أضواء
أهمية المملكة الروحية مفهومة ومتعارف عليها عربياً، وإسلامياً لكن جوانبها الأخرى ظلت تحت مجاهر دول مهمة وكبيرة، ولهذا السبب تراوحت الطروحات بين تحامل غير مسبوق، والقليل منصف ولكنه يتوارى خلف أكداس من حالات التجني، ومع ذلك فالمملكة تحظى باهتمام غير مسبوق من نواحٍ عديدة.. معهد (بروكنغز) ومجلس العلاقات الخارجية الأمريكية أرسلا مندوبين لقراءة ما يجري بالمملكة، وهما أهم مؤسستين للفكر السياسي، فخرجا بتقرير موضوعي يتقارب وحقيقة ما يجري على ساحاتنا الاجتماعية والسياسية، والاقتصادية والتربوية، وكيف أن انفتاحنا على الحوارات الداخلية بكل صراحة وتقبلنا لإصلاحات متعددة، والبحث عن مخارج لكثير من العوائق بما فيها تنمية دور المرأة والصعود بالتعليم والتدريب، والصلاحيات التي حظي بها قطاع الأعمال، جاءت من خلال نضج سياسي قاده الملك عبدالله بروح الأب المتطلع إلى إحداث تغييرات جوهرية، ودون إخلال بالثوابت التي تسير عليها المملكة.. التقرير لم يأت مجاملة من بلد ديموقراطي كبير، وعلى اطلاع تام بما يجري في كل العالم ويهتم بشكل دقيق بالمتغيرات التي تجري على كل الساحات، وإنما جاء لأن المملكة ليست في المدار الهامشي وهي التي كافحت الشيوعية وأقامت سياجاً ضد التطرف، وعالجت الإرهاب بما يتفق ومنطق القوة والاعتدال، ثم استطاعت أن تحوِّل مداخيلها من النفط إلى واجهات عمل خطط له ليكون رصيد الأجيال في تنمية مستدامة وهذه الخارطة من العمل الكبير، هي الشاهد الذي نقله التقرير الأمريكي بكل صدق، ويأتي كأهم ردّ على تطرف مقابل من قبل من تحامل إعلامي وسياسي، قادته مؤسسات لا تعرف إلا ترجمة السلبيات، والنظر إليها من زوايا قصور حاد للمملكة.. نعم نحتاج لهذه الرؤية المنطقية، لا لتضاعف كبرياءنا، وإنما لتنطق بالحقيقة الغائبة عن الرأي العام الأمريكي، والذي رغم بساطته وصداقته، إلا أنه معبأ بالرؤى المخالفة وغير المنصفة، ومع ذلك هناك قواسم مشتركة تربط مصالحنا، لكن دون إملاءات أو آفاق مسدودة طالما أن المناخ مفتوح ومهيأ للحوار والزيارات الحرة وغير المقيدة.. أمريكا دولة مؤثرة في كل العالم، ونحن لا نقف على مسافات متباعدة معها إلا ما يؤثر على قضايانا ومبادئنا، وصداقتنا التي تعد الانفتاح المبكر مع المنطقة، جاء من خلال تطابق الأهداف وتغايرها أحياناً لكن الوقت لازال معنا بمعالجة جميع الأسباب التي تؤدي إلى السلبيات، وتحافظ على الإيجابيات.. لسنا المجتمع المغلق ولدينا أكبر المتخرجين بشهادات مختلفة من كل دول العالم المتقدم ولم نكن على عداء مع الحضارة والتقدم، ونحن نضع أكبر رقم في الميزانية للتعليم والتدريب والرفاه الاجتماعي، ونبني أكبر المجمعات التقنية والمدن الصناعية في المنطقة، ونسعى للقفز من الأرقام المتوسطة إلى ما فوقها في معادلة تحاول أن تحرك كل أدوات المجتمع والاقتصاد نحو اتجاه متصاعد وبناء وطن على ركائز علمية وحضارية تخدم الأجيال القادمة.. قائد المرحلة الملك عبدالله، هو من أعطى هذا الزخم والاهتمام بالمملكة، والتقرير المشار إليه صورة للجهد المتواصل الذي يبذله، ويجعله هدفه الدائم والمستمر..[c1] * صحيفة ( الرياض ) السعودية[/c]