في الذكرى المشؤومة الـ 168 لاحتلال مدينة عدن في 19 يناير 1839م
مقاومة شعبية للاحتلال
عرض نجمي عبد المجيدالمفاوضات مع بريطانيا, وقضية استقلال الجنوب ودور الأحزاب السياسية التي شاركت في الكفاح المسلح, ووثائق تلك الأحداث ومكانة أول رئيس لجمهورية اليمن الجنوبية الشعبية, كل هذه القضايا مازالت بحاجة لعملية قراءة موضوعية في مسار ما جرى في مرحلة زمنية من تاريخ الجنوب السياسي وجمع أكبر قدر من المعلومات حتى يكون لكل طرف شارك في هذا الفعل رؤيته في معرفة ما حدث.وفي هذه المادة التاريخية نقدم بعضاً من المعلومات وهي وإن كانت لا تعطي مساحة أوسع من الرؤية السياسية لأحداث الجنوب, ولكنها تقدم نظرة نهدف من خلالها إلى توسيع دائرة الحوار في هذا الاتجاه حتى تشمل كل الأطراف, وبذلك تتوسع فكرة تلاقي الأطراف عند الكتابة عن تاريخ الجنوب السياسي.وهذه المعلومات المقدمة في هذا الموضوع هي محاولة لقراءة تتعامل مع التاريخ كحقائق من حق الكل معرفتها, والتعرف على حقيقة معينة في ظرف زمني محدد ربما يصحح أخطاء عاشت في ذاكرة الناس لفترات على إنهاء آخر المدركات التي وصل إليها العقل وآمن بها وتسامح معها الضمير واستقر عندها.
حاكم مستعمرة عدن 1955م
وتلك هي المنزلقات التي يسقط بها عقل الأمة عندما يصبح التاريخ يقاد من قبل السلطة التي تحكم, وهناك فرق بين تاريخ تصنعه الأحداث وبين سلطة تسخر التاريخ لتجميل شكلها المتصدع, وكثيرة هي العبر في هذا المجال.[c1]مفاوضات بريطانيا مع الجبهة القومية حول قضية استقلال الجنوب[/c]حددت جلسة المفاوضات بين الحكومة البريطانية وأعضاء وفد الجبهة القومية في جنيف الأولى, في الساعة الثالثة من مساء يوم الثلاثاء بتاريخ 21 نوفمبر عام 1967م وكان ذلك في شارع كوي ولسن رقم 37.ولهذا الهدف صدر قرار الجبهة القومية والذي وقعه عنها عبدالله الخامري بتسمية وفد الجبهة الذاهب إلى المفاوضات في جنيف وقد تكون من الأعضاء :1.قحطان محمد الشعبي – عضواً 2.عبد الفتاح اسماعيل – عضواً 3.فيصل عبد اللطيف – عضواً 4.سيف الضالعي – عضواً 5.محمد أحمد البيشي – عضواً 6.العقيد عبدالله صالح عولقي – عضواًكذلك نص القرار على أن يرافق الوفد مستشارون في الشؤون السياسية والأمنية والعسكرية.في تاريخ 11-11 1967م وبعد أن سيطرت الجبهة القومية على معظم أراضي الجنوب وبعد استبعاد جبهة التحرير من مفاوضات الاستقلال مع بريطانيا قام سيف الضالعي والذي كان يشغل منصب رئيس المكتب السياسي للجبهة القومية بالإبراق إلى وزير خارجية بريطانيا بواسطة المندوب السامي البريطاني في عدن السير همفري تريفيليان أكد فيها : " أن الجبهة تعبر عن الإرادة الشعبية وأنها تتولى السلطة فعلاً, وقد قامت بتشكيل وفد عهدت إليه بمهمة التفاوض مع بريطانيا لنقل السلطة السياسية وطلب سيف الضالعي من براون قيام المفاوضات في21-11 1967م وقد وافقت بريطانيا وتم اختيار جنيف مكاناً للتفاوض وعين اللورد شاكلتون كرئيس للوفد البريطاني, أما وفد الجبهة القومية فقد تشكل من الشخصيات السابق ذكرهم إضافة إلى 9 من المستشارين ".