يعتقد الكثيرون بأن حركة التأليف والترجمة في الدول العربية تتسم بالكثير من البطء والخمول، ولكن الحقيقية غير ذلك تماما، فمطابع العديد من الدول العربية، والخليجية بالذات، لا تتوقف ساعة عن طباعة كتب الطبخ والنفخ والسحر وتفسير الأحلام وعوالم الجن، والتي تجد رواجا غير معقول بين جمهور “المثقفين العوام، والمتدينين منهم قبل غيرهم.أهداني صديق كتاب “عالم الجن في ضوء الكتاب والسنة”، من تأليف السيد “عبدالكريم نوفان عبيدات”، وهو مؤلف فخم التجليد مكون من 600 صفحة. وهو عبارة عن، حسب قول الناشر، رسالة “علمية” بإشراف الشيخ “عبدالرحمن ناصر البراك، والذي منح على أساسه مؤلف الكتاب شهادة “الماجستير”!!. يحتوي الكتاب على عدة فصول هامة ومثيرة للفضول والشفقة في الوقت نفسه. ففيه فصل عن تعريف الجن وآخر عن صفاتهم وثالث عن أصنافهم ورابع عن طرق العلم بوجودهم. كما توجد في الكتاب مباحث عن تناكح الجن بالإنس، واسترقاقهم السمع لأخبار السماء، وعلاقتهم بعلم الغيب وتأثيرهم على عقائد الناس ومدى سلطانهم على الإنسان، ومدى تسخير الإنسان لخدمة أغراضهم، ودعوى تحضير الأرواح وعلاقتها بالجن، والحكمة من خلق إبليس وتعريفه لغة واصطلاحا وجنسه وخلاف “علماء الدين”، ويقصد هنا الفقهاء فليس في الدين علماء، في الجنس الذي منه إبليس وأدلتهم وبيان الراجح منها.كنت أود مخلصا تكملة قراءة الكتاب، وتلخيصه لإفادة اكبر عدد من القراء بهذا العلم الغريب، ولكن ما أن الصفحة 11 حتى قرأت:“..إن تقديم الجن على الإنس (في كتب التراث) يعني أنهم أعرف من الإنس وأكثر عددا وأقدم خلقا..”!! فبلعت الجملة على مضض وأكملت: “... الجن كانوا يسكنون الأرض قبل الإنس، وقبل أن يخلق آدم بألفي عام (لماذا ألفي عام وليس 2435 عاما؟) فأفسدوا في ألأرض وسفكوا الدماء فبعث الله جندا من الملائكة فضربوهم حتى الحقوا بجزائر البحور.”، ومن المؤكد أن لا أحد يعرف اين هي هذه الجزر !! وهنا توقفت عن القراءة وقررت ترك الكتاب، احتراما لعقلي، أو لما تبقى منه، ولكن عدلت عن ذلك ممنيا النفس بقراءة أكثر معقولية لكتاب جاد يدرس في إحدى الجامعات ونال صاحبه عنه رسالة ماجستير وهي التي أهلته في مرحلة لاحقة للحصول على لقب الدكتوراه، والذين زين به اسمه على غلاف الكتاب.وصلت لصفحة قرأت فيها التالي:إن الله خلق الملائكة يوم الأربعاء، وخلق الجن يوم الخميس وخلق آدم يوم الجمعة!!! وهنا، وبما تبقى لدي من عقل وقوة، حذفت الكتاب من يدي، ضاربا به عرض الحائط، وأنا ساخط لما آلت إليه أوضاعنا التعليمية والتربوية، ليس في الكويت فقط ولا في بقية دول الخليج ولا في ما تبقى من دول عربية، بعد أن أعلن العقيد انتمائه لأفريقيا، بل وفي كافة الدول الإسلامية!!للاستزادة من المعرفة فإن الكتاب مطبوع في العام 2005، بعد ميلاد المسيح، وليس قبل ذلك، وطبع ثلاث مرات من قبل، ويلقى رواجا لا بأس به، ومتوفر في الكثير من مكتبات عالمنا العربي البائس.[c1]* كاتب كويتي[/c]
|
فكر
عالم الجن
أخبار متعلقة