غضون
- يقال إن الجريمة آفة الحرية.. فالحرية تضمن للناس حقهم في الحركة والمشاركة في الحياة العامة والتحرر من القيود والضوابط غير الضرورية التي يفرضها الاستبداد على السلوك والحريات الشخصية والعامة، وهذه الميزة العظيمة للحرية تستغل من قبل أعداء الحرية، الذين يتخذونها وسيلة أو غطاء لأفعالهم المضرة بالغير، ولذلك تزداد الجرائم في المجتمعات التي تتوافر على ضمانات للحرية، خاصة تلك التي تضعف فيها أجهزة قمع الجريمة أو منعها.. وللديمقراطية أيضاً آفة.- فالديمقراطية تضمن لخصومها نفس الحقوق التي تضمنها لأنصارها.. لذلك يتكئ أولئك على الديمقراطية في كل حركاتهم وتصرفاتهم التي تتعارض مع الديمقراطية ومصالح المجتمع.. فالديمقراطية تضمن حق المواطن في الإعراب عن الرأي، وتحت هذه الضمانة يدعو كثيرون دعوات نتنة ومخربة للتماسك الاجتماعي، فإذا قيل لهم إنكم وقعتم في محظور قانوني، يردون بالقول: إننا نمارس حقوقنا الديمقراطية في التعبير عن الرأي .. ويضمن القانون في البلد الديمقراطي حق الناس في التجمهر والتجمع والتظاهر وتنظيم المسيرات السلمية، بينما يستغل النص القانوني لتنظيم تجمع فئوي أو حشد الناس لتحريضهم ضد مصالحهم ومصالح المجتمع، أو تحويل التجمع السلمي إلى مهرجان كبير للتخريب والسطو والضرب.- أيام زمان كان الحزب الاشتراكي اليمني في مقدمة القوى التي تعلي راية الوحدة، ومرة تورط مثقف كبير في موقف مناطقي فظل طيلة شهور في مرمى هجوم الاشتراكيين، بينما اليوم يمارس اشتراكيون ما هو أسوأ من المناطقية وبيدهم سلاح الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير يشهرونه في وجه كل من ينتقدهم، وفي مواجهة أي إجراء قانوني لمساءلة منتهكي القانون أو مرتكبي المحظورات .. والإخوان المسلمون قبل النظام الديمقراطي كانوا إذا برز من بينهم داعية مناطقية أو فئوية يقولون له: دعها فإنها منتنة، بينما اليوم يشيعون النتن في كل الجهات وعبر مختلف المنابر ويسمون ذلك ممارسة لحقوق أوجدتها الديمقراطية..- أزعم أن معظم هؤلاء يدركون أنهم يخونون قناعاتهم فهم يمارسون هذه المساوئ لإغضاب السلطة وقيادة الحزب الحاكم وهذا لوصح عدم توفيق في اختيار الوسائل.. فأنت هاهنا تغضبه حقاً، لكنك في الوقت نفسه تخرب مقومات وجودنا كلنا في هذا البلد.