الكتاب الراهن لا يبدأ بأطروحة واضحة يسعى المؤلف للبرهنة عليها بتسلسل منطقي عبر فصوله، لكنه يجمع ما يبدو أنه عدد من المقالات الطويلة التي كتبها مؤلفه نعوم تشومسكي عن السياسة الخارجية الأميركية مؤخرا .لذا يتضمن كل فصل من فصول هذا الكتاب استطرادات طويلة يطلق فيها تشومسكي العنان لقلمه ليتناول حججا وأفكارا مختلفة تدعم أطروحة كل فصل بصفة خاصة وفكرة الكتاب بصفة عامة. ولا يجد تشومسكي صعوبة في البرهنة على أطروحاته من خلال الاستعانة بعدد لا يحصى من الاقتباسات من كتاب ومفكرين أميركيين ودوليين متنوعين.كما يتميز تشومسكي بقدرته على العودة إلى التاريخ للحديث عن جذور السياسة الخارجية الأميركية الراهنة، كما يبحث عن جذور سياسة أميركا في توازن القوى الداخلي بالنظام السياسي الأميركي نفسه.ويعود تشومسكي بشكل متكرر لسياسة أميركا تجاه دول أميركا اللاتينية لمقارنتها بسياسة أميركا تجاه دول الشرق الأوسط، حيث يوضح أن سجل أميركا الطويل في التدخل السلبي في شؤون دول أميركا اللاتينية يعد مختبرا قويا لنوايا أميركا الدولية الراهنة.يسعى تشومسكي خلال كتابه إلى أطروحة عنوان الكتاب المتعلقة بالدول الفاشلة، والمقصود هنا هو مصطلح الدول الفاشلة الذي أطلقته الإدارة الأميركية في عهد الرئيس الأميركي بيل كلينتون لوصف بعض الدول التي بات فشلها في لعب وظائفها الرئيسية يمثل تهديدا للأمن الدولي.ويتناول تشومسكي في أماكن مختلفة من كتابه شروط وعلامات الدول الفاشلة، مثل عدم القدرة على حماية مواطنيها وغياب الديمقراطية فيها وتهديد الدولة للأمن الدولي ليثبت أن تلك العلامات تتوفر في الولايات المتحدة.وهنا يظهر النقد الشديد الذي يحمله الكتاب لسياسات الحكومة الأميركية، إذ يسعى تشومسكي في أكثر من مناسبة في كتابه إلى المقارنة بين سياسات الحكومة الأميركية وسياسات الدول والجماعات التي تعاديها أميركا، مثل العراق في عهد صدام حسين وإيران، وصربيا في عهد سلوبودان ملوسوفيتش، وحركة حماس، لكي يثبت أن أميركا تمارس نفس السياسات التي تهاجم تلك الدول والجماعات بسبب ممارساتها.بل ويسعى تشومسكي إلى البرهنة على أن أميركا تمثل خطرا على الأمن الدولي والسلام العالمي أكثر من تلك الدول.ويرى تشومسكي في نهاية الفصل الثاني أن أميركا بسياساتها الحالية تصنع حرب آرمجدون "حرب نهاية العالم" بيديها، وذلك بسبب سياساتها الانفرادية التي تسعى إلى تحقيق الأمن المطلق لأميركا على حساب أمن دول أخرى عديدة.ورأى أن ذلك سيدفع تلك الدول إلى حماية نفسها من أميركا من خلال زيادة التسلح والسعي لامتلاك أسلحة الدمار، مما سيقود العالم تدريجيا إلى مواجهة نووية بشكل مقصود أو عن طريق الخطأ.[c1]- الكتاب: الدول الفاشلة- المؤلف: نعوم تشومسكي- عدد الصفحات: 320- الناشر: ميتروبوليتان بوكس، نيويورك- الطبعة: الأولى/2006[/c]
|
تقرير
الدول الفاشلة
أخبار متعلقة