رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في برمنجهام
لندن/14 أكتوبر/ رويترز :سيضر خلاف دبلوماسي بين بريطانيا وباكستان بشأن نهج إسلام آباد في التعامل مع الإسلاميين المتشددين بتبادل معلومات المخابرات لكن على المدى الطويل ستظل العلاقات بين البلدين أقوى من أن يسبب هذا ضررا مستديما.ويقول محللون إن التصريحات التي أدلى بها رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في الهند الشهر الماضي وقال فيها ان على باكستان الا “تنظر في الاتجاهين” عند التعامل مع المتشددين أثارت استياء شديدا في الجيش الباكستاني ووكالة المخابرات العسكرية التابعة له.ومن غير المرجح ان تكون حدة الموقف قد خفت نتيجة المحادثات التي جرت في بريطانيا الاسبوع الماضي بين الرئيس الباكستاني اصف علي زرداري وكاميرون الذي تحدث عن “علاقة لا تنكسر بين بريطانيا وباكستان”.وفي ظل تحكم الجيش لا الحكومة المدنية في السياسة الامنية بباكستان فمن المتوقع أن يظهر غضبه من خلال التلكوء في تقاسم معلومات المخابرات اللازمة لتفادي العمليات الارهابية في بريطانيا.وسلط الضوء على هذا حين قال مسؤول بالمخابرات العسكرية الباكستانية ان رئيسها سيلغي زيارة لبريطانيا احتجاجا على تصريحات كاميرون التي مست وترا حساسا منذ الادلاء بها في الهند.وقال برايان كلوجلي اختصاصي شؤون الدفاع الذي ألف كتابين عن الجيش الباكستاني “تصريحات كاميرون لم تحمس الباكستانيين للتعاون.”وأضاف “بالطبع سيضطرون (للتعاون) لكن هناك أساليب هادئة تظهر عدم الرغبة وتخفض من مستوى الاتصالات مثل الغاء زيارة رئيس المخابرات العسكرية للندن.”كما أثارت تصريحات كاميرون مخاوف من ميل لندن نحو الهند اذ تسعى حكومته الى فرص تجارية في الاسواق الصاعدة التي تتوسع لمساعدة الاقتصاد البريطاني الذي يواجه أزمة في الداخل.وقال شجاع نواز من المجلس الاطلسي للولايات المتحدة “أنباء الغاء رئيس المخابرات العسكرية الباكستانية الجنرال (احمد شجاع) باشا زيارته لبريطانيا علامة على مدى سوء تأثير تصريحات رئيس الوزراء كاميرون على الجيش.“كثيرون يعتبرون أن رئيس الوزراء كان يداهن مضيفيه.”لكن ستجازف الدولتان بالكثير اذا قررتا التخلي عن التعاون من الحرب في أفغانستان الى الروابط القوية بين باكستان والجالية الباكستانية التي تعيش في بريطانيا.وبرزت قوة هذه الصلات خلال زيارة زرداري لبريطانيا. فعلى الرغم من تعرضه لانتقادات لاذعة لابتعاده عن البلاد خلال السيول التي اجتاحت باكستان قرر زرداري المضي قدما في عقد تجمع سياسي حاشد يوم السبت للانصار البريطانيين لحزب الشعب الباكستاني الحاكم الذي يقوده وهو حدث من النادر أن يقيمه رئيس دولة اثناء زيارته احدى الدول.وقال نايجل اينكستر من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية بلندن “الواقع أن بريطانيا وباكستان مرتبطتان ارتباطا لا ينفصم بسبب جالية تقترب من مليون بريطاني من أصل باكستاني... وبالتالي أتوقع استئناف التعاون بعد توقف لفترة قصيرة.”لم تكن تصريحات كاميرون جديدة ولم يقل شيئا في العلن لم يقله سرا.ولطالما اتهمت باكستان بالانتقائية في نهجها مع الاسلاميين المتشددين اذ تقاتل بعضهم بينما تحتفظ بصلات مع البعض الاخر الذين يمكن ان تستغهلم ضد الهند سواء في أفغانستان او كشمير.لكن منتقدي كاميرون يرون انه من السذاجة الادلاء بهذه التصريحات في الهند في الوقت الذي تجنب فيه اي اشارة الى الحاجة لتسوية النزاع على كشمير الممتد منذ 60 عاما والذي شكل تقليديا نهج باكستان تجاه الاسلاميين المتشددين.وكانت بريطانيا فيما مضى قد حاولت أن تتفادى النظر اليها على أنها منحازة لجانب على حساب الاخر وتضغط على باكستان لمواجهة المتشددين بينما تشجع الهند في هدوء على اجراء محادثات بشأن كشمير. وعلى الرغم من أنها شريك صغير للولايات المتحدة فانها لعبت دوما دورا قويا في دبلوماسية جنوب اسيا.وقال كامران بخاري من مؤسسة ستراتفور المتخصصة في شؤون المخابرات العالمية ان من المرجح أن تتلكأ المؤسسة الامنية الباكستانية الان بشأن التعاون في مجال مكافحة الارهاب لاجبار الحكومة البريطانية الجديدة على الالتفات لوجهة نظرها بشأن الهند وتقر بما تقوم به بالفعل لمكافحة المتشددين.وأضاف “اذا ما استمع اليك البريطانيون يساعد ذلك في تشكيل الادراك الامريكي... بريطانيا حليف مهم للغاية للولايات المتحدة.”وفي عهد الحكومة السابقة ساندت بريطانيا بصورة عامة فكرة المصالحة مع طالبان الافغانية وهي فكرة روجت لها باكستان.كما لديها مصلحة في احلال السلام في كشمير وفي تفكيك الجماعات المتشددة التي رعتها في الماضي المخابرات العسكرية الباكستانية لمحاربة الحكم الهندي هناك.وتنحدر معظم الجالية الباكستانية البريطانية من ولاية جامو وكشمير وبالنسبة للقلة التي انجذبت للتشدد الاسلامي تعد الجماعات التي تتركز في كشمير قاعدة تدريب لمن يدبرون لعمليات ارهابية في الداخل. ويقول دبلوماسيون انه في الماضي حاولت بريطانيا تشجيع الهند على تحقيق السلام مع باكستان من خلال طمأنتها بانها ليست وحدها التي تريد القضاء على جماعات مثل عسكر طيبة التي ألقي عليها باللوم في هجمات مومباي عام 2008 .لكنها تعاملت مع الامر بحذر خشية انه لو تحركت باكستان بسرعة أكثر من اللازم ضد مثل هذه الجماعات فانها قد تصبح أكثر خطورة وتنقسم الى فصائل أكثر تشددا.وهناك علامات على أن ذلك يحدث بالفعل.يقول اينكستر من المعهد الدولي بلندن “لاتزال المخابرات العسكرية الباكستانية تحتفظ بعلاقات وثيقة بمثل هذه الجماعات عبر الجناح اس الذي يتشكل من ضباط متقاعدين... لكنها لم تعد تمولهم ومع توقف التمويل تفقد السيطرة.”وأردف “حتى الان يساند الجهاديون الاوائل الدولة الباكستانية بصورة عامة لكن بدأنا نرى الان جيلا أصغر من الجهاديين يديرون أسلحتهم صوب حكومتهم.”