صنعاء - سبأتنامى دور المرأة اليمنية وإتسعت مشاركتها في مختلف مناحي الحياة خلال الستة عشر عاماً الماضية وسجلت حضوراً ملموساً على المستويين الرسمي والشعبي وبرز العديد منهن على أكثر من صعيد. وكان ذلك نتيجة طبيعية للتوجهات الرسمية والشعبية منذ إعلان الجمهورية اليمنية في الـ 22 من مايو 1990م المؤكدة على مشاركة المرأة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.وشكلت نصوص دستور الجمهورية اليمنية مرجعا أساسيا للمشرع عند وضعه القوانين، التي تأصل حقوق المرأة في المشاركة بجميع أشكالها ، وأهمها المشاركة السياسية التي عززها قانون الانتخابات الذي ضمن للمرأة حق الانتخاب والترشيح ، وتشجيعها على ممارسة حقوقها السياسية باعتبارها كاملة الأهلية لممارسة هذه الحقوق كناخبة ومرشحة.وترجمة تلك النصوص الدستورية الخاصة بتأكيد مبدأ المساواة بين المرأة والرجل من خلال منظومة واسعة من القوانين ، أبرزها قوانين ( الخدمة المدنية ، والأحوال المدنية ، والسجل المدني ، والعمل والتأمينات الاجتماعية ، والسلطة القضائية ، والإجراءات الجزائية والجنسية لتشكل في مجموعها أساسا قانونيا لممارسة المرأة اليمنية لحقوقها السياسية والاجتماعية والاقتصادية وتعزيز مشاركتها وتطوير أوضاعها.وتؤكد الأخت رشيدة الهمداني رئيسة اللجنة الوطنية للمرأة أنه خلال ستة عشر عاما حققت المرأة اليمنية الكثير من الإنجازات في ظل التوجه السياسي العام بالإضافة إلى تعديل بعض القوانين ووضع الاستراتيجيات الوطنية التي كرست لصالح المرأة وكذا إيجاد المدخلات لأنشطة المرأة وبرامجها في أطار الخطة الخمسية الثالثة وإنشاء إدارات عامة للنهوض بواقع المرأة ومساعدتها على التواجد واثبات حضورها في كافة مجالات الحياة السياسية والعامة . واضافت الهمداني في تصريح لوكالة الأنباء اليمنية ( سبأ )ان أوضاع المرأة خلال الأعوام الماضية شهدت تطورات كبيرة في مختلف المجالات وتبوأت المرأة مناصب ومراكز قيادية مهمة, وأصبحت تتواجد في مختلف المؤسسات ومرافق العمل المختلفة, إذ أصبحت اليوم في موقع الوزير وتشغل حقيبتان وزاريتان وزارة حقوق الإنسان ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل إلى جانب تواجدها كقاضية وعضوة في البرلمان ودبلوماسية ومستشارة, وقيادية وحزبية في أعلى مراتب القيادة , فضلا عن كونها طبيبة ومهندسة وأكاديمية وأديبة".مؤكدة ان ذلك تحقق بفضل الوحدة والديمقراطية والتعددية السياسية التي أفسحت المجال واسعا أمام المرأة اليمنية، والاهتمام الكبير الذي توليه القيادة السياسية للمرأة، ولا يزال المستقبل يحمل في جعبته الكثير من المفاجآت السارة للمرأة اليمنية.وتشير الإحصائيات إلى وجود خمس نساء حاليا يشغلن منصب وكيل وزارة وست نساء يشغلن منصب وكيل وزارة مساعد ، وأكثر من 97 امرأة في منصب مدير عام في الجهاز الحكومي للدولة, وكذا 123 امرأة في السلك الدبلوماسي، ثلاث منهن بدرجة سفير ، وثلاث بدرجة سفير مفوض ،وأربع بدرجة مستشار ، و13 يتوزعن ما بين سكرتير أول وملحق دبلوماسي.