[c1]ذكرى إعلان حقوق الإنسان وأداة التعريف في القرار 242[/c]قال الصحفي روبرت فيسك في مقال له بصحيفة (ذي إندبندنت) إن أحدا لم يكن يتوقع في عام 1967 أن الصراع العربي الإسرائيلي سيتسمر 41 سنة إضافية, مستعرضا بعض تفسيرات القرار 242 وما سببه من مآس للفلسطينيين, ومسلطا الضوء على بذور مآس أخرى تتربص بهم.وربط الكاتب في البداية بين ما يعيشه الفلسطينيون وتخليد العالم لذكرى إعلان حقوق الإنسان, قائلا إنه «في الوقت الذي نتذكر فيه حقوق الإنسان يتبادر إلى أذهاننا الإنسان الفلسطيني لقلة ما لديه من حقوق، ويتبادر إليها الإنسان الإسرائيلي لغزارة ما يتمتع به من حقوق».وبأسلوب لا يخلو من التهكم شجب فيسك كون مبعوث الرباعية إلى الشرق الأوسط توني بلير لم يزر بعد قطاع غزة، معتبرا ذلك عارا عليه.لكن الصحفي المتخصص في أخبار الشرق الأوسط أكد أن أهم ذكرى في الوقت الحالي يجب أن تكون ذكرى قرار مجلس الأمن 242 الذي صدر في شهر نوفمبر من عام 1967 بعد احتلال إسرائيل لقطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية وسيناء ومرتفعات الجولان.وقال إن هذا القرار كان يفترض أن يمثل نقطة الارتكاز التي توجه جميع جهود السلام المستقبلية في الشرق الأوسط, وأن تؤسس عليه اتفاقيات أوسلو وكل أشكال المباحثات والقمم وخرائط الطرق الأخرى، ونبه إلى أن القرار 242 يؤكد «رفض الاستيلاء على الأراضي عن طريق الحرب»، ويدعو إلى «انسحاب القوات الإسرائيلية من أراض احتلتها في الصراع الأخير»، وهنا يكشف فيسك أن أداة التعريف غابت عن كلمة «أراض»، كما غابت «كل» قبل كلمة أراض, مما جعل الإسرائيليين يعتبرون أن من حقهم أن يقرروا ما يريدون التخلي عنه من الأراضي وما يريدون الاحتفاظ به، ولهذا -يضيف فيسك- رأت إسرائيل، تماشيا مع القرار 242، أن تتخلى عن سيناء وتحتفظ بالقدس الشرقية وجل الضفة الغربية لمستوطنيها, أما الجولان فمصيره سيتحدد عبر المفاوضات مع السوريين، أما غزة فإن القرار المذكور لم يقل شيئا عن سجن مليون ونصف مليون مدني لأنهم صوتوا للأشخاص الخطأ، ولا أحد حسب الكاتب كان يتصور في عام 1967 أن الصراع الإسرائيلي العربي سيستمر بضراوته الحالية لإحدى وأربعين سنة أخرى.ولتفنيد ما يقوله البعض من أن مجلس الأمن لم يقصد أبدا حذف أداة التعريف عن «أراض» يقول فيسك إنه اطلع على دراسة للأستاذ جون ماك هوغو قدمها بجامعة إدنبره يشير فيها إلى أن المحامين الموالين لإسرائيل دأبوا على التأكيد على أن «القرار 242 دعا بإجماع أعضاء مجلس الأمن إلى انسحاب من (أراض) بدلا من الانسحاب من «الأراضي»، وأن اختيار الألفاظ كان متعمدا ويقتضي الانسحاب من بعض الأراضي وليس كلها».ويكشف فيسك أن أداة التعريف مثبتة في النسختين الفرنسية والإسبانية من هذا القرار إلا أن الأداة غائبة في النسخة البريطانية بعد أن قبل ممثل بريطانيا لدى الأمم المتحدة آنذاك اللورد كارادون, واضع مشروع القرار, حذفها تحت ضغط من رجل إسرائيل في الأمم المتحدة أبا إيبان.