رحاتي مع المسرح ..من أثينا الى عدن الحلقة رقم (208)
أبو لو باهتمام : لا أرى بينكم زعيمكم الشيخ فهل تعلمون أين مكانه ؟حورية : لست أدري مولاي ! .. (شاعر) : من ياعبيد الشعر يدري ؟(آخر ) : يدري به جل شأنه ! .. (آخر) هو في الأرض (حورية) : والأميرة(حورية اخرى ) : في الغبراء (الشريب) : والشعر بعده شيطانه ( حورية بغضب ) عجباً كل شاعر ، نحن لولانا لما نظم القريض جنانه وهو مازال ينسب الشعر للجن ويعزي إلى الجحيم لسانه ( أبولو ضاحكاً ) : هكذا الناس (الحورية ) : كيف مولاي ؟ (أبو لو ) : لغز آعجز القلب بيننا عرفانه ربما حاولوا تطلع امر عبقري فردهم سلطانه فمضوا ينسبونه للعفاريت ضلالاً أودى بهم طغيانه (حورية ) أللناس مقاييس ؟(أبو لو ) : سلي شاعرك الاسمى . شاعرها ) : بلى ياربة الوحي يقيسون بها العلماء (أبولو) : ولكن كل محدود افضلاً كان اثماً فمن لم ينحصر عقلا اثاروا حوله الهما (شاعر باستفسار ) : مولاي ! الا شرحت الامر متضحاً لكل طالب علم كده الطلب ؟ (وهنا يمضي أبولو شارحاً للحاضرين حوله بفكر فلسفي وتحليل عقلاني بعض عادات الناس ، واختلاف شاربهم ، وتفوق بعضهم على بعض ، وما يبذله المتفوقون من الجهد والكد لنيل الأرب ، كما يشرح الطبيعة البشرية الكامنة في نفوس الخاملين وحسدهم للمتفوقين ، وكيف يجمعون الكيد على المتفوق حتى يعيدوه إلى حظيرة الظلام ، فيحيلون حكمته جهالة ، وصدقه وحسن رأيه بلاهة وجنوناً ، وآماله اوهاماً .وقد لخص الشاعر (علي لقمان ) صفات الحاسدين هذه بقوله على لسان أبو لو : فان بكى فرحوا سراً بنكبته وان تضاحك لم يضحك لهم عصب يخفون كل نوايا الشر في ملق ويعلنون وداداً كله كذب طبائع ليس في الافعى توجههم وليس في الوحش هذا المظهر الكذب ناس صغار قزامى في نفوسهو غريزة البغي كالامواج تضطرب (ثم تعقب حورية ) : حقاً ! لقد قلت ليس يجحده (الشاعر للحورية ) : صه ! انت !( أبولو للشاعر ) : لا ! دع لها الرأي التي نهب هذا المكان كشورى بينكم فاذا قيدتموا الرأي لم تشفق بكم نوب كل يقدم رأياً من تأمله في عالم شأنه التدمير والعطب رسالة الفن فيه ان ينوره لعله يرهب البؤسى فيجتنب بعض القصائد في الأيام معجزة نال الخلود بها اصحابها النجب ومن هذا الحوار يتبين لنا ان مؤلف مسرحية ( العدل المفقود ) كان من أشد دعاة حرية الرأي ، وكم جاهد بقلمه ورأيه وشعره مما نشر لجعل الحكم شورى حقيقية بين اقطاب الشعب ، لتتحقق العدالة الاجتماعية ، ويتحدد الوطن والمواطن من ضعفه وجهله وفقره ومرضه .. ولذلك حرص الشاعر علي لقمان مؤلف المسرحية على الاستقالة من منصب وزير الطيران في مجلس الوزراء لحكومة عدن ، لما رأى ضيق مساحة حرية التعبير عن هموم ومتطلبات الشعب ، ورأى أنها وان سمح بها فهي لاتحقق مطلباً ، ولاتصلح وضعاً خاطئاً ، فقد كانت (العضوية) متنفساً للمكظوم ، ودثاراً لحق مهضوم .ثم نسمع الشريب متضجراً ، انتن حورياتنا في عالم اشقته في الأيام حورياته جئنا لنشرب خمراً ، وننظم الشعر فناً (الحورية ) : اذلك منا ؟ الشريب : انتن لستن حوراً لكن مع العذر جنا (الشاعر ) : ما لاخينا الشاعر الشريب ؟ يبدو لنا في غضب كالذيب ثار على الحور بلا ذنوب ( أبولو مقهقاً ) : طال الحديث عليه وهو في عطش لاتعذلا الشاعر المستنكر الظامي (الشريب لابولو ) مولاي امرك باق (لنفسه ) ضاق مصطبري من التفلسف فيمن اصلهم طين (الشاعر ) مولاي صاحبنا في الشوق محترق لاقى من الشوق هما (الشريب ) : قد كفى نكداً اكاد الهب من رأسي إلى قدمي (الشاعر) : يا ليت (الشريب ) دع عنك هذا المقت والحسد لا (الشاعر ) ماذا تقول ؟ (الشريب ) : أثنا ( أبولو ضاحكاً ) : بلى ، ولكن بعقل قط ما شردا. (أبولو ) : مما ترى الإن من امر تفضله (الشريب ) : افضل الخمر في هذى الدنا ابداً فلم اعد غير انفاس مصعدة ،اذا توالت يكون الروح قد صعدا نا نجد اقتفاء علي لقمان المسرحي لمنهج المسرحيين الذين قال لي أنه متأثر بهم من مثل شكسبير أو شخصية ، وشوقي همها الكاس والمطعم ، ينطقونه احياناً بالكمة .. ثم نسمع أبولو منتبهاً : أحس ضيفاً قادماً إلينا (يدخل الشاعر لشيخ والاميرة ) .( الشريب ) : مولاي منه اليوم ما علينا (يسكر) هاهي صهباء المنى لدينا (أبولو ) دعوه وهاتوا الذي عندكم عن الشاعر المستضام النجيب ( الأميرة ) : مشى فوق ارض من تراب منس فلم يبق في تلك الربوع كراما يقاسي صنوف الذل كأنه فتى يستحق النائبات جساما . الشيخ ) : أبو لو ! يخيل لي أنه يشارف ساعاته الباقية تورم حتى اثار النفوس فاضحت بهيكله زاريه وشاعت خطيئته .. (الحورية مقاطعة ) : فلتشع (الشيخ ) فضاق .. الباغية (الشيخ ) لقد فقد العدل بين العباد ولن يستقيم على الفانيه أبو لو للجميع : مالي اراكم واجمين (حورية ) : تضجراً .. (شاعر ) : لا والهوى والفن والارواح (الشريب ) : ياحور حتى الضغينة (حورية ) : يافتى ما أنت غير فتى صريع الراح ( أبولو مستدركاً ) : لا ! لا ! ولكن ثروة فاضت (حورية اخرى همساً ) : يدافع دونه ويلاحى (الشيخ) : أبو لو أرى الوقت يمضي بنا واخشى يفوز مما به ( أبولو ) : اذن ماذا يرى الشيخ ؟ (الشيخ ) فلنترحل اليه ونمشي لاوصابه فلو مات تدفن اتعابه ولو عاش نغفر عن عابه (الشريب) : رأى الشيخ رأياً اصاب لمحز فهيا نداويه مما به (شاعر ) رأياً صواباً رأيت (اخر) : وقلت حقا فهيا (ثالث ) : فعجلوا السير حتى نراه قبل الفوات الاميرة : اذن نقوم انني اخشى وقوع النازله (حورية لشاعر ) : خليه قد خانها رقت له في بوسه (ينهضون للسفر إلى الارض ) ( أبو لو ) : سنرحل الآن في دنيا منوعة فيها السرور فيها الهم والكدر فيها كبار قزامى في مطامعهم وفي مرافقها لاتهدز الغير فيها رجال تمشى في طبائعها الحقد والحسد المذموم والبطر فيها من الكبر اشكال فكل فتى يرى بأن سواه في الورى حجر فيها النساد (الشريب ) : لقد تنبأ ... (أبو لو) ك وفيها منى لكل صاحب فن همه القدر اذا تكلمتوا فلتنطقوا رشداً فالفن ليس له غير الهدى وطر اذن نقوم فلنسر الجميع : هيا بنا .. هيا بنا (يخرجون في رحلة إلى الأرض حيث دار الفتاة وتخرج معهم الحورية الجميلة - الاميرة حبيبة الشاعرة ). (وينزل الستار ، وإلى اللقاء في الحلقة القادمة بإذن الله ).