يلقون مواعظ ويبيعون أشرطة وكتباً دينية
الرباط /متابعات : تنمو ظاهرة “دعاة الحافلات” خلال شهر رمضان بالمغرب، حيث أصبح كثير من الحافلات المكان المفضل لشباب مغاربة يلقي بعضهم موعظة في الحافلة دون أن يطلب مقابلاً مادياً، في حين يبيع آخرون للركاب كتيبات دينية صغيرة أو أشرطة تضم دروساً أو محاضرات لمشايخ مغاربة وعرب مشهورين، ويردد بعض المقاطع معها قبل توزيعها على “زبنائه” من ركاب الحافلات.ويرى عالم دين مغربي أن هؤلاء الشباب يتصرفون اتباعاً لأمر الرسول الكريم في الحديث النبوي: “بلغوا عني ولو آية”، مضيفاً أن تقديم النصح والخير للركاب سواء بموعظة أو بيع شريط ديني ليس فيه أي مخالفات شرعية.في المقابل، يعتبر باحث اجتماعي أن ما يقوم به “دعاة” الحافلات ليس سوى عمل تجاري محض، يتوجهون به إلى جمهور معين هو ركاب الحافلة باعتبارها مكاناً مغلقاً يضم مختلف فئات المجتمع المغربي.[c1] دعاة ومبلغون؟[/c]ويرى الداعية المغربي الشيخ محمد السحابي أن فعل هؤلاء الشباب محبذ وسليم وليس فيه إشكال، فهؤلاء الشباب يتصرفون وفق الحديث النبوي “بلغوا عني ولو آية”، وهم بتوزيعهم الأشرطة الدينية أو الكتيبات الدينية الصغيرة التي تضم أدعية مأثورة وأذكار الصباح والمساء وغير ذلك أو بإلقائهم كلمة نصح؛ كل ذلك يدخل في إطار التبليغ عن الرسول الكريم.وأضاف عالم القراءات القرآنية في تقرير نشره موقع ( العربية نت ) أن هذا الشباب إذا استطاع أن ينصح الركاب ويأمرهم بالخير وينهاهم عن الشر، ففي ذلك خير وثواب كبير إن شاء الله، حيث يهدي لركاب الحافلات نصيحة ما أو موعظة قد تكون مؤثرة ويتوب بسببها عاص أو آثم أو قاطع رحم أو سارق ومنحرف.وعن بيع الكتيبات الدينية في الحافلات، قال الداعية المغربي إن هذا جائز وليس فيه أي تعارض مع أحكام الشرع، بل هو أمر حسن أن يُهدى الخير للناس، ولو على متن الحافلات.واشترط السحابي جواز هذا العمل أن يكون قصد هؤلاء الشباب لوجه الله تعالى، وأن لا يجعلوا ذلك طريقة للكسب المالي الجشع دون مراقبة الله تعالى.ومن جانبه، يعتبر الداعية الشاب لحسن أبو أويس أن هؤلاء الشباب هم دعاة جدد يستغلون تغيرات العصر ويتكيفون مع تحولاته، فليس لزاماً أن ينتظر الداعية تجمع الناس في درس في مسجد أو في حفل زفاف ليلقي درسه بطريقة شرعية وقانونية، بل بإمكانه أن يفعل ذلك في الحافلة لكونها مكاناً يضم أناساً لا يختارهم الداعية وليسوا كلهم بالضرورة مصلين مثلاً، عكس الدعوة في المسجد حيث من غير المنطقي أن يدخل المسجد شخص لا يصلي، وهذا من مميزات فضاء متحرك كالحافلة. [c1] عمل تجاري[/c]بالمقابل، يرى الباحث الاجتماعي ادريس كرم أن “دعاة” الحافلات يُسَوِّقون بضاعتهم، وما يقومون به يدخل في إطار عمل تجاري محض، مشيراً إلى أن الشاب الذي يُسَوق شريطاً قد يكون مستوعباً للأفكار التي يتضمنها الشريط، وقد يكون حافظاً لبعض مقاطع الشريط أو فقرات من الكتاب يرددها على مسامع الركاب، بغية تقريب البضاعة لزبائنه من ركاب الحافلة.ويشرح كرم في حديث لـ”العربية.نت” اختياره للحافلة يعود إلى كونها بمثابة مجتمع مصغر يتضمن مختلف شرائح المجتمع من فقير وموظف وعامل وعاطل وأمي ومثقف، كما أنه يصعب عليه جمع عدد من الناس في مكان واحد عدا حفلات الزفاف أو العقيقة، وبالتالي تعد الحافلة مكاناً مناسباً لتجمع الناس ليتم فيه إلقاء خطاب ترويجي لسلعته.ويرى المتحدث أن الحافلة تتميز أيضاً بكونها مكاناً ضيقاً ومغلقاً، وهو ما يحتاجه بائع الأشرطة أو الكتب الدينية للكشف عن مزايا بضاعته سواء كانت شريطاً أو كتاباً أو حتى إلقاء لموعظة دينية، فضلاً على أن المدة الزمنية غالباً ما تكون محدودة وقصيرة خاصة بالنسبة للحافلات التي تشتغل بين محطات المدينة الواحدة.ورفض كرم تسمية هؤلاء الشباب بالدعاة، فالداعية يقتضي فيه على عدة شروط، منها أنه يحترم المكان الذي يتواجد فيه، وأن له جمهوراً ثابتاً، وتكون لديه أهداف من وراء دعوته، كما أن التواصل دائم مع مدعويه، أي يعود إليهم كلما اقتضت الحاجة أو المناسبة ذلك، بخلاف “دعاة” الحافلات حيث لا يمكن للراكب الالتقاء بهم مجدداً إلا نادراً جداً، بحكم أنهم يتنقلون في مختلف الحافلات والمحطات وفي مدن مختلفة أيضاً.