وفي مؤتمر صحفي حدد قحطان الشعبي عضو القيادة العامة ورئيس الوفد المفاوض موقف الجانب اليمني في النقاط التالية :1.تحقيق الاستقلال الفوري وانتقال السيادة إلى الحكومة الوطنية والتأكيد على وحدة أراضي الجنوب بما في ذلك الجزر.2.رفض الاتفاقيات العسكرية بما في ذلك الدفاعية على أن تقوم بريطانيا بتسليم ممتلكات الجيش البريطاني في الجنوب إلى حكومة الثورة.3.رفض الأحلاف السياسية ورفض الانضمام إلى الكومنولت ومقاومة أية قيود سياسية وطلب إنهاء كل معاهدات بريطانيا مع السلاطين في الاتحاد.4.رفض القيود الاقتصادية والمالية ومع ذلك تقبل الجبهة القومية الإسترليني لفترة محدودة قابلة للتجديد أو الإلغاء, وستقوم بطلب معونات غير مشروطة.كانت بداية أولى جلسات المفاوضات ما بين الجبهة القومية والحكومة البريطانية رسمياً في تاريخ 21 نوفمبر عام 1967م وتحديداً في الساعة الثانية من مساء الثلاثاء وفيها طرحت الجبهة القومية ورقة العمل الخاصة بها والتي احتوت في بدايتها فيما يتعلق بسيادة الدولة, وكان الملف يتضمن ما يلي :أ- تسليم سيادة الدولة على كافة أجزاء المنطقة وجزرها.ب- الاعتراف بالحكومة الوطنية الجديدة.ج- دخول الدولة الجديدة في عضوية الأمم المتحدة.د- تحديد يوم الجلاء.هـ- الاتفاقيات السابقة.و- تبادل التمثيل الدبلوماسي.ثانياً : فيما يتصل بالقضايا المالية والاقتصادية, وقد اشتمل ملف هذا الموضوع على:1.الالتزامات المالية والفنية.2.بقية الأموال المعتمدة في ميزانية 1967 – 1968م.3.تغطية العجز المتوقع في ميزانية 1967 – 1968م.4.معاشات التقاعد والتعويضات المالية المدفوعة لبعض المواطنين المغتربين.5.المبالغ المعتمدة لخطط التنمية.6.تقدير المبالغ المخصصة للتعويضات والتقاعد.7.المساعدات المالية التي وعدت بريطانيا بتقديمها للبلد.8.المساعدة الفنية.9.العملة.10.القروض لمشاريع التنمية.11.التجارة.12.الوثائق,التقارير,والدراسات الخ.. المتعلقة بالبلد.أما الجانب البريطاني فقد قدم ورقة العمل الخاصة به, والتي احتوت على عدداً من النقاط وكان أهمها تشكيل الحكومة, الوفاء بالالتزامات الدولية, تأسيس سفارة, خلافة لقب أراضي التاج, عضوية الأمم المتحدة.وقد تحدث اللورد شاكلتون بعد أن بدأت جلسات طويلاً وطرح عدة ملاحظات وكانت متعلقة بجدول الأعمال, وقد أكد في ختام تلك الملاحظات أن لديه اهتماماً شخصياً مخلصاً وجاداً حول مستقبل الجنوب العربي بصرف النظر عن مركزه كعضو في الحكومة البريطانية.أما قحطان الشعبي فقد عبر عن سروره كرئيس لوفد الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل, ومدعو لبحث موضوع استقلال بلاده وقد قال : " إن وفد بلاده ليست لديه المهارة والخبرة الطويلة في مثل هذه الأمور, وقال كذلك : أنه يأمل بأن يتوفر التفاهم المشترك حتى يتمكن تحقيق مطالب شعبه وبناء عليه فإنه يعتقد بأنه من الممكن التوصل إلى اتفاق في أقرب وقت ممكن.