بوش لدى زيارته الكويت أمس
طهران / 14اكتوبر / لين نويهض :حذر الرئيس الأمريكي جورج بوش إيران الأربعاء الماضيمن “عواقب خطيرة” إذا هاجمت السفن الأمريكية في الخليج، وقال إن جميع الخيارات مطروحة على المائدة. ويمر في مضيق هرمز 17 مليون برميل نفط يوميا وهو ما يزيد عن ثلث إجمالي شحنات النفط الخام العالمية. وسيسعى الرئيس الأمريكي جورج بوش للحصول على تأييد زعماء دول الخليج العربية هذا الأسبوع لكبح جماح إيران لكنه قد يجد أن حلفاءه التقليديين باتوا أكثر ميلا للمسار الدبلوماسي الخاص بهم بسبب إحباطهم من سياساته. وشهدت الكويت والبحرين والإمارات والسعودية انزلاق العراق ولبنان والأراضي الفلسطينية إلى أزمات، كما شهدت تنامي نفوذ إيران بدلا من تراجعه خلال الأعوام السبعة التي قضاها بوش في الحكم. قال جيرد نونمان وهو أستاذ في مجال دراسات الخليج بجامعة اكستر “العائلات الحاكمة في الخليج تتطلع لزيارة بوش بنوع من الاستسلام والضجر، وربما بأمل عبثي في توضيح أنهم يريدون بشكل قاطع نجاح عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين... وقضية إيران.” وأضاف “من ناحية يريدون استراتيجية دبلوماسية مشتركة لتفادي ظهور إيران مسلحة نوويا لكنهم يقولون أيضا نعتقد أن بإمكاننا التعامل مع إيران بشكل أكثر فعالية. نعتقد أننا نستطيع نزع فتيل الأزمة بالتعامل مع إيران.” ومنذ فترة طويلة تنظر دول الخليج العربية التي يحكمها السنة بقلق إلى جارتها الشيعية الطموحة لكنها، بدأت تتعامل مع إيران بشكل علني العام الماضي. وزار الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد العاهل السعودي الملك عبد الله في مارس آذار. وأصبح أول رئيس إيراني يدعى رسميا لأداء شعائر الحج في ديسمبر كانون الأول الماضي. وفي وقت سابق من ذلك الشهر دعت قطر أحمدي نجاد لحضور قمة لدول مجلس التعاون الخليجي. وكان أول زعيم إيراني يحضر قمة المجلس الذي تهيمن عليه دول سنية رغم أن تصريحاته لم تخفف من قلق الحاضرين. كما زار أيضا البحرين. وأثارت هذه التعاملات الرفيعة المستوى دهشة البعض في واشنطن. لكن محللين يقولون إنه بالنسبة لدول الخليج العربية المجاورة لإيران والتي لبعضها مثل الإمارات علاقات تجارية وثيقة مع الجمهورية الإسلامية فإن الحوار أمر منطقي إلى حد ما. ويرون أن زيارة بوش لدول الخليج وجميعها متحالفة عسكريا واقتصاديا وسياسيا مع بلاده للمرة الأولى خلال عامه الأخير في الحكم يبرز عدم وجود تعاملات أكثر نشاطا. وقال نونمان “كان هناك منظور بأن الولايات المتحدة ليست مسيطرة على الوضع وأنها في بعض الأحيان كانت تزيد الأمور سوءا أو لا تطبق سياسة متماسكة... عزز ذلك إحساس (دول الخليج) بأن عليها أن تتحرك من تلقاء نفسها.” وتنامى نفوذ إيران في العراق منذ أطاح الغزو الذي قادته الولايات المتحدة بالرئيس السابق صدام حسين ووضع حكومة يهيمن عليها الشيعة في بغداد تجمع كثيراًَ من أعضائها علاقات وثيقة بالجمهورية الإسلامية حيث كانوا يعيشون في المنفى لسنوات. وتضررت البنية الأساسية للبنان نتيجة الحرب مع إسرائيل عام 2006 لكن جماعة حزب الله اللبنانية المؤيدة لإيران خرجت من الحرب