أوباما
في خطابه التاريخي.. من على منبر جامعة الأزهر.. قال السيد/ باراك أوباما الرئيس الأمريكي إنه أتى ليخلق وئاماً جديداً بين المسلمين والغرب، وعبر بكلمات رصينة وأكيدة وعلى مدى (54) دقيقة أنه يسير إنه على خطى السيد الرئيس (توماس جيفرسون) الرئيس الثالث للولايات المتحدة في الأعوام (1801 - 1809م).. وهو توجه جاد لرجل استطاع أن ينال عاصفة من التصفيق الحار في حرم الجامعة، لم ينلها رئيس عربي أو غربي في محفل كهذا من قبل عدا الرئيس الفلتة (جمال عبدالناصر) رحمة الله عليه..* باراك أوباما بدأ بتلقائية ووثوق كبيرين وهو سلوك ينبئ عن مفاجآت في السياسة الأمريكية وانفراج دولي، وبدء الحلحلة للقضية المركزية، قضية فلسطين وقد لمس العالم مدى جدية وحيادية ومبدئية الرجل الذي بلغت صراحته مبلغاً لم يصل إليه رئيس من قبله. وهذا يذكرنا بسلفه (الممقوت - بوش) الذي كان ظهوره دائماً يعبر عن القلق والبؤس والتشاؤم والاشمئزاز.. ولا وجه للمقارنة.وباراك أوباما لم يأبه للبروتوكولات التي استقبل بها في مصر، كرئيس لدولة عظمى حيث استقبل من قبل وزير الخارجية المصرية، ربما لمرض السيد/ حسني مبارك أو اعتلال صحته ومزاجه جراء فقدانه حفيدة.. أو لاختبار أرادوه لمعرفة مدى تقبل الرئيس أوباما له.. وظهر الرجل متجلياً وكأنه بين أهله وناسه، ووالله لقد ذرفنا الدموع في ثلث خطابه الجميل الذي أعادنا إلى حقبة كنا قد نسيناها من خطب الحث والحض على المكارم وإظهار التاريخ المشرق المتجلي بالآيات القرآنية الكريمة والحكم العربية الأصيلة.. وهي أشياء اكتسبها الرئيس أوباما من تربيته وإرثه وحصافته، وقدرته على استنباط الحلول وفرض الواقع بحب وكياسة فريدين.* لقد كان الخطاب رسالة للعالم كله.. ومن أراد الحرية والعدالة والمساواة فعليه أن يقرأ مابين السطور، وأن يبدأ في التفكير بالتغيير لصالح الشعب والوطن بعيداً عن المؤثرات، التي ربما تكون عاملاً مساعداً، لكنها ليست صانعة القرارات والحلول.. وهي رسالة ربما لن تتكرر.. ولن يجود التاريخ بمثيل لها.. خاصة في الحقبة الأميركية من قرننا الحالي.* ولتبيان فكر أوباما واستشهاده بالرئيس جيفرسون.. لابد لنا من أن نسلط قليلاً من الأضواء على الرجل.. فهو (جيفرسون) من كتب وثيقة إعلان الاستقلال الداعية لفكرة الديمقراطية الزراعية.. وهو من وضع أسس إلغاء الوقف وقصر الوراثة على الابن البكر.. وهو من سمح بالحرية الدينية ونظام المدارس العامة..* كان جيفرسون هو أول من اتخذ واشنطن عاصمة العامة.. وأنشأ جامعة فرجينيا واستمر في نشاطه العلمي والمعماري والسياسي.. وكان مؤمناً بأن الشعب المستنير نتيجة التربية الحرة، يستطيع أن يحكم نفسه في ظل النظم الجمهورية الديمقراطية حكماً أفضل مما يتاح له في ظل غيرها من النظم..* لذلك يقرأ أوباما إرث جيفرسون ليطبقه تماماً في واقع اليوم بفارق قرنين من الزمان.. وهو سلوك أثلج الصدور وعليه نعلق الآمال في أن تتغير الحياة تماماً بعكس ما كانت عليه في عهد سيء الصيت (جورج دبليو بوش) الذي نأمل ونرجو أن لا يفلت من العقاب على جرائمه التي هزت العالم.* مرحباً أوباما. ومرحى لك وأنت تعيدنا إلى الصواب.. وإننا لفي انتظار خطواتك التي لا نشك في نجاحها أبداً.. ولك في قلوبنا محبة كبيرة، لأننا كنا قد توقعنا قبل فوزك بأنك الأمل المرتجى لهذا العالم.