لليمن .. لا لعلي عبدالله صالح
قبل ثمان سنوات، وبمناسبة العيد الأربعين لثورة 26 سبتمبر، كان لي شرف المشاركة في الندوة التي أقامتها إدارة التوجيه المعنوي بالقوات المسلحة حول تاريخ الثورة، وكان لافتـا للانتباه حضور الرئيس علي عبدالله صالح بصورة مفاجئة في إحدى الجلسات المكرسة لأحد محاور الندوة، ليشارك في النقاش بدلاً من إلقاء كلمة على نحو ما تعودنا عليه من فخامته.أتذكر حينها - ويتذكر معي كل الذين شاركوا في تلك الجلسة، أن الرئيس أدلى بشهادته عن الترابط العضوي بين ثورتي (26) سبتمبر و (14) أكتوبر، مشيرا إلى أن أول زيارة له للشطر الجنوبي من الوطن كانت أثناء قيام ثورة (14) أكتوبر حيث أشرف على نقل شحنة من الأسلحة للثوار بتكليف من القيادة العسكرية اليمنية والمصرية.وأتذكر أنني قاطعته حينها متسائلا عن الجهة التي نقل شحنة الأسلحة إليها، وهل هي الجبهة القومية أم جبهة التحرير أم التنظيم الشعبي للقوى الثورية الذي انشق عن جبهة التحرير؟، فابتسم الرئيس واكتفى بتأكيد قوله إنه نقل شحنة الأسلحة إلى الثوار وليس إلى جهة محددة، فابتسمت بدوري لكني فشلت في إخفاء علامات الاستغراب والاندهاش، ما دفع الرئيس إلى القول بصراحة : ( أنا أعرف ماذا تريد ؟ ) ثم واصل كلامه.. مشيراً إلى أنه كان متعاطفـا مع جبهة التحرير والتنظيم الشعبي لأن علاقتهما كانت قوية مع مصر عبدالناصر، وكانا يحصلان على دعمها السياسي والعسكري.وأضاف الرئيس أنه كان في شبابه بعد الثورة مؤمنـا بالنهج القومي التحرري لجمال عبدالناصر وبالفكر القومي المناهض للاستعمار والرجعية والتجزئة ، والداعي إلى الحرية والديمقراطية والوحدة العربية. ثم ذكر عددا من الوقائع والشواهد التي دونتها في مفكرتي الشخصية أثناء الندوة، وتشير إلى أن الفكر القومي العربي الذي يعود إليه الفضل في انطلاق حركة التحرر الوطني العربية ضد الاستعمار والاستبداد، ساهم في استيقاظ الوعي الوطني لشعبنا اليمني من خلال كفاح وتضحيات الرواد الأوائل للحركة الوطنية اليمنية وثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر ، وغيرهم من المناضلين الذين كانوا قد تأثروا بالفكر القومي، وبضمنهم الرئيس علي عبدالله صالح حين كان شابـا تغمره الروح الثورية.بيد أن أهم ما قاله الرئيس في هذا السياق كان عبارة عن شهادة عابرة قالها وهو يبتسم : (كلنا كنا متأثرين بالفكر القومي والحركة القومية العربية والأفكار الناصرية والقومية التحررية التي كانت جزءا من حركة اليسار العربي ، لكني آمنت لاحقـا بضرورة الوسطية والاعتدال من خلال الأخذ بأفضل ما جاء به الفكر القومي العربي وحركة التحرر الوطني والثورة اليمنية والثورة العربية من أجل الاستقلال والوحدة والحرية والديمقراطية وبناء الدولة الحديثة، والمجتمع المتحضر والانسان الجديد ) .