وتجمع العديد من الدراسات والتقارير الحديثة أن المرأة اليمنية استطاعت بفضل التوجه السياسي العام للدولة والتشريعات التي تم وضعها في مرحلة ما بعد الوحدة ، وفي إطار البرامج الحكومية أن تعزز من مستوى مشاركتها في الحياة العامة ، وأن ترفع من مستوى حضورها ومشاركتها في الحياة السياسية والاقتصادية والتنموية حتى وصلت إلى عضوية مجلس النواب ومجلس الشورى " السلطة التشريعية " ومؤخرا إلى مجلس الوزراء، لتتبوأ حقيبتان وزاريتان ذات حيوية وأهمية كبيرة في عملية التحول ، فضلا عن المشاركة المتزايدة للمرأة في الجهاز القضائي بشقيه " المحاكم ، والنيابيات ، وفي المحاماة " ، إضافة إلى انخراطها في جهاز الأمن من خلال الشرطة النسائية ، وفي سلك القضاء تم مؤخرا استيعاب عدد كبير من القاضيات في مناصب عليا, حيث تم تعيين خمس قاضيات أعضاء شعب استئنافية وقاضيتان في المكتب الفني بمكتب النائب العام, وأربع قاضيات رؤساء محاكم وقاضية رئيسة نيابة ابتدائية وسبع قاضيات في محاكم ابتدائية وإحدى عشر قاضية أعضاء نيابة استئنافية, وخمس قاضيات وكيلات نيابة فضلا عن وجود أكثر من 35 امرأة يعملن كمحاميات.وتكشف الأعداد المتزايدة للنساء اللائي يشغلن وظائف عمومية في مستويات مختلفة ، إلى أن المرأة اليمنية تخطت الكثير من الحواجز التي كانت تحول بينها وبين المشاركة في الحياة العامة ، وتعدت ذلك لتسجل حضورها الإيجابي في هيئات صناعة القرار وفي المراكز العليا للسلطة وكمجالس النواب والشورى والوزراء . حيث استحدثت حكومة دولة رئيس الوزراء عبد القادر باجمال في أبريل 2001ولأول مرة في تشكيل حكومي وزارة لحقوق الإنسان ووضعت على رأسها امرأة ، هي الدكتورة وهيبة وفارع ، وفي الحكومة التالية أصبحت الأخت أمة العليم السوسوة وزيراً لحقوق الإنسان ، بعد أن كانت أول سفيرة يمنية تم تعيينها عام 2001 م في هولندا. وحاليا تعمل أمين عام مساعد للأمم المتحدة ، كما شمل التعديل الوزاري الأخير وزيرتان هما الدكتورة خديجة الهيصمي لحقوق الإنسان وأمة الرزاق حمد لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل . [c1]المرأة وقوى العمل [/c]اما في المجال الاقتصادي فأوضحت رئيسة اللجنة الوطنية للمرأة ان الإحصائيات تشير إلى أن مشاركة النساء تنمو بصورة مقبولة حيث تبلغ مشاركتهن في النشاط الاقتصادي الريفي 25.9 بالمائة مقابل 70.7 بالمائة للرجال, بينما تتدنى في الحضر إلى 11.5 بالمائة مقابل 68 بالمائة للرجال ..وتتركز مشاركة النساء في العمل التقليدي لقطاع الزراعة والصيد بدرجة رئيسية , ثم في التعليم 4.3 بالمائة, فالصناعات التحويلية 2.6 بالمائة.. في حين تعمل 91.7 بالمائة من النساء في القطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية مقابل 6.3 بالمائة يعملن في القطاع الحكومي ، ويشكل حضورها في قوه العمل مانسبته (25) في المائة .الدكتور أحمد الأصبحي عضو مجلس الشورى أشار الى وضع المرأة اليمنية قبل قيام الثورة والذي كان أسوأ من وضع اخيها الرجل .. موضحاً أنها لم تكن تتساوى مع أخيها الرجل إلا في صعوبات الحياة ومشقاتها وفيما يتعرض له الاثنان من قهر وامتهان وان كانت تفوق الرجل في ارتفاع معدلات الأمية.. وأضاف:" بفضل التوجه العام الذي شكل مرحلة التقدم المتسارع لنيل المرأة حقوقها ومشاركتها في صنع القرار حيث شرع بتحديد معالم النهوض بالمرأة وكانت أولى معالمها ذلك الحوار الوطني الشامل الذي أفضى إلى اتفاق مختلف ألوان الطيف السياسي على الميثاق الوطني والذي شاركت المرأة في صياغته"وقال:" إن المرأة أصبحت اليوم تلعب دور هام في الحياة السياسية والاجتماعية والتنموية مؤكداً انه لا تنمية شاملة إلا بمشاركة المرأة" .