كثيراً مانحس بالفراغ في البيت،ونحسه في العمل،وفي كل مكان نفتقد فيه المعنى الحقيقي للحياة،والهدف الذي نعمل ونعيش من أجله.والفراغ عند الرجل غيره عند المرأة..قد يشترك الاثنان في بعض الأسباب التي تؤدي إلى احساسهما بهذا الشعور ولكن الثابت علمياً أن المرأة أقدر على ملء الفراغ في حياتها بأعمال أكثر نفعاً وأكثر جدوى من تلك التي يلجأ اليها الرجل.قد يكون السبب في ذلك أن الرجل يجد دائماً مجالاً أوسع لشغل هذا الوقت الذي يحار في شغله،بحكم أنه رجل وأنه يتمتع بقدر أكبر من الحرية التي لاتنعم بهاالمرأة إلا بمقدار محدود،وفي حدود ماتسمح به تقاليدنا وعاداتنا في مجتمعنا اليمني المحافظ.ولكن هل عرف الرجل حقاً كيف يملأ أوقات فراغه،وكيف يتخلص من هذا الشعور الذي قد ينتابه في كثير من الأحيان عندما يلتفت حوله فلا يجد عملاً نافعاً يقوم به أو هواية مجدية يمارسها سوى تعاطيه القات يومياً مع اقرانه في جلسات القات التي يقضي فيها ساعات من عمره في مناقشات بيزنطية لاتسمن ولاتغني من جوع.فالفراغ مشكلة هذا العصر،والفراغ لايصاحب سناً معينة،فالشاب يشكو من الفراغ،والرجال في منتصف العمر يشكون من الفراغ،والشيوخ يعيشون في فراغ هائل بحكم السن التي شلت بعض أو كل قدرتهم على الحركة.وليس غريباً أن نرى هذه المشكلة ونحسها ونعيشها في هذا العصر الذي طغت فيه الماديات على كل شيء...وبالرغم من هذا فقد واكب الفراغ هذه الحضارة التي نعيشها لأن كل ماحملته وتحمل لنا ليس سوى قشور لاتشبع النفوس والقلوب التي كادت تنسى أعظم عاطفة في الوجوه...عاطفة الحب...الحب لكل شيء وأي شيء يربط بين مصائرنا ويجعلنا نحس بأننا أسرة واحدة في مجتمع واحد يعيش افراده من أجل بلوغ هدف واحد. أين حياة الأمس من اليوم..هل أختفت تلك الصور البسيطة لحياة الكفاح مع الأرض والصحراء والبحر تماماً؟طبعاً لا..ولكنها توارت في الظل لكي تأتي محلها حياة أخرى لا تمت إلى الماضي القريب البعيد بصلة .ففي هذا القرن الواحد والعشرين جاءت الحضارة لتحوي حياتنا،وتغيرت الصورة من جذورها،وأصبح العالم اليوم قرية صغيرة بفعل التطور التكنولوجي الهائل في عالم الاتصالات الالكترونية وتكنولوجيا المعلومات والبث الفضائي العالمي...هذا التطور الهائل السريع قلب حياتنا رآساً على عقب.أصبحت الحياة أكثر تعقيداً...أصبحت صراعاً من أجل البقاء...الشباب اليوم يشكو الفراغ..وهي مشكلة تحاول كل الدول أن تضع لها الحلول،اعداد المتعلمين في تزايد مستمر،وهي نعمة،ولكن ماذا بعد ساعات الدرس والتحصيل؟الرياضة البدنية وسيلة..والرياضة الذهنية وسيلة..ولكن هل استطعنا أن ندفع بكل شبابنا إلى الملاعب،أو أن نضع في يد كل شاب كتاباً جديداً يملأوقته بقراءته،إن هذه كلها هوايات،فهل حاولنا أن ننميها في طفولتهم..ولكن ماأكثر الذين هربوا منها وعزفوا عنها لأنهم لايهوونها.يقول الدكتور سمايلي بلانتون في كتابه"فن السعادة الحقيقية"عن الفراغ:((أن المرض واحد،ولكن اعراضه تختلف من شخص لآخر، أو من مريض لمريض،ولذلك يصعب كتابة"وصفة"واحدة لعلاج كل هذه الحالات...شيء واحد يمكن أن يساعد على التخفيف من أثر هذه العلة التي أصبحت طابع هذا العصر..وهو شيء لايكلفنا جهداً ولامالاً، فنحن نحمله في صدورنا ولكن بنسب متفاوتة،إنه الحب..أعظم عاطفة في الوجود..حب الله وحب الحياة وحب الأرض وحب الطبيعة بشمسها وظلالها،خريفها وربيعها،فالحب هو الذي يجعل كل شيء من حولنا ينبض بالحياة..والحب هو أصل الحياة، فهو الذي خلق المفكرين والساسة والعلماء والمخترعين، ولولا حبهم للحياة وللناس، لما كان هناك فكر ولا اختراع ، ولما كانت هذه الحضارة التي نعيشها وننعم بثمارها..))وختاماً،نقول إذا تعلمنا الحب بمعناهاالكبير فلن نشكو الفراغ بعد اليوم ، لإننا سوف نقهر عالم الماديات.
بالحب نقضي على الفراغ ونقهر عالم الماديات
أخبار متعلقة