وقال أيضاً : وبالرغم من قصر الوقت بالنسبة للطرفين إلا أنه يأمل بأن يتوصل إلى اتفاق يمنح الاستقلال لشعبه الاستقلال الذي ظل الشعب يناضل من أجله طيلة حكم الاحتلال, وبرغم حقيقة وقوع الشعب, تحت الاحتلال لفترة طويلة ووصول الجنوبيين إلى مرحلة الكفاح المسلح فإنه يأمل بل ويعتقد بأنه من الممكن البدء في مرحلة جديدة من التعاون والصداقة فيما بين شعبي الجنوب العربي وبريطانيا.وذكر قحطان الشعبي كذلك : أنه يعتبر بريطانيا مسؤولة أدبياً وأخلاقياً بتقديم المساعدة لبلاده حيث أنها ظلت تحتل البلد لفترة طويلة ومع ذلك فإنه من الضروري أن لا تدخل هذه المساعدات في موضوع الاستقلال والسيادة ".بعد أن انتهى قحطان الشعبي من كلامه, عقب اللورد شاكلتون على ذلك بقوله : " بأنه بالرغم من أن السيد قحطان الشعبي, أدعى بأن أعضاء وفده ليسوا مفاوضون مهرة ألا أن ملاحظاته المرتبة والمنظمة تثبت عكس ذلك, وقال أن لدى البريطانيين سبب قوي في التأكد من كفاءة الجبهة القومية.وقال أيضاً : أنه متردد في الدفاع عن سجل الاحتلال البريطاني لكونه مواطناً ايرلندياً, وأن بريطانيا قد أخذت القليل من الجنوب العربي ومع ذلك أنا متأكد من أن السيد قحطان الشعبي لا يود البحث عن الماضي كنقطة وذلك أسوة بما يأملوه من فتح صفحة جديدة مبنية على التفاهم والصداقة.. ومع ذلك فإن الحكومة البريطانية ستساعد الحكومة الجديدة في تطوير البلد وفي الحصول على الاعتراف الدولي.وأضاف قائلاً : إن لديه نقطتان يود توضحيهما فيما يتعلق بملاحظات السيد قحطان الشعبي إذ أقر بأنه بالرغم من أن الجنوب العربي دولة صغيرة وفقيرة إلا أنها أصبحت ذات سيادة؛ وبناء عليه فقد قيل بأن موضوع المساعدة التي ستقدم من بريطانيا والدول الأخرى والمنظمات الدولية ستكون ذات أهمية كبرى للجنوب العربي ومع ذلك فإنه يشعر بأن المعونة التي استلمت من قبل الجنوب العربي كانت أكثر من المعونة التي استلمتها أية دولة أخرى من بريطانيا ".وكان تعقيب قحطان الشعبي على النقطتين اللتين أثارهما اللورد شاكلتون قد وقال : " بأنه بالرغم من أن المعونة التي أعطيت للجنوب العربي قد تكون كبيرة مقارنة مع ما أعطي للدول الأخرى إلا أن الشعب لم يستفد من ذلك استفادة كاملة بسبب التخلف الرهيب للمنطقة, حيث أن أية معونة أعطيت لم تكن إلا عبارة عن نقطة واحدة في محيط.أما النقطة التي تقول : بأن بريطانيا قد أخذت القليل من الجنوب العربي.. لا يخفى على اللورد شاكلتون وكذا أعضاء الوفد البريطاني من أن الجنوب العربي ظل تحت الاحتلال لمدة 129 عاماً وفي هذه الفترة جنت بريطانيا فوائد جمة من الناحيتين الاقتصادية والإستراتيجية وبالإضافة إلى الميناء الدولي فقد كانت قاعدة عدن ذات فائدة كبرى لبريطانيا في أهم مراحل التاريخ العالمي كما أن الجنوب العربي ظل سوقاً مفتوحاً للمنتجات البريطانية لفترة طويلة ".