أصدقاءُ عديدون ورفاقٌ كثيرون ممّن عرفتُ في حقل السياسة وحقوق الإنسان، نقلوا مواقف صارمة، وحكوْا نزاعات عاصفة عاشوها كم مرّة مع زوجات اخترن مبدأ الوقوف على الربوة، وقاتلن أشدّ قتال من أجل تحقيق الانكفاء على النفس اتّقاء لخطر مُفترض قد يؤدْهم فلا يُبقي ولا يذر، وانسقن خير انسياق إلى الإغراق في فلسفة إفناء الذّات من أجل رعاية الأبناء، والإطراق في استنباط سبُل جديدة للكسب والبناء والتّشييد والمُفاخرة.هذه النّزاعات المتأجّجة والصّراعات المتوهّجة، على تفاوتها في الشّد والصّد، تُشكّل ظاهرة واسعة لا تسمح بالإسهام في الشّأن العام بالقول أو بالفعل، وتُعيق روح الجماعة والمشاركة، وتجعل من الإنسان أرقاما مُجرّدة في قطعان كما الضّأن والخرفان.أذكرُ في هذا المنحى بعض الأمثلة السّاطعة، تكفي لاستشعار الأخطار الثّاوية في هذه الظاهرة:[c1]الأولى: [/c]خُلاصتُها، أنّ رفيق درْب اعتذر حين تخلّف عن مواكبة نشاط حقوقيّ سلميّ، بسبب هواجس أمنيّة عاصفة هزّت كيان زوجته، فشبّ خلاف، ودبّ شقاق، وهاجت، وماجت، وأرعدتْ، وأزبدتْ، وهرعتْ إلى الأصل من العائلة كما إلى الفرع، وذرفتْ الدّمع تشكو المأساة النازلة من زوج زلّتْ به القدم فانقاد سريعا إلى العدم، وتطلبُ إنصافا في المخاصمة وإسعافا في المخاطرة قبل حصول الكارثة الماحقة، مُستفسرة عن معنى الحُرمة الزّوجيّة ومصلحة الذّريّة، إذا زجّ الزّوج بأفراد العائلة في مهاوي السّياسة المُهلكة؟؟[c1]والثانية: [/c]أنّ صديقا حميما ذكّرني مرارا، أنّ عليّ أن أبقى على مبعدة دون أن اقترب من مسكنه، إذا رمتُ زيارته في الحيّ الذي يقطنُه، فزوجته المجلّلة نبّهته إلى خطر المصاحبة، وحذّرته من سوء العاقبة إذا ظلّ في المخالطة والمشاركة، وأضاف صديقي يُنبّهني، أنّها تزعم مخاطبتي إذا أنا ترجّلتُ على مقربة من منزله، لتدعوني إلى الكفّ عن المشاغلة والعفّ عن المخاطرة بمصير عائلة آمنة، راضية، هانئة.[c1]والثالثة:[/c] أني تلقّيتُ مكالمة محزنة لسيّدة فاضلة، كانت تخاطبني بصوت فيه حشرجة ونبرات توحي بمكربة نازلة، تقول إنها في خصومة زوجية هادرة، هزّتْ كيان العائلة، وبعثرتْ عشّ النّاشئة، وترجوني أن أقطع جميع علاقاتي بزوجها فارسها، وأقلع عن شرّ المخالطة وجحيم المشاركة، إذ لا شأن لها ولا لعائلها، في غير العناية بالعائلة وضمان حلاوة الشّبع والسّكينة الدّافئة.الأمثلة في هذه الظّاهرة كثيرة، والوقائع في هذا المضمار كبيرة، والحقّ أنّي كلّما عايشتُ حادثة في هذا الشّأن، طفتْ على سطح ذاكرتي أسئلة مُحيّرة عن جدوى المشاركة، في ظلّ مقاطعة شبه كاملة من المرأة نصف المجتمع لأنشطة المعارضة وهيئات المجتمع المدني.
|
ومجتمع
زوجات مرتجفات
أخبار متعلقة