الفقيد / شريف ناجي
تزداد قناعتي كلما مر بي الزمان وتتعمق بأن (الانسان) اعظم واروع مخلوق وضعه (الله)في الارض ليكون خلفا للخالق سبحانه وتعالى .فالإنسان بما يفعله ويصنعه في الكون معني ومسؤول لما يحدث فيها من تبعات أعماله وأفعاله في حالتي الخير والشر، لذلك نجد أن كل المهن والوظائف الدنيوية مهما عظم أو بلغ شأنها لايمكن أن تهب وتمنح ( الانسان) القيمة والمكانة العالية الرفيعة التي يستحقها وتميزه بين أصناف البشر فذلك أمر صعب للغاية لايمكن أن يكون ويتحقق على الاطلاق لان مرده الحقيقي ومصدره الاصلي السلوك السوي المتزن في الابتعاد عن الرغبات الذاتية وشهوات النفس البشرية المتمثلة ب ( الأنا المطلقه ) فبسلوك الإنسان وأخلاقياته فقط نستطيع أن نجعل ( للوظيفة والمهنة) قيمة ومكانة روحية عالية مرموقة من هنا أجد نفسي ذاهباً للحديث عن واحد من الرموز النادرة بهذا الزمان الرديء والصعب الرموز التي بالفعل استطاعت أن تجسد هذا المفهوم والمعنى الراقي للمضمون الانساني في وجوده وكنهه الاعظم . الإنسان ... القاضي ... الفنان ( شريف ناجي) رجل آستطاع بقدرة فائقة وبتواضع جم أن يجمع بدواخله ( الروحية) وبزهده وتعففه عن الصغائر (رجالاً) لكل واحد منهم مميزاته وخصائصه الحميدة المستقلة المنفصلة في وظائفها ومهامها الحياتية الدنيوية المتسقة المتصلة بتناغم وجداني وانساني بديع ، فلايمكننا ان نتحدث عن شريف ناجي الانسان دونه القاضي والفنان ولأنني في هذه العجالة لايمكن ان اعطيه كل مايستحقه في حالاته الانسانية والوظيفية بشكل عام سوف يكون الحديث عن الفنان الذي لاينفصل عن الانسان والقاضي في مسيرته الابداعية الغنائية التي اتحفنا بها زمناً جميلاً من العطاء المتدفق والمتميز الزاحر بالفنون الاصيلة دون التصنع والتكلف والادعاء فقدم للساحة الفنية العديد من الاعمال الغنائية الناجحة التي حملت نمودجاً متفرداً جسد ( قدسية رسالة الفنان المثقف والملتزم) فحظيت جميع انتاجاته الابداعية بحب واعجاب الجماهير اليمنية فقد تميزت تجربته باهتمامات استند بها على الموروث الغنائي الشعبي والفلكلور اليمني بكل صدق وأمانة في محافظات شبوة /أبين / لحج/ عدن .فجاءت نتاجاته خليطاً ومزيجاً من كل هذه المصادر الفنية الخصبة والغنية فقد أستخدم معظم الايقاعات الشعبية التي كانت عباره عن رقصات مثل الهبيش / الشرح البدوي الايقاع المقسوم / اللوعه دمندم / الغيه بالاضافة لايقاع الشرح المعروف .>> كان الفنان شريف ناجي دقيق في اختياراته للنصوص والكلمات التي يغنيها فقد شكل ثنائياً ناحجاً مع الشاعر المرحوم ناصر علوي الحميقاني اثمر بظهور العديد من الاعمال الغنائية المتميزة شكلاً وموضوعاً منها على سبيل المثال : 1) ياغايب متى باتعود 2) ياذي وصفت الحسيني 3) لو حبيبك عسل 4) أنت جيت من نفسك 5) من بكى عيال الناس وقدم أيضاً للشاعر الكبير المرحوم أحمد سيف ثابت مجموعة من الاعمال الهامة التي سجلت في تلفزيون وإذاعة ( ق 2 عدن ) نتذكر منها 1) يافجر ارسل نسيمك 2) لاتعاتب في السويعات الهنية بالإضافة0 لذلك شارك مع باقة منتقاة من شعراء الأغنية المشهورين لعل أبرزهم الشاعر الجميل علي عمر صالح في أغانيه: (لاتكذب على الناس، ويرعى مع الراعي ) والشاعر الرقيق مسعد جمعان في هذه الاعمال الجميلة: (مش عوايدكم ، لا تسأل عن الحال) وغيرها، بالإضافة لتعامله المميز مع الشعراء: الأمير عبده عبدالكريم، سالم حجيري، عبدالله الوهاشي، ميمونة أبوبكر، مبخوت ناصر، عبده علي ياقوت وآخرين.>> امتلك الفنان شريف ناجي ثقافة واسعة واطلاعاً ظهر بشكل واضح وجلي في اسلوبه في الغناء المعبر والمؤثر على ذائقة المستمع اليمني بالداخل والخارج.>> استطاع في زمن ووقت قياسي أن يُكون لنفسه قاعدة جماهيرية عريضة من مختلف فئات وشرائح المجتمع اليمني معتمداً على منهاج (السهل الممتنع).>> امتازت أعماله الغنائية وألحانه بالحركة والايقاع الراقص مع الاحتفاظ بعناصر التطريب وسلامة مخارج الألفاظ وتدفق العاطفة والشجن.>> شارك الفنان شريف ناجي في العديد من المهرجانات على مستوى الجزيرة العربية والخليج وكان في كل مشاركاته نموذجاً شرف به الغناء اليمني.>>يعتبر الفنان شريف ناجي من الأصوات الغنائية التي تصنف موسيقياً وتندرج تحت قائمة (طبقة تينور باص) في علم الصوتيات.>> ظل الفنان شريف ناجي طيلة حياته الفنية (هاوياً) رغم النجاحات المبهرة التي حصدها في مسيرته الحافلة إلا أنه لم يحترف الغناء الذي أحبه وعشقه فكانت كل أعماله جميلة مميزة ونادرة بسبب حرصه الشديد في اختياراته لأعماله وانشغالاته الوظيفية (كقاضي) تقلد العديد من المناصب القضائية في كثير من محافظات الجمهورية اليمنية.>> كان والد الفنان شريف ناجي أحمد مصعبي شاعراً مقتدراً من مواليد محافظة شبوة استوطن في مديرية لودر مركز زارة محافظة أبين فأصبح من مشائخها المشهود لهم بالحكمة وسداد الرأي كما اشتهر بكتابة القصائد والمساجلات الشعرية الشعبية التي مازالت محفوظة بخط اليد عند أبنائه وبالطبع هذه المساجلات الشعرية كانت تتم بين فحولة شعراء المناطق اليمنية المختلفة في تلك الحقبة الزمنية التي عاشها.>> كان فقيدنا رحمه الله(صاحب كلمة وموقف)لا يحيد عنهما مهما كانت معاناته أتسم بالوفاء .. والكرم .. والتسامح .. ونكران الذات بين الأوساط الثقافية والغنائية وكل من عرفه عن قرب.«نهاية المطاف» توقف قلب الانسان .. القاضي .. الفنان"شريف ناجي" عن الخفقان بعد مشوار طويل مضيء حافل بالانجازات المتألقة ابداعاً ممزوجاً بالصدق والحب والمعاناة الانسانية.. رحل تاركاً وراءه رصيداً لا ينتهي من مشاعر المحبة والتقدير في قلوب كل من عشق فنه الجميل والأصيل ورأى بسلوكه وتواضعه وعزة نفسه اسمى وأروع صورة «للإنسان».