ماهي اساس المشكلة الاقتصادية واساس ضعف الموارد لدينا ؟؟ نحن كلنا نقرر غالبا بالقول ان الدولة ليس لديها موارد قياسا مع مايتوفر لدول الجوار من موارد نفطية عالية حتي تتمكن من النهوض الاقتصادي وتحسين اوضاع الناس ، وهذا الكلام الى حد كبير صحيح لكن المشكلة تتمثل انه ومع محدودية الموارد فاننا نمارس هدرا اقتصاديا وفسادا واسعا ونهباً متكرراً يتسبب في تقليص قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها التنموية ورفع معدلات الدخل ويتولد هذا الهدر بسبب ضعف ادارة الموارد وتفشي الفساد في اطار العلاقات داخل بنية الدولة مع اطراف المصالح في القطاع الخاص والمنتفعين ومؤسسات اقتصادية خاصة وعامة وتحول المسئولين الى نشطاء في العمل التجاري مستفيدين من مواقعهم في الحصول على امتيازات المناقصات الحكومية والتعاقدات وامتيازات المنافع حتى اصبحت قضية الفساد ضمن المطالبات الدولية تجاه الدولة اليمنية لمكافحته حتى تتمكن من تقليص الهدر الاقتصادي وحماية الموارد وتنميتها لتتمكن الدولة من الاستفادة منها لتنمية المجتمع ومواجهة التزاماتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية ومعالجة الفقر والبطالة.خلال عام 2006 تم تشكيل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وينتظر الناس منها انجازات سحرية لمعالجة الفساد ومواجهة الفاسدين والتمكن من ادراك وتشخيص مكامنه ومكوناته ، والغالبية من الناس فاقدة الثقة في قدرات اللجنة والقائمين عليها لكبح الفساد وتطويقه ، او مقارعته حسب استخدامات الاخ الرئيس لهذا المصطلح ، واعتقد ان الهيئة ستكون كالباحث عن إبرة في كومة قش، هكذا تبدو عمليات مكافحة الفساد والهدر غير المعلن. وعندما نتحدث عن موضوع الهدر الاقتصادي والهدر العام سندرك اننا نراوح في عمق المشكلة فالهدر هو مايدمر البلاد ويدمر الدولة واستقرارها فهناك هدر في الموارد الطبيعية والثروات وأموال الخزينة وهدر في صرف اراضي الدولة للنافذين ومدعي الاستثمار الذين يحتالون على البلاد بهدف السيطرة والنهب على اراض تمثل اصول دولة يمكن ان تحقق من خلالها الدولة الكثير من متطلبات التنمية والموارد، وهناك هدر اقتصادي للوقت بعشرات الملايين من ساعات العمل يوميا يهدرها اليمنيون في مجالس القات مقيمة بمئات المليارات من الريالات سنويا وهناك هدر كبير يطال الطاقات البشرية ويجعلها تقف على الحياد أو تنزوي في الظل وتصبح عائقاً أمام التطويربسبب فساد التلاعب بالوظائف والمراكز وهناك هدر حكومي بوعود غير قابلة للتحقيق. لقد كانت قضية المعالجات والاصلاحات لمواضيع الهدر في الجوانب المذكورة من أولى البنود المستهدفة، ونذكر أن دراسات وتقارير حكومية ودولية ومحلية ظهرت تؤكد أن هدراً كبيراً وفساداً علنياً يقعان بسبب ذلك وتم اصدار قرارات من مجلس الوزراء وتوجيهات رئاسية لضبط هذا الهدر ولكن لم ينفذ من ذلك شيء كما أن هناك فسادا وهدرا أخر يتمثل بتحديد مخصصات المحروقات في الأجهزة الحكومية والأمنية والعسكرية واعتقد أنه لو تم اجراء معالجة جادة وحقيقية سنجد ان هناك هدرا كبيرا يستحق الوقوف والمعالجة .