في دراسة علمية حديثة
صنعاء / نشوان العطاب :كشفت دراسة علمية حديثة أجريت في اليمن للمرة الأولى أن نسبة الوفاة بين المصابين بمرض نقص تروية شرايين القلب في صنعاء 28 %، مقارنة بـ 22.3 % في عدن وحضرموت وذلك بعد مرور سنة من الإصابة بالمرض. واستنتجت الدراسة للمرة الأولى عالميا، ونفذها فريق (يمني - ماليزي) برئاسة البروفسور عبد الرشيد عبد الرحمن المتخصص في أمراض القلب بجامعة العلوم الماليزية،أن السكن في المناطق المرتفعة عن سطح البحر مثل صنعاء يعتبر بحد ذاته عامل خطورة للإصابة بمتلازمة أمراض الشرايين القلبية التاجية (الإكليلية). وأوضح منفذ الدراسة الدكتور محمد علي الحوثي، أن أسباب وعوامل خطورة الإصابة بالمرض المعروفة حتى الآن هي زيادة العمر، والنوع، ومرض السكري، وارتفاع الضغط الشرياني، وارتفاع الكولسترول والدهون بالدم، والتدخين، والبدانة، مؤكدا إن هناك دراسات عالمية تحاول حتى الآن إيجاد أسباب جديدة لأمراض الشرايين التاجية. وقال: اختصاصي أمراض القلب والشرايين بكلية الطب والعلوم الصحية بصنعاء الحاصل على درجة الدكتوراه في الدراسة نفسها:” إن هناك عوامل كثيرة تبرر نتائج هذه الدراسة، ومنها نوعية الغذاء، إذ أن قاطني المناطق المرتفعة عن سطح البحر يتجهون إلى تناول المأكولات المحتوية على الكولسترول مثل اللحوم الحيوانية والحلويات، بينما يغلب على غذاء سكان المناطق الساحلية المنخفضة تناول الأسماك المفيدة لمرضى القلب والمقللة من مخاطر الإصابة”، مشيرا إلى أن هذه الحقائق دفعت فريق البحث بإشراف الدكتور محمد النعمي والدكتور يحيى رجاء من كلية الطب والعلوم الصحية بجامعة صنعاء، لإجراء ثلاث دراسات. وتابع الدكتور محمد علي:” افترضت الدراسة للمرة الأولى في العالم أن هناك علاقة بين الارتفاع عن سطح البحر حيث نقص أوكسجين الهواء الجوي، وحدوث أمراض نقص تروية الشرايين التاجية، وهدفت إلى دراسة العوامل المعروفة لأمراض الشرايين، مشيرا إلى أنه تم اختيار (العاصمة صنعاء) عن المناطق المرتفعة (وعدن وحضرموت) كمناطق منخفضة عن سطح البحر ي محاولة لإثبات دور لنقص الأوكسجين في الإصابة بهذا المرض. وأردف منفذ الدراسة:” إن الدراسة الأولى، والتي نشرت في المجلة الأمريكية لأمراض القلب (medscape) في نوفمبر 2006م، أجريت على 768 مريضا بنقص تروية الشرايين التاجية منهم 384 مريضا يقطنون في عدن وحضرموت و384 مريضا يقطنون في صنعاء وضواحيها”. وحسب الدراسة ثبت أن الإصابة بهذا المرض تكون في عمر أصغر في المناطق المرتفعة عنه في المناطق المنخفضة، ففي صنعاء تأتي في سن 55.3 سنة أما في عدن وحضرموت ففي 65.8 سنة. وبيّنت الدراسة أنه عند وصول المرضى للمستشفى كانت ضربات القلب أسرع لدى المرضى بصنعاء (89.1 ضربة في الدقيقة) عنه في عدن (83.2 ضربة في الدقيقة)، الضغط الرئوي كان أكثر ارتفاعا لدى الساكنين في صنعاء عنه في عدن وحضرموت، وكان مرضى الشرايين التاجية