أضواء
عبد الله ناصر الفوزانالإخوة في التأمينات الاجتماعية يقفون موقفا صارما بعدم إعطاء متقاعديهم أي زيادة في الراتب حتى لو كان بدلا لمواجهة غلاء كبير طارئ.وموقفهم هذا يقوم على قواعد رياضية جامدة ويؤيدهم في هذا وزير العمل، ولذلك لم يأخذ متقاعدو التأمينات زيادة في الراتب مثل زملائهم متقاعدي الدولة في الزيادة الأخيرة التي تمت في بداية عهد الملك عبدالله ولن يأخذوا زيادة غلاء المعيشة التي تقرر إضافتها لرواتب متقاعدي الدولة منذ عدة أسابيع، ولهذا فإن متقاعدي التأمينات مستاؤون جدا من ذلك، ويقول بعضهم إن تلك العلل التي استند لها مسؤولو التأمينات وأيدهم فيها وزير العمل لم تأخذ في الاعتبار أن التأمينات تستثمر المبالغ التي دفعها المتقاعدون عندما كانوا على رأس العمل، وأن هذا الاستثمار في مجالات مربحة جدا مثل الأراضي والأسهم التي تتضاعف أسعارها مرارا عديدة وأحيانا يكون ذلك في السنة الواحدة.وقد تلقيت عدة رسائل من الإخوة متقاعدي التأمينات بعضها ساخرة وبعضها غاضبة لحد القول إن نهضتنا الحديثة بنتها سواعد متقاعدي التأمينات الذين شيدوا شركاتنا ومصانعنا العملاقة، وتلقيت بعض الاتصالات ومنها اتصال من شخصية طريفة جدا سخر من منطق المسؤولين في التأمينات وتعجب من مقارنة هؤلاء المسؤولين بين جملة الأقساط الشهرية التي يدفعها من هم على رأس العمل الآن وبين الرواتب الشهرية التي تدفعها التأمينات للمتقاعدين. وقال إن المفترض الآن أن ما تحصل عليه التأمينات من استثماراتها أكثر مما تحصل عليه من اشتراكات منسوبيها، ثم قال إن منسوبيها الذين هم على رأس العمل في القطاع الخاص ينالون زيادات متلاحقة في الرواتب لا ترتبط بتزايد أعباء العمل وإنما بالتضخم، ومع هذا فتلك الزيادات تفوق كثيرا نسب التضخم، أما منسوبوها من المتقاعدين فـ “محلك سر” لا ينالون أي شيء لا ما يتناسب مع التضخم ولا ما لا يتناسب معه، مع أنهم أحوج ممن هم على رأس العمل بكثير.ثم يعلل ذلك.. أي لماذا هم أحوج من الذين على رأس العمل.. وذلك بطريقة ظريفة فيقول إن متقاعد التأمينات نتيجة للجهد الشاق الذي كان يبذله في مؤسسات القطاع الخاص يكون عند إحالته على التقاعد قد “استوى” مثل الدجاجة المشوية، التي تكون جاهزة للأكل، فهو يكون جاهزا للافتراس من الجراثيم والفيروسات والعلل الكثيرة، ولذلك يبدأ حربا لا هوادة فيها مع الأمراض يكون فيها بالتأكيد هو الخاسر الأكبر حتى في ماله، وتمتلئ مفكرته بمواعيد الأطباء والمستشفيات، وسمعه يبدأ في التراجع فيشرع في مراجعة أطباء الأذن وفي التعرف على أنواع السماعات الطبية، والمؤسسات التي تبيعها، ويعاني من أسعارها الباهظة، ولأن بصره هو الآخر يبدأ في الضعف التدريجي وأحيانا القوي المفاجئ فإنه يضطر للبدء في مراجعات منتظمة لأطباء العيون، ويبدأ في استعمال النظارات الطبية المقعرة أحيانا، أما مشاكل الجهاز الهضمي فحدث ولا حرج، لأن العوامل النفسية أيضا يكون لها دورها الشديد، ولكن كل هذا يهون أمام ضعف الركب والعضلات والوهن الشديد، والسقوط أحيانا في الحمام وغير الحمام، ومعنى كل هذا ـ حسبما يقوله ذلك الظريف ـ أن المتقاعد إضافة للمعاناة الشديدة التي يكابدها فإن أغلب دخله الذي قل بعد التقاعد يذهب للأطباء وسماعات الآذان ونظارات العيون، وعقاقير الضغط والسكر ومراهم الركب والعضلات.ثم يصل بعد ذلك هذا الأخ الظريف إلى بيت القصيد فيقول إن كل ما مر “كوم” والمشاكل الجنسية “كوم آخر” فالمتقاعد يصاب نتيجة لحالته النفسية والصحية المتفاقمة بضعف شديد في قواه الجنسية يضطر معه للدخول في عالم المقويات ابتداء بالأعشاب ومرورا بالفيتامينات ومنتجات الـ G.nc. وانتهاء بالفياجرا والسنافي، ومن أين ـ يا حسرة ـ يوفر كل هذه الاحتياجات الطارئة؟.يقول هذا الأخ الظريف إن مسؤولي التأمينات يستثمرون أموالنا في مجالات مربحة جدا من الأراضي والأسهم وخلافها والمفروض أن أرصدة التأمينات قد تراكمت، أي أن أموالها السابقة الآن تنتفخ وتكبر وتتورد خدودها من العافية، بينما نحن نتآكل ويقتلنا الهزال، وكثير منا يموت في وقت مبكر ربما أحيانا نتيجة للحسرة وللعقاقير الجنسية الرخيصة المغشوشة التي نضطر لها لعدم قدرتنا على دفع قيمة الفياجرا وأشكال الفياجرا، فترثنا التأمينات في الغالب وتستولي على ما كانت تدفعه لنا من أقساط لتزداد أرصدتها عافية وانتفاخا.ويصرخ أخونا الظريف في نهاية كلامه فيقول يا أخي نحن الآن لا نريد علاوة لغلاء المعيشة ولا علاوة لغلاء عقاقير الضغط والسكر والعيادات الاستشارية التي أصبحت أجورها أثقل على جيوبنا من الهموم على قلوبنا، ولا نريد علاوة غلاء لسماعات الآذان ولا النظارات الطبية التي لم تعد في متناول جيوبنا فتنازلنا مكرهين عن أسماعنا وأبصارنا.. لا نريد شيئا من ذلك.. ولكن لا نريد أيضا أن نموت قبل أن نموت.. قل لهم أن يعطونا على الأقل من أرصدتنا المنتفخة لديهم الآن بدلا لغلاء الفياجرا.ثم يصرخ أكثر فيقول.. يا أخي ذبحتنا أسعار الفياجرا.. ويضيف.. اكتب هذا على لساني.. نعم ذبحتنا أسعار الفياجرا.. أليس من حقنا أن نأخذ بدلا حتى لغلاء الفياجرا؟! [c1]* عن/ صحيفة “الوطن” السعودية[/c]