محمد محسن بركات يتحدث عن :
في أكثر من مناسبة وطنية تحدث بعض الأخوة في التنظيم الشعبي للقوى الثورية لجبهة التحرير إلى وسائل الإعلام ومنها صحيفة الرابع عشر من أكتوبر وزعموا أنهم شاركوا أو كلفوا بمعركة نقيل يسلح في حرب السبعين يوماً.. وهذه المزاعم لا صحة لها إطلاقاً إذ لم يكن هناك تكليف من أي جهة وهم لم يشاركوا في المعركة بأي شكل من الأشكال.البداية كانت مبادرة أطلقها ثلاثة من المناضلين المعروفين وهم الأستاذ/ محمد عبده نعمان – يرحمه الله – وكان يشغل منصب وزير الوحدة في أول تشكيل حكومي بعد الإطاحة بنظام الرئيس عبدالله السلال والشهيد هاشم عمر إسماعيل والأستاذ/ سعيد محمد الحكيمي وشغل فيما بعد مناصب وزارية تم أنضم إليهم بالليل بن راجح لبوزة ونصر بن سيف.وإثر ذلك جرت مشاورات ولقاءات واتصالات شارك فيها كثير من عناصر التنظيم الشعبي (لم يكن ضمنهم الذين أشرت إليهم آنفاً) وكان أهمها جميعاً اللقاء الذي أراده المناضل القاضي عبد السلام صبرة وتم الاتفاق على إرسال مجاميع التنظيم الشعبي المتواجدة في تعز إلى صنعاء للمشاركة في القتال إلى جانب جيش الجمهورية العربية اليمنية حينذاك وهناك تفاصيل سنأتي على ذكرها لاحقاً إذا تطلب الأمر ذلك. [c1]صنعاء كانت وجهتنا وليس نقيل يسلح[/c]وفي شاحنات توجهنا صوب صنعاء وبعد أن تجاوزنا نقيل يسلح اعترضت طريقنا سيارتا لاندروفر بيضاء اللون وتحمل كل منهما لوحة كتب فيها (تفتيش).. وأكد لنا من كانوا فيها أن الطريق إلى صنعاء مقطوعة من قبل الملكيين وأنهم استولوا على شاحنة واحرقوها بعد أن نهبوا حمولتها من التمر وكانت في طريقها إلى صنعاء وأصروا على عدم مواصلة مسيرتنا إلى صنعاء لأن في ذلك مجازفة تنطوي على إزهاق أرواح كثيرة وطلبوا إلينا التوجه إلى معبر لأن المنطقة آمنة وتحت السيطرة فامتثلنا لذلك.ومكثنا في معبر عدة أيام وقائد الحملة فيها حينذاك المقدم/ علي الأكوع إلى أن تم تزويدنا بالسلاح وكان عبارة عن بندقية شيكي وذخيرة لا تتجاوز الخمسين طلقة وهذا النوع من السلاح غير فعال في معارك المدن فكيف الحال في معارك الجبال ومع هذا لم نرفض وتوجهنا بالشاحنات إلى أسفل قرية نقيل يسلح ثم انعطفنا شمالاً سيراً على الأقدام حتى بلغنا قمة النقيل واشتبكنا في معركة مع قوات من الملكيين كانت تحاصره قوة صغيرة من المظلات متمركزة فوق قمة النقيل بقيادة ملازم يدعى أمين وتمكنا من فك الحصار وتقدمنا باتجاه منحدر النقيل صوب صنعاء بمساندة دبابتين يعمل برجهما يدوياً.