا تقصد ؟ ومن انت ؟ و .... " وقبل ان اكمل سؤالي كان قد اختفى وعادت الظلمة من جديد . وفي الصباح الباكر ايقظني صوت السيد ريتشارد قائلاً لي بابتسامة تملأ وجهه لقد احضرت لك كوباً من الشاي وسيكون فطورك جاهزاً بعد نصف ساعة ياسيد سوندرز بعدها خرج السيد ريتشارد من غرفتي وقد تركني شارداً لأفكاري وكان لدي الكثير لأفكر به فكرت بأنني ربما قد نمت مباشرة بعد ان اختفى زائري الغريب وهل كنت فعلاً نائماً كل ذلك الوقت وهل كل ما رايته كان حلماً ؟ هل يجب علي اخبار ما رأيته البارحة للسيد ريتشارد ؟ فقررت عندها ان لا اتحدث عن الزائر الغريب لقد كانوا لطفاء معي ولم يكن من اللائق التسبب بمشكلة لهم حيال هذا الموضوع لهذا تناولت افطاري بهدوء ونزلت بعدها الى المكتب لادفع فاتورة إقامتي وكانت السيدة ريتشارد جالسة على المكتب وقد شكرتها لحسن استضافتهما لي فابتسمت لي واعطتني الفاتورة قائلة على الرحب والسعة ياسيد سوندرز نحن نعمل على طيب الاقامة لزوارنا هل نمت جيداً البارحة ؟ كنت اعد النقود التي سأسلمها اياها وقبل ان اجيبها رأيت صورة على الحائط خلفها مباشرة وكانت يالدهشتي نفس الشعر الابيض وقوة تعبير الوجه ونفس العينين الزرقاوين فأشرت الى الصورة مستفسراً " من هذا ؟ نظرت الى الصورة والتفتت مباشرة الى قائلة انه والد زوجي لقد عاش معنا في هذا الفندق ولقد مات قبل خمس سنوات في الواقع لقد توفي في نفس الحجرة التي نمت بها البارحة لهذا السبب لم يرد زوجي ان تقيم في الغرفة رقم 7 في البداية فقلت لها ولكنك ... توقفت قليلاً كان علي انتقاء كلماتي بحذر فلم اكن اعلم بما تعلم هي كما لم اكن اعلم ايضاً برغبتها باخباري حول هذا الشخص وقبل ان اقول أي شيء عادت هي للتحدث ثانية قائلة " هناك بعض الروايات السخيفة التي رويت عن الغرفة رقم 7 فبعض الناس قالوا انهم لم يستطيعوا النوم بشكل جيد في تلك الغرفة وقالوا بأنهم خائفون منها ولكنهم لم يستطيعوا ان يشرحوا خوفهم فقالوا بأن الغرفة مسكونة وكما تعلم فان شائعة كتلك ليست جيدة لفندقنا المتواضع كما ان والد زوجي رحمه الله قبل ان يموت قرر بأنه سينام في الغرفة رقم 7 لانه لم يكن يؤمن بالاشباح وبعدها صعد الغرفة ونام في السرير وكان بصحة جيدة ولكن .. فقلت لها متلهفاً نعم ماذا حدث بعد ذلك ؟ استمري فأجابت والحزن يطل من عينيها قائلة " كنت احبه كثيراً وهذا ما يجعلني اشعر بالألم لتلك الذكرى المحزنة فأخذت كوباً من الشاي في صباح اليوم التالي فوجدته هناك ميتاً فلم يجد الوقت الكافي حتى يرتدي ثياب النوم ووجدته ميتاً وهو جالس على ذلك الكرسي الكبير وكان بارداً وقال الطبيب بانه قد مات نتيجة لنوبة قلبية فاجأته " أخذت مني النقود واعطتني الباقي فوضعتها في جيبي وحملت حقيبتي استعداداً للمغادرة وقلت لها شكراً لك يا سيدة ريتشارد على كل ما فعلتموه لأجلي ويبدو انها لم تنتبه لكلماتي فقد كانت حزينة جداً لذكرى فراق والد زوجها عندها ابتسمت لي قائلة لقد رأيت بنفسك يا سيد سوندرز لم نكشف غموض الغرفة رقم 7 كما اني لا اعتقد بأن شخصاً ما يستطيع ذلك انها قصة سخيفة فشكرتها ونزلت مسرعاً باتجاه المرآب لاستلام سيارتي ويبدو ان صوت شبح العجوز كان يتبعني قائلاً لم استطع ان اجد ما اذا كانت الغرفة رقم 7 مسكونة بالاشباح ام لا ولكنك استطعت ذلك لقد آمنت بالاشباح اليس كذلك .