والحال أنني تذكرت وقائع هذه الندوة ومشاركة الرئيس علي عبدالله صالح في إحدى جلساتها فور قراءتي تصريحات ومقابلات المدعو عبدالعزيز الدبعي رئيس جمعية الحكمة السلفية، على هامش الملتقى السلفي العام الذي انعقد في صنعاء أواخر مايو 2009م، والتي اتهم فيها الأحزاب الوطنية والقومية اليسارية بالكفر وعدم الايمان بالله ، ودعاها إلى التوبة ، لأنها بحسب زعمه ( لديها نظرية لا تؤمن بالله سبحانه وتعالى، وقاعدتها لا إله والحياة مادة ) بحسب مقابلة نشرها موقع (الإسلام أون لاين) في 15 يونيو 2009م وأعادت نشرها صحيفة (الأهالي ) في النصف الثاني من ذلك الشهر.ولا يكتفي الدبعي بهذا القدر من التكفير الخطير لمخالفيه وخصومه السياسيين ، بل إنه يذهب إلى أبعد من ذلك في مقال نشرته له صحيفة (الأهالي) بتاريخ 14 / 7 / 2009م، حيث أورد طائفة من الأكاذيب والافتراءات زعم فيها : (أن اليساريين يقولون علنـا إنهم لا يؤمنون بالله وأن شعارهم الرسمي هو ( نؤمن بثلاثة هم ماركس ولينين وستالين ونكفر بثلاثة هم الله والدين والملكية الخاصة.. كما أنهم يحاربون الأديان باستثناء اليهودية، لأن اليهود ــ حسب زعمهم ــ شعب مظلوم يحتاج إلى دينه ليستعيد حقوقه المغتصبة)!!!؟؟ثم يعرج الدبعي على الاشتراكيين والماركسيين الذين يعتبرهم من أخطر قوى اليسار ، ويتهمهم بأنهم ينكرون وجود العائلة ويدعون إلى أن تحل محلها الفوضى الجنسية ، داعيا الاحزاب الوطنية والقومية ـــ وفي مقدمتها الحزب الاشتراكي اليمني على وجه التحديد ـــ الى التوبة عن كفره وتغيير اسمه كي يستحق شهادة ( الإيمان ) التي يمنحها الدبعي وأشباهه للمؤمنين !!! . ولأن الدبعي يؤمن بالنقل ولا يؤمن بالعقل ويحارب كل من يدعو إلى إعلاء دور العقل، فإنه لا يورد مرجعـا موثقـا لأي من الأحزاب الوطنية والعربية اليسارية أو المفكرين اليساريين، يتضمن ما يؤكد هذه الاتهامات، بل درج أثناء كيل الاتهامات وإطلاق أحكام التكفير بحق مخالفيه من اليساريين القوميين والاشتراكيين على النقل الحرفي لكل ما قيل له من شيوخ وخدم أولياء نعمته الذين يمولون جمعيته السلفية ونشاطه التجاري من خارج الحدود ، على طريقة (قالوا له) !!!أما مرجعه الوحيد فهو عبارة عن بيان ضحل صدر في منتصف الستينات ، عما تسمى رابطة الشباب الإسلامي التي كانت تمولها وتقف خلفها أجهزة استخبارية عربية برعاية المخابرات المركزية الأمريكية في مرحلة الحرب الباردة، وهو البيان الشهير الذي صدر عن هذه الرابطة،وورد فيه اتهام خطير للرئيس جمال عبدالناصر بأنه يسعى من خلال تحالفه مع الاتحاد السوفيتي إلى احتلال الكعبة وتحويلها إلى مرقص لجنود الجيش الأحمر . وقد تكررت هذه التهمة ـــ بطريقة فجة وساذجة ـــ مرة أخرى على لسان (الشيخ) عبدالمجيد الزنداني عندما كان رئيسـا لمجلس شورى حزب التجمع اليمني للإصلاح ، في خطبة تحريضية وتهريجية ألقاها من على أحد منابر الجمعة أثناء حرب صيف 1994م، واتهم فيها الحزب الاشتراكي اليمني بأنه كان يسعى بالتحالف مع الاتحاد السوفيتي قبل الوحدة إلى احتلال الكعبة وتحويلها إلى مرقص !!!؟.