بكثير من الاهتمام تابعنا ردة فعل مسؤولي حماس على زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى جدة، كونها أول لقاء منذ الانقلاب في غزة، وجاء بعد ابتعاد سعودي متعمد عن الجدل الفلسطيني الأخير. انما وجدت السعودية صعوبة في مقاطعة الدولة الفلسطينية الى ما لا نهاية، خاصة انها حصلت على شرعية من الجامعة العربية. حماس التي استمرت في حملتها ضد فتح، بدلا من إسرائيل، لوحظ انها لينت شيئاً من مواقفها خلال زيارة عباس. وأطلقت إشارات فيها تراجع واستعداد لإصلاح بعض ما خربته. ومع ان العرض التصالحي المعلن لا يبدو كافيا، لأنه لا يرقى إلى مطلب إعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل الانقلاب، إلا انه أفضل من إبقاء القطيعة، التي تؤجج لحرب فلسطينية نتوقع ان تنشب، لتكون الفصل الثاني في القصة الفلسطينية.وفي رأيي انه من الخطأ اهمال إشارات حماس وتصريحاتها، بل تستحق ان تمتحن بشكل جدي، علنا نجد حلاً عملياً يلئم العظم المكسور بين الحكومة والدولة، وترميم النظام المهدوم. أو التوصل، على الاقل، الى حلول تحول دون تدهور العلاقة، وربما الاقتتال. الحلول، إن صفت النوايا عديدة، اولها ان تقبل حماس بعودة الوضع الى ما كان عليه دونما حاجة الى أن تعتذر، مع أن أحد مسؤوليها أعلن «نحن مستعدون لأن نعتذر للشعب الفلسطيني، لا لفتح». العودة عن الطلاق، وفق هذا الطرح، تعني تسليم الامن للسلطة المركزية لا الحكومة. فان كان ذلك مرفوضا البتة، يصبح الحل الثاني فيدراليا، أي ان تعترف حماس بحكومة سلام فياض في الضفة، مقابل ان تعترف فتح بحكومة حماس في غزة، وتبقى الاثنتان تحت إشراف سلطة رام الله، وتبقى الحكومتان مؤقتتين الى حين الانتخابات المقبلة. وإن لم يرض بهذا الحل فان الخيار الأخير هو اجراء انتخابات مبكرة، تحت اشراف دولي. هناك خيارات أخرى تظل أفضل من إبقاء الوضع منقسماً ومتوتراً. ستكون مرحلة مظلمة، لم يسبق للقضية أن عاشتها، وسيكون الشعب الفلسطيني وحده الخاسر، حيث ستنحدر الأمور الى درجة الاقتتال المتبادل في الأرضين المنقسمتين، بتشجيع وتسهيل من الاسرائيليين، الذين يعيشون فرحة لم يتذوقوا مثلها منذ انتصار حرب الـ67.وفي كل حالات التصالح المحتملة لا بد ان يسبقها شرط هو اصل المشكلة. على حماس ان تقبل بأساس الدولة الفلسطينية، أي اتفاق السلام الموقع. حماس دخلت في زواج، مع نظام سياسي، مبني على اتفاقات مع اسرائيل والمجموعة الدولية، شرعته الاعترافات العربية بالنظام. لكن حماس، التي استفادت من الاتفاقية، نقضتها في اول يوم دخلت البيت، وهذا ما احدث الارتباك في كل المشهد الفلسطيني. وبسببه ورطت الشعب الفلسطيني في حصار من المانحين الدوليين، لان المنح مبني على اتفاق السلام. حماس تريد الدعم وترفض الاتفاق. الاهم من ذلك ان الشعب الفلسطيني، بانخراطه في الانتخاب، هو الذي اقر أسس الدولة باتفاقياتها. ويصبح لزاما ان تقبل حماس بالشرط الأول للعودة عن الطلاق، وهو احترام الاتفاقيات الموقعة، وتجنيب بيع القضية في مزاد صراعات دول المنطقة سواء كانت ايران او سورية او اميركا او غيرها.مسؤولية دول المنطقة الرئيسية في عدم حشر حماس في الزاوية، طالما انها مستعدة لصلح ما. ومسؤولية حماس ان تفكر بواقعية، فهي جاءت الى السلطة بنظام فتح، وهو نظام جيد يمنح المواطن دائما اختيار من يحكمه. اما الانفصال بدويلة في غزة، سيسهل على خصومها، بما فيهم اسرائيل، القضاء عليها، بتأييد، او صمت عربي عريض. في الوقت الذي ستتمكن فيه السلطة في رام الله من التفاوض، وتوقيع اتفاق تاريخي يؤسس دولة فلسطينية، وتصبح تلقائياً هي الشرعية، بشعبية لا يمكن حتى لحماس التشكيك فيها.[c1]نقلاً عن / صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية[/c]
حماس في الزاوية ولكن ..
أخبار متعلقة