ويروي فيسك كيف أن عددا آخر من البلدان عبرت عن قلقها من غياب أداة التعريف، فيقول إن الممثل الهندي شدد على أن القرار بالنسبة للهند يعني «الانسحاب من كل الأراضي المحتلة من طرف إسرائيل». كذلك فعل المندوب السوفياتي ومندوب بلغاريا وتحفظت البرازيل على مدى «وضوح عبارات» القرار، فيما قالت الأرجنتين إنها كانت تحبذ «نصا أكثر وضوحا»، وأضاف أن الرئيس الأميركي ليندون جونسون رفض إضافة «كل» في القرار، فيما قبل العرب بتطمينات كارادون بأن القرار إنما يعني كل الأراضي حتى وإن لم يذكر ذلك صراحة.ولزرع بذور الكارثة المستقبلية يقول فيسك إن وزير الخارجية الأميركي الأسبق كولن باول أمر الدبلوماسيين الأميركيين باعتبار الضفة الغربية «أرض متنازعاً عليها» بدلا من «محتلة»، ويضيف أن رسالة الرئيس الأميركي جورج بوش «السيئة الصيت» -التي بعثها إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرييل شارون وتعهد فيها بقبول ضم إسرائيل أجزاء كبيرة من الضفة الغربية- هي بمثابة التتويج الفعلي لخدعة جونسون. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ[c1]لمسة واقعية على استعراضية بوش[/c]قالت صحيفة (لوموند) أن الرئيس الأميركي تلقى في آخر عيد ميلاد له في البيت الأبيض حذاء من أرامل العراق ويتاماه وكل ضحايا الأعمال العسكرية الأميركية في العراق، وقبلة وداع أهداها له رامي الحذاء الشهير مقرونة بالعمل.بهذه الكلمات بدأ الكاتب كريستيان سالمون مقالا له في صحيفة (لوموند) الفرنسية، وصل فيه -بعد عرض ردود الحكومة التي وصفت فعل الصحفي منتظر الزيدي بأنه في غير محله، وبعض التعليقات التي رأت ذلك الفعل منافيا للضيافة العربية- إلى أن هذا الفعل بدا لأغلب الناس رمزا لفريق الشؤم الأميركي في العراق.وقد حولت «محاولة الاغتيال بالحذاء هذه زيارة الرئيس الأميركي جورج بوش إلى فضيحة بمفهوم العلاقات العامة» حسب تعليق لمراسل صحيفة (واشنطن بوست) في بغداد، كما قال الكاتب، وحجبت الرسالة الرسمية التي أراد بوش تقديمها «بنصر مؤزر في هذه الحرب الطويلة الفاقدة للشعبية».وقال الكاتب إن صحفي تلفزيون البغدادية استطاع أن يضع لمسة من الواقعية على مشهد الرئيس بوش الذي يتحرك دائما في مناظر يشرف على إعدادها كبار المخرجين مثل مخرج أي بي سي الشهير سكوت سفورزا.بالحذاء الذي رماه لم يعبر الزيدي فقط عن معارضته لاحتلال الجيش الأميركي للعراق، بل أحدث شعورا قويا بالواقعية في مشهد كله اصطناع يحيط الرواية الأميركية للحرب على العراق، حين غيب نعله الذي يحلق قرب رأس الرئيس كل علامات القوة التي كان المخرجون يودون رؤيتها حول ذلك الرأس.وستبقى هذه الحادثة التي أثارت موجة من السخرية اللاذعة الأولى في أذهان الناس على الشبكة العنكبوتية كما كان حادث المروحة التي ضرب بها الداي حسين السفير الفرنسي.وأشار الصحفي إلى أن بوش أنهى عهده كما بدأه تحت «برج الحذاء» حين تباهى يوم تنصيبه عام 2000 بزوج أحذية من تكساس مطرز بالحروف الأولى من اسمه، كما أنه قد يترك لعقبه لقب الرئيس «الناعل».وقال الكاتب إن حذاء الزيدي لا يشير فقط إلى الاحتقار كما هو معروف في الثقافة العربية، بل يشير أيضا إلى انقلاب القيم والمفاهيم، حيث الأسفل مكان الأعلى، والأذل مكان الأعز.وقد أصبح الحذاء المرفوع في المظاهرات اليوم تحديا للغطرسة العسكرية وردا ساخرا لمنبوذي العولمة، ولم يخطئ من قاموا برفع الأحذية أو رميها على الجنود الأميركيين في النجف أو في مدينة الصدر، وربما يتحول الطفل الفلسطيني من انتفاضة الحجر إلى «انتفاضة الحذاء».
أخبار متعلقة