فيما اكد السفير غالب سعيد العدوفي رئيس دائرة الشؤون القانونية والمعاهدات بوزارة الخارجية أن المرأة اليمنية حققت بعد الثورة اليمنية الخالدة مكاسب ونجاحات غير مسبوقة في كافة الاتجاهات والمجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية . وقال:" أن للمرأة حضورها الحيوي والملموس في كافة المراحل وفي مختلف الظروف التي مر بها المجتمع اليمني وأثبتت أنها أهل لما تحلم به وجديره بما تطمح إليه، وجديرة باحترام المجتمع والقيادة السياسية التي تحرص على إتاحة الفرص وفتح الأبواب أمام المرأة اليمنية،حتى يتسنى لها أداء دورها في عملية التنمية والبناء".مشيراً الى ان دور المرأة الفاعل في مسيرة الوطن وخاصة منذ الثاني والعشرين من مايو حيث اثبتت انها فعلاً نصف المجتمع.. ملفتاً الى أن ما يقرب من أربعين في المائة من المسجلين في سجلات الناخبين هن من النساء، بما يؤكد حرص المرأة مشاركة أخيها الرجل في صنع غد مشرق لليمن قائما على الحرية والديمقراطية.[c1]المرأة والانتخابات [/c]وفي ظل النظام العالمي الجديد وتزايد الدعوات للإصلاح والديمقراطية، وبالذات في بلدان العالم الثالث، يحتل موضوع المشاركة السياسية للمرأة أهمية خاصة وتمثل الانتخابات وسيلة لتمكين المرأة من تبوؤ مكانتها في مؤسسات صنع القرار باعتبارها تشكل نصف المجتمع.. وقد تمكنت المرأة اليمنية خلال الفترة الماضية من تعزيز حضورها ومشاركتها في الحياة السياسية كناخبة, و سجلت مشاركتها تزايدا ملحوظا منذ أول انتخابات نيابية جرت في أبريل عام 1993 م.. وتشير تقارير اللجنة العليا للانتخابات إلى أن عدد النساء اللائي شاركن في الانتخابات النيابية الثالثة في إبريل 2003، بلغ 3.4 مليون ناخبة, مشكلة بذلك نسبة 44 بالمائة من إجمالي عدد الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم في تلك الانتخابات ، الا أن حضور المرأة وتمثيلها كمرشحة ونائبة في البرلمان ، شهد تراجعا ، مقارنة بما كان عليه الحال في انتخابات عامي 1993 و1997, حيث شغلت المرأة مقعدين في برلماني 93 و 97، ولم تحصل سوى على مقعد واحد في انتخابات 2003م بعد ان حققت نتائج مشجعة في انتخابات المجالس المحلية التي جرت في فبراير 2001، حيث فازت 35 امرأة بعضوية المجالس المحلية على مستوى المديريات والمحافظات..بالاضافة الى تمثيلها في الأحزاب والتنظيمات السياسية والذي يتراوح حاليا بين 25 - 50 بالمائة. واعتبرت الدكتورة خديجة الهيصمي وزيرة حقوق الإنسان مشاركة المرأة في مختلف جوانب الحياة، ضرورة حيوية لنمو المجتمع وحدوث التوازن فيه إذا ما أريد لهذا المجتمع أن يواكب متطلبات الحياة العصرية، واستحقاقات التطور البشري في القرن الحادي والعشرين.وقالت:" لقد كانت المرأة اليمنية على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقها حيث استطاعت أن تقطع شوطا كبيرا في هذا الجانب، وجاءت الوحدة لتمنح المرأة حق المشاركة في جميع مجالات الحياة العملية ومنها مشاركتها في الانتخابات البرلمانية والمحلية كناخبة ومرشحة، كما جاءت الخطة الخمسة الثانية لتؤكد على أهمية مشاركة المرأة في العمل السياسي كعامل هام للتسريع في التنمية السياسية وتطورها، وجاءت جميع القوانين الانتخابية لتدعم مشاركة المرأة في الانتخابات والترشيح والاستفتاء، وبالفعل كانت الانتخابات البرلمانية عام 1993م الانطلاقة الأولى للمشاركة الواسعة في الحياة السياسية حيث بلغت نسبة مشاركتها 16% من مجموع عدد المسجلين في الانتخابات ووصل عدد المرشحات إلى 24 مرشحة وزادت النسبة في انتخابات 1997م لتصل إلى 38 % من المسجلين و23 مرشحة فازت اثنتان منهما بعضوية مجلس النواب.