إنه عام 2020 وهو اليوم الذي نحتفل فيه بقضائنا على نبتة القات تلك النبتة التي سلبت اليمنيين أموالهم وأوقاتهم بل كانوا يفضلونها على أسرهم، ونتيجة لذلك فاليمن الآن أصبحت الأولى على مستوى الوطن العربي والعاشرة على مستوى العالم زراعياً فهي تصدر الفواكه والخضروات الفائضة بجميع أنواعها إلى الخليج والقرن الأفريقي وأوروبا بل إن اليمن وبفضل الأبحاث الزراعية أضحت تزرع فواكه جديدة لم تكن بالسابق موجودة، فاليمن بلد متطور زراعياً تصدر الصلصة والزبيب والقهوة والشاي، وبعد أن خشي اليمانيون المخلصون أن تنضب زراعة العنب وتستبدل العنب بالقات في الحكمة المشهورة (لا طلت بلح الشام ولا قات اليمن) الآن تصدر اليمن العنب وورق العنب بأنواعه المختلفة لدول العالم.والآن أسعار الفواكه والخضروات بمتناول الجميع فالكيلو الطماطم بعشرة ريالات والبطاط بعشرين والمانجو بخمسين ريالاً وذلك لكثرة المزارعين الذين يزرعون تلك الفواكه والخضروات ، فبعد أن كان القات يشكل 71% من المنتوجات الزراعية اليمنية أصبحت تلك النسبة عبارة عن منتجات زراعية ذات مردود اقتصادي لليمن فلقد كثرت الزراعات الأخرى ومن ثم رخصت قيمة المواد الزراعية.ونتيجة للقضاء على نبتة القات عاد معدل الطول لليمنيين كما هو بعد أن كادت اليمن تكون دولة الأقزام وزاد معدل الاختراعات والابتكارات اليمنية لأن اليمنيين شعب ذكي وحكيم حيث كان القات في السابق يأخذ وقت اليمنيين وتفكيرهم بأمور وخيالات تنتهي بانتهاء تأثير القات، وانخفض مستوى المدخنين باليمن بعد أن كانت اليمن هي الدولة رقم واحد بعدد المدخنين في العالم الإسلامي، وازداد معدل العمل لدى اليمنيين لأنه لم يعد هناك شيء يشغلهم عن العمل، والشيء المفرح أن نسبة الطلاق انخفضت عن السابق وازداد معدل دخل الأسرة بعد أن كان القات يلتهم ربع دخل فرد الأسرة وكان يحرم الأطفال من الغذاء والتعليم وخفت الرشوة بشكل كبير بعد أن كانت (حق القات) جملة لا تخلو منها أي دائرة حكومية وهي الآن جملة من جمل الماضي وتحسنت صحة اليمنيين الذين كانوا هياكل عظمية خصوصاً بالمناطق التي يفتقر أهلها للغذاء الصحي وقلت سرطانات الفم بعد أن كانت اليمن تسجل معدلات غير طبيعية إلا أن أعراض التخمة بدأت تظهر للعيان، فقد كان القات يسبب فقدان الشهية ويمتص البروتينات المهمة للنمو، أما الآن فشهية اليمنيين ومستوى الغذاء لديهم تحسن بشكل واضح وأصبحت المرأة اليمنية مع رخص الأسعار تهتم بالغذاء الصحي ولو بشكل مبالغ فيه فازدادت معدلات الشراهة لدى اليمنيين ولكن الحمد لله فالـ 52 ملياراً التي كانت تخسرها اليمن سنوياً في القات بدأت تستخدم في بناء الملاعب الرياضية والمصانع والطرق وازداد عدد الأغنياء في اليمن لأن الكثير من اليمنيين أصبح من كبار المصدرين للخارج فعصير الفراولة اليمني وهو ضمن كثير من المنتجات اليمنية الزراعية وكذا زيت السمسم وزيت الزيتون الذي كان يستورد في السابق الآن أصبح من المنتوجات اليمنية المهمة ولكن السؤال المهم كيف استطاعت اليمن أن تتخلص من نبتة كانت قوتهم بل ماءهم الذي لا يفارقهم؟ الحقيقة أن الحكومة اليمنية رعاها الله عملت وبجميع إمكانياتها للتخلص من تلك الآفة فبدأتها بالتوعية بمخاطر تلك النبتة على صحة اليمنيين وتعاونت مع خطباء المساجد والإعلام اليمني بجميع مستوياته حتى يتعلم اليمنيون مخاطره على صحة الفرد وخصوصاً أن القات يعد من ضمن المخدرات تبعاً لتصنيف منظمة الصحة العالمية عام 1973م ثم منعت من بيع القات لمن هم دون الثامنة عشرة، ومع التوعية الدينية والاجتماعية المكثفة واستحداث مقررات بالمناهج الدراسية عن القات وأضراره بدأ الجيل الشاب يفهم أخطار القات على كل شيء جميل باليمن فانتشرت الحملات التي توعي الشعب بمخاطر القات وأنها تعدمن الإسراف والتبذير المحرم شرعاً وهو من المهلكات للصحة وفيه إهدار للوقت وتضييع للأمانات سواء من قبل الأم أو الأب لأطفالهم لذلك تخلى كثير من المزارعين عن زراعة القات وخصوصاً مع التشجيعات التي تعطيها الحكومة للذين يستبدلون بزراعة القات الزراعات الأخرى الأكثر نفعاً لليمن وقرار مجلس النواب الشجاع بتغريم متعاطي القات في الشوارع أسهم بشكل كبير في تقليل نسبة متعاطيه في الشارع بعد أن كان القات يؤثر على البيئة من خلال الوريقات التي ترمى في الشوارع، ومنع القات في محافظة عدن وشبوة وحضرموت كان له صدى واسع من مؤيد ومعارض على الرغم من الاحتجاجات الكبيرة فقد تجاوزت الحكومة تلك الاحتجاجات بقوة ومن ثم بدأت تطبيقه من مدينة لأخرى فشعر مزارعو القات بأن سلعتهم محاربة وخصوصاً مع ازدياد الوعي لدى اليمنيين وامتناعهم عن شراء القات، وعلى الرغم من الاحتجاجات والشغب الذي أحدثه مزارعو القات ومحبوه إلا أنه لا قوة فوق قوة القانون ومصلحة الشعب فمن غير المعقول أن تراعي الحكومة مصلحة 20% من تجار القات على حساب 80% من الشعب والذين هم في غالبيتهم من الأطفال والشباب الفقراء الذين هم في أمس الحاجة لكل ريال ينفق فيما يفيدهم، وبذلك تكون اليمن حققت المعجزة الثانية بعد الوحدة فبعد أن كانت تجني اليمن أرباحاً وهمية من ضرائب القات التي تصرف مرة أخرى للموظف الذي يعيدها للحكومة بشرائه القات، أصبحت اليمن تحصل على عوائد حقيقية تقدر بعشرات المليارات نتيجة تصديرها العديد من المنتجات الزراعية والعصائر والمعلبات والزيوت الطبيعية لأنحاء العالم والفضل يعود لله أولاً ثم للمسؤولية والجهد والتحديات العظيمة التي اجتازتها الحكومة من أجل الشعب" انتهى الحلم ونتمنى أن يأتي اليوم الذي يكون فيه هذا الحلم ضمن خطوات عملية لتحقيقه فزراعتنا وأموالنا وأولادنا وأسرنا وصحتنا وماؤنا أغلى من نبتة نبصقها بالأرض.د.لينا عقيل العبادي
قضية للنقاش
أخبار متعلقة