أنقرة/14 أكتوبر/إيبون فيلالبيتيا: تعكس الدبلوماسية التركية المحمومة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل والفلسطينيين النفوذ الذي وجدته حديثا في الشرق الأوسط وتحركها أيضا رغبة في تهدئة رأي عام يشعر بالغضب بسبب الأعداد المتزايدة للقتلى من المدنيين. وتلعب تركيا التي يغلب المسلمون على سكانها لكنها دولة علمانية لها صلات جيدة مع إسرائيل دورا في محاولة تضييق هوة الانقسام بين العرب والتوسط من أجل وقف إطلاق النار في قطاع غزة. ومنذ بدأت إسرائيل هجومها قبل 12 يوما قام رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان بزيارة القادة العرب في سوريا ومصر والأردن والسعودية. وكان على اتصال بالرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد كما أرسل وزير خارجيته إلى الأمم المتحدة حيث تبدأ تركيا عضوية مدتها سنتان بمجلس الأمن الدولي. واستغلالا لنطاق الاتصالات المتفرد الذي تتمتع به أنقرة التقى مسئولون أتراك أيضا بقيادات حماس في دمشق. وعرضت أنقرة توصيل أي اقتراح من حماس بوقف إطلاق النار إلى الأمم المتحدة. وبينما خرج مئات الآلاف من الأتراك إلى الشوارع للتنديد بالحملة الإسرائيلية صدم اردوغان إسرائيل الحليف الوثيق لتركيا حين وصف عملياتها بأنها “جريمة ضد الإنسانية” في لغة قوية حتى مقارنة بتلك التي يستخدمها القادة العرب. ويتماشى النشاط الدبلوماسي لأنقرة مع وضعها الدبلوماسي الإقليمي المتنامي وعلاقاتها الأوثق مع الشرق الأوسط منذ تولي حزب العدالة والتنمية ذو الجذور الإسلامية الذي يتزعمه اردوغان الحكم عام 2002. لكن هذا أيضا يسلط الضوء على التوازن الدقيق الذي يتعين عليها القيام به. فتركيا ذات الأغلبية المسلمة عضو حلف شمال الأطلسي التي تطمح إلى الانضمام للاتحاد الأوروبي اتخذت وضع الوسيط في منطقة صعبة. وقال فادي حكورة من مؤسسة تشاتام هاوس البحثية ومقرها لندن “ تركيا لديها قوة في الشرق الأوسط بسبب علاقاتها المتنامية مع الدول العربية وعلاقتها بإسرائيل لكنها لا تستطيع إعادة تعريف لعبة النفوذ في المنطقة.”، وأضاف “الدبلوماسية التركية تعكس نفوذها المتزايد في المنطقة لكن أسبابا داخلية أيضا هي التي تحركها. الأتراك موحدون في رفضهم تجاه إسرائيل.” وتتمتع تركيا الحليف الوثيق للولايات المتحدة بعلاقات عسكرية وإستراتيجية مع إسرائيل. وتقدر مبيعات المعدات العسكرية الإسرائيلية لتركيا بمبلغ 100 مليون دولار سنويا كما تتبادل الدولتان معلومات مخابراتية أمنية حيوية. وعلى الرغم من انتقاد اردوغان اللاذع لإسرائيل والاحتجاجات التي خرجت إلى الشوارع لا يتوقع محللون ان تتضرر العلاقات بين إسرائيل وتركيا. وقتل أكثر من 600 فلسطيني وأصيب ما يزيد عن 2700 آخرين في الهجوم. وقال اردوغان متحدثا أمام البرلمان يوم الثلاثاء إن الأهمية الإستراتيجية للعلاقات التركية الإسرائيلية يجب أن تتجاوز الخلافات و” التبادل الانفعالي للكلمات.” وأضاف “أود أن أذكر هؤلاء الذين ينادون تركيا بتجميد العلاقات مع إسرائيل بأننا ندير جمهورية تركيا وليس متجرا للبقالة.” واتفق مسئول بالسفارة الإسرائيلية في أنقرة والتي تطوقها شرطة مكافحة الشغب هذه الأيام مع هذا الرأي قائلا “مثلما فعلنا في الماضي يجب أن نتجاوز هذا الخلاف وسنعود إلى علاقاتنا الجيدة كما هو الحال في أزمات أخرى.” وقال المحلل السياسي البارز جنكيز كاندار إن على تركيا الاحتفاظ بتوازن دقيق وصعب حتى لا تغضب حلفاءها الذين يكونون متناقضين في بعض الأحيان. وأضاف “لا يمكن أن ينظر إلى تركيا على أنها قريبة جدا من إسرائيل لكن لا يمكن النظر إليها أيضا على أنها قريبة من حماس. إنها دبلوماسية صعبة. الأساس هو أن تركيا لا تستطيع المجازفة بعلاقتها مع إسرائيل لهذا فإن حديث اردوغان مجرد كلام.” واتحد حزب العدالة والتنمية مع المعارضة العلمانية التي خاضت معارك إيديولوجية مريرة بشأن دور الإسلام في الحياة العامة في التنديد بإسرائيل والتعبير عن الدعم لمعاناة المدنيين الفلسطينيين. ونشرت الصحف التركية العلمانية صورا بارزة لأطفال فلسطينيين قتلوا في الغارات الإسرائيلية ولمساجد تضررت من جراء سقوط القنابل. ويقول مراقبون إن جيش تركيا الموالي لإسرائيل تقليديا عبر عن انتقاده سرا للتصرفات الإسرائيلية. وأضاف حكورة “الأزمة في غزة وحدت المعسكرين العلماني والإسلامي. هناك إجماع على إدانة إسرائيل.” وتجري جهود دولية لإنهاء القتال ووضع اتفاق لوقف إطلاق النار وقد قالت تركيا إنها تريد إرسال قوات في حالة تم تشكيل قوة دولية لحفظ السلام.
نفوذ وسياسة وراء الدبلوماسية التركية في أزمة غزة
أخبار متعلقة