ومما له دلالة أن ثمانية أشخاص كانوا أعضاء في عصابة تخريبية مسلحة وتم إلقاء القبض عليهم في عدن عام 1982م في عهد الرئيس الأسبق علي ناصر محمد، اعترفوا علنـا أمام المحكمة العليا بأنهم تلقوا دورات تثقيفية ومحاضرات في رابطة الشباب الاسلامي أثناء تجهيز قوافل ( المجاهدين) الى أفغانستان في بداية الثمانينات من القرن الماضي بعد أن أطلقت وكالة المخابرات المركزية ( CIA ) أذان الجهاد المسلح ضد الاتحاد السوفييتي في أفغانستان ، ثم تلقوا بعد ذلك تدريبات عسكرية على أساليب إعداد المتفجرات والمواد الناسفة تحت اشراف ضباط أمريكيين في إحدى المدن العربية ، لكنهم فوجئوا بتغيير مسار جهادهم ضد السوفييت من افغانستان الى عدن، وتكليفهم بواجبات (جهادية ) تتضمن نسف وتفجير بعض محطات المياه والكهرباء والنفط والجسور، بالإضافة إلى تدمير عدد من المواقع الاقتصادية والسياحية الحيوية في مدينة عدن.وعندما سألهم القاضي نجيب الشميري رئيس المحكمة العليا في عدن آنذاك ــ بحضور فريق من المحامين الذين تطوعوا للدفاع عنهم برئاسة المحامية القديرة راقية حميدان ـــ عن أسباب اقتناعهم بتنفيذ هذه المهمة ؟ أجاب زعيمهم واسمه ( علي دهمس ) بأنهم تلقوا محاضرات على أيدي ضباط عرب وأمريكيين وبعض رجال الدين ممن أسماهم دهمس ( علماء ) في فيللا تقع على شاطئ البحر بإحدى المدن العربية، عرفوا من خلالها أن الحزب الاشتراكي اليمني كان يخطط لتمكين الجيش الأحمر السوفيتي من احتلال الكعبة وتحويلها إلى مرقص، لأنه يؤمن بماركس ولينين وستالين ولا يؤمن بالله بل يؤمن بأن الحياة مادة. كما أنه ــ أي الحزب الاشتراكيــ أصدر قانونـا للأسرة بهدف تدمير العلاقات العائلية وإحلال الفوضى الجنسية محلها، الأمر الذي أثار الغيرة الدينية لدهمس وجماعته، فاندفعوا بدون نقاش لتنفيذ هذه المهمة (الجهادية) بهدف حماية الدين وإنقاذ الكعبة المشرفة من كفر الحزب الاشتراكي اليمني ومخططاته المعادية للإسلام وبيت الله الحرام ، بحسب أقوال دهمس التي سبقت أقوال خلفه عبدالعزيز الدبعي بأكثر من ربع قرن .!!؟؟تأسيسـا على ما تقدم يتضح أن ما قاله الدبعي على هامش الملتقى السلفي العام لا يختلف عما قاله دهمس قبل (28 عامـا) أثناء وقائع محاكمة عصابة التخريب المسلحة أمام المحكمة العليا برئاسة القاضي نجيب الشميري في عدن والتي تابعها الموطنون عبر التلفزيون ، ثم جـُمعت ونـُشرت لاحقاً في كتاب وثائقي من إصدارات دار الهمداني ، كما يتضح أيضـا أن مرجعية كل من الدبعي ودهمس لا تخلو من بصمات الخطاب الأمني المسعور للأجهزة الاستخبارية الأمريكية والعربية القديمة ، حين كانت تستخدم الدين والعواطف الدينية وقودا للتحريض والتعبئة الخاطئة والاستقطابات الايديولوجية في سياق تشغيل ماكنة الحرب الباردة بين القطبين الأعظم في النظام العالمي القديم آنذاك، الأمر الذي يستوجب مناقشة النزعة التكفيرية الساذجة للدبعي بصورة معمقة، ونقد مزاعمه الضحلة التي أوردها في أحاديثه ومقابلاته الصحفية على هامش الملتقى السلفي العام سيئ الصيت في أواخر عام 2009م، وهو ما سأتناوله في مقال تحليلي مستقل عقب الانتهاء من هذا البحث الذي سيصدر في كتاب بعد اكتمال الحلقة الستين قريبـا بإذن الله.