قوية سياسيا. وسقط لبنان منذ ذلك الحين من أزمة إلى أخرى في الوقت الذي تتصارع فيه الحكومة المدعومة من واشنطن والمعارضة المدعومة من إيران على السلطة. وخاطرت دول الخليج العربية بإثارة استياء الرأي العام بمشاركتها في مؤتمر سلام الشرق الأوسط الذي استضافته الولايات المتحدة في مدينة أنابوليس بولاية ماريلاند لتجد بعد ذلك أن أنشطة الاستيطان الإسرائيلي مستمرة دون كلل. ومما زاد من الحيرة رفض بوش استبعاد الخيار العسكري للحد من طموحات إيران النووية رغم أن تقرير المخابرات الوطنية الأمريكية ذكر أن الجمهورية الإسلامية أوقفت برنامجها للتسلح النووي في عام 2003. ورغم أن لطهران علاقات عدائية مع واشنطن منذ 29 عاما فإن حلفاء واشنطن العرب هم الذين يواجهون غضب الرأي العام بسبب السياسات الأمريكية وهي حالة غضب ربما ساعدت تنظيم القاعدة على ضم مجندين جدد. وكتب عماد حرب من مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية “ سيكون الرئيس (بوش) على الرحب والسعة في العالم العربي ولكنه يجب أن يتوقع شكاوى العرب بشأن مغامرته في العراق وكيف أدت بشكل غير مقصود إلى تقوية إيران في بغداد وإضعاف الجبهة العربية ضد أي تمدد إيراني محتمل.” وأضاف “وسيريد القادة العرب لاسيما في منطقة الخليج العربي سماع إيضاحات الرئيس بوش عن المنطق وراء إصراره على التشدد والتلويح بالخيار العسكري لحل أزمة الملف النووي الإيراني بدل العمل الدبلوماسي الجاد.” وبذلت السعودية مساعيها الدبلوماسية الخاصة في السنوات الأخيرة للتوسط بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس وحركة المقاومة الإسلامية (حماس). كما تدخلت بثقلها لمنع تصعيد الأوضاع في لبنان. وأوضح وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل الأربعاء الماضي أن المصلحة الوطنية ستأتي في المقام الأول فيما يتعلق بالتعامل مع إيران. وقال “ نحن لنا علاقات بإيران ونتحدث معهم وإذا شعرنا بأي خطر لا يمنعنا أبدا العلاقات التي بيننا ان نتحدث عنها معهم وبالتالي نحن نرحب بأي موضوع سيطرحه فخامة الرئيس (بوش) وسنناقش المواضيع التي يطرحها من وجهة نظرنا.” ويقول محللون إن مسألة تفكيك العلاقات الوثيقة بين دول الخليج العربية والولايات المتحدة ليست واردة بالمرة، فواشنطن هي المورد الأساسي للأسلحة لهذه الدول الحيوية في إمدادات النفط العالمية. ومع اقتراب موعد انتخاب رئيس أمريكي جديد العام المقبل ستنتظر هذه الدول الفرصة المناسبة بدلا من السعي لتغيير استراتيجي. لكن الحادث الذي وقع هذا الأسبوع، حيث قالت واشنطن أن زوارق إيرانية اقتربت من ثلاث سفن حربية أمريكية أظهر كيف يمكن أن يتفاقم التوتر بسرعة في منطقة الخليج. وقال نيل باتريك وهو محلل كبير بمجموعة معالجة الأزمات الدولية “دول مجلس التعاون الخليجي ستسعى للحصول على تأكيدات (من واشنطن) بشأن استمرار الموقف الحازم من إيران...لكنها ستريد تأكيدات أيضا بأنه لن تكون هناك مبالغة في رد الفعل مثلما حدث في هذه الواقعة.” وأضاف “الالتباس سينقضي برحيل هذه الإدارة...الآن تتطلع (دول الخليج) لمن سيأتي (في انتخابات الرئاسة الأمريكية) وكيف سيصيغ السياسة.”