الشيخ/ حسين بن أحمد السراجي / خطيب الجامع الكبير بالروضة/ صنعاء شهد العالم العربي والإسلامي في الأيام الماضية ضجيجاً غير مبرر بذريعة الدفاع عن حياض الإسلام من بدعة عيد الحب الكافر. كما شهدت بلادنا ضجيجاً مماثلاًً عند تحديد البرلمان ونقاشه وتعديلاته في ما يخص تحديد سن الزواج (الزواج المبكر) ومنع تزويج الصغيرات والإناث الأطفال.[c1]- عيد الحب.. [/c]ملأ العلماء والدعاة المنابر الإعلامية ومنابر المساجد والمحاضرات صخباً وفزعاً وهلعاً على ما يسمى بعيد الحب مستميتين في الهجوم عليه وعلى أهله والداعين له بمختلف الوسائل والإمكانات ومطلقين عليه العيد الكافر وعيد البدعة والعيد المستورد وعيد النصارى.هنا وبعيداً عن الدفاع عن هذا العيد وموافقة المختلفين والمؤيدين له، كان لابد لي من وقفة مع القادحين والطاعنين متسائلاً: أليس الحب من الإسلام؟ ثم أليس الإسلام هو الحب؟ ألم يمتدح الله تعالى الحب في كثير من آياته «ومن الناس من يتخذون من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حباً لله».المشكلة ليست في عيد الحب، المشكلة في من يحارب الحب ليزرع العداوات والأحقاد في النفوس مكانه.المشكلة هي في العلماء والدعاة والوعاظ والمرشدين الذين يرفضون المحبة لأن ديدنهم في مؤلفاتهم وخطبهم ومحاضراتهم وتعبئتهم ومعتقداتهم تكفير وتفسيق وتبديع وتضليل بعضهم البعض.هل يعقل أن يكون الزارع ذلك داعية محبة وألفة وسلام؟لا يمكن لزارع الأحقاد والصراعات والنزاعات والشقاق أن يكون رجل حب في الوقت الذي يذبح فيه إخوته المسلمين ومحبتهم وألفتهم على مذبح الخلافات المذهبية بساطور الجهل والتعصب الأعمى.لقد اجدب الحب في مراتعنا فأهمل الأزواج المحبة، وافتقد الأبناء المحبة، وغاب عن الأشقاء الحب، وتصحر عند الجيران والزملاء وتركه زعماؤنا السياسيون وعلماؤنا الروحيون، ليمروا بحقبة الكراهية والصراعات المذهبية والطائفية والعصبوية والحزبية.إننا اليوم في مجتمع نفتقد فيه الحب والمودة والإخاء، فما أحوجنا لعيد حب كل يوم وليس في العام مرة واحدة، وما أسهله، لو فعلنا مبادئ ديننا الحنيف وسماحته وسعة أرضيته، لعشنا أعياد الحب المستمرة.[c1- الزواج المبكر[/c]موافقة مجلس النواب على تعديل في قانون الأحوال الشخصية يحدد سن الـ 17 عاماً كحد أدنى لزواج الفتيات، من أهم انجازاته، بل أهم انجاز له، فهذا الأمر من الأمور التي كانت تحز في نفسي منذ سنوات، وكم كنت أتمنى أن تكون الـ 18 هي السن المؤهلة لزواج صالح ومتكافئ وناضج وناجح ولكن خيرة الله، وشيء أحسن من لا شيء.لكن الملاحظ هو ضجيج وصخب افتعله بعض العلماء والمسلمين والمثقفين تحت قبة البرلمان، قبل إقرار التعديل وبعده، وهو ضجيج غير مبرر ولا داعي له، حتى لو كانت بنوط الاعتراض تتحدث عن زواج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، دون النظر إلى المتغيرات وواقع الحال ورأي الطب وعلماء النفس، وتجارب الواقع وصلاحية الإسلام وديمومته لكل زمان ومكان، وتكيفه مع كل متغير، ومع ذا وذاك خصوصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم، إن صح زواجه بأم المؤمنين عائشة في ذلك العمر.ألم تعلمنا التجارب المريرة للفتيات والأسر عمق المأساة وفداحة المصيبة لمثل هذا الزواج؟ ألم يخطر ببال كل معارض أي موقف سيتخذ في ما لو كانت ابنته أو أخته احدى ضحايا هذا الزواج؟.ألم يتعلم المعارضون من كوارث ومآسي من عانى جحيم هذا الزواج الذي لا يظهر منه سوى القليل جداً، وما مأساة (نجود) ونظيرتها المشهورتين عنا ببعيد؟ألن يخرجوا من عزلتهم ويتحرروا من قوقعتهم ليكونوا على علم بمعاناة من أوقعه حظه العاثر في هذا المستنقع؟إنه ليفترض بجميع العلماء والدعاة والوعاظ والمرشدين وأعضاء السلطة التشريعية ولجنة تقنين أحكام الشريعة الإسلامية، الاضطلاع بمسؤوليتهم أمام الله وأمام المجتمع، وأن ينظروا لمصالح الناس ومتغيرات الحياة بدلاً من المماحكات والاستفادة من العلوم الحديثة والدراسات الاجتماعية، حتى وان جاءت من الغرب، طالما والمصلحة العامة للبشرية هي الهدف بما لا يصادم نصوص القرآن، ولا يمس ثوابت الشرع والله المستعان.[c1]* عن / صحيفة «الشارع» [/c]
بين تحريم عيد الحب وإباحة تزويج الصغيرات
أخبار متعلقة