د. زينب حزامالصحراء اليمنية ظلت خفية ردحاً من الزمن تحمل في طياتها تضاريسها وتاريخها وآثارها التي ظلت جزءاً دائماً من غموض يجعلها عصية على التعرف في كلمات قلائل، فبقدر بساطة أهلها من الصعب اكتشاف أغوار أنفسهم.ظل عنترة بن شداد يواجه المصاعب بين صليل السيوف وصهيل الجياد ليثير في الوجدان سحب الرمل الجياشة بالعاطفة، كتب أعظم المعلقات الشعرية التي ظلت خالدة في الكنوز الأدبية حتى يومنا هذا، هذه الأشعار الرائعة التي قالها عنترة بن شداد عن حبيبته عبلة بنت عمه مالك تذوب على اتساع رمل الفروسية انتصاراً للأنصار والتحرر، وقدمت الشاشة العربية عروضاً لأفلام متنوعة عن البطولات والقصائد الشعرية التي قالها عنترة بن شداد الذي مجد فيها بطولات العرب في بناء وزراعة وتعمير الصحراء، وقد كتب عنها الأدباء والشعراء أجمل وأعظم القصائد الشعرية والمواضيع الأدبية الخالدة حتى يومنا هذا.وعن مجد الصحراء العربية قال الشاعر امرؤ القيس أبيات شعرية خالدة تحتوي على الشجن مخترقاً الأكام والتلال وكثبان الرمل يلتمس معونة القبائل في الثأر لأبيه، ثم شاءت الظروف أن تتخلى عن عنترة وامرئ القيس وعمرو بن كلثوم، وأصبحت اليوم الصحراء مهجورة لا توجد بها إلا الأطلال باكية شاكية تدعونا إلى البحث والتنقيب عن الآثار العظيمة المدفونة تحت الرمال الذهبية في صحراء حضرموت وغيرها من صحارى اليمن السعيد.ففي صحراء مأرب توجد كنوز أثرية حيث وجد الباحثون في معبد الملكة بلقيس عدداً من الأبواب المنزلية المزخرفة تحتوي على صحون خزفية مورمكسية وأسلحة مصنوعة من حديد النيازك إضافة إلى مومياوات لأشخاص تتراوح أعمارهم ما بين الأربعين والخمسين عاماً كان معظمهم مصابين بمرض الأسنان. وتلك المومياوات تعود إلى عهد الملكة بلقيس في سبأ وهي أشهر المدن اليمنية ويعود تاريخها إلى ثلاثة آلاف عام وقد اعتبرها الجغرافي بطليموس الاسكندري وسط الإقليم المناخي الأول في الأرض. ويعتبر عرش الملكة بلقيس وسد مأرب أكبر دليلين على اهتمام اليمنيين القدماء بتعمير الصحراء.وعلى سبيل المثال قامت الدولة اليمنية بإنجاز جديد، وإحياء للقديم جاء بشارة لأحفاد سبأ في عهد الثورة المباركة كثمرة من ثمارها التي تعبق أشذاؤها في أرجاء البلاد.وقد بن السد الجديد على مسافة ثلاثة كيلومترات من موقع السد القديم عبر وادي (ذنة) ويبلغ طوله (230) متراً عند القاعدة و (763) متراً في مقدمته وارتفاعه (40) متراً وباطن السد أساس من الصخر الصلد، وشيد الجدار الضخم من الخرسانة لمنع تسرب المياه من السد.وفي صحراء صعدة توجد العديد من المواقع الأثرية مثل حضن السنارة الذي يعلو مدينة صعدة إضافة إلى سورها المنيع المبني من الطين على شكل سور صنعاء وفيها مساجد أثرية قديمة أشهرها جامع الهادي الذي يرجع تاريخه إلى القرن الثالث الهجري التاسع الميلادي.إن الصحراء اليمنية تدعونا إلى دراسة تاريخها وتراثها، وحفظ تاريخها وجغرافيتها وآدابها وتراثها الفكري والعمراني، خاصة أنها تتمتع بالمنظر الخلاب في فصل الشتاء الدافئ حيث يصبح المنظر الذي أمامك خيالياً عند غروب الشمس وتتحول الرمال الصفراء إلى حمراء والظلال السوداء تظهر جمال اللوحة المرسومة في السطح متشابكة في خطوطها وألوانها بجانب المناظر المدهشة.[c1]العادات والتقاليد عند بدو الصحراء اليمنية[/c]في فصل الشتاء يكون الجو دافئاً، فيقوم البدو بشراء العلف وطعام الحيوانات من المناطق المجاورة منهم، لتبقى ماشيتهم سليمة، ويتم شحن المياه أسبوعياً من محطات مياه مملوكة للدولة.ويقوم البدو بتغيير وجباتهم إلى الأرز والطحين بدلاً من العيش على الحليب واللحم وفي أوقات الزواج يبيعون حيواناتهم مقابل الحصول على سيارات وخيام وملابس وعلى أصناف أخرى من الأثاث.من عادات بدوا الصحراء اليمنية في الملابس، يلبس الرجال ثوباً أو معوزاً بدون جنبية، والنساء يلبسن ملابس ملونة محتشمات ويبقين محجبات حتى مع أفراد العائلة.وتتكون العائلة البدوية التي في صحراء اليمنية من أب وزوجة وأبناء، ويقوم الرجال برعي الجمال، أما النساء فيرعين الماعز ويقمن بالطبخ ورعاية الأبناء.وعند غروب الشمس تتلاشى الحرارة ويكون الجو بارداً فيحضر الجميع إلى مخيم العائلة الكبيرة الواقع وسط التخييم .. الرجال يجلسون حول الموقد ويتحدثون حول الجمال والسيارات والمرعى ومواقعها .. إلخ بينما تجلس النساء خلف المخيم .. ويسمرن الأولاد ويداعبنهم ويعملن على إعداد الطعام ويتحدثن عن الجولات التي قمن بها حول المدينة، والموضوع الذي يسيطر على مجمل الأحاديث سواء للرجال أو النساء هو بالطبع التوافق بين الأشخاص غير المتزوجين.وتتزوج البنت عادة - حينما يبلغ عمرها أربعة عشر أو خمسة عشر عاماً وقد يحدث أن الأب أحياناً يقلق أو يتضايق أذا لم يجد الزوج المناسب لابنته في هذا السن.إنهم مسلمون أتقياء .. يؤدون الصلاة ويصومون ويقومون بكل واجباتهم الدينية وهم أميون لكنهم يستطيعون تلاوة القرآن الكريم خلال الصلوات ومع ذلك ربما لا يستوعبون بشكل كبير معناه.تنتشر الصحراء اليمنية في مأرب وشبوه المدينتين اللتين تعتبران بوابة رئيسية للربع الخالي من الجانب.
|
ثقافة
العادات والتقاليد في الصحراء اليمنية
أخبار متعلقة