وبصرف النظر عن حاجتنا لتخصيص حيز مستقل لمناقشة ونقد الخطاب التكفيري السلفي للمدعو عبدالعزيز الدبعي ومن هم على شاكلته من التكفيريين بعد الانتهاء من هذا المقال المطول ، إلا أن ذلك لا يمنعنا الآن من الدفاع عن اليسار الوطني والقومي العربي الذي تنتمي إليه التيارات الفكرية والأحزاب الوطنية والقومية في اليمن ، سواء تلك التي تنضوي ضمن حزب المؤتمر الشعبي العام ، أو تكتل أحزاب «اللقاء المشترك» ، أو تكتل أحزاب «المجلس الوطني»، حيث شكل اليسار الوطني والقومي في اليمن عصب الحركة الوطنية اليمنية المعاصرة التي لعبت دورا رياديا في قيادة مسيرة الثورة اليمنية (26 سبتمبر ـــ 14 اكتوبر ) ضد الاستبداد والاستعمار ، ومن أجل الحرية والاستقلال والوحدة ، بوصفها امتدادا لحركة التحرر الوطني والقومي العربية التي نشأت وتشكلت في القرنين التاسع عشر والعشرين، وهي الحقبة التي ظهرت وتطورت فيها الأفكار الحديثة ذات الصلة بالكفاح في سبيل الاستقلال وبناء الدولة الوطنية وتحقيق الوحدة القومية، حيث كان مفهوم الدولة قبل ظهور الأفكار القومية التحررية مرتبطـًا بمفهوم (المـُلك والسلطنة ) ، ومنفصلاً عن مفهوم الأمة، فيما كان يحق للملوك والسلاطين والاقطاعيين الكبار أن يتصرفوا بالممالك والدويلات التي يحكمونها تصرفـا مطلقـا، مثلما يتصرف الأفراد بالأراضي والعقارات التي يملكونها !!وفي المقابل لم يكن للشعوب الحق في مناقشة أمور الحكم واختيار الحكام الذين يحكمونها .. فالحكم كل الحكم كان محصوراً فقط على الملوك والسلاطين وعائلاتهم أولا، وعلى من يوليهم الملوك ثقتهم من بطاناتهم وأتباعهم ومقربيهم ثانيـا.. فيما كانت الأوضاع الاجتماعية والسياسية والمعتقدات الدينية والفتاوى اللاهوتية والفقهية الموروثة عن القرون والأزمنة السالفة، تُـرسخ الاعتقاد بأن الملوك والسلاطين والائمة يحكمون الناس بتفويض من الله، ويستمدون حقوقهم وسلطاتهم من مشيئة الله، ولذلك كان الملوك والائمة والنبلاء الإقطاعيون ورجال الدين يطالبون جميع رعايا الدولة بطاعة أوامر الحاكم ، بذريعة أنها من طاعة الله ، ويصوغون وعي الناس على أساس وجوب تداول وقبول هذه المعتقدات بدون استخدام العقل في مناقشتها وفحصها ونقدها !!وكان من الطبيعي أن تنتهي هذه الأفكار والمعتقدات بعد تحرر العقل من سلطة النقل التي فرضها تحالف الملوك والاقطاعيين ورجال الدين على الناس بهدف منع وقمع التفكير النقدي الحر.. كما كان من الطبيعي أيضـا أن يدرك المفكرون بعد تحرير العقل من سلطة النقل ما تتضمنه تلك المعتقدات من ضلال وتضليل وتدليس وتلبيس باسم الدين ، وتحت غطاء الحكم باسم الله، حيث تم تخليص السياسة من نظرية (الحكم بالتفويض الإلهي) التي تبناها من كان يصفهم الكهنة بالملوك الربانيين، واستبدالها بنظرية الحكم المستند إلى تفويض من الأمة باعتبارها مالكة السلطة ومصدرها، على نحو ما حدث فعلاً في النصف الأخير من القرن الثامن عشر وأدى إلى ظهور الثورة الفرنسية والثورات الوطنية و الديمقراطية التي أخذت تتوالى في كل أنحاء أوروبا والعالم في القرنين التاسع عشر والعشرين المنصرمين .