وبدأ الموقف يتأزم لا إمدادات ذخيرة ولا ماء ولا طعام حتى الكدم لم نحصل عليه وذخيرتنا أوشكت على النفاذ وزاد الطين بله نفاذ قذائف الدبابتين.. ولم يكن أمامنا من خيار غير الانسحاب أو الموت الجماعي دون تحقيق هدفنا وهو الوصول إلى صنعاء.. وأثناء عملية الانسحاب انقلبت علينا المناطق التي وصفت بأنها آمنة وتعرضنا لإطلاق نار واستشهد عدد من المقاتلين أذكر منهم نصر بن سيف (جبهة ردفان) وإبراهيم المولد وعبدالله فريد – جبهة عدن – وأخ غير شقيق للأستاذ محمد عبده نعمان.. وأصيب عدد آخر بجروح منهم علي بن شكري – جهة الصبيحة – ومحمد السحومي – جهة عدن.. ووقع في الأسر هاشم عمر إسماعيل من قيادة التنظيم الشعبي بعد إصابته بجروح بليغة وسالم يسلم الهارش الذي أطلق عليه النار وهو في الأسر وعلي سيف الملقب بالحصيني وأصيب في أعلى ساقه وإطلاق سراحه فيما بعد واستشهد الآخران في الأسر.وأّذكر هنا بعض الأخوة الذي شاركوا في المعركة وهو فضل ناصر ومحمد حسن وعيدروس السقاف وسعيد الجابري وصالح عبدالله الحاوش ومحمد محسن بركات ومحمد هاشم فارع وعلي عبده إسماعيل وعوض محفوظ وقاسم السبراتي ومحمد عبده وعلي إسماعيل وكان أصغرنا سناً وبعض الأخوة من المراقشة أذكر منهم شخص يدعى كليب ومجموعة من الصبيحة بالليل بن راجح لبوزة على معرفة وثيقة بهم وأخرى من الضالع وعدن والحواشب.أليس من حق هؤلاء أن يكرموا وتسوى أوضاعهم الوظيفية – أسوة بالآخرين وهم من مناضلي حرب التحرير وشاركوا في الدفاع عن ثورة سبتمبر.وأقول للذين زعموا أنهم شاركوا أو كلفوا بمعركة النقيل أن وجهتنا كانت صنعاء وليس نقيل يسلح والمعركة التي خضناها كانت بسبب ظروف طارئة ولم تكن تفاصيل اللقاء الذي أراده القاضي عبد السلام صبرة (حي يزرق) والالتزامات التي تمخضت عنه ولم ينفذ شيء منها.قيادة جبهة التحرير رفضت معالجة الجرحى ومساعدة أسر الشهداء.في أعقاب عودتنا إلى تعز مثخنين بالجرحى والشهداء طلبنا إلى قيادة جبهة التحرير معالجة الجرحى وتقديم المساعدة لأسر الشهداء إلا أنهم رفضوا طلبنا بجفاء وقالوا بالحرف الواحد لسنا طرفاً في هذه القضية ولم نطلب من أحد التوجه إلى صنعاء للمشاركة في المعارك.. والحقيقة أن خلاقات تفجرت في صفوف جبهة التحرير قبل وبعد معركة نقيل يسلح بين المؤيدين للمشاركة في القتال والمعارضين لذلك وهم مجموعة سيطرت عليهم أطماعهم الشخصية واعتبروا أن عدن معركتهم وليست صنعاء.وأصر المقاتلون على تحمل قيادة جبهة التحرير مسؤولياتها أو عقد مؤتمر عام في الجند لانتخاب – قيادة جديدة تؤول إليها المسؤولية في كل ما يتعلق بجبهة التحرير.. وفي نهاية يناير 1986م توجه عبدالله الأصنج وشخص آخر كان يلازمه في كل حركاته إلى الحديدة وقابلهما القاضي عبد الكريم الأرياني رئيس المجلس الجمهوري – رحمه الله – وصرف مبلغ مليون وخمسمائة ألف ريال لأسر الشهداء والجرحى والمقاتلين ولكن الأصنج ورفيقه بدلاً من العودة إلى تعز توجها إلى القاهرة على متن إحدى طائرات المجهود الحربي بعد أن حولا المبلغ إلى الدولار.