كثير من القرارات والتوجيهات الرئاسية لم تجد التنفيذ بل ظل الهدر يتزايد هدراً في تنفيذ المشاريع التي يتم انزالها للتنفيذ بعد اجراء مناقصات شكلية فيتم توجيهها في إطار العلاقات الخاصة وعلاقات الرشاوى والمنافع وتحويل بعضها كمنافع لمسؤولين ومتنفذين عبر شركاتهم أو شركائهم فتنفذ المشاريع أو المشتريات الحكومية في اطار تلك العلاقات بعيدا عن المعايير الاقتصادية والقانونية والنظامية وكلها تستهدف استنزاف موارد الخزينة العامة فينتهي ببعض المشروعات والمشتريات إلى التهالك لكونها تمت خارج اطار المعايير والمواصفات وأصبحت خزينة الدولة نهبا بين المسؤولين والتجار ذوي العلاقات والنفوذ . هناك هدر استمر خلال السنوات الماضية ارتبط باحتفالات العيد الوطني حيث يتم اعتماد مشاريع عشوائية وتنفيذها بالتكليف وفي فترات شهور لتنفذ بمعايير ومواصفات استعجالية تستهدف الظهور الشكلي فقط للمناسبة وتنتهي فاعلية تلك المشاريع بعدها لكونها قامت بعيدا عن المعايير الاقتصادية والفنية السليمة ولا تعبر عن الحاجة والضرورة التي تحددها البرامج التنموية التخطيطية ومدى انعكاسها الايجابي لصالح التنمية وتستغل قضية الاحتفالات كمبرر لممارسات فساد الهدر للموارد بالمليارات وبعد سنوات من الأخطاء اقتنعت القيادة السياسية بإنهاء ذلك بعد ان شعر الناس بالضيق من هدر للموارد دون فائدة والسوال المهم كم هي فرص العمل التي تتحقق من وراء طامات الهدر في البلاد؟.[c1]الهدر ومشتقات النفط ــ الديزل [/c]هناك هدر كبير مازال يتصاعد وبصورة مقلقة يأتي نتيجة الفشل في إدارة الأوضاع الاقتصادية وغياب الرؤية التخطيطية لتنمية الموارد والأنشطة الاقتصادية المنتجة للثروة ، فالهدر أصبح مجالا للفساد الواسع كما هو الحال المتمثل بهدم الدعم للمشتقات النفطية وخاصة مادة الديزل بسبب عدم إحلال إنتاج الكهربا بالغاز والتخلص من المحطات والمولدات القائمة على الديزل حيث مازالت الدولة تدفع مايزيد على مليار وخمسمائة مليون دولار لدعم متطلبات إنتاج الطاقة الحكومية والخاصة والأهلية ومولدات المواطنين والمزارعين ، وفي إطار التقييم الاقتصادي فإن هذا الوضع يدلل على طبيعة التخلف والفساد الحكومي كونها خلال أكثر من خمسة عشر عاما لم تقدم على معالجة هذه المشكلة بإحلال إنتاج الطاقة الكهربائية بالغاز تفاديا للمخاطر التي نواجهها اليوم والمتمثلة بارتفاع معدل الدعم الذي يصل إلى معدل ثلث ميزانية الدولة رغم إمكانية حل المشكلة بيسر وسهولة وخلال السنوات الثمان الماضية وصل حجم الهدر في جانب دعم الديزل مايزيد على عشرة مليارات دولار وسيصل هذا الهدر خلال السنوات العشر القادمة إذا استمر بنفس الوتيرة الحالية إلى 27مليار دولار وزيادة نتيجة ارتفاع معدل استخدامه وتهريبه، رغم توفر البدائل وإمكانية تحقيقها بيسر وسهولة خلال ثلاث سنوات وهي إحلال إنتاج الطاقة الكهربائية بالغاز والأمر يتطلب جدية وإرادة وحسن تصرف ،لكن يظهر أن هناك من يستفيد من هذا الهدر الذي تتحمله البلد بصورة مخيفة وهي تواجه ارتفاع معدلات الاحتقانات في الشارع اليمني وزيادة الانفعالات ومشاكل الاختلال الأمني والاقتصادي وما يعكسه ذلك من تهديد الوحدة الوطنية واستقرارها.اليوم الدولة تواجه مخاطر جمة تتعلق بالمشكلة الاقتصادية وما يترتب عليها من تأثيرات على حياة المواطنين والتزاماتها وهذه النتيجة تولدت عن سوء إدارة وفساد وهدر يتزايد بصورة تعكس طبيعة الإدارة العشوائية في البلاد وبالتالي فمن الطبيعي ان تنعكس طبيعة التحولات العالمية وارتفاع الأسعار على حياة المواطن اليمني فالبلاد تستورد كل شيء من الخارج ولا تنتج إلا النسبة البسيطة مما تستهلكه وارتفاع الأسعار بالصورة المثيرة للخوف يرفع من معدلات المخاطر على الاقتصاد اليمني نتيجة ارتفاع فاتورة الاستيراد وهو مايضاعف من استنزاف الموارد الصعبة التي تتطلبها عملية الاستقرار الاقتصادي.