ولئن كان المؤرخون يتفقون على أن القرن التاسع عشر هو بداية عصر التحرر القومي، فإن ما قبل ذلك القرن، كان بحق عصر الملوك والنبلاء الاقطاعيين ورجال الدين الكهنوتيين الذين كانوا يحكمون بموجب فكرة الحق الإلهي .. بمعنى أنـّه عصر الضلال والتضليل الذي كان يمارسه كل من الملوك وكهنتهم .. وقد تزعزع هذا الضلال عند ظهور الفكر القومي التحرري الذي أعلن مبدأ سلطة الأمة بدلا من سلطة ( الحكم الإلهي ) التي كان يمارسها (الملوك الربانيون) ورجال الدين الذين كانوا يزعمون بأنهم ورثة الأنبياء.. وبذلك انفتح مجال التفكير في عصر التحرر القومي الذي غيرت أحداثه السياسية معالم خارطة أوروبا بعد ان شهدت ميلاد الثورة الصناعية والاكتشافات العلمية ، حيث كانت أوروبا تتكون من عدة أمم موزعة بين دول مختلفة، فيما كانت حدود الدول تتقرر في أغلب الأحوال وفق نصوص المعاهدات التي تبرم بعد الحروب، كما كانت تتقرر في بعض الأحوال، دون حروب وقتال من جراء زواج الملوك والمصاهرة بين العوائل المالكة ، وتوارث الحكم حسب أحكام وقوانين وراثة العرش في الممالك المختلفة. وهو ما يشير الى أن بلدانـا عديدة كانت تنتقل من حكم مملكة ما إلى حكم مملكة أخرى عن طريق الفتوحات أو الخراج أو الميراث دون أن يتم الالتفات إلى طبيعة سكانها وعلاقتهم بسكان المملكة التي تنفصل عنها أو التي تنضم إليها.ومن المعلوم أن حروب نابليون بونابرت وفتوحاته في أوائل القرن التاسع عشر غيرت كثيرا من معالم خارطة أوروبا السياسية، حيث تم القضاء على دول قديمة وإحلال دول جديدة محلها. ولكن حروب نابليون لم تلتفت إلى طبيعة وخصائص سكان البلد الذي تحكمه هذه الدولة أو تلك، ما أدى الى بروز صدامات بين السكان المحليين من جهة ، وبين حكامه الغزاة من جهة أخرى، على أساس اشكاليات الهوية والخصوصية المحلية .وبالنظر إلى أن المؤرخين اتفقوا على تسمية القرن التاسع عشر في أوروبا بعصر القوميات، فإنهم لم يقولوا ذلك انطلاقـا من الاعتقاد بأن القوميات تكونت أو ظهرت في ذلك القرن فقط ، بل قالوا ذلك لعلمهم بأن الميول القومية التحررية اشتدت خلال ذلك القرن تحت تأثير مفاعيل المسار المتصاعد والمتجدد للحضارة الحديثة التي دشنتها الثورة الصناعية والفتوحات العلمية في القرنين الثالث عشر والرابع عشر، ثم أخذت تتغلب على سائر العوامل المؤثرة في تكوين الدول وتحديد حدودها بعد التوقيع على معاهدة ويستفاليا عام 1646م وصولا إلى ظهور الاستعمار ودخول الأفكار القومية مرحلة جديدة شكلت حداً فاصلاً بين عصر القوميات وعصر الاستعمار، وأساسـاً موضوعياً لظهور اليسار الوطني والقومي التحرري الذي أطلق عليه المدعو عبدالعزيز الدبعي رصاصات تكفيرية طائشة وحاقدة ، انطلاقا من ثقافته النقلية الضحلة، على نحو ما سنتناوله في الحلقة القادمة بإذن الله.[c1]*عن / صحيفة ( 26 سبتمبر )[/c]