الساكنين بصنعاء يعانون كثيرا من الإحساس بضيق النفس عن المرضى بعدن. وكشفت الدراسة أن عينة الدراسة انتابتهم أعراض ألم الصدر بنسب متشابهة في صنعاء وعدن، وكانت نسبة الكوليسترول ودهون الدم أكثر ارتفاعا لدى 49.2 % من المرضى بصنعاء وضواحيها، مقابل 38.3 % في عدن وحضرموت. أما الدراسة الثانية، التي نشرت في المؤتمر الأوروبي للوقاية من أمراض القلب في مدريد إبريل 2007م، وعنيت بمتابعة المرضى لمدة عام بهدف تقييم سير المرض وتطوره السريري والمضاعفات ومتابعة المرضى من بداية الإصابة، أكدت ما حققته الدراسة الأولى بأن عوامل الخطورة كانت نسبتها أكثر في المناطق المرتفعة (صنعاء وضواحيها) عنه في المناطق المخفضة عدن وحضرموت. وأثبتت الدراسة أنه بعد مرور عام من المتابعة كان المرضى بنقص التروية في صنعاء والمناطق المحيطة بها أكثر إصابة بتسرع القلب وبالقصور القلبي بنسبة 13.8 % عنه في عدن وحضرموت 11.2 %. وبيّنت الدراسة نفسها أن احتمالات الإصابة بالجلطة الدماغية كانت أكثر حدوثا لدى المرضى بصنعاء 4.3 % عنه في عدن 3.2 %، وكانت كفاءة ضخ عضلة القلب (النتاج القلبي) أكثر انخفاضا لدى مرضى المرتفعات عنه في المناطق المنخفضة. وأثبتت الدراسة نفسها أن نسبة الوفيات بعد مرور عام كانت أكثر لدى المرضى في صنعاء وضواحيها 28 %، عنه في عدن وحضرموت 22.3 %، بالرغم من أن الأدوية المستخدمة لعلاج مرضى نقص التروية التاجية القلبية كانت متشابهة في صنعاء وعدن وحضرموت مع بعض الاختلافات البسيطة التي ليس لها دلالة إحصائية. فيما أثبتت الدراسة الثالثة التي استندت إلى سجلات المرضى السابقين وفحص نتائج تلفزيونات القلب ودرجة الانسداد في الشرايين التاجية بعد إجراء تصوير تشخيصي للشرايين القلبية بالقسطرة، أن أغلب المرضى في المناطق المرتفعة لديهم انسداد ثلاثة شرايين قلبية، في حين أن أغلب مرضى المناطق المنخفضة لديهم انسداد شريان واحد فقط، كما أن المرضى في المناطق المرتفعة أكثر إصابة بانسداد في الشريان التاجي المنحني والشريان النازل الأيسر الأمامي، والشريان التاجي الأيمن. وأشار الدكتور محمد علي الحوثي أن الدراسة الثالثة قبلت للنشر في مجلة “ نيو انجلاند” الطبية في العام الجاري، ويتوقع نشرها خلال الأشهر القادمة، داعيا الجهات المهتمة بالبحوث العلمية إلى دعم نشرها مشيرا إلى تكاليف نشرها تصل إلى 3000 يورو. ومتلازمة أمراض الشرايين القلبية التاجية (الإكليلية) - حسب الاختصاصيين - تعرف كمجموعة من الأمراض سببها نقص تروية الشرايين التاجية بدءاً بالذبحة الصدرية مرورا بالذبحة الصدرية غير المستقرة وانتهاءً باحتشاء عضلة القلب (الجلطة القلبية)، وتعتبر سببا رئيساً للوفاة في الدول المتطورة والنامية على حد سواء، إذ تقدر منظمة الصحة العالمية عدد الذين يموتون سنويا بسبب هذا المرض في العالم بـ 7.2 مليون شخص، وتتوقع ارتفاع العدد إلى 11 مليون شخص بحلول عام 2020م.