نحن أمام مخاطر وتحديات وإشكاليات كلها تعكس أثرها على مستقبل البلاد واستقراره فخزينة الدولة مقبلة على سنوات عجاف بسبب انخفاض إنتاج النفط ولن يعوضه بيع الغاز للخارج الذي مثل بيعه اكبر عملية هدر اقتصادية مطلقة واكبر عملية فساد كبرى لايدرك مخاطرها إلا من يدرك أهميته الإستراتيجية ، فالغاز كان سيمثل المدخل الكبير لتطوير البلاد تنمويا وحل مشاكل البطالة لو استخدمناه في العملية الإنتاجية وإنتاج الطاقة داخليا وماذا سنستفيد من بيعه الذي لايساوي حتى قيمة دعم الديزل للكهرباء الحكومية التي لتتجاوز 900ميجا .الحكومة تتخبط في موضوع الكهرباء وتشتكي من ارتفاع الدعم وتقول ان الدعم لايستفيد منه المواطن اليمني الا بحدود 20 % وتريد ان تقلص من نسبة الدعم الذي يشكل انهاكا لميزانيتها لكن هل هذا هو الحل حتى وان رفعنا الدعم سنستمر في الخسارة المتمثلة بخسارتنا للعملة الصعبة التي نصرفها في قيمة الديزل المستهلك محليا فاحلال الغاز لانتاج الطاقة سيوفر قيمة الديزل كمورد من موارد العملات الصعبة للبلاد التي تتطلبها عملية التنمية والاستقرار الاقتصادي .إن تجاهل الحكومة لمواضيع هامة وبارزة مثل الهدر وإغفال معالجتها بالشكل المناسب لا مبررات له. واللافت أن رئيس الجمهورية والمسؤولين الاساسيين في الدولة والحكومة معترفون بحقيقة الهدر ويعزز ذلك تقارير الجهازالمركزي للرقابة والمحاسبة وتقارير شركاء التنمية الدوليين لليمن بان هناك فساداً هدراً واسعاً. وتبدو بعض الثغرات الموجودة في الأنظمة والقوانين ذات الصلة مفتوحة ولا تتطلب سوى طرق بابها وسلوك ممراتها لتغطية وإخفاء الارتكابات غير المشروعة. ولا نجانب الحقيقة إذا عددنا أن ما يشجع المتقدمن إلى المناقصات لزيادة الأسعار هو تنسيق مسبق ربما مع اللجان التي تعد دفاتر الشروط الفنية واللجان الأخرى التي تفض العروض وتقوم بدراستها ومن ثم قبول إحداها. ويأتي التساهل الأكثر خطراً وضرراً لاحقاً أثناء التنفيذ. تدرك الحكومة أكثر من غيرها أن هدراً كبيراً يحصل في معظم المناقصات والمشاريع والمشتريات تدفع هي تكاليفه نيابة عن المواطنين. ولا تخفى على الحكومة أيضاً الأسباب التي أدت إلى الوصول إلى هذا الوضع غير المقبول من الهدر والفساد ومتمماتهما، والتي يقف على رأسها ـ أي الأسباب ـ التراخي وعدم المحاسبة ووجود شركاء كثر من مختلف المستويات يقومون بتبرير تغطية تلك الممارسات مقابل أجر غير شرعي بالتأكيد. الآن وبعدكل هذا الهدر (العظيم) لا أحد يطالب بطي صفحته، لأن هذا الأسلوب لن يجدي نفعاً بل إنه يشجع الآخرين على ارتكابات أفظع. والسؤال: ألا توجد آليات تمنع الهدر وتعالجه؟ لكل مشكلة أسباب عديدة ونتائج كثيرة، ومعالجة النتائج وترك الأسباب كما هي لن يؤدي إلى حلول سليمة وجذرية تغلق الأبواب أمام إمكانية حدوث المشكلة مرة ثانية، ولذلك لابد من الانطلاق لمعالجة مشكلة الهدر من أسبابها المتنامية والتي ذكرنا بعضها آنفاً، وبقدر ما تدرك الحكومة مخاطر الهدر وأسبابه في كل القطاعات فإنها تحتاج إلى الجدية في المعالجة والحزم في الحساب. لقد مُني الاقتصاد الوطني بالكثير من الخسائر بسبب الهدر الناتج عن فساد الإدارة وتخلف القائمين عليها، وبات من الضروري إغلاق (مزراب) الهدر الذي يمتص موارد الاقتصاد الوطني ويخرجها بوصفها حقاً من حقوق الخزينة ويضعها في جيوب المستغِلّين والحرامية الذين يشعرون بالأمان والثقة نتيجة غياب المساءلة والمحاسبة والعقاب ويكتوي باثارها الشعب المسحوق الذي لن يستطيع مقاومة الصبر وقد بدأت مقدمات العاصفة اليوم بشكلها المخيف في حراك متزايد يهدد استقرار البلاد ووحدته فقد آن الأوان لإنقاذ البلاد من المجهول وعلى الجميع ادراك المخاطر التي لن تبقي ولن تذر فالذين أكثروا الفساد فهم من سيكونون سبب العذاب.
|
مقالات
الهدر الاقتصادي هو الفساد الاعظم
أخبار متعلقة