وقد اقترح اللورد شاكلتون قبل ذلك بأن يتم تشكيل هيئة إدارية لبحث جدول الأعمال تعمد على مباشرة مهامها بعد استراحة الشاي, على أن تكون من رؤساء الوفدين, بالإضافة إلى واحد أو اثنين من المستشارين كذلك تم الاقتراح بأن يتفق الطرفان على صيغة البلاغ الصحفي الذي سوف يصدر بعد الانتهاء من الاجتماع التمهيدي, أما قحطان الشعبي رئيس وفد الجبهة القومية وافق على مقترح اللورد شاكلتون, وقد أضاف أنه يرى بأن يكون البلاغ مختصراً ويجب أن يشير إلى تاريخ وموعد الاجتماع وبأنه كان مشجعاً ووافق اللورد شاكلتون على هذا الرأي.كذلك اقترح قحطان الشعبي بأن تعد مسودة البلاغ الصحفي من قبل ممثل معين من قبل الجانب البريطاني وآخر من جانب الجبهة القومية على أن يقدم إلى رئيس الوفدين قبل إعلانه, وبصدد اجتماع الهيئة الإدارية فقد تم تعين من قبل اللورد شاكلتون كلاً من المستر مكارثي والمستر مايلز الذين كانا قد سبق لهما العمل في إدارة المندوب السامي البريطاني بعدن, ومن جانب وفد الجبهة القومية فقد عين قحطان الشعبي كل من فيصل عبد اللطيف الشعبي, وسيف الضالعي, كذلك اقترح الشعبي أن يتولى الترجمة بين المتفاوضين السيد عبدالله عقبة.[c1]البيان الختامي للمفاوضات[/c]استمرت جلسات مفاوضات الجبهة القومية مع حكومة لندن ثمانية أيام متواصلة بدأت من 21 وحتى 28 نوفمبر وفي 29 نوفمبر توصل الطرفان إلى اتفاق ترتب عليه إعلان قيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية المستقلة بتاريخ 30 نوفمبر 1967م, وقد حوى البلاغ الختامي المشترك الصادر عن الجانبين ما يلي :1.اجتمع في جنيف كل من وفدي المملكة المتحد برئاسة اللورد شاكلتون او بي أي الوزير بلا وزارة والجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل برئاسة السيد قحطان محمد الشعبي في الفترة من 21- 29 نوفمبر 1967م.2.ناقش الوفدان انتقال السلطة وانتهاء حماية حكومة صاحبة الجلالة المملكة على المنطقة التي ستعرف بجمهورية اليمن الجنوبية الشعبية واتفقا على أن كافة السلطات والحقوق التي كان يتمتع بها التاج قبل الاستقلال ستقلد للدولة الجديدة اعتباراً من 30 نوفمبر 1967م تاريخ استقلالها.3.اتفق الوفدان على أقامة علاقات دبلوماسية بين بلديهما, وتبادل السفراء.4.أحيط الوفد البريطاني علماً بالتصريحات العامة الصادرة على الجبهة القومية من أن جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية, ستضمن سلامة أفراد الجاليات الأجنبية التي تعيش في المنطقة.5.بحث الوفدان المواضيع الهامة للجانبين بما فيه موضوع المساعدات وقد أكد وفد الجبهة القومية على ضرورة استمرار المساعدة المالية البريطانية لمواجهة متطلبات المؤسسات المدنية والعسكرية وتطوير البلد وتسليح قوات الدفاع.