نعمان قائد سيفبين الحياة والموت شعرة انتظار لا يعلم المرء متى بالضبط سيجتازها مكرهاً إلى العالم الآخر بلا عودة!في جلساتنا المنفردة كانت الحياة أكثر حضوراً حتى في ساعات التذمر، أو عندما نندب الفرص التي ضاعت خلال ما مضى من سنوات العمر المهدرة التي نبكيها لاحقاً، مع انه كان الأوفر حظاً بما لا يقاس في تحقيق غايات وأمنيات سعى اليها، ترجمة لفلسفة حياته الخاصة التي اختارها لنفسه خلاف كثيرين يحلمون ويبطنون!خلال السنوات الأربع الأخيرة توطدت علاقتي بالراجل الأنيس عصام، فقد عدت إلى عدن هرباً من الفراغ الذي وجدت نفسي فيه، ودفعت فيه أرخص ثمن مختاراً لقاء تمسكي بقناعاتي وفلسفتي في الحياة اجمالاً دون حسد لاحد!أصطفيت الانتداب إلى صحيفة 14 أكتوبر كملاذ جميل رغم ما آلت اليه بفعل الصراعات السياسية التي عصفت بالوطن خلال مراحل التنافس العنيف على كرسي الحلاق (الحكم) الدوار، وكان من بين أهدافي السامية استعادة العيش على ذكريات أولى سنوات علاقات المهنة الجميلة بما فيها ـ بفعل السياسة ـ من توجس وخوف وقرف كانت تذرهما ساعات التصابح والتماسي في العمل، وفي مثلها كنا ننفض غبار مسؤولية التكتلات الثقيلة في أي مكان نختاره من سواحل وتضاريس المدينة الوديعة.كان عصام واحداً من قلائل مقبل على الحياة بطريقته رغم ترديده للزمته التشاؤمية مع من يحب ان يمزح (بخت تعيش)، وكان يرى في الحياة فرصاً لا تتكرر ولا تعوض، فالتقط اطراف الكثير من خيوطها المتشابكة ويتملص منها، وساعد عديدين على خلفية ذكريات لا تنسى على تحقيق ما شعروا في لحظة عجز أو احباط الاستحالة، مع انها في نظره من توافه الأمور التي يعظمها بعض القادرين على المساعدة ولا يفعلون وأشهد بأن عصام أخذ بيد عديدين طلبوا عونه حتى دون معرفة مسبقة به وسيذكره الأوفياء كلما يحتاجون.في إطار المهنة فرقتنا السياسة وتركت جروح وخدوش في النفوس، ولكن مبادرات التصافي العفوية غالباً كانت ـ وحتى آخر لقاء من حياة الراحل المبادر ـ تجمع زملاء الخلاف لإعادة الوصل والتواصل وتصفية ما علق في الذاكرة المتعبة، والحيلولة دون أي انفصام قادم تنبىء به تداعيات المرحلة ومخلفات الماضي الآثم!المهم ان تستمر الحياة إلى أن يحين موعد الغفلة ونرحل إلى حيث لا ندري ولا نعود، وإنا لعصام فاقدون!
|
تقرير
فاقدون
أخبار متعلقة