منوهة الى ان الدولة تركز في برامجها للفترة المقبلة على إيلاء اهتمام متزايد للاعتناء بأوضاع المرأة بما يمكنها من المشاركة الواسعة وتحقيق الاندماج الاجتماعي على قدم المساواة مع الرجل ، ورفع معدل التحاق الفتيات بالتعليم الأساسي إلى 70 بالمائة في عام 2010م و90 بالمائة في عام 2015م, إلى جانب تعزيز مشاركتها . فيما وصفت الأخت رمزية الأرياني رئيس اتحاد نساء اليمن مرحلة التسعينيات بأنها مرحلة تعمق الديمقراطية والحقوق المتساوية لجميع المواطنين رجالا ونساء واثبتت المرأة تواجدها من خلال مشاركتها في مختلف الانشطة والفعاليات ، ففي انتخابات عام 2003 م النيابية سجلت حضوراً قويا كناخبة بنسبة 49 بالمئه من مجموع الناخبين ، كما تولت مواقع قيادية بارزة في بعض الأحزاب فهي أمين عام مساعد في المؤتمر الشعبي العام وكذلك أمين عام مساعد في الحزب الاشتراكي إلى جانب وجود مديرة دائرة في اللجنة العليا للانتخابات. مؤكدة ان المجتمع بدأ يتقبل وجود المرأة في مناصب قيادية ويدرك أهمية دورها في التنمية وتطور الوطن،وقارنت بين اقبال المرأة على التسجيل والحصول على البطاقة الانتخابية في بداية التجربة الديمقراطية وماصارت عليه الآن، موضحة أنه كان يدفع بالنساء للتسجيل دفعا أما الآن فأنهن يذهبن بأنفسهن وعن قناعة ووعي منهن بأن هذا الحق من حقوقهن المكفولة لهن. واعتبرت الاخت رشيدة الهمداني قبول الأحزاب السياسية بمنح وإعطاء فرص للنساء من خلال نظام الحصص (الكوتا) يعتبر إنجازا كبيراً خاصة وان المؤتمر الشعبي العام بدأ يطبقها على الواقع العملي. [c1]المرأة والتعليم [/c]وادركاً منها للاهمية الكبيرة لتعليم الفتيات في حاضر ومستقبل الاجيال ، فان الحكومة تسعى بكل السبل والوسائل المتاحة لتشجيع التحاق واستمرار الفتيات في صفوف ومراحل التعليم المختلفة.ويفيد المسح الوطني للتعليم العام في الفترة 2002 - 2003م، أن الإناث يمثّلن 45.3 بالمئه من مجموع أعداد التلاميذ (من عمر 6 إلى 15) المسجلين في التعليم الأساسي وفي العام الدراسي نفسه، شكلت الإناث 38 بالمئه من مجموع أعداد الطلاب المسجلين في التعليم الثانوي، وقد ارتفع عدد طالبات هذه المرحلة التعليمية منذ 1993 - 1994م في حين لم تكن الفتيات يمثلن سوى 18 بالمئه من مجموع أعداد الطلاب، مقابل 82 بالمئه.وعلى المستوى الجامعي بلغت نسبة الإناث الملتحقات بالتعليم الجامعي خلال العام 2003م حوالي 30 بالمئه من عدد الطلبة المسجلين في مرحلة التعليم الجامعي .وأشارت الإحصائيات إلى أن أكثرية الطالبات الملتحقات بفرع التعليم في الجامعات هن في فرع التربية (55 بالمئه من مجموع الطالبات)، 60 بالمئه في اللغات ويمثلن في الآداب نسبة 42 بالمئه وفي الاقتصاد والتجارة 12 بالمئه، وفي الطب وعلوم الصحة 40 بالمئه وفي العلوم 42 بالمئه. ولا يدرس إدارة الأعمال سوى 2.93 بالمئه من الإناث و3 بالمئه في الشريعة والحقوق، و8 بالمئه في الهندسة.كما تمثل الإناث 50 بالمئه من الطلبة في مركز التعليم التجاري و30 بالمئه في مركز التعليم الصحي، وأكثر من 16 بالمئه في مركز التعليم المهني الصناعي و13 بالمئه في مركز التعليم المهني الزراعي، وفي عام 2003م بلغ التحاق الإناث بعد الثانوية بالمعاهد الفنية 12 بالمئه والتقنية 5 بالمئه وبلغ التحاق الإناث بالمعاهد الفنية والمهنية 6 بالمئه وهناك مراكز تدريب مهني أخرى تفتح أبوابها أمام الإناث، كمركز تأهيل المعوقات، وغيرها من مراكز التأهيل في القطاع الخاص، ومراكز تأهيل المرأة العائدة لأحزاب سياسية واتحادات نسائية.
|
دراسات
المرأة اليمنية .. مشاركة فاعلة ونجاحات كبيرة
أخبار متعلقة