[c1]استقراء لنتائج مفاوضات الاستقلال[/c]حول هذا الجانب يقول الأستاذ منصور صالح : " وفي استقراء لنتائج مفاوضات الاستقلال يرى بعض الكتاب العرب ومن خلال ما دار في جلسات المفاوضات أن بريطانيا لم تحاول الخوض في الموضوعات العسكرية نظراً لاختلاف النظام الوطني عن النظام الذي كانت تصوره بريطانيا بالإضافة إلى أن الجبهة القومية أوضحت بشكل قاطع أنها لن ترتبط باتفاقيات عسكرية ودفاعية أو غيرها وأنها ستتولى أمر الدفاع عن نفسها أما عن حماية الأجانب وممتلكاتهم فقد تعهدت حكومة الجبهة القومية بذلك ورتبت بريطانيا وجود سفينة حربية قرب الشاطئ كإجراء وقائي لإجلاء سفارتها الجديدة والأجانب في المنطقة في حال تدهور الموقف, وقد تمت مغادرة المندوب السامي البريطاني وقائد القوات البريطانية أرض الجنوب جواً من عدن يوم28-11 1967م وتم في 29 نوفمبر جلاء آخر قوة بريطانية, وقد اتخذت بريطانيا عدة إجراءات سريعة تتصل بالأمن قبل انسحابها ومنا إلغاء قانون الطوارئ لعام 1963م وإطلاق سراح المعتقلين وترحيل رجال مخابراتها خشية الانتقام منهم".[c1]لماذا تراجعت بريطانيا عن تعهدها بمساعدة حكومة جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية؟[/c]لم تظهر وثائق جديدة حتى الآن توضح بشكل أوسع لماذا تراجعت بريطانيا في هذا الموضوع, لقد رفضت بريطانيا بالوفاء بما وعدت به حكومة الاتحاد من معونة مالية وكان قدرها 60 مليون جنيه إسترليني على مدار ثلاث سنوات, غير أن طرفا المفاوضات لم يتوصل إلا على اتفاق تقدم بصدده بريطانيا 12 مليون جنيه إسترليني فقط كمساعدة مالية في الستة الأشهر الأولى من الاستقلال على أن تتواصل المفاوضات حول القضية المالية بعد ذلك, وعن هذه المسألة علق المندوب السامي البريطاني : إن الجبهة القومية كانت حريصة على الوصول إلى اتفاق بشأن هذه المسألة نظراُ لحاجتها إلى الأموال في بداية حكمها.أما الرئيس الراحل قحطان الشعبي فقد شجب موقف بريطانيا التي استعمرت الجنوب 129 سنة وتركته في أسوأ درجات التخلف, كذلك حمل على موقف الصحافة البريطانية التي حرضت حكومتها على الامتناع عن تقديم المعونات والتعويضات للدولة الجديدة, وكان قد أكد بأن الوفد لم يطلب صدقة من بريطانيا, ولكنه طالب بدفع التعويض العادل عن سنوات الاستغلال خيرات الجنوب وأسواقه وميناء عدن وأراضي الجنوب التي كانت قاعدة عسكرية, وكما أكد أن بريطانيا لن تفلت ولن تستطيع الهروب من مسؤولياتها أمام الرأي العام العالمي وأمام التاريخ.[c1]ردود الأفعال حول ما جرى[/c]حاولت جبهة التحرير من خلال اتصالاتها المتواصلة بالدول العربية طرح وجهة نظرها حول مفاوضات استقلال الجنوب, غير أن الدول العربية بادرة بالاعتراف بحكومة الجنوب بقيادة الجبهة القومية وخاصة أذا كان أي تحرك مغاير قد يؤدي إلى إضعاف الدولة الجديدة, وبالذات بعد نكسة 1967م التي مرت على العالم العربي, وكانت النقاط التي طرحت من قبل جبهة التحرير حول المفاوضات هي :1.كان يجب أن تتفاوض الجبهتان معاً مع بريطانيا لأن ذلك يعطيها قدرة أكبر لفرض ما يريدانه في مواجهة المفاوض البريطاني.2.