تسجل اليمن تقديرها الكبير للأسرة الدولية والعربية وفي مقدمتها الدول والمنظمات المانحة ودول الخليج والدول الصناعية والاتحاد الأوروبي ومعهم جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، لمواقفهم الداعمة والكبيرة ليس في الجانب الاقتصادي لمساعدة بلادنا لتجاوز ظروفها الاستثنائية، ولكن أيضاً لدعمها السياسي اللامحدود لوحدة اليمن الكاملة دون أي مساس بها انطلاقاً من ان وحدة اليمن تمثل ليس عامل استقرار وأمن لها بل لمحيطها العربي والإقليمي وبالتالي المحيط الدولي بأكمله، حيث يأتي الإدراك العميق لتلك الدول والمنظمات بأهمية الوحدة اليمنية، والتبعات الخطيرة والسلبية التي يمكن أن تظهر في حالة المساس بها - لا قدر الله - والذي لن يتوقف شرره عند اليمن وحدها، بل سيتطاير ليشمل المنطقة والعالم بعد أن يفتح الباب واسعاً للتطرف والإرهاب وتمدد التنظيمات والجماعات الإرهابية مثل تنظيم القاعدة الذي لا ينشأ ويعمل إلا في مجتمعات فاشلة ومفككة كونها البيئة المناسبة لاحتضان الإرهاب والتطرف قبل الانطلاق منها إلى دول الجوار والوصول إلى أماكن ومجتمعات بعيدة جداً حول العالم. إن اليمن إذ تثمن عالياً مواقف الأسرة الدولية ومحيطها العربي والإقليمي ودعمهم الكامل للوحدة والذي يعني تحكيم العقل والمنطق والانحياز للخيار الشعبي والوطني، فإن ذلك لا يعني على الإطلاق أن الوحدة اليمنية ومهما مرت به من محن ومصاعب أنها يمكن في يوم من الأيام أن تحتاج إلى الخارج لتثبيتها وحمايتها من أي مخاطر لأن ذلك هو من صميم مهام الشعب اليمني بقطاعاته الشريفة المخلصة لوحدتها كما فعل ذلك عندما صنعها بقوافل من الشهداء وبحور من الدم، وكما عمدها أيضاً وحماها من كارثة الانفصال التي قادها أعداؤها في صيف1994م، لكن دون أن ينتقص ذلك من أهمية الدعم المعنوي الخارجي لها لأنه يؤكد ويعمد شرعيتها، وبفضح أيضاً المتآمرين عليها من الداخل والخارج على حدٍ سواء. وإذا كان الشعب اليمني بمختلف أطيافه يتملكه الشكر والتقدير تجاه الأسرة الدولية والأشقاء العرب والمحيط الإقليمي لرسالتهم الواضحة والصريحة بأن العالم كله يقف إلى جانب اليمن في وحدته والتمسك بها والتي تعني أيضاً قناعتهم وإدراكهم الكاملين بأن اليمن الموحد والمستقر والآمن هو وحده القادر على تجاوز صعابه وظروفه الاستثنائية التي يمر بها، والقادر أيضاً على تقديم المساهمة الايجابية والفاعلة، في توفير الأمن والاستقرار في المنطقة والذي يعني بالضرورة أمن واستقرار العالم برمته. وتحمل مواقف الاشقاء والأصدقاء الداعمة لوحدة اليمن رسالة أخرى لأولئك الموتورين المأزومين من المغامرين ومرتزقة الأزمات المناصبين العداء لهذا الشعب ووحدته وتقدمه، فحواها في الأساس أن هذه الوحدة المنجز اليمني العظيم، وان كان قد بلغها بإرادته وعزيمته وسيظل مدافعاً عنها بالغالي والرخيص، إلا أنها أيضاً قد تخطت بقوتها وأهميتها محيطها اليمني، بعد أن أصبحت تمثل صمام الأمن والأمان والاستقرار لمحيطها الإقليمي والدولي، وأصبح العالم يراهن عليها بقوة تماماً كما يراهن عليها الشعب اليمني بأرواحه ودمائه.إن اليمن بنزعته وتوجهاته الوحدوية الواضحة لم ولن يقف فقط عند حدود التمسك بوحدته وصونها والدفاع عنها أمام أعدائها من المتآمرين، بل يسعى بإخلاص وقوة وعزيمة لا تفتر أو تلين إلى ان تنتقل امتنا العربية إلى مزيد من التوحد والتآزر والتضامن خاصة في هذا العصر الذي لا نجاح أو فلاح فيه إلا بالتوحد والتكتل والعمل المشترك بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ ودلالات، ومن هنا ظل يؤكد ضرورة انتقال الجامعة العربية من حالتها الراهنة إلى الاتحاد والذي سيمكن الأمة من آليات جديدة أكثر إيجابية وفعالية في تحقيق أهداف التوحد والعمل المشترك وتبادل المصالح والمنافع، وهو المشروع الذي قدمته منذ سنوات طويلة وظلت تؤكد عليه، وستجدد التأكيد عليه في القمة العربية بطرابلس أواخر الشهر الجاري خاصة بعد أن وجد التأييد والمناصرة الكبيرة من الدول العربية وجامعتهم والبرلمان العربي وغيرهم من الأطراف الأخرى، لإدراكهم أن التطور والتقدم والرفعة ومواكبة الأمم واللحاق بركب الحضارة والتطور والرقي لن يتأتى إلا في ظل وحدة شاملة بدأت باليمن الموحد ولن تتوقف حتى تشمل الأمة من المحيط إلى الخليج.
الوحدة اليمنية تتخطى الحدود
أخبار متعلقة