جاء خطاب رئيس وزراء الكيان الصهيوني في الرابع عشر من مايو منسجماً تماماً مع الفكر الصهيوني، والاستراتيجية الصهيونية، وكشف بشكل واضح وغير قابل للبس الموقف الصهيوني من السلام.ماذا قال نتنياهو؟ قال: دولة فلسطينية منزوعة السلاح من دون أن يذكر حدود هذه الدولة، والأمن مسؤولة عنه إسرائيل.قال: القدس عاصمة أبدية لإسرائيل، وأكد (القدس الموحدة) أي القدس الشرقية والغربية.قال: موضوع اللاجئين يجب أن يجري حله عن طريق العرب ولا عودة للاجئين، وتحدث عن هجرة اليهود من الدول العربية وغيرها إلى فلسطين، في إشارة منه إلى أنهم عادوا إلى أرضهم.. وهنا لابد من التأكيد على أن الهجرة والاستيطان الصهيوني شكلا الركيزة الأساس لقيام دولة الكيان الصهيوني، وقد وضعت المنظمة الصهيونية خططاً وبرامج مرحلية لتنفيذ هذه السياسة. وأكد زعماء الحركة الصهيونية أنه ومن أجل تجسيد الفكرة الصهيونية لابد من الهجرة إلى فلسطين وبدونها تبقى كل جهود الحركة الصهيونية في الهواء.ففي المرحلة الأولى كان الهدف من الهجرة خلق واقع يهودي على أرض فلسطين، حتى يتمكن من الوصول إلى صيغة الوطن القومي لليهود.ومع نهاية الانتداب البريطاني أصبح هدف الهجرة هو حل مشكلة اليهود الذين شردوا ثم رفعوا شعار الدولة، ثم أصبح هدف الهجرة هو استيطان الأراضي الجديدة التي تم احتلالها بعد عام 1967م.وللتدليل على ذلك قال بن جوريون: “إن انتصار إسرائيل النهائي سيتحقق عن طريق الهجرة اليهودية الكثيفة”.فقط أردت أن أقول لرئيس وزراء الكيان الصهيوني إن الإدعاءات التاريخية لكم في فلسطين باطلة، ولولا تحالفكم مع الاستعمار والتقاء المصالح، لما تمكنتم من الهجرة إلى فلسطين والاستيطان وإقامة كيانكم الصهيوني.عبر التاريخ عاشت في فلسطين شعوب وجماعات مختلفة، وعلى ترابها قامت حروب كثيرة بين الغزاة وسكانها، وفتح المسلمون القدس زمن الخليفة عمر بن الخطاب، وأصبحت منذ ذلك التاريخ تحت الراية الإسلامية.تعاقبت على أرضها دول وجماعات وأسر إسلامية ثم صليبية ودمر الصليبيون ما بناه المسلمون إلى أن جاء صلاح الدين الأيوبي وحررها في معركة حطين عام 1187م، ثم تعرضت لهجوم صليبي آخر، وتم تحريرها نهائياً على يد الأشرف خليل بن السلطان سيف الدين قلاوون.ثم أصبحت فلسطين تحت سيطرة المغول ثم حكم المماليك إلى أن جاء العثمانيون وطردوا المماليك من بلاد الشام ومصر. وبقيت الشام تحت الحكم العثماني قرابة أربعمائة عام أي من عام 1516 إلى 1918م.يقول نتنياهو إنه يريد من الفلسطينيين أن يعترفوا بدولة يهودية، ونحن فقط نذكر - ونتنياهو وزعماء الصهاينة يعرفون - أن الشعب الفلسطيني أعلن موقفه من هذا الموضوع عند الإعلان عن قرار التقسيم رقم (181) في 1947/11/29م، هذا القرار الجائر الذي قسم أرض فلسطين وأعطى الحق للصهاينة بإقامة دولة لهم في فلسطين، وهذا ما دفع بالشعب الفلسطيني لحمل السلاح للدفاع عن أرضه حتى اليوم.نتنياهو يقول إنه لا يمكن أن يقيم سلاماً مع حماس التي تشكل خطراً على أمنه، فهو بهذا يدعو إلى التخلص من حماس أي دعوة إلى الاقتتال الفلسطيني وتصفية بعضنا بعضاً.لا أعرف عن أي دولة يتكلم نتنياهو، إذا كانت منزوعة السلاح وبلا جيش، وبلا حدود ومن دون القدس، ومن دون عودة اللاجئين، وقبل هذا ضرورة قتال فلسطيني ينهي حماس والمقاومة، هل هذا هو السلام؟ ما هو موقف أمريكا؟ ما هو موقف دول أوروبا؟ لم يتأخر الرد. لقد جاء سريعاً بل سريعاً جداً أمريكا رحبت، وفرنسا رحبت، وبريطانيا رحبت بما جاء في بالخطاب أي أن مفهوم الدولة الفلسطينية التي يتحدثون عنها هي مفهوم حكومة الكيان الصهيوني، المفهوم واحد، والكل يعبر بطريقته.نتنياهو كان واضحاً وصريحاً وقطع الطريق على الجميع وقال هذا ما نريده.يبقى السؤال ماذا نريد نحن الفلسطينيين، وماذا يريد العرب بعد سماع خطاب نتنياهواً.السلطة الفلسطينية وكما جاء على لسان السيد/ قريع رفضت كل ما جاء في الخطاب، وأكد قريع أننا موجودون في فلسطين قبل جد جدة نتنياهو، وأن نتنياهو لا يريد السلام، وما زلنا ننتظر الموقف العربي، ونقول هذا، لأن الأشقاء العرب تقدموا بمبادرة السلام العربية، وهذا هو موقف نتنياهو والذي أيدته اليوم أمريكا ودول أوروبية، هل من موقف؟الشعب الفلسطيني لن يقبل إلا بالعودة وفق قرار 194، والشعب الفلسطيني لن يقبل إلا بدولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدس الشريف.وخيار الشعب الفلسطيني سيكون ويبقى خيار المقاومة، ولن تأتي الدولة الفلسطينية المستقلة إلا بالمقاومة.
قراءة في خطاب نتنياهو
أخبار متعلقة