أن انفراد الجبهة القومية أدرى إلى تهرب بريطانيا من الوفاء بالتزاماتها تجاه البلاد ومكنها من الانسحاب بقواتها بهدوء, وكان يمكن استغلال وجود قواتها والتهديد الذي تتعرض له بمثابة ورقة للضغط على بريطانيا للوفاء بالتزاماتها وأن الشعب نتيجة هذا الموقف قد خسر عدة أشياء.3. كان من المفروض ألا يترتب على المفاوضات إعلان قيام الدولة الجديدة التي تعد تكريساً للانفصال بل يكتفي بقيام جهاز تنفيذي أو حكومة وطنية انتقالية تتولى التفاوض مع اليمن الشمالي من أجل تحقيق الوحدة اليمنية أو على الأقل لتنفيذ تكامل اقتصادي وتوحيد النظم الإدارية وإيجاد تشريع جنسية يمنية واحدة وتحديد فترة انتقالية لتجسيد الوحدة اليمنية.أما حزب رابطة أبناء الجنوب فقد حذر من أن البلاد سوف تواجه مستقبلاً مظلماً بانفراد الجبهة القومية.[c1]إعلان الاستقلال[/c]بتاريخ 30نوفمبر 1967م قرأ عبد الفتاح إسماعيل بيان الجبهة القومية حول الاستقلال, كما قرأ القرارين الأوليين للجبهة القومية وكان ذلك في مدينة الاتحاد وهما :قرار رقم 1قررت القيادة العامة للجبهة القومية الممثلة الوحيدة للشعب وهي السلطة الفعلية ما يلي :1.إن المنطقة التي كانت تعرف في السابق باسم عدن ومحمياتها الشرقية والغربية وكل الجزر التابعة لها تعد منطقة واحدة وتسمى بجمهورية اليمن الجنوبية الشعبية.2.القيادة العامة للجبهة القومية هي السلطة التشريعية لجمهورية اليمن الجنوبية الشعبية وستمارس القيادة العامة هذه السلطة حتى يتم إعداد دستور مؤقت للجمهورية.3.الجبهة القومية هي التنظيم السياسي الوحيد في الجمهورية.4.علم الجمهورية يتكون من الألوان الأفقية التالية وترتيبها أعلى الأحمر فالأبيض فالأسود وله من ناحية السارية مثلت لونه أزرق فاتح تتوسط نجمة حمراء مخمسة.5.نظام الحكم نظام رئاسي.[c1]قرار رقم 2قرار بتعيين رئيس للجمهورية[/c]الآن وقد تم جلاء الاستعمار عن جميع أجزاء الوطن وبما أن الجبهة القومية هي الممثلة الوحيدة للشعب والسلطة الفعلية, فقد قررت القيادة العامة للجبهة بوصفها السلطة التشريعية بتاريخ 30 نوفمبر 1967م تعيين السيد قحطان محمد الشعبي رئيساً لجمهورية اليمن الجنوبية الشعبية لمدة سنتين من تعيينه, وقد كلفته بإعلان الاستقلال رسمياً يوم 30 نوفمبر 1967م وبعد الإعلان عن تشكيل الحكومة وحتى تشكل الحكومة تمنحه كافة الصلاحيات بتنفيذ القوانين واللوائح السارية المفعول في كل أجزاء الجمهورية وإصدار أية مراسيم يراها ضرورية لمنفعة الجمهورية وأمنها.أعلن أن قحطان محمد الشعبي رئيس جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية أنه بناء على القرارات الصادرة عن القيادة العامة للجبهة الشعبية القومية فإنه ابتداء من اللحظة الأولىليوم 28 شعبان عام 1387هـ الموافق 30 نوفمبر عام 1967م أعلن مولد وقيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